"جيش محمد" حركة سنية لمحاربة الشيعة

الأحد 06/أبريل/2014 - 04:31 م
طباعة
 
هي أكثر الحركات المحيرة والمجهلة على الإطلاق، "جيش محمد" هذا الشعار الذي رفعه شباب جماعات الإسلام السياسي في مظاهراتهم، وراود العديد من قيادات الجماعات الجهادية منذ الثمانينيات، هو كيان حقيقي ووهمي، موجود وغير موجود في نفس الوقت، وهو واحد من أكثر الحركات الجهادية التي ولدت فكرته على يد العديدين، ولم تنجح أو يكتب لها الاستمرار.

الأردن

النشأة كانت في الأردن، حيث كان أول ظهور لها في أوائل تسعينيات القرن الماضي، حين شهدت الأردن عودة مواطنيها من المجاهدين من أفغانستان بعد انتهاء مهمتهم في إنهاء الغزو السوفييتي لأفغانستان؛ ليكون الميلاد الحقيقي للتنظيمات الجهادية في الأردن، والذي شهد نشأة تنظيم "بيعة الإمام" الذي تحول فيما بعد إلى "الجهاديين السلفيين"، وبقيادة كل من محمد المقدسي وأبي مصعب الزرقاوي، في الوقت الذي شكلت الجماعات المقربة من عبد الله عزام ما عُرِفَ بـ "جيش محمد"، وهو تنظيم أصولي مسلح حاول التخطيط لاغتيال العاهل الأردني حينها الملك الحسين، وتم إلقاء القبض على عددٍ من قياداته وحُكِمَ عليهم بالسجن قبل أن تفرج السلطات عنهم عام 1999.
في عام 1991 أعلنت الحكومة الأردنية عن اعتقال مجموعة تسمى "جيش محمد" وقدمت المجموعة إلى المحكمة بتهمة تنفيذ مجموعة من الأعمال الإرهابية، مثل إحراق مكتبة المركز الثقافي الفرنسي، وإطلاق النار ليلا على واجهة بنك بريطاني، وتفجير سيارة لأحد ضباط المخابرات العامة، وسيارة أخرى لرجل دين مسيحي، وصدرت بحق أعضاء المجموعة أحكام بالسجن، ثم أطلق سراحهم في عفو عام صدر عام 1992 ولم يعد أحد يسمع عن جماعة اسمها "جيش محمد"، وانخرط أعضاؤها الذين ينتمي معظمهم إلى فئة محدودة التعليم في الحياة، وانقطعت صلتهم بالتدين.

باكستان

وفي عام 2001، ظهر "جيش محمد" مرة أخرى في باكستان، حيث أنشأ مولانا مسعود أزهر جماعة "جيش محمد"؛ ليكون منظمة جهادية مقرها كشمير، وكان أغلب أعضائها من المجاهدين المنشقين من جماعات جهادية أخرى، وكان هدفها الرئيسي فصل كشمير عن الهند، استطاع "جيش محمد" الباكستاني تنفيذ هجوم على البرلمان الهندي في نوفمبر 2001، كما نفذ سلسلة من الأعمال الإرهابية في إقليم كشمير وأفغانستان، استهدفت فيها القوات الأمريكية في أفغانستان، وينظر لجماعة "جيش محمد" على أنها من الجماعات الدموية، كما أدرجتها الحكومة الباكستانية كإحدى المنظمات الإرهابية الرئيسية في ولاية جامو وكشمير، وأيضا العديد من البلدان، منها الهند، باكستان، الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا؛ ولهذا في يناير 2002 قامت حكومة الرئيس برويز مشرف، رئيس باكستان آنذاك، بمنع المواطنين من التعامل معها أو الانضمام إليها، ولكنها لا تزال تعمل في العديد من المواقع الحيوية للبلاد.

العراق

في أغسطس 2003، استيقظ أهل بغداد على تفجير كبير في إحدى المعسكرات التابعة للأمم المتحدة، ليظهر أحد الملثمين الذين أعلنوا مسئوليتهم عن التفجير، ليعلنوا عن نفسهم لأول مرة في العراق باسم "جيش محمد"، وهم جماعة عراقية متشددة سياسيا لها دوافع دينية، وكان يعتقد في البداية أن أغلب أعضاء "جيش محمد" من المقاتلين الذين تسللوا إلى العراق من المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى، ولكن ووفقا لتقارير استخباراتية فإن أغلب المنتمين له من حزب البعث الموالي لصدام حسين، من المنطقة السنية، خاصة ممن كانوا يتمتعون بوضع خاص في عهد صدام من تكريت، وأن عضوية التنظيم تكون في المقام الأول للمواطنين العراقيين، وضباط النظام السابق، ويشاع أن جماعة جيش محمد هي الجناح العسكري لحزب البعث العربي الاشتراكي، تأسست من قبل مجموعة من المسلحين في ديالي خلال لقاء بين ممثلين عن مدن الرمادي|، الفلوجة، سامراء وبعقوبة، وتلك التقارير أيدتها قدرة التنظيم على استخدام البنية التحتية لشبكة المعلومات قبل الحرب، كما كانوا مسئولين عن الهجمات المتطورة على قوات التحالف خلال أوائل عام 2004، بمساعدة من الاستخبارات العراقية وضباط الأمن السابقين.
وفي نوفمبر 2004 تمكنت القوات الأمريكية من اعتقال زعيم الحركة أحمد ياسين، خلال عملية أَسْمَتها "فانتوم فيوري"، شنت فيها هجوما واسع النطاق على الفلوجة، واعتقلت العديد من أعضائه، وخلال التحقيقات اعترف ياسين بتلقيه تمويلا ودعما لوجيستيا من كل من السلطات الإيرانية وبقية نظام صدام المنهار.

العراق- سوريا

في مطلع العام الماضي 2013، أعلن في الرقة عن ظهور تنظيمٍ مسلحٍ جديد أُطلِق عليه اسم "جيش محمد"، ويضم مئات المسلحين الذين انشقوا عن تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام: "داعش"، وينتمي غالبية أفراد التنظيم الجديد إلى جنسيات غير سورية، أطلق عليهم وصف "المهاجرون"، ويأتي هذا الانشقاق عقب إعلان أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة: جبهة النصرة هي الفصيل الوحيد المقاتل في سوريا التابع لتنظيم القاعدة، وفصلها عن تنظيم "داعش".

تحدثت مصادر عسكرية في لندن أن النواة الأولى لجيش محمد ستضم 50 ألفا، على أن يرتفع العدد ليصل إلى ربع مليون جندي، وسيكون مقره الأساسي في الأردن التي ستكون قاعدة دائمة له وتتحرك وحداته إلى الجهات المستهدفة في سوريا وغيرها. الأمر الذي كشفه أحمد الجربا رئيس الائتلاف السوري في بيان له في 8 أغسطس عام 2013، أوضح فيه قيام السعودية بتشكيل جيش خارج سوريا. جنود هذا الجيش عربية سيكونون من السنة ومن أقطار عربية وإسلامية مختلفة،  وخاصة الأردن واليمن وسوريا،  وسيكون جاهزا في مارس عام 2016. 

تنظيم عابر للدول لمحاربة المد الشيعي

في تطور سريع لتنظيم "جيش محمد" وغير متوقع، أعلن التنظيم في سبتمبر قبيل انتهاء عام 2013، عن إمكانية مشاركة كتائب جهادية داخل دول الشام والعراق وسوريا ولبنان؛ لتشكيل المجلس الأعلى للجهاد العالمي، لحماية المذهب السني في ظل المد الشيعي الذي تقوده إيران من خلال ذراعها "حزب الله" بلبنان من داخل إقليم الشرق الأوسط، لمواجهة مخطط إعادة الدولة الفاطمية؛ ليكون التنظيم بعد هذا الإعلان أول تنظيم جهادي طائفي، يحارب المسلمين من مذاهب أخرى وبالأخص الشيعة، في إشارة واضحة بأن المنطقة العربية ستشهد حروبا طائفية مستقبلية، الأمر الذي بدوره سيؤدي لتفتيت الدول وفقا للمذاهب، ليكون السيناريو الأول القادم بعد إسقاط الأنظمة العربية الحاكمة بدعاوي الكفر والخروج عن الشريعة الإسلامية، فسيكون السيناريو الثاني هو محاربة المذهب الشيعي "الكافر".
التنظيم أشار في البيان لوجود مجاهدين محترفين بكل دول العالم لدى الطلائع، قادرة على استهداف رجال "الخميني" داخل وخارج مصر، وكل من يتعاونون مع الشيعة داخل البلاد وبالمغرب العربي والسودان والقرن الإفريقي والصومال، كما دعا الجيش القبائل العربية بمختلف دول العالم للإسراع بالتسلح وعدم تسليم الأسلحة للجيش والحكومة، وبدء المقاومة الجهادية بمختلف الدول العربية، مطالبا دول الخليج بدعم الجهاد الإسلامي لمواجهة إيران وحزب الله والحوثيين ونظام بشار السوري، وكل الخلايا الشيعية بالعالم العربي، مشيرا إلى تصدى الجهاديين بمختلف العالم العربي لإسقاط الأنظمة والتي أطلق عليها بـ"الأنظمة الماسونية العميلة"، وإعادة الخلافة الإسلامية والجهاد المسلح ضد الصليبيين والفاطميين والشيعة، وبهذا الإعلان يتضح أن "جيش محمد"، كان قد أعد له مسبقا قبل إعلان ظهوره، كما تم الإعداد المسبق بانتشار وتكوين قواعد أو لواءات للتنظيم في كافة دول المنطقة، ليس في سوريا والعراق فقط.

"جيش محمد" في مصر

أول ظهور لتنظيم "جيش محمد" في مصر كان في فبراير العام الجاري 2014، حين أصدر تنظيم طلائع جيش محمد بيانا رقم (7)، استنكر فيه قيام جعافرة أسوان والصعيد وعبد الولي الجعفري بسب الصحابة، وأتباع الرسول عبر إحدى القنوات الشيعية، بعد قيام الأوقاف المصرية بتوزيع كتب تحذر فيها من المذهب الجعفري وانتشاره بالصعيد بعد اعتناق الكثيرين بأسوان وقنا له، داعية القبائل العربية والسنية بالصعيد الموجودة في مصر وتمثل غالبية سكانها إلى طرد أتباع المذهب الجعفري، وقبيلة الجعافرة بأسوان وإدفو وكوم أمبو ودشنا؛ لنشرهم التشيع في اتهام واضح لهم بعلاقاتهم بالمخابرات والحرس الثوري الإيراني وتقديمهم للمحاكمة.
العقيدة الجهادية
يتبع "جيش محمد" في عقيدته الجهادية المذهب السني، ويشترط على أعضائه الانتماء للمذهب السني لمواجهة المذهب الشيعي، خاصة في بلاد الشام من (الأردن، لبنان، سوريا وأخيرا معقل الشيعة بالعراق).
وتتلخص رسالة هذا الجيش في بناء وتأهيل الإنسان المسلم الوسطي، وتأهيله، قائدا أو فردا، عقائديا، فكريا، علميا، جسديا وعسكريا.
نشر الموقع الخاص بـ"جيش محمد" المزمع تأسيسه سياسة التنظيم والتي تعتمد على عشرة أركان، أهمها البعد عن الطائفية في طريقة التعامل مع جميع الأشخاص من أهل الأديان والطوائف والمذاهب الأخرى- لا يقصد هنا البناء العسكري، الذي يجب أن يكون على "نهج السنة والجماعة"-، كما لا يجوز- بحسب المسودة- قتل أي إنسان على أساس طائفي، وكذلك الأطفال والنساء والشيوخ، ولا يجوز أيضا قتل الأسرى وهدم المنازل وحرق المحاصيل والبضائع أو سرقتها.
ما نشره "جيش محمد" يعد تناقضا واضحا لأهدافه العليا التي أسس من أجلها، والمبنية على وقف المد الشيعي ومجابهته في كافة الدول العربية.

مصادر التمويل

أشار عدد من التقارير الاستخباراتية البريطانية بأن المملكة العربية السعودية تعد حاليا الممول الرئيسي لتنظيم "جيش محمد"، والذي أسسته المملكة كقوة عسكرية ضاربة للأخطار الخارجية، ويشرف على التنظيم الأمير بندر بن سلطان رئيس الاستخبارات العامة والأمن القومي السعودي، وشقيقه الأمير سلمان بن سلطان نائب وزير الدفاع، وتنفيذ هذا التنظيم بشكل جيد، بحيث يحظى أعضاؤه بتدريب وتسليح جيدين، على أن تكون مصر بديلا عن باكستان كمقر لهم، وتفيد التقارير أن السعودية رصدت مليارات عدة لبناء "جيش محمد" وتدريبه في الأردن، على أن يبدأ التنظيم نشاطه في سوريا، لمواجهة نظام بشار ومواجهة "جبهة النصرة" و"داعش" على السواء، مع احتمال نقله في المستقبل إلى اليمن لمحاربة الحوثيين الذين يخوضون حربا ضد جماعات سلفية سنية في "دماج" شمال اليمن، والتي تحظى بدعم السعودية لها.

شارك

موضوعات ذات صلة