الجماعات والكيانات السلفية الجديدة

الأربعاء 22/يناير/2014 - 11:30 ص
طباعة
 
في أعقاب تخلي الرئيس السابق عن الحكم ليلة 11 فبراير نشطت كافة التيارات السياسية التي كانت عليها حظورات أمنية في العهد البائد . نشط الإسلاميون من كافة الاتجاهات، وبدأت تحركاتهم بشكل مباشر في كافة أرجاء البلاد، وكافة المنابر والتجمعات، فضلا عن ذلك كان هناك العديد من الكيانات الجديدة الخارجة عن الجماعات القديمة، أو التي لا تتبع أي مجموعة متواجدة سابقا.
وظهرت جماعات جديدة على الساحة قامت أيضا بتكوين ائتلافات للتعبير عنها، مثل شباب السلفية الذين قاموا بتشكيل17 ائتلافا عشية لقاء المجلس العسكري، وكان هدفهم بالأساس تأييد المجلس العسكري.. وأبرز ائتلافاتهم التي قاموا بتشكيلها "ائتلاف شباب مصر الإسلامي" و"شباب حزب النور" و"شباب حزب الفضيلة" و"ائتلاف شباب الدعوة السلفية بالأقاليم" و"رابطة الشباب السلفي لثورة مصر" و"ائتلاف الشباب السلفي بجامعة القاهرة" و"ائتلاف الشباب السلفي بجامعة عين شمس" و"ائتلاف شباب الدعوة السلفية بالشرقية" و"اتحاد شباب السلف المحب لمصر".. والجماعات الإسلامية أصبح لديها 8 ائتلافات، أبرزها: "ائتلاف شباب الجماعة الإسلامية"، و5 ائتلافات للأقباط أبرزها: "ائتلاف أقباط مصر"، ومثلهم لليساريين وشكلت جماعة الإخوان المسلمين 10 ائتلافات بعيدا عن شباب الإخوان، وأصبح هناك ائتلافات شبابية داخل المحافظات بل وداخل المراكز والقرى والأحياء. 
الثورة لم تغير فقط في النظام السياسي بل غيرت أيضاً- من ضمن ما غيرت- في تركيبة المشهد الديني؛ وذلك بدخول أطياف جديدة للعبة السياسة- الدين بشكل أو بآخر، فتولدت كيانات من رحم الكيانات الموجودة، وتولدت أيضا كيانات جديدة خارج عباءة الكيانات السابقة.
وفي هذه الدراسة سوف نتعرض لبعض هذه الكيانات ومنها: "الجديد- القديم"، ونقصد بها الهيئة الشرعية لحماية الحقوق والحريات. وهناك "التجمعات الجديدة"، وأغلبها من الشباب، ومنها: الجبهة السلفية، ائتلاف شباب مصر الإسلامى ، ائتلاف دعم المسلمين الجدد ، سلفيو كوستا
وسوف نتعرض في دراستنا إلى ظروف نشأة هذه الائتلافات، وأهدافها ، وأبرز مواقفها، ورموزها، وأفكارها وخطابها، ومستقبلها.

أولا: الكيانات القديمة- الجديدة

الهيئة الشرعية لحماية الحقوق والحريات
بعد الثورة تم تدشين ما يسمى بـ : "الهيئة الشرعية لحماية الحقوق والحريات"، عرفت نفسها بأنها: "هيئة علمية إسلامية وسطية مستقلة، تتكون من مجموعة من العلماء والحكماء والخبراء، وتنطلق من قوله تعالى: {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب} [هود: 88]، وتتخذ شعارها من قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله} [النساء: 135]". 
وقد حددت أغراضها وأهدافها في:
1. البحث في القضايا والمستجدات المعاصرة، بما يساعد على حماية الحريات والحقوق المشروعة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
2. إيجاد مرجعية راشدة تُحْيِي وظيفة العلماء والحكماء في الأمة؛ لمعاونة أهل الحل والعقد في تدعيم الحريات وتحقيق الإصلاح.
3. العمل على وحدة الصف وجمع الكلمة، وتقديم الحلول للمشكلات المعاصرة وفقًا لمنهج الوسطية النابع من عقيدة أهل السنة والجماعة.
4. حماية الحريات الإنسانية، والحقوق الشرعية.
5. التنسيق مع مختلف القوى والمؤسسات الإسلامية والشعبية لتحقيق الأهداف المشتركة، وترسيخ القيم الإسلامية في الحياة المعاصرة، بما يعيد بناء الإنسان وتنميته لإحداث نهضة حضارية شاملة.
كما تلتزم الهيئة مجموعة من القيم والمبادئ، منها:
1- المنهجية الأخلاقية في العلم والعمل.
2- الشمولية في الطرح والتناول لمختلف القضايا.
3- الشورى في القرارات العلمية والعملية.
4- التخصصية.
5- التواصل والتعاون.
6- تقدير الآراء والأشخاص دون تقديس.
7- رعاية الحريات الإنسانية والحقوق المشروعة.
8- الجمع بين مصادر المعرفة الدينية والدنيوية.
9- الوسطية الشرعية.
وبخصوص أسباب وجودها فهو بالأساس تتعلق بالهوية والمادة الثانية للدستور ووثيقة مبادئ حاكمة وفوق دستورية وبالنسبة لباقي مواقفها فنجد لها بيانات فيما يستجد من أمور تتعلق بالفتن بين مواطني مصر: المسلمين والمسيحيين.
وفي اجابته حول سؤال بخصوص خوض الهيئة الشرعية الانتخابات البرلمانية القادمة؟ قال د. محمد يسري : نحن لسنا حزبا سياسيا أو جماعة لها طموح سياسي، ولكن نحن جماعة ضغط سياسي إسلامي‏؛ لذلك لن نرشح أي شخص في الانتخابات البرلمانية القادمة‏، كما أننا لن نقدم دعما لأي مرشح، ولن نقف وراء أي مرشح من التيار الإسلامي.
وكان من أبرز مطالب الهيئة ودعواتها ما طالبت به بوضع دستور إسلامي يتفق مع الشريعة‏؛ وذلك لأن الشريعة الإسلامية عبارة عن عقيدة صحيحة وعبادة مستقيمة وأخلاق كريمة وعلاقات دولية‏، ونحن ننادي بتطبيق الشريعة ولكن بصبغة الحياة العصرية، كما أن الهيئة لا تمانع أن يمر تطبيق الشريعة بمراحل من أجل ازالة التخوفات الموجودة عند قطاع كبير من المسلمين وبعض أنصار التيارات العلمانية والليبرالية‏,‏ وأنها ترحب بالتعاون مع جميع القوي السياسية الموجودة على الساحة‏، للمناقشة حول تطبيق الشريعة وإزالة تخوفهم من الإسلاميين‏.‏
كما دعت الهيئة الشرعية لتنظيم المظاهرة المليونية بميدان التحرير 29 يوليو 2011؛ بسبب ما قالته إنه محاولة بعض القوى العلمانية والليبرالية للالتفاف حول نتيجة الاستفتاء الشعبي في ‏19‏ مارس‏،‏ ومطالبة البعض بوضع الدستور أولا.
الأزمة مع الأزهر
في تصريحات للأمين العام للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح د. محمد يسري جاء فيها أن الهيئة تهدف إلى رفض «السياسة الخاطئة في توجيه الناس»، واتهم مؤسسة الأزهر بأنها ما زالت تمارس الفساد في موالاتها للدولة، وتعمل على تفرقة التيار الإسلامي وتشتيته، وإيجاد عداوة بين قياداته، معتبراً أنها ما زالت متمسكة بصوفيتها، وترفض السلفية، وأهل الحديث. وأن الهيئة تطالب بتطهير الأزهر من «المفسدين الذين يعتبرون من فلول النظام السابق»، لافتاً إلى أن الهيئة بدأت التنسيق مع الائتلافات التي تأسست مؤخراً لتصحيح مسار الأزهر. 
هذه التصريحات تسببت في أزمة بين مشيخة الأزهر والهيئة، خاصة وأن من يترأسها أحد أبناء الأزهر، وأيضا كان مفتي مصر السابق، ونقلت الصحف عن عتاب قد وجهه د. أحمد الطيب شيخ الأزهر إلى د. نصر فريد واصل بسبب أنه لا يصح أن يترأس هيئة تهاجم مؤسسة الأزهر. وبعد هذه التصريحات المنشورة تقدم د. نصر باستقالته، مؤكداً أنها كانت بسبب ما نشر في بيان صادر عن الهيئة، وكان هذا البيان به بعض التجاوزات وهجوم على الأزهر، وكانت منسوبة لي بدون علمي وبدون توقيعي كرئيس للهيئة ومنسوبة لأمين الهيئة، وكان يجب الموافقة عليها، وهذا البيان عمل نوعا من الفتنة والإثارة بين علماء الأزهر والأزهر نفسه، وكأن الهيئة في عملها يوازي الأزهر، ولكن الهيئة نشأت بعد الثورة وكانت تعمل تحت عباءة الأزهر؛ من أجل توحيد الصف والكلمة وجمع التيارات الإسلامية. فكانت استقالتي اعتراضا مني على هذا البيان الصادر بدون علمي، وأنا كعضو في مجمع البحوث الإسلامية أتشرف بانتسابي إليه وأدعو إلى الوسطية ونبذ الفرقة والحفاظ على مكانة الأزهر والعمل على التجميع، وليس التفريق، وبما فيه مصلحة الأمة. وأن الهيئة بذلك قد خرجت عن أهدافها المشروعة التى قامت من أجلها، والتى على أساسها قبل الإشراف عليها، وشارك فى تأسيسها لخدمة العمل الاجتماعى الرشيد والخيري لصالح الوطن والمواطنين جميعاً، بما يتوافق مع عقيدتي العلمية والثقافية والأزهر الشريف ومؤسساته الشرعية والعلمية التي أنتسب إليها.
وجاء في بيان للأزهر أن المرجعية الإسلامية فى العالم الإسلامي هي الأزهر الشريف وحده، وليس من حق أي هيئة أن تقدم نفسها بديلا أو متحدثا في شئون الأزهر الشريف، حتى ولو كانت تضم بعضا ممن ينتسبون إليه.
وفي أعقاب ذلك نفى د. يسري ما نسب إليه، مؤكدًا على أنَّ الهيئة الشرعية هي "هيئة إسلامية وسطية مستقلة، تعمل على جمع الكلمة ووحدة الصف، وإيجاد مرجعية شرعية تُحْيي وظيفة العلماء والحكماء في الأمة، ليس بالمناوءة لمؤسسة الأزهر والمؤسسات الدينية الرسمية؛ وإنما بما يُكَمِّل دورها، ولا يعارِض عملها".
وأكد على أنَّ الهيئة الشرعية تحرص على إيجاد العلاقة الطيبة مع جميع الجهات والمؤسسات والأفراد الذين يعملون لدين الله"، مؤكدًا كذلك على أنها وبتكوينها الحالي لا تنتسب إلى جهة معينة، وإنما هي جهة تُمَثَّل فيها التيارات الإسلامية المختلفة؛ شريطة أنْ تكون منتسبة جميعًا إلى الوسطية والاعتدال.
وقال: إن الهيئة الشرعية للإصلاح والحقوق قد دعت إلى حضور مؤتمر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالقاهرة وحضر في المؤتمر ممثلون من مؤسسة الأزهر الشريف، ومنهم الشيخ حسن الشافعي رئيس المكتب الفني لشيخ الأزهر الشريف، ومعه مجموعة من المشايخ المقربين من الإمام الاكبر، ودار حوار بيننا عن مطالب الشباب الإسلامي‏، وسوف تعقد الهيئة الشرعية مؤتمرا حاشدا لجميع التيارات الإسلامية والطرق الصوفية‏، القوى الوطنية المعتدلة برعاية مؤسسة الأزهر الشريف‏؛ من أجل التواصل والتقارب الفكري وإصدار وثيقة وطنية مشتركة لمستقبل مصر، والتعاون بين جميع القوى.‏
وبعد استقالة د. نصر من رئاسة الهيئة تم اختيار د. علي السالوس رئيساً ، د. طلعت عفيفي نائباً أول، د. محمد عبد المقصود نائباً ثانيا، والشيخ محمد حسان نائباً ثالثاً.

ثانيا: التجمعات الجديدة

الجبهة السلفية
وهي رابطة تضم عدة رموز إسلامية وسلفية مستقلة؛ كما تضم عدة تكتلات دعوية من نفس الاتجاه ينتمون إلى محافظات مختلفة في جمهورية مصر العربية, وهي كما يعبر عنها اسمها ليست حزباً سياسياً ولا جماعة تنظيمية؛ فليست لها إمارة ولا بيعة، ولا تشترط الذوبان الكامل ولا الاتفاق على كل الخيارات، وإنما يحتفظ الجميع بخياراتهم المستقلة داخل الصف الإسلامي، ويجتمعون على أهداف ومبادئ هذه الجبهة.
تتكون الجبهة من أكثر من 25 ائتلافا وجبهة، أنشئت لأهداف سياسية بحتة.. ولها مجلس تأسيسي مكون من عشرة أعضاء، أكبر تسع ائتلافات اختاروا منها تسعة أعضاء، عدا عضوين عن ائتلاف شباب مصر الإسلامي.
أهداف الجبهة
وقد حددت الجبهة أهدافها في الآتي:
1- زيادة حيز الشرعية الإسلامية في الواقع والمجتمع المصري ومواجهة القوانين المضادة للشريعة وتمرير أخرى موالية لها. والدفاع عن الحقوق المشروعة للمسلمين عامة والإسلاميين خاصة، من خلال كافة الفعاليات الحقوقية والإعلامية والشعبية المتاحة على أرض الواقع.
2- تقديم خطاب إسلامي سلفي وتجديدي متميز عن ذلك الخطاب "الإعلام السائد في الفترات السابقة"، بحيث يحافظ على الثوابت الشرعية، ويتماشى مع الواقع المصري؛ ليعيش آلام وآمال الناس، ولا ينفصل عنهم أو يستعلي عليهم.
3- تقويم الخط الإسلامي ذاته بتقديم رؤية شرعية جديدة وخلخلة بعض الرؤى القديمة غير المنضبطة، والتي تم تكريسها في العقود الماضية وما زال لها ولرموزها امتداد قوي حتى اليوم.
4- التصدي للهجمات الإعلامية ضد الإسلاميين عامة والسلفيين خاصة، والتي يقصد بها الصد عن سبيل الله وشريعته، ومقاومة استغلال العلمانيين لخطابات سلفية يشوبها الخلل الحقيقي.
5- إحياء قضايا الأمة الإسلامية وإرساء مفهوم الأمة الواحدة. بما يتجاوز متاجرة بعض القطاعات النفعية، كما يتجاوز الانغلاقات الحزبية الضيقة، ويتناسب مع الوجه الجديد لمصر ما بعد ثورة 25 يناير.
وحددت الجبهة عدة وسائل لتحقيق هذه الأهداف وذلك عن طريق:
أولاً: التظاهرات والاعتصامات السلمية لإرساء- أو التصدي- لقانون ما، أو قضية معينة، أو المطالبة بإطلاق سراح معتقل (أياً كان طالما كان مسلماً أو مظلوماً).
ثانياً: خطب الجمعة ودروس المساجد في كل المحافظات لكل الخطباء المنتمين للجبهة صغروا أم كبروا.
ثالثا: دعم حزب- أو أحزاب- إسلامية دعماً كاملاً، وربما التحالف مع غير الإسلامية أحياناً، ويكون المتحكم في ذلك هو مدى القرب أو البعد عن مقاصد الشريعة كالمصالح والمفاسد وفقه المآلات وغيرها.
رابعاً: الندوات والمؤتمرات بصورتها الحقيقية، والتي ربما يستضاف فيها تيارات أخرى ورموز مختلفة، ومحاولة جذب جمهور العامة من الناس، وليس السلفيين فقط.
خامساً: مشاركة مستويات الجبهة المختلفة في كيانات اقتصادية أو إعلامية أو سياسية، ودعم شبكات من الجمعيات الأهلية والأسر الجامعية والهيئات الحقوقية والنقابية، وغيرها من فعاليات المجتمع المدني؛ بحيث تشكل جماعة ضغط مهمة مع الوقت.
سادساً: التغلغل بين التيارات غير الإسلامية والامتزاج بها بشكل مدروس- يتم الاتفاق عليه ومتابعته، بحيث نقلل حدة العداوة عند بعضها؛ كما نكون جزءاً ملتحماً ومؤثراً من البنيان الاجتماعي والسياسي في أبرز المواقف.
تتواجد الجبهة إعلاميا بشكل متواصل سواء عن طريق البيانات التي تُصدرها في كافة المواقف وأيضا التواجد الإعلامي للمتحدث الرسمي لها د. خالد سعيد، وكان من أبرز مواقف الجبهة السلفية عندما صدر البيان الأول لها بعنوان "كلمة حق" وجاء فيه: أن قول الحق ونهي الظالمين عن ظلمهم هو واجب شرعي في عنق كل مسلم؛ قال الله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} [آل عمران: 103].
وقالت إنه لا يشترط للمسلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر راية ولا إمام، كما زعم بعض من تكلموا في المظاهرات، فهي ليست من جهاد الطلب.
وإن المظاهرات هي اجتماع جمهور من الناس"لأمر ما"؛ فهي من جنس الوسائل، ولها حكم مقاصدها كما هو مقرر في الأصول؛ فإن كان التظاهر من أجل حق فهو حق، وإن كان من أجل واجب كإزالة الظلم وإقرار الحق فهو واجب.
وأكد على أن المظاهرات لا تعد محرمة حتى مع بعض ما قد يخالطها من الدخن كالاختلاط وبعض الشغب إلا إذا غلبت هذه المفاسد والآفات، بحيث يصير لها حكم الصفة المميزة لمثل هذه التحركات، وهو ما لم يتحقق في مظاهرات التغيير حتى الآن.
ورفضت الجبهة في بيان آخر لها تحييزها في حزب أو جماعة إسلامية أو علمانية أو يسارية، وأكدت على أن الثقافة الإسلامية تمثل ثقافة كل الأمة المصرية بشقيها الإسلامي والقبطي.
وقالت: إن كل ما جرى من أحداث منذ بداية الثورة وحتى الآن هو مخطط ثابت متتابع تراهن السلطة فيه على عامل الزمن، فقد واجه النظام الثورة بهدوء نسبي في بداياتها حتى صارت في أوجهها في يوم جمعة الغضب، فعمد إلى قمعها بقسوة أسقطت 400 قتيل وآلاف الجرحى؛ وأكدت أنه لا خوف من وجود فراغ سياسي في بلد كمصر يكتظ بالكوادر والكفاءات الهائلة في كافة المجالات.
كما حذرت الجبهة من المساس بالمادة الثانية من الدستور والخاصة بالشريعة الإسلامية كمصدر وحيد للسلطات حفاظاً على الوئام والسلام الاجتماعي، كما طالبت بإقالة النائب العام باعتباره من بقايا النظام العميل وأحد وسائله في القمع والظلم والإقصاء.
وطالبت الجبهة من وصفتهم بعموم المسلمين والأحرار من أهل مصر إلى التصويت في الاستفتاء بـ "نعم" على التعديلات الدستورية يوم السبت 19 مارس 2011م.
كما رفضت المشاركة في مظاهرات يوم الجمعة 27-5-2011م، والتي دعت إليها بعض الفئات والقوى السياسية، فيما يعرف بـ "الثورة الثانية"، وقالت: إن هذه المظاهرة في حقيقتها انقلاب على مكتسبات ثورة 25 يناير، وإن القوى الداعية لها هي نفس القوى التي قادت المصادمات المؤسفة أمام سفارة العدو الصهيوني يوم الأحد 15/5/2011م والتي اضطرت قوات الجيش والشرطة إلى التعامل بعنف مع المتظاهرين.
كما تتذرع هذه القوى بمطالب مشروعة؛ مثل: تطهير الشرطة ومحاكمة "ضباط أمن الدولة" سابقاً، وغيرها مما لا غبار عليه، إلا أنها تستخدم تلكم المطالب كغطاء لتمرير مطالب أخرى مشبوهة تقفز على خيار الأمة.
وبشأن وثيقة المبادئ فوق الدستورية أصدرت الجبهه بيانها- 15 يوليو 2011م- الذي أكدت فيه على أن هوية أية دولة هي تلك التي تنبع من الإرادة الشعبية كالتي كانت يوم الاستفتاء على التعديلات الدستورية يوم 9 مارس 2011م، وليست تلك التي تفرض عليها من نخب محدودة ذات توجهات معينة؛ لمجرد أنها أعلى صوتاً.
كما تعتبر الجبهة أن تكليف شخصيات ذات توجهات علمانية غالية في التشدد ومضادة لإرادة الأمة هو عمل عدائي تجاه الأمة عامة، والإسلاميين خاصة؛ كما أشيع عن اختيار د.أسامة الغزالي (لجمع وثائق القوى السياسية)، وما أشيع عن تكليف د.كمال أبو المجد (لرئاسة اللجنة).
وأكدت الجبهة أنها لن تقف موقف المتفرج مما يجري الإعداد له إرضاء لحفنة متعصبة تريد جر البلاد إلى الهاوية، وتدعو كافة القوى الشعبية الإسلامية لمظاهرة مليونية يوم الجمعة 22 يوليو، بعنوان "جمعة الشرعية". تأجلت بعد ذلك إلى يوم 29 يوليو.
ائتلاف شباب مصر الإسلامى
نشأت فكرته في أعقاب ثورة 25 يناير، وبعد التنحي بدأ الائتلاف بشكل رسمي؛ ونشأ لأجل خدمات سياسية واحتماعية.. يتكون المجلس التأسيسي من أربعة أفراد هم: صبري محمد رجب "مدير عام الائتلاف" ، د. سيد عبد الهادي " المستشار العام للائتلاف " ، د. أحمد خليل "للإدارة والتخطيط" وم. محمد سامي "المنسق العام للائتلاف". ويهدف الائتلاف إلى تكوين فرد مسلم كامل العقيدة والفكر والعلم. 
وبخصوص المرجعية فهي مرجعية ذاتية وفي القضايا الحساسة يرجع الائتلاف إلى شيوخ الدعوة السلفية والإخوان.
يضم الائتلاف شبابا من كل التيارات والاتجاهات الإسلامية (الأزهر، والإخوان، والسلفيين، والتبليغ والدعوة، وغيرهم), ومقره الرئيسي بالإسكندرية، وجار إنشاء مقرات بجميع محافظات مصر.
وأعلن الائتلاف أنه سوف يتم تحويله إلى جمعية اجتماعية وخدمية وسياسية تخضع للشئون الاجتماعية.
شارك الائتلاف في العديد من الفعاليات، وكان من أهمها حوار المجلس العسكري ، فضلا عن المليونيات في ميدان التحرير.
ائتلاف دعم المسلمين الجدد
ويضم الائتلاف أكثر من 40 ألف شاب، ويبين د. حسام أبو البخاري رئيس الائتلاف أن الهدف منه دعوة غير المسلمين للإسلام، وتيسير أحوالهم ومعيشتهم. وقد نشأ الائتلاف لدعم قضية المسلمات الأسيرات في الكنائس. 
وحدد الائتلاف أهدافة في بيانه التأسيسي يوم 21 مارس 2011 فيما يلي:
1- وأد الفتنة وقطع الطريق على مثيري الشغب ومفجري الفتنة الطائفية بفك أسر المسلمين الجدد المعتقلين لدى الكنيسة، وعلى رأسهم الأخوات المسلمات:
الأخت وفاء قسطنطين (أبو المطامير .البحيرة) والأخت ماري عبد الله (زوجة كاهن الزاوية الحمراء) والأخت كامليا شحاته (ديرمواس .المنيا) والأخت د.مريان مكرم (الفيوم) والأخت د.تريزا إبراهيم (الفيوم) والأخت عبير إبراهيم (ملوي .المنيا) والأخ إيليا نبيل عياد (المطرية).
2- محاسبة كل من تورط في خطف أو اعتقال أو تعذيب أي مسلم حديث الإسلام.
3- توفير الحماية القانونية والحقوقية لكل من يريد اعتناق الإسلام.
وعن آليات الائتلاف في إدارة الأزمة فحددها في أربعة محاور:
1- المحور الإعلامي: من خلال إثارة القضية بتركيز وكثافة في شتى وسائل الإعلام. وكذلك تنظيم المؤتمرات الجماهيرية الحاشدة للتوعية بالقضية وأبعادها الشرعية والاجتماعية والسياسية.
2- المحور الحقوقي القانوني: وهذا منوط بفريق عمل قانوني لمتابعة القضايا المرفوعة للأخوات الأسيرات، وجمع المستندات والوثائق والدلائل والشهود، والاتصال بمنظمات حقوق الإنسان، وكل ما من شأنه تحقيق العدالة القضائية وإعطاء الحرية المنشودة لإخواننا وأخواتنا الأسيرات.
3- المحور التفاوضي: من خلال التواصل الفعال والشفاف مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ورئاسة الوزراء، وجميع الهيئات والمؤسسات التي قد تفيد في سبيل تحقيق الغرض المنشود. 
4- المحور السياسي: وذلك عبر جميع وسائل الاحتجاج السلمي، وكل المتاح قانوناً من طرائق الضغط على صناع القرار السياسي.
وقد ضم الائتلاف في هيئته التأسيسية العليا فريق عمل متكاملًا، جمع بين ثناياه ممثلين من العلماء والحقوقيين والناشطين والدعاة، منهم: الشيخ حافظ سلامة، الشيخ محمد عبد المقصود، الشيخ عبد المنعم الشحات، الشيخ عبد المنعم البري، خالد حربي، ود.حسام أبو البخاري / نزار غراب ، الشيخ أبو يحيى مفتاح فاضل (الشاهد الرئيسي في قضية الأخت كامليا شحاته زاخر).
"سلفيو كوستا"
سلفيو كوستا هم مجموعة شباب سلفيون ينتمون إلى المنهج السلفي عامة، في البداية كانوا يرفضون تعبير سلفيين، ويرون أنه أُلحق بهم ولم يكونوا يقبلونه، ورأوا أنه تضييع للوقت لو استمروا في رفضه، فاضطروا أن يقبلوه ويردونه ثانية في شكل "سلفيو كوستا " يقولون : "نفضل أن نكون مسلمين مصريين".
اختار سلفيو كوستا اسما بالمقهى الذي اعتادوا الجلوس فيه من قبل حين كانت المساجد تغلق بعد الصلاة؛ ليصبح هذا المقهى هو مكان مقابلتهم.
ظهرت الحركة في أبريل الماضي- 2011- عقب الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وما صاحبه من دعاية سلبية للسلفيين لتنزل لمجموعة للشارع وتحاور الليبراليين والاشتراكيين، والعلمانيين في محاولة لإيجاد فرصة للتعايش بعيدا عن الخلافات السياسية.
يحكي صاحب الفكره "محمد طلبه"- خريج تجارة إنجليزي، ويعمل مدير مبيعات بشركة برمجيات- أن الفكرة جاءته بعد خطاب المخلوع حسني مبارك، حينما اكتشف أن التعامل معهم لم يتغير، وأن التحفظ والخوف هما الموجودان، فقرر نا أن نحاول أن نوفر نقاط التقاء، وحاولنا الحديث مع رموز التيارات الدينية فلم نستطع الوصول إليهم، والأمر أيضا مع الرموز الليبرالية . فقررنا أن نتحرك وننطلق كمجموعة "سلفيو كوستا" وشعارنا "نمشي في الأسواق ، ونأكل الطعام ، ونشرب الكابتشينو".
أسسوا جروبا على الفيس بوك.. قاموا بإنتاج فيلم "أين ودني" وتم عرضه على الإنترنت.. كان أول محاولة لسلفيي كوستا للتعريف عن أنفسهم للمجتمع، ويطرح الفيلم المشاكل الموجودة بين التيارات؛ حيث يحكي الفيلم لقاء أولا بين شابين أحدهما سلفي والآخر ليبرالي، ويتعرض لكافة المخاوف والظنون التي في نفس كل منهما تجاه الآخر ومحاولة التخوين والتشكيك الناتجة عن عدم الفهم، كل ذلك بشكل كوميدي.
كما حاولت المجموعة إقامة مبارة كرة قدم في كنيسة، وتم الاتفاق مع مجموعة مسيحية، ورحبوا بالأمر، ولكن بعد أحداث إمبابة أصبح من الأفضل إيجاد بديل آخر. وكانت الفكرة أن يتعرف الجميع إلى بعضه البعض، ليس على طريقة موائد الإفطار وتقبيل اللحى، ولكن عن طريق مشاريع مشتركة نجنب فيها الخلافات العقيدية والفكرية بشكل عام، فكانت المباراة وكان هناك رعب من التجربة ، ووجدنا أن الخوف متبادل من الطرفين والجميع متوتر. 
لتأتي بعدها عدة أعمال تطوعية، شملت افتتاح فصول تعليمية بمناطق فقيرة وتنظيم قوافل طبية يشارك فيها أطباء سلفيون ومسيحيون.. قمنا ببعض المشاريع التنموية في عزبة الهجانة، وتزويج الفقيرات.. ونهدف دائما إلى أن يجتمع الجميع على أمور ليست خلافية، وأن نجمع كل التيارات الفكرية هنا تكون إمكانية التعرف إلى بعضنا البعض.
ينفي "سلفيو كوستا" عن أنفسهم أنهم العمل السياسي، فهم لا يهدفون لتكوين حزب أو حركة سياسية، ولكنهم يحاولون البعد عن النزاعات عن طريق التقريب بين مختلف التيارات عن طريق الأنشطة الميدانية والرياضية.
يقول وليد مصطفى- أحد أعضاء المجموعة-: ولهم شعار ساخر عن هذه النقطة هو "سلفيو كوستا مش بتوع انتخابات، سلفيو كوستا بيجمعوا كل الاتجاهات" لذا فهم كجروب لا يشترطون أن يكون الأعضاء في حزب معين، كما أنهم يرون إلى الوضع السياسي اليوم الأمور فيه متشابكة، وأن اللعبة غير مفهومة، وعليه فسوف ينتظرون ماذا سوف يختاره الشعب ويكونون خلفه ، نشارك في السياسة كأفراد ثم يأخذون القرار.
نزل سلفيو كوستا لأول مرة ميدان التحرير يوم 27 مايو وهم يحملون لافتة "سلفيو كوستا" إحنا دايما إللي بنحاسب على المشاريب، في إشارة إلى أن السلفيين هم دائما من يتحملون كلفة كافة الأمور الحادثة في البلد في ظل عصر مبارك وحتى بعد سقوطه.
أغلب المجموعة المؤسسة كانت زملاء في العمل، والعضوية لا تقتصر على السلفيين فقط ولكن يوجد هناك أعضاء مسيحيون وليبراليون واشتراكيون توافقوا مع السلفيين على البحث عن نقاط الالتقاء، بدلا عن البحث عن نقاط الاختلاف لإعادة روح ميدان التحرير.
ملاحظات حول هذه الكيانات الجديدة
من خلال متابعة العديد من الائتلافات ( الإسلامية ) المختلفة سواء السابق الإشارة إليها أو غيرها، فبجانب أنها ائتلافات وليدة اللحظة وتولد من رحم قصة أو واقعة غالباً، إلا أن أغلب مؤسسيها ينتمون بشكل أو بآخر لـ "الدعوة السلفية" فكريا وتنظيميا، وإن كان يبدو ظاهريا أن "الدعوة السفية" لا تتحكم فيها، ويحرص القائمون على هذه الائتلافات دائماًعلى نفي التبعية للدعوة أو لغيرها، ويقولون إنهم يحرصون على مد يد التعاون مع الجميع سواء سلفيين أو إخوانا- فإن النظرة المحللة تشير إلى أن هذه الكيانات تصب في الجانب الحركي للدعوة ، وذلك من حيث أن وجود تيارات متعددة يحمل كل منها موضوعا أو قضية محددة، بحيث يبدو للمتابع أنها لا تتبع تيارا بعينه يصب في مصلحة "الدعوة السلفية"، من حيث التمدد الناعم في المجتمع السياسي، سواء أكان عن طريق الحزب "حزب النور" أو عن طريق الائتلافات، ومنها عل سبيل المثال: "الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح" "ائتلاف شباب مصر الإسلامي"، "ائتلاف دعم المسلمين الجدد"، "شباب حزب النور" و"شباب حزب الفضيلة" و"ائتلاف شباب الدعوة السلفية بالأقاليم".
غير ذلك أصبح باستطاعة مجموعة أصدقاء أن يكونوا ائتلافا وينشئوا صفحة على موقع الفيسبوك، وفي أي مظاهرة تنزل المجموعة حاملة يافطة تعلن فيها عن نفسها وبعض المنشورات عن موقفها من قضية ما، ويُتداول خبر الائتلاف على الإنترنت ووسائل الإعلام، ويصبح فجأة أمرا واقعا، رغم أنه أحيانا لا يزيد عددهم عن أصابع اليد الواحدة، ويأتي التضخيم الإعلامي لهم فيشعرون بأنهم ملكوا الأرض، وأنهم فعلا كيان قوي له أرضية حقيقية، وأنه أصبح لهم الحق في تمرير آراء ومواقف، رغم أن العديد من هذه الائتلافات ائتلافات افتراضية فقط على الشبكة العنكبوتية.
وتتشارك هذه الكيانات- سواء تتبع تيارات بعينها أم لا تتبع- في مجموعة من الصفات، منها أنها:
1- غالباً لا تقوم بناء على تخطيط مسبق أو أهداف محددة سابقا: فهي تكون ردود أفعال لمواقف محددة؛ ولذلك فبعد أن يُعلن عنها يتم وضع أهداف خاصة بها، وغالباً تكون الأهداف متشابهة بين كافة الائتلافات نتيجة هذه النشأة ، وأيضاً بعض هذه الكيانات تُسبب الحيرة والتخبط حول هويتها وأهدافها الحقيقية؛ حيث إن بعضها يسبب انقسامات كثيرة في الصف ويستخدم أحيانا كثيرة لضرب كيانات أخرى حقيقية، فالعديد منها قد وجد (فجأة) وشارك في فعاليات الحوار مع المجلس العسكري باعتبارة من ائتلافات الثورة التي تزايد أعدادها بشكل كبير عقب التنحي وتصدرت أسماء بعينها الساحة، رغم عدم وجود سابق لها في الثورة.
2- وبالنظر إلى الأهداف المعلنة من جانب هذه الائتلافات فبجانب أنها غالباً متشابهة فإنها أيضا تفتقر لأي مشروع فكري أو سياسي أو اجتماعي، وكذلك أي هيكل إداري حقيقي، فهي مثل "فقاعة الصابون" بعد فترة من وجودها سوف تنتهي. فهي قد تكون مرتبطة بهدف ما أو نقطة مثارة هنا أو هناك، ولكن ليس لديها مشروع تنموي أو إجتماعي أو برنامج سياسي.. هي بمعنى أدق ظاهرة وقتية تنتهي بمجرد تحقيق أو انتهاء أسباب وجودها. 
كما أنه برغم أن العديد من هذه الائتلافات أعلن أنه سوف يتحول لجمعية، فهذا يطرح التساؤل عن جدوى استمرارها من الأساس، وماذا سوف تقدمه؟ وهل فعلا ستتحول لجمعية، أم الأمر مجرد دعاية منها لاستمرار تسويق نفسها؟
وحتى في حالة وجود نشاط أو هدف اجتماعي- كما في حالة سلفيو كوستا- فيتطلب الأمر بعض الوقت والتمهل في الحكم على التجربة ومنحها مدة زمنية لنرى فعلا ما سوف يتحقق. وهل هذه النشاطات الاجتماعية أمر وقتي واستعراضي يختفي بمرور الوقت، أم أنهم سيتحولون فعلا إلى كيان منظم وفق هيكل محدد.. وأيضا اختفاء الهيكل الإداري الفعلي لأغلب هذه الائتلافات وأنَّ أي هيكل مُعلن هو هيكل استعراضي- غالبا- مما يتطلبه التسويق الدعائي لهذه الائتلافات. أهم أسبابها أن هذه الائتلافات غالبا ما تنشأ بين مجموعة أصدقاء يقسمون بينهم الأدوار في البداية، وعندما يلاقي هذا الائتلاف بعض الصدى إعلاميا- يجدوا أنفسهم بمرور الوقت في أزمة إدارية فعلية؛ بسبب غياب البعد الإستراتيجي والتنظيمي الفعلي لائتلافهم.
3- غياب الأسماء البارزة من رموز العمل الديني الدعوي وصعود الشباب: فباستثناء "الهيئة الشرعية"، وما بها من رموز الدعوة فلا يوجد أي تواجد بشكل أو بآخر في باقي الكيانات الإسلامية الجديدة. 
ونؤكد أن ظاهرة هذه الائتلافات أمرا طبيعيا جدا إذا نظرنا إلى أننا خارجين من نظام قمعي، لم يترك الفرصة لأي تيار ما أن يتحرك وبخاصة الإسلاميين. ونضع في الاعتبار أيضاً أن في حالة التيارات الإسلامية فإن أغلبها محصور قياديا في أشخاص تاريخيين بأعينهم، وليس للشباب الفرصة لتقدم الصفوف، فجاءت الثورة ومنحت لهم الفرصة للتواجد والتعبير بحرية عن آرائهم، ورغم أن بعض هذه الائتلافات يتبع بشكل مباشر كيانات قائمة بالفعل فإن البعض الآخر لا يتبع أي تيار. 
4- غياب المرجعيات الفكرية والدينية: فالمرجعية تكون غالباً ذاتية وإن استعصى عليهم أمر ما شرعي فيلجئون إلى كافة التيارات الأخرى بلا أفضلية.. وهذا قد يشير لوجود خلل في الكيانات الدينية الموجودة والتي رأى البعض أنها لا تحتويه فكريا ولا تستوعب إمكانياته وقدراته، وجاءت الثورة فمنحت لبعض هؤلاء الشباب الفرصة لإثبات الذات بعيدا بشكل ما عن الأطر التقليدية، وفرض الوجود والخروج من عباءة الرموز الموجودة، وهذا ما نلاحظه من خلو هذه الائتلافات من الأسماء اللامعة المعروفة أو المرجعيات المعتبرة.
5- غياب المسجد: فبرغم أن المسجد كان أساس التجييش فيما مضى نازعه الفترة الأخيرة الإنترنت بشكل أساسي، سواء في الدعوة وطرح الفكرة، وأيضا ساحة توضع من خلالها خطط التحرك وأماكن التجمع، حيث إن هذه الائتلافات أعطت انطباعا ما أن هناك أماكن أخرى غير "المسجد" قد تكون هي أماكن الحشد الديني والتعبئة، وذلك من خلال فضاء الإنترنت والذي لعب دورا موازياً للمسجد في الناحية التعبوية الدينية.
وخلافاً لكل الائتلافات يبقى أقواها "الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح"، و"الجبهة السلفية" فالهيئة تقوم على أسماء كبيرة في المجال الدعوي ، وهيكل واضح حقيقي، ومشروع فكري اجتماعي سياسي دعوي يطرح فكرة حماية الحريات والحقوق المشروعة وتحقيق العدالة الاجتماعية. 
أما الجبهة السلفية فهي كيان يجمع كافة الفرقاء والكيانات السلفية الصغيرة وتتمثل قوته في أنه يتحكم في هذه الائتلافات الصغيرة المشتتة، ويصنع من الجميع قوة تخدم أهدافه.
ورغم ماسبق من ملاحظات فإن الأمر – رغم كافة مساوئه – فيه أشياء إيجابية تتمثل في عودة الشباب بعد إقصاء ممنهج من قبل إلى مقدمة المشهد السياسي والإجتماعي ، وإن أبرزت التجربة محدودية البعض فإن التجربة أيضاً كفيلة بإحداث نقلة نوعية لهؤلاء الشباب فكريا ومعرفيا وتنظيميا تفيدهم في تطوير أدائهم وأفكارهم . وقد يواكب هذه النقلة الفكرية نقلة مماثلة في نوعية الخطاب الديني المنتًج والمُستهلك تواكبا مع النقلة النوعية في المتلقين للمستهلكين للخطاب الديني.
وهذا يطرح اشكالية حول مدى تأثير ذلك على نوعية الخطاب المتقبل بالنسبة للأجيال الجديدة المؤسسة والداعمة لهذه الائتلافات: هو سيكون هو نفسه الخطاب الديني المعتاد أم ستكون هناك ثورة على هذه الخطابات التقليدية؟ وهل بإمكانهم خلق حالة أو خطاب جديد يتوائم مع المرحلة؟ وأيضا هل باستمرار هذه الكيانات وتطورها التنظيمي سيكون هناك مواجهة بينها وبين الكيانات السلفية القديمة التقليدية؟ أم سيكون هناك تنسيق وتعاون؟ وماذا عن ما قد يحدث من صراع الأجيال- وهذا أمر طبيعي- كيف سيكون تصورهم لهذه الأمور؟ وهل هي مطروحة أصلا في خيالهم أم ليس لها وجود؟

شارك

موضوعات ذات صلة