كمال مغيث: الحكومة تكرس التمييز والحض على الكراهية فى المناهج الدراسية

السبت 08/مارس/2014 - 10:35 م
طباعة
 
افلات الجناة من العقاب ظاهرة تفشت فى مجتمعنا
السلفيون يحاولون الهيمنة على التعليم للسيطرة على عقول التلاميذ بأفكار دينية

اتهم الدكتور كمال مغيث الخبير التربوي الدولة بالتكاسل في مواجهة جذور التطرف وعدم اتخاذ الخطوات اللازمة  التي تكفل السيطرة على منابر التطرف، وتنقية المناهج الدراسية من أفكار التطرف والتمييز والحض على الكراهية، معتبرا أن الدولة تتعامل بشكل بشكل روتيني وبدون رؤية في مواجهة هذه الأفكار.
وأكد في حواره على أن الحكومة تضيق الخناق على الأحزاب السياسية، فى الوقت الذى تترك فيه الشيوخ يحتلون المنابر وينشرون أفكراهم الجهادية، ومحاولة السلفيين فى السيطرة على التعليم، للتحكم في عقول التلاميذ والتأثير عليهم، وانه بدون إرادة سياسية واعتبار التعليم قضية أمن قومي وتطويره بشكل واضح وحازم، لن يتم تغيير الواقع، متهما الدولة بتكريس ثقافة التمييز وافلات الجناة من العقاب وخاصة فى جرائم العنف الطائفي... فإلى الحوار 
ما تعليقك على محاولات تنقية المناهج من أفكار التطرف؟
لا يوجد له أي مردود ايجابي، لأنه ليس من المعقول مطالبة من أفسد المناهج والتعليم بإصلاحه، ومن غير المنطقي أن يتم استدعاء مثل هؤلاء لمواجهة مشكلات التعليم، وهذا الوضع يعمل على افساد التعليم بشكل أكبر.
ماذا عن المدارس التابعة للإخوان وتعامل وزارة التعليم معها؟
من الممكن أن تكون هناك مدارس للإخوان ولكن لا يمكن للحكومة اغلاقها، حيث يمكن أن تكون تابعة للإخوان ولكنها مملوكة لشخص وبأمواله الخاصة، وهى الطريقة التي تتبعها جماعة الاخوان لمنع ملاحقة وزارة التربية والتعليم لها، ومساعدة وزير التربية والتعليم للتعليم الخاص رصدت عدد من الملاحظات مثل تعيين عدد من المدرسين غير التابعين للوزارة، ورفع المرتبات دون علم الوزارة، واعتبرت أن هذه المخالفات مثل المدارس الخاصة الأخرى، دون ادراك استغلال الاخوان لهذه المدارس لتخريج قيادات تابعة للإخوان.

لماذا وصل التعليم إلى هذه المرحلة من الترهل؟
منذ اهتمام محمد على بالتعليم وجعل مصر مثل الدول المتقدمة ، ومنع التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو الجنس، حتى جاء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بفلسفته في التعليم والكاريزما التي تمتع بها لفرض نمط معين من التعليم، حتى جاء الرئيس الراحل أنور السادات الذى لم يكن يتمتع بكاريزما مثل السادات وفشل في تقديم نموذج، فاستعان ببعض الشخصيات من المحسوبين على الليبرالية الشكلية، وكذلك عدد من الجماعات الراديكالية لخلط توليفة معينة تعمل على منحه سطوة في المجتمع تمكنه من إدارة اللعبة السياسية لصالحه، حيث كان يبدأ خطابه "باسم الله"، وكان الحاكم الوحيد الذى يقول انه رئيس مسلم لدولة اسلامية، وأفرج عن الاخوان المسلمين، وسمح للإخوان بإصدار مجلة الدعوة، وتركهم ينشطون داخل المدارس والجامعات، واستغلوا ذلك من اجل نشر أفكارهم، واستجلبا الأموال من الخارج لتنفيذ مشروعاتهم .
بدأ الخطاب الديني يتسرب للمناهج، ووضع النصوص الدينية فى المناهج، وبعض المدارس بدأت في رفض تحية العلم، وهيمنة الأفكار الاسلامية على التعليم، وأصبحت المدارس ذات طابع ديني، وهو ما سمح بخروج عدد من الشخصيات ذات الأفكار الاسلامية تتلقفها الجماعات الاسلامية بالخارج، ليصبح هناك مواطنين ضد الحداثة والأقباط، يرفضون الأخر، متمسكين بالأفكار الجهادية.
هناك مبادرات لتنقية المناهج من أفكار التطرف. لماذا لم تؤت بثمارها حتى الآن؟ 
لا توجد إرادة سياسية من الدولة لمواجهة هيمنة التيارات الجهادية والأمور تسير بشكل روتيني، وحتى محاولات المجلس القومي لحقوق الانسان والمنظمات المدنية لن تؤت بثمارها، والمشكلة تتلخص في الإرادة أيضا، خاصة وأن التعليم مؤسسة سيادية وسياسية، ولكن لا توجد إرادة للتغيير لمواجهة سلبيات المرحلة السابقة، وطالما بقي تعامل الدولة مع أفكار المواطنة فى التعليم بشكل سلبي لن يحدث التغيير.
لماذا يهتم حزب النور السلفي بملف التعليم ومحاولة الحصول على وزارة للتعليم في عهد حكم الاخوان؟
التيارات الاسلامية تعرف أهمية التعليم، خاصة وانه فى ضوء الظروف المصرية تمنح للمدرس السيطرة على عقول التلاميذ وأسرهم، وهناك سعي باستمرار بأن يتم السيطرة على العقول نظرا لعدم وجود مناهج حديثة وغياب التطور، ومن ثم يمكن السيطرة على عقول التلاميذ وإعادة تشكيل ثقافتهم حسب ما تخدم الأفكار السلفية والاسلامية بشكل عام.
هل تستمر محاولات حزب النور لاستغلال الدولة خلال الفترة المقبلة؟
الدستور يمنع التمييز أو تأسيس أحزاب دينية، ورغم التفاف التيارات الاسلامية على نصوص الدستور، ورغم انى غير مطمئن على تعامل الدولة مع السلفيين لكنى أثق في قدرة الشعب على التصدي لأفكار السلفيين مثلما واجه الاخوان وازاح بهم من السلطة ، ولو وصل السلفيين للحكم سيكون مصيرهم مثل الاخوان بعد ان اكتسب المجتمع المصري خبرة التعامل مع هذه التيارات التى تتخذ من الدين ستارا لها لتحقيق مصالح سياسية خاصة بها.
وكيف تري تعامل الدولة في جرائم تيار الاسلام السياسي مع الأقباط؟
بالطبع موقف متخاذل، فهناك عشرات من الاعتداءات على الكنائس دون ان تتخذ الحكومة موقفا حازما، ويظهر افلات الجناة من العقاب والمساءلة وعدم الجدية في الكشف عن مرتكبي هذه الجرائم، وخلق مشاعر من الغبن والتمييز، وهو ما يشجع مثل هذه الجماعات على ارتكاب المزيد من جرائم العنف ورفض الآخر، والحض على الكراهية.
وماذا عن تعامل الدولة مع الأحزاب السياسية وبين تعاملها مع المنابر المتطرفة؟
انه مشهد شديد الدلالة، حيث تقوم قوات الأمن بمراقبة عدد من الأشخاص يتحدثون في مقر أحد الأحزاب، للحديث عن قضية سياسية او اقتصادية، بينما تترك الشيوخ يقومون بملء عقول الشباب بعدد من الأفكار المتطرفة في المساجد والزوايا دون ان تتدخل الدولة، وهى مفارقة غريبة وتكشف عن تكاسل الدولة في مواجهة التطرف من جذوره، وعليها تغيير أسلوبها في مراقبة الأحزاب السياسية والتضييق على العمل السياسي والحزبي.

شارك