"مذهب الشيخية".. غلو الشيعة الاثني عشرية

السبت 07/يناير/2017 - 01:12 م
طباعة
 
أعلنت الطائفة الشيخية في محافظة البصرة يوم الخميس 15 يناير 2015. وفاة زعيمها الديني ومرجعها الأعلى السيد علي الموسوي بعد صراع مع المرض
و السيد علي الموسوي ولد عام 1927 وهو معروف في الاوساط الشعبية والرسمية بحسب اتباعه بمواقفه الوطنية ودعواته المتكررة الى نبذ العنف والتطرف، وتكريماً له أطلقت مديرية بلدية البصرة اسمه في 2014 على أحد الشوارع الرئيسية في المحافظة.
ويتبع الطائفة الشيخية مواطنون عراقيون يتركز وجودهم في محافظة البصرة وينتشرون في محافظات الجنوب والفرات الأوسط، كما يوجد الكثير من أتباع الطائفة في دول الخليج، وبخاصة السعودية والبحرين والكويت فضلا عن ايران.

مدرسة فكرية:

الشيخية هي مدرسة فكرية شيعية اثنا عشرية. أوجدها وأرسى قواعدها أحمد بن زين الدين الأحسائي، حيث تُنسب إليه آراء خاصة في الحكمة وردّ الفلسفة، ونبذه لكثير من الأفكار المستمدة من الفلاسفة اليونانيين والرومان. وقد تسبب ذلك بخلافات مع عدد من علماء عصره كصدر الدين الشيرازي
والواضح من المراجع ان الشيخية شيعة اثنا عشرية وليسوا طائفة منفصلة عن الشيعة الإمامية الاثني عشرية . إذ لا تختلف طريقتهم عنهم، فهم يوالون الأئمة الاثني عشر من أهل بيت النبي محمد (ص) أولهم الإمام علي بن أبي طالب . وآخرهم الإمام المهدي المنتظر. ويقتدون بهم ويعملون بأقوالهم لا غير، فهم لا يجوّزون في الدين اتّباع الظنون والأهواء والآراء ودليل ذلك بياناتهم في كتبهم ومصنفاتهم ومواعظهم ودروسهم، وكثيرا ما يصرح علماؤهم في كتاباتهم وخطاباتهم:" ما قال آل محمد قلنا وما دان آل محمد دنا ليس لنا قول ولا فعل ولا طريقة إلا قول أهل البيت وفعلهم وطريقتهم" .
كما يحرصون على أداء الأعمال الشرعية والقيام بواجباتها من صلاة وصيام وحج وزكاة وخمس وغير ذلك ، ويبذلون قصارى جهدهم بالتخلق بأخلاق أهل البيت.

سبب التسمية بين الشيخية والكشفية:

أما سبب تسميتهم بـ "الشيخية" فلأنهم قلدوا الشيخ احمد بن زين الدين الأحسائي شيخهم المؤسس في حياته وتلامذته وحملة حكمته وعلومه بعد وفاته واخذوا منهم معالم دينهم من الأحكام والحلال والحرام، شأنهم في ذلك شأن سائر الشيعة الآخرين الذين يقلدون علماءهم مع وجود الاختلافات الكثيرة بينهم في مسائل فروع الدين، فكما أن هذه الاختلافات في الفروع والجزئيات لا تسبب تأسيس فرقة على حدة فكذلك الأمر لو وجد اختلافات بين الشيخ وسائر العلماء لا تكون سببا في انعزال الشيخ عنهم وتأسيسه فرقة أخرى لأنها اختلافات جزئية في مسائل فرعية واصول الاعتقادات واحدة لا اختلاف فيها.
وأما تسميتهم بـ"الكشفية" فان مخالفيهم أرادوا أن ينبزوهم بهذا اللقب مؤوّلين له أنهم قد كشف الغطاء عن قلوبهم فيرون العلوم والأحكام ولا يحتاجون إلى نبي ووصي ولا إلى ولي، ولكن مؤلفات علماء الشيخية الكثيرة وواقع أتباعهم المشاهد يبرّؤهم من هذه النسب . فلقد شرح العديد من علماء المذهب الشيعي الاثني عشري معنى الكشف في كتبهم ومن ذلك ما ذكره الشيخ أحمد الأحسائي في كتابه (الشرح).
"ان الكشف على قسمين: قسم يكشف الناظر به عن حقيقة ما يتدبر فيه وينظر وليس له لحاظ – عيون - غير ذلك، فاذا انقطع عما سوى تدبر الآية ظهر له بعض ما فيها من الآيات، لأن كل شيء خلقه الله في تقدير الله جعله دليلا ومدلولا عليه وشاهدا ومشهودا وكتابا ومكتوبا وبيانا ومبينا وتابعًا ومتبوعًا وعارضا ومعروضا وعلة ومعلولا وأمثال هذه، فاذا نظر في الآية متدبرا لها غير ملتفت إلى ما يفهم قبل ولا إلى قواعد عنده ولا إلى ما انست به نفسه من المسائل فانه ينفتح له بنسبة إقباله وإخلاصه في إقباله، وما حصل له من الآيات والدلالات فلا شك في صحته وقطعيته، وذلك العلم لدني قال سبحانه "وكذلك نُري إبراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين. وقال تعالى في الحديث القدسي "من أخلص لله العبودية أربعين صباحا تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه". وهذا هو الذي يصح فيه قوله تعالى "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين".. وقسم يكشف الناظر به عن حقيقة خصوص مقصوده فإن انقطع في النظر في الآفاق وفي الأنفس تحصيلا لتصحيح معاندته ومكابرته للحق أو للغير حصل له شبه قوية وعبارات متينة وتدقيقات خفية تؤيد باطله، لا يكاد يتخلص منها ويردها ويعرف وجه بطلانها الا صاحب الكشف الأول، والافاق والانفس وان كانتا لم يخلقا باطلا ولا عبثا الا انه سبحانه لما اجرى حكمته على الاختبار والامتحان ليميز الخبيث من الطيب فقال تعالى "ان الساعة آتية أكاد اخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى"، ولأن الخبيث يشابه الطيب قال تعالى "مثلاً كلمةً طيبة كشجرة طيبة" وقال تعالى "ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة" .فشبه كلا منهما بالشجرة، وكذا في آية "فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية او متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل"، وذلك لما بين الضدين من كمال المعاكسة حتى انه يعرف الشيء بضده وكل ذلك لفائدة التمييز والاختبار، ولذا قال (علي) " لو خلص الحق لم يخف على ذي حجى ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فهنالك هلك من هلك ونجا من سبقت له من الله الحسنى".. فيعرف المعاند من المشابهات شبها يؤيد باطله، ومثل هذا في عدم الإصابة من انقطع في النظر في الآفاق وفي الأنفس لتحصيل ما يؤيد ما انست به نفسه من الاعتقادات أو المسائل فانه يحصل له منهما ما يؤيد ما في نفسه، ومثل هذا أيضا من كان عنده قواعد وضوابط لما يعلم ويعتقد فينظر في الافاق وفي الانفس ليحصل له ما يقوي ما عنده من العلوم فاذا ظهر له شيء منهما عرضه على قواعده فان وافق قبله وان خالف تأوله أو طرحه ولعل الخطأ في قواعده، فالكاشف على نحو واحد من هذه الثلاثة لا يكاد يصيب الحق الا نادرا بخلاف الأول فانه لا يكاد يخطئ الحق، مع ان كل واحد من الأربعة يدعي الصواب وهي دعوى باطلة إلا أن يشهد الله سبحانه بصحتها وذلك بما انزل في محكم كتابه وأوحى إلى نبيه (ص) وألهم أولياءه أهل البيت . فاذا اختلفت الأربعة فعليهم الترافع إلى محكم الكتاب والسنة فمن شهدا له بالصدق فهو الصادق ومن لم يشهدا له فأولئك هم الكاذبون.".

طرق الكشف القلبي:

لقد حدد الشيخ الأحسائي ـ كما هو واضح في هذا النص ـ طريق الكشف الصادق بالاقبال على الله والإخلاص في ذلك الإقبال، كما قيد صدق الكشف بشهادة الكتاب والسنة وهما دليلا الشيعة بل المسلمين جميعا في مسائل احكام الدين.

الركنية:

واما تسميتهم بـ "الركنية" فهو من إطلاق مخالفيهم أيضا إشارة إلى ما اصطلح عليه علماء الشيخية من تسمية اصول الدين والإيمان باركان الدين والإيمان مع عدم المنع من الأول فإنهم في كتبهم ذكروا الاثنين، مع العلم ان إجماع العلماء قائم بأنه لا مشاحة في الاصطلاح، .
ثم ان مصطلح أركان الدين والإيمان لم يكن مختصا بعلماء الشيخية فقط وإنما اصطلحه العديد من علماء المذهب الشيعي الإمامي في كتبهم كالشريف المرتضى في كتابه الشافي، والعلامة الحلي في بعض اجوبته على المسائل ، والشيخ علي ابن يونس العاملي في كتابه الصراط المستقيم، والمحقق الكركي في بعض رسائله وغيرهم. 
وأما تسميتهم بـ "الأحسائية" فنسبة إلى بلاد الأحساء التي نزح منها الشيخ الأحسائي وكثير ممن قلده وتلامذته من بعده فرارا من هجمات المد الوهابي آنذاك.
وأما تسميتهم بـ "بني عامر" فحقيقة الأمر ان الشيخية معتقد ديني يعتنقه الكثير من الناس على مختلف مناطقهم الجغرافية وانتماءاتهم العشائرية، وحيث ان عشيرة بني عامر من العشائر الكبيرة في أحد أهم أماكن وجود الشيخية "البصرة "، وان أغلب أفرادها من مقلدي علماء الشيخية، وان موكب عزاء الإمام الحسين . التابع لهم أسموه "موكب بني عامر"، أطلق البعض على الشيخية لقب "بني عامر" جهلا منهم بالانتماءات العشائرية الأخرى لبقية أتباع المدرسة الشيخية في سائر أماكن تواجدهم في العالم الإسلامي، مع العلم ان هناك أفرادا من عشيرة بني عامر بل بطونا برأسها تقلد سائر مراجع المذهب الشيعي الاثني عشري.
ان الشيعة بصورة عامة مأمورون بأخذ معالم دينهم وأموره وأحكامه وحلاله وحرامه من العلماء المتقين والفقهاء العاملين لقول الإمام جعفر الصادق . " أما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا على هواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام ان يقلدوه". ولقول الإمام المهدي (ع) في توقيعه الرفيع "اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله".. لذلك وجب على كل شيعي ان يفتش عن رجل فقيه عالم زاهد يطمئن إلى ورعه وتقواه وزهده وفقهه فيأخذ منه أحكام دينه عملا بقول الأئمة  المتقدم، ولا يأخذ من ذلك العالم أحكام الدين إلا من اجل انه يحمل روايات الأئمة الطاهرين وينقل أثارهم وأخبارهم لا غير، ولذلك تعددت الفقهاء الحملة والرواة النقلة، وكل أحد من الشيعة أداه الدليل إلى الأخذ من فقيه فانه يعتمد عليه ويرجع في أحكام الدين إليه، وذلك ليس مختصا بالشيخية وإنما هو جار بين الشيعة بصورة عامة. والشيخية مثل سائر الشيعة حين يقلدون علماءهم قلدوا الشيخ احمد بن زين الدين الاحسائي في حياته والفقهاء من تلامذة مدرسته بعد وفاته.

المؤسس:

ولد الشيخ احمد بن زين الدين الاحسائي في الأحساء في قرية المطيرفي سنة 1166 هـ – 1752 م وتوفي سنة 1241 هـ – 1825 م في قرية هدية وهي قرية تقع على ثلاث مراحل من المدينة المنورة عندما كان قاصدا حج بيت الله الحرام في ذلك العام وحمل إلى المدينة ودفن في جوار الأئمة  في البقيع .
ولما مضى من عمر الشيخ عشرون سنة هاجر إلى العراق سنة 1186 هـ لزيارة العتبات المقدسة ولكي يرى هل في علمائها من له انس بما عنده فأتى إلى كربلاء والنجف الأشرف وفيها العديد من العلماء المشاهير فحضر مجالسهم ومدارسهم وبقي مدة طويلة فيها إلى ان ظهر مرض الطاعون في تلك النواحي فرجع إلى وطنه، وفي سنة 1212 هـ توجه إلى زيارة العتبات المقدسة ورجع إلى البصرة وتنقل في نواحيها، ثم عزم على زيارة الإمام الرضا  سنة 1221 هـ فمر في طريقه بالنجف الأشرف وكربلاء والكاظمين، ويزد التي أصر علماؤها وأهلها على إقامته فيها فوعدهم الرجوع إليها بعد زيارة الإمام الرضا  في مشهد ووفى لهم بذلك وبقي في يزد مدة خمس سنين، ثم عزم على مجاورة العتبات المقدسة في العراق وتوجه إليها فمر بأصفهان وكرمنشاه التي أصر علماؤها وأهلها على إقامته فيها إصرارا شديدا فأجابهم بعد زيارته للعتبات المقدسة فوردها سنة 1229 هـ وبقي فيها سنتين، ثم عزم على حج بيت الله الحرام سنة 1232 هـ عن طريق الشام ورجع إلى النجف الاشرف ثم كربلاء، ثم توجه إلى كرمنشاه سنة 1234 هـ وبقي هناك إلى سنة 1238 هـ حيث أتاها سيل عظيم هدم ربعها وأعقبه وباء شديد فخرج الشيخ بأهله إلى مشهد مارا بقم وقزوين وطهران وشاهرود، ثم قفل راجعا إلى كرمـنشاه عن طريق يزد واصفهان وبقي في كرمنـشاه سنة، وبعدها عزم على مجاورة العتبات المقدسة في كربلاء بقصد ان تكون منيته هناك فيدفن بجوار سيد الشهداء الإمام الحسين  فارتحل إلى العراق وأقام في كربلاء المقدسة حتى خرج منها بسبب الفتن التي أثارها مناوِؤه إلى حج بيت الله الحرام آخر سني عمره سنة 1241 هـ..
وكان الشيخ الأحسائي في جميع أسفاره وأماكن مروره وإقامته وحله وترحاله معززا مكرما عند العلماء والرؤساء والرعية بشكل عجيب، وكان مدة إقامته في اصفهان يصلي كل يوم في مسجد الشاه وكانت صفوف المصلين خلفه تصل في بعض الأيام إلى قسم من ميدان الشاه، وقد أحصى المصلين رجل يوم من الأيام فبلغو اثني عشر ألف مصليا، وعلى رواية أخرى ستة عشر ألف مصليا.

أفكار الأحسائي:

تثير كتابات الشيخ الأحسائي عدد من القضايا العقائدية المثيرة للجدل ومنها: 
كيفية المعاد:
قال الشيخ أحمد الاحسائي في كتابه "شرح الزيارة الجامعة " تحت فقرة وأجسادكم في الأجساد: الجسد لغة هو الجسم أو اخص منه، وفي القاموس: محركة جسم الإنسان والجن والملائكة والزعفران وعجل بني إسرائيل والدم اليابس هـ . وفي مجمع البحرين: قوله تعالى "عجلا جسدا" اي ذا جسد أي صورة لا حراك فيها إنما هو جسد فقط، أو جسدا بدنا ذا لحم ودم، ثم قال والجسد من الإنسان بدنه وجثته والجمع أجساد، وفي كتاب الخليل لا يقال لغير الإنسان من خلق الأرض جسد وكل خلق لا يأكل ولا يشرب نحو الملائكة والجن فهو جسد، وعن صاحب البارع لا يقال الجسد إلا للحيوان العاقل وهو الإنسان والملائكة والجن ولا يقال لغيره جسد انتهى.. وقال في القاموس: الجسم جماعة البدن أو الأعضاء من الناس وسائر الأنواع العظيمة الخلق كالجُسمان بالضم الجمع أجسام وجسوم. الفيروز ابادي (القاموس المحيط) (مادة جسم) وفي مجمع البحرين : تكرر في الحديث ذكر الجسم، قيل هو كل شخص مدرك، وفي كتاب الخليل نقلا عنه الجسم البدن وأعضاؤه من الناس والدواب ونحو ذلك مما عظم من الخلق، وعن ابي زيد الجسم الجسد وكذلك الجسمان والجثمان وقد مر الفرق بينهما في كلام الأصمعي في "جثم "، والجسم في عرف المتكلمين هو الطويل العريض العميق فهو ما يقبل القسمة في الأبعاد الثلاثة  وكلام الأصمعي الذي أشار إليه هو: الجثمان الشخص والجسمان الجسم .
إلى ان قال: اعلم وفقك الله ان الإنسان له جسدان وجسمان: فأما الجسد الأول فهو ما تالف من العناصر الزمانية وهذا الجسد كالثوب يلبسه الإنسان ويخلعه ولا لذة له ولا الم ولا طاعة ولا معصية، ألا ترى ان زيدا يمرض ويذهب جميع لحمه حتى لا يكاد يوجد فيه رطل لحم وزيد لم يتغير، وأنت تعلم قطعا ببديهتك ان هذا زيد العاصي ولم تذهب من معاصيه واحدة، ولو كان ما ذهب منه أو له مدخل في المعصية لذهب أكثر معاصيه بذهاب محلها ومصدرها، وهذا مثلا زيد المطيع لم تذهب من طاعاته شيء إذ لا ربط لها بالذاهب بوجه من الوجوه لا وجه علّيّة ولا وجه مصدرية ولا تعلق، ولو كان الذاهب من زيد لذهب بما يخصه من خير وشر، وكذا لو عفن وسمن بعد ذلك هو زيد بلا زيادة في زيد بالسمن ولا نقصان فيه بالضعف لا في ذات ولا في صفات ولا في طاعة ولا في معصية.
إلى أن قال: وأما الجسد الثاني فهو الجسد الباقي وهو الطينة التي خلق منها ويبقى في قبره إذا أكلت الأرض الجسد العنصري وتفرق كل جزء منه ولحق بأصله، فالنارية تلحق بالنار والهوائية تلحق بالهواء والمائية تلحق بالماء والترابية تلحق بالتراب، يبقى مستديرا كما قال الصادق . إلى ان قال: وهذا الجسد هو الإنسان الذي لا يزيد ولا ينقص يبقى في قبره بعد زوال الجسد العنصري عنه الذي هو الكثافة والأعراض، فإذا زالت الأعراض عنه المسماة بالجسد العنصري لم تره الأبصار الحسية، ولهذا إذا كان رميما وعدم لم يوجد شيء حتى قال بعضهم انه يعدم وليس كذلك وإنما هو في قبره إلا انه لم تره أبصار أهل الدنيا لما فيها من الكثافة فلا ترى إلا ما هو من نوعها، ولهذا مثل به الصادق صلوات الله عليه بأنه مثل سحالة الذهب في دكان الصائغ، يعني أن سحالة الذهب في دكان الصائغ لم ترها الأبصار فإذا غسل التراب بالماء وصفاه استخرجها، كذلك هذا الجسد يبقى في قبره هكذا، فإذا أراد الله سبحانه بعث الخلائق أمطر على كل الأرض ماء من بحر تحت العرش ابرد من الثلج ورائحته كرائحة المني يقال له "ص" وهو المذكور في القران، فيكون وجه الأرض بحرا واحدا فيتموج بالرياح وتتصفى الأجزاء، كل شخص تجتمع أجزاء جسده في قبره مستديرة أي على هيئة بنيته في الدنيا، أجزاء الرأس تتصل بها أجزاء الرقبة ثم تتصل أجزاء الرقبة بأجزاء الصدر والصدر بالبطن وهكذا، وتمازجها أجزاء من تلك الأرض فينموا في قبره كما تنمو الكمأة في نبتها، فإذا نفخ اسرافيل في الصور تطايرت الأرواح كل روح إلى قبر جسدها فتدخل فيه فتنشق الأرض عنه كما تنشق عن الكمأة فاذا هم قيام ينظرون..
ولا يخفى ان كيفية المعاد مسألة علمية بحتة لها مقدماتها وادلتها وتحليلاتها واستنتاجاتها ولا تبحث الا بين العلماء وطلبة العلم في المدارس والمحافل العلمية، واما العوام فيكفيهم ان يعتقدوا بالمعاد الجسماني اجمالا وهو ما افتى به وحكم بوجوبه جميع علماء الشيعة الامامية ومنهم علماء المدرسة الشيخية في كتبهم الاعتقادية.
وفي هذا الصدد هناك بحث علمي للسيد علي الموسوي في كتابه "البراهين القطعية" نقتبس منه هذا المقطع: الأمر المجمع عليه بين الشيعة ونادت به ضرورتهم ان المعاد جسماني ويحشر الناس بأجسامهم في يوم القيامة والأرواح تعود إلى ابدانها عند الحشر, ولكنهم اختلفوا في كيفية العود وهل ان بدن الإنسان الذي يعود هذه الفواضل والاعراض المتغيرة المتبدلة، فان للإنسان فواضل وأعراضا كثيرة وهو في تبدل مستمر وتغير دائم من أول ولادته إلى آخر حياته، حتى انه نسب إلى العالم الفسيولوجي "مولنت" بانه قال مدة بقاء الأجزاء ثلاثون يوما ثم تفنى جميعا. فما الذي يعود من أعراضه وفواضله؟ وإن قلت بعود بعض دون بعض لزم الترجيح من غير مرجح، وان قلت بعودة جميعها فمثلا يؤتى بكل ظفر تحلل وبكل عصب تفسخ وبكل شعرة تحللت من أول العمر إلى آخره وهكذا تلصق الفواضل بالفواضل وتوصل الاعراض بالأعراض فيؤتى بإنسان كبير عظيم طويل عريض في يوم القيامة ويقوم للحساب بهذه الكيفية فذلك خرافة لا يتقبلها عقل ولا نقل ولا تليق إلا بسلة المهملات، وإن قلت بعودة أجزاء أخرى وأعراض أخرى فيركب مثلا بدن جديد لزم من ذلك الجبر وهو خلاف العدل إذ ما ذنب هذا الذي لم يذنب اتي به وسلّط عليه النار ووجّه اليه العقاب ؟ والعاقل لابد وان يتكلم بالمعقول الذي تقبله العقول المستقيمة ولا يتجاوز ما نطقت به الأخبار عن الأئمة الأطهار فإنه الميزان القويم في ذلك
 كيفية معراج النبي (صلي الله عليه وسلم):
قال الشيخ أحمد الأحسائي في "شرح الزيارة الجامعة": صعد النبي (صلي الله عليه وسلم) ليلة المعراج بجسمه الشريف مع ما فيه من البشرية الكثيفة وبثيابه التي عليه ولم يمنعه ذلك عن اختراق السماوات والحجب حجب الأنوار. و قال في رسالة الملا كاظم السمناني: أعلم ان نبينا (صلي الله عليه وسلم) عرج بجسمه إلى ما شاء الله فلم يبق ذرة في الوجود المقيد إلا اوقفه الله عليه بجسمه ومثاله ونفسه وعقله وغير ذلك.
وقال السيد كاظم الرشتي في جواب الشيخ علي بن قرين: ان رسول الله (صلي الله عليه وسلم) إنما عرج بهذا الجسم الدنيوي الذي كان مع الناس بل بثيابه ولباسه ونعله، صعد إلى السماء وخرق الحجب والسرادقات ووصل إلى العرش وصعد إلى مقام قاب قوسين. هذا مذهب شيخي واستاذي ومذهبي به القى الله يوم القيامة.
الحلولية
قال الشيخ أحمد الأحسائي في كتابه "حياة النفس" الذي كتبه في اصول العقائد: ويجب أن يعتقد انه سبحانه لا يحل في شيء ولا يتحد بغيره اما انه سبحانه لا يحل في شيء فلأن الحلول عبارة عن قيام موجود بموجود اخر على سبيل التبعية كقيام الاعراض بالأجسام أو على سبيل الظهور كقيام الأرواح بالأجسام فلو فرض انه حال بشيء لكان محتاجا اليه ومتقوما به فيكون حادثا.
التفويض
قال الشيخ احمد الاحسائي في كتابه "شرح الزيارة الجامعة": الحق الأولى بالقبول هو ان جميع الأشياء لا يستغني عن مدد الله في وجودها وبقائها وفي جميع أحوالها فاعلة أو مفعولة ذاتا أو صفة جوهرا أو عرضا، فلا يكون شيء الا بالله ولا يُحدث شيء شيئا الا بالله، ومع هذا كله فالعباد مستقلون بأفعالهم لم يفعلوها مع الله ولا يستغنون في شيء من افعالهم عنه تعالى فلم يفعلوا شيئا بدون الله، لا فرق في شيء من هذا كله بين محمد وآله (صلي الله عليه وسلم) ولا بين غيرهم. فإن فهمت جميع هذه الأشياء فقد كنت على الحق فلا تكون غاليا إذ لا ترى لاحد فعلا بدون الله، ولا مشركا إذ لا ترى انهم فاعلون مع الله، ولا كافرا كذلك إذ لا ترى انهم فاعلون بدون الله، ولا مفوضا إذ لا ترى انهم بنعم الله فاعلون على الاستقلال كما يفعل الوكيل عن موكله.
الغلو.
الغلو معناه التجاوز عن الحد، والغلاة هم الذين يقولون في أهل البيت (رضي الله عنهم) ما لا يلتزم اهل البيت بثبوت تلك المرتبة لهم كمن يدعي فيهم النبوة أو الربوبية، وإذا ثبت الغلو لشخص يترتب عليه اثار في الشريعة الإسلامية من الخروج منها والدخول في ملة الكفر، ويحدثنا التاريخ ان كثيرا من الرجال المؤمنين راحوا ضحية اتهامهم بالغلو وانظر إلى هذا النص من كتاب " مقباس الهداية " للشيخ عبد الله الممقاني: اعلم انه قد كثر رمي رجال بالغلو وليسوا حقيقة من الغلاة كرمي القدماء من القميين وابن الغضائري بعض الأشخاص بالغلو بمجرد مخالفتهم لهم بالاعتقاد حتى عدوا نفي السهو عن الائمة (رضي الله عنهم) غلوا، فاذا كان كذلك فينبغي التامل كثيرا والاجتهاد وعدم المبادرة إلى القدح بمجرد رمي علماء الرجال من دون ظهور الحال.
لقد رمى بعض الباحثين الشيخية بالغلو، ولكن النصوص التالية تبين حقيقة الامر:
اولا ـ  قال السيد علي الموسوي: في الحقيقة ان من المستحيل عقلا ان يكون الحادث قديما، والله قديم ومحمد وآل محمد(رضي الله عنهم) عباد مخلوقون لا يملكون ل انفسهم نفعا ولا ضرا ولا حياة ولا نشورا وتصور ذلك مستحيل لان تصور المستحيل مستحيل.
ثانيا - قال الحاج عبد الرضا الإبراهيمي: القول ان محمدا وآل محمد (رضي الله عنهم) شركاء الله ووكلاؤه، أو ان امر الخلق والرزق والموت والحياة مفوض اليهم وأمثال هذه الكلمات كفر البتة فمن قال بذلك فهو مغال، ومشايخنا يعتقدون في الأئمة الأطهار في كل مكان بانهم عباد لله ويعتقدون أن قدرتهم بقدرة الله وان علمهم بتعليم الله وفضيلتهم بعطاء الله..
ثالثا قال الحاج أبو القاسم الإبراهيمي: يقولون أنتم تغلون في أمير المؤمنين والائمة الاطهار صلوات الله عليهم ونحن نعلم والحمد لله اننا لسنا بغلاة، وأولئك المساكين لا يعرفون معنى الغلو, ونحن لم نخرجهم من حد العبودية ولم نقل انهم ارباب نعوذ بالله من دون الله, غاية ما هناك انا قلنا فيهم والحمد لله ما هو اجماعي الشيعة وبعض اهل التسنن من أن محمدا وآله صلوات الله عليهم أول ما خلق الله والقرآن والأخبار المتواترة تشهد لهم بذلك.

مرتكزات الشيخية:

تقوم الشيخية على عدد من المرتكزات والمحاور الفكرية: 
ويقول السيد علي الموسوي: يعتقد أبناء هذه الطائفة وعلماؤها في اصول دينهم بمعرفة الله وحده لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا في عبادته، ويعتقدون أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا وداعيا إليه بإذنه وسراجا منيرا، ويعتقدون بسائر الأنبياء الذين جاءوا قبله من لدن ادم حتى الخاتم، ويعتقدون بالأئمة الاثني عشر الذين أولهم علي . وآخرهم القائم بن الحسن العسكري . انهم حجج الله في أرضه وخلفاء رسوله في امته، وإنهم لا يزادون على عددهم ولا ينقصون عنهم، وانهم عباد مكرمون لا يسبقون الله ورسوله بالقول وهم بأمره يعملون، ويعتقدون أن أولياءهم أولياء الله وان أعداءهم أعداء الله، هذا في اصول الدين وأما في فروعه فإنهم يعملون بالقران وبسنة النبي محمد (صلي الله عليه وسلم) وبأخبار أهل البيت  ولا يتجاوزون عن ذلك، ولا يجيزون الرأي والاجتهاد وما قال قوم في دين الله ليس له برهان، وتقلد هذه الفرقة من علمائها الذي تعتقد انه راو صادق القول يروي عن أهل البيت . ولا يقول بشيء من هوى نفسه.
ويقول الحاج عبد الرضا الإبراهيمي: الشيخية ليست مذهبا خاصا وهي بعينها مذهب الشيعة الاثني عشرية.
وقال أيضا مجيبا على سؤال نصه: ما الهدف الأصلي الأساس للسلسلة الجليلة الشيخية ؟ فأجاب: عبادة الله وإطاعة نبيه وأوصيائه وموالاة أوليائهم ومعاداة أعدائهم وهذا هدف جميع الشيعة الاثني عشرية 
و قال الحاج أبو القاسم الإبراهيمي: عقائدي في جميع الامور بدون استثناء هي ما نطق به كتاب الله وقامت به سنة نبيه (صلي الله عليه وسلم) وأوصيائه الأئمة الأثني عشر صلوات الله عليهم وبينوه وأوضحوه وقامت به ضرورة الإسلام والمذهب وإجماع الفرقة المحقة الأمامية كثرهم الله، وقولي في جميع الأشياء ما علمت وما لم اعلم فهمت أو لم افهم بلغني أو لم يبلغني أظهروه أو كتموه كليا كان أو جزئيا أصليا أو فرعيا في الاعتقادات القلبية أو الأحكام العملية قول آل محمد عليهم السلام وأنا عبد مطيع لهم ان شاء الله في ارش الخدش إلى التوحيد، هذا ديني وهذه عقيدتي فليبلغ الشاهد الغائب وأنا اشهد الله على هذه العقيدة عليها أحيى وعليها أموت وعليها احشر..
والشيخية يعتقدون انه لا يجوز لأحد من المسلمين أو غيرهم سواء كان عالما أو جاهلا أو فقيها أو مجتهدا أو أيا كان القول في دين الله ودين الإسلام سواء كان في الفصول أو الفروع بعقله وفكره ونظره من دون أن يكون مأخوذا من الأئمة . والنبي (صلي الله عليه وسلم)، وقولهم في جميع الامور قول آل محمد  ولا يدينون الله سبحانه الا بما دان آل محمد  به، ولا يعتقدون بغير ضرورة الإسلام والمذهب، هذا والله دينهم واعتقادهم وظاهرهم وباطنهم
و قال الحاج زين العابدين الكرماني: ان الله سبحانه ربنا لا شريك له أبدا في ذاته وصفاته وأفعاله وعبادته من أحد من خلقه من أول الخلق إلى آخرهم فلا يشاركه أحد، ومحمد (صلي الله عليه وسلم) وأوصياؤه الاثنا عشر وفاطمة الصديقة من بعده أفضل الخلق وأشرفهم بما فضل الله ولا يستقلون بأنفسهم في شيء ولا يقدرون بأنفسهم على شيء ولو حمل مثقال ذرة، وكل فضل لهم فهو من فضل الله عليهم وإمساكه إياه بيده لهم ومع ذلك لهم من الفضل بفضل الله وعطائه ما سوى الربوبية، والحق ما جاءوا به والباطل ما رفضوه وأبطلوه، هذا ديننا واعتقادنا.
9- وقال أيضا: ان مذهبنا وديننا دين الله الذي هو الإسلام وقد ارسل لإظهاره خير الأنام محمد بن عبد الله عليه واله الصلاة والسلام، فالحق ما جاء به وصدقه والباطل ما أنكره وكذبه وذلك من أمر التوحيد فما دونه إلى ارش الخدش، فالحق ما جاء به فيما اسر أو أعلن وفيما بلغنا عنه أو لم يبلغ، إلا أن ما بلغنا عنه وعلِمناه نعتقدُ به عينا وما لم يبلغنا نعتقد به إجمالا، وما قام عليه ضرورة الإسلام بحيث يكون بديهيا عند المسلمين اعني أهل الحل والعقد منهم وخاصة عند الفرقة المحقة الاثني عشرية ولم يخالف بعضهم بعضا واتفقوا على انه من دين النبي (صلي الله عليه وسلم) فهو الحق الذي لا مرية فيه نحن معتقدون متدينون به ومنكرون لما خالفه، ولو وجد في كلماتنا بعض المتشابهات لزم المنصف المتدين ان يرده إلى محكم كلامنا الذي نصرح به، ولو بني على الحكم بالمتشابهات لزم الأخذ بمتشابهات الكتاب والسنة والحكم بمقتضاها أيضا وهو باطل إجماعا بل ضرورة.
و قال الحاج محمد الكرماني: نحن لا نريد في كل كلامنا واعتقادنا الا متابعة الأئمة الأطهار ولا نقول الا ما وصل إلينا من الأخبار والآثار.
قال الحاج محمد كريم الكرماني: عقائدنا عقائد الشيعة الاثني عشرية فما اتفقت عليه الشيعة الاثنا عشرية في اصول الدين نعتقد به وما أنكروه ننكره وإجماع الشيعة في الفروع والاصول عندنا حجة .

اختلافات بين الشيخية والصوفية:

لقد أدرك البروفسور "هنري كربين" ذلك الفرق الكبير في منهجية المعرفة والتحليل والاستنتاج العلميين بين المدرسة الشيخية والمدرسة الصوفية بل بينهم وبين سائر الفلاسفة الآخرين فقال: ليس البعد الكثير هو بين الشيخية وسائر المدارس الصوفية  الآخري فقط، بل بنفس البعد ـ كما هو ملاحظ ـ يبتعدون أيضا عن الصوفية، لان كتب الشيخية بالتمام والكمال مبتنية على تعاليم الأئمة الأطهار وجعلت بياناتهم ميزانا لهم..
والحقيقة أن من يقرأ في كتب الشيخ الاحسائي الفلسفية يتجلى له واضحا حرصه الشديد على نقض نظريات التصوف خصوصا نظرية "وحدة الوجود" والرد على اقطابه حتى انه وصف محيي الدين بن عربي بانه مميت الدين الاعرابي، لإيمانه بالحلول والرمزية 
قال في "الرسالة التوبلية" يعرف الصوفية ويشرح بعض طرقهم ويرد عليها ويفندها: اعلم ان هؤلاء كانوا يتكلمون في الحقائق التي عرفوها بعبارة تخالف الشرع ظاهرا وتنافي الإيمان بل الإسلام في اللفظ وكانت لهم طرق يخالفون فيها الشريعة: فمنها ان منهم من يترك العمل مدعيا بالوصول وان العمل يشغل من هو بين يدي الملك، ولا يعلم ان استحضار ذلك هو الذي بين يدي الملك وهو بالقلب، والعمل بالجوارح هي خدمتها للملك وكونها بين يديه وكذلك الحركات والبصر، فان العبادة والخدمة مقسمة على الجوارح والقلب واللسان والأعراض كالحركات وغيرها فأيها لم يقم بما كلف به لم يشكر.
ومنهم من يستمع الملاهي ويستمع الألحان المطربة مدعيًا أن النفس خُلقت من حركات الأفلاك ونفوسها فإذا سمعت هذه الأصوات والملاهي طربت وتذكرت أوطانها وأوطارها وأطوارها فانصرفت عن هذا العالم فصافحت الملائكة وصعدت إلى الملكوت وأدركت حظها، وجهلوا ما حققوا في مثل هذا المقام ان هذه الملاهي إنما حرمت لان النفس لا تتجاوز عنها بل تنتقل في حركات الملاهي ونغمات الغناء لما بينها وبين النفس من المناسبة، لان الغناء فضلات نفسانية عجزت النفس عن إبرازها في ألفاظ دالة فأخرجتها ألحانا، وكذلك الملاهي بجميع أصنافها فإنها تحكي الحان الأفلاك على ما قرر في الموسيقى، فلا تزال النفس مشتغلة بتلك الأصوات والنغمات تنتقل معها وتسير بها في كل مكان سحيق، فهي في الحقيقة اشد من الغفلة ولذا سماه الشارع ملاهي لان النفس في غير تلك قد تلتفت إلى أوطانها فتشاهد وقد تغفل، وأما في هذه الحال فهي محجوبة بالانتقال فايما حركة توجهت إليه لما بينهما من المناسبة فقبل أن تتوطن أتاها مناسب آخر نقلها عن الأول هكذا، فلا تزال تلعب بها الريح وتتخطفها الأطيار ليس لها تصرف في نفسها، فهي في الحقيقة أبدا غريبة ما دامت في تلك الحال قد غربت عن الأوطان وشردها عن مساكنها الشيطان، ولهم كلام ما أشبهه بالحق لأنهم مزجوا حقا بباطل "وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفـترون". ومنهم من حصر المدلولات الشرعية على الامور الباطنية في الإنسان وقالوا إنما أراد الشارع هذا الذي عندنا وليس شيء سواه

أبرز رموزها:

السيد كاظم الرشتي:
هو السيد كاظم بن السيد قاسم بن السيد احمد بن السيد حبيب الحسيني، وكان السيد حبيب من أشراف السادات الحسينية ورؤساء أهل المدينة المنورة، .وقد اقر له بالعلم والفضل جمع من علماء عصره منهم: - السيد علي الطباطبائي صاحب كتاب الرياض.و الشيخ خلف بن عسكر.والسيد عبد الله شبر صاحب كتاب فقه الإمامية والتفسير.
محمد كريم الكرماني:
ولد سنة 1225 هـ وتوفي سنة 1288 هـ في قرية " ته رود" على ثلاثة مراحل من كرمان في طريق سفره إلى كربلاء للزيارة فوافاه الأجل هناك وحمل جسده إلى "لنكر" واودع هناك ثم نقل بعد سنة وستة أشهر إلى كربلاء ودفن بجوار قبر استاذه السيد كاظم الرشتي في الرواق المتصل بقبور الشهداء مما يلي رجلي الإمام الحسين .
خلف الحاج محمد كريم الكرماني من النتاج العلمي والفكري تراثا ضخما ضمن (286) عنوانا يشتمل على (255) رسالة و(21) فائدة و(9) وصايا ومقالة واحدة و(253) موعظة و(3) واردات و(32) عائدة وخطبة واحدة. في مختلف العلوم كالفلسفة والعقيدة والسلوك إلى الله والتفسير والأخبار واصول الفقه والطب والطبيعيات (كالفلك والرياضيات) والكيمياء والعلوم الغريبة (كالرمل والخيوط والحصيات والاعداد وتعبير الرؤيا) والعلوم الادبية (كالصرف والنحو والاملاء واداب الكتابة).
ويرى بعض المحققين ان الحاج محمد كريم الكرماني أول من تصدى للإصلاح الاجتماعي والتجديد في إيران، وانه سبق السيد جمال الدين المعروف بالأفغاني والشيخ هادي النجم ابادي في آرائه وأفكاره، فقد ألف قبلهما كتابا باسم السلطان ناصر الدين شاه القاجاري سماه بـ "الناصرية" ـ طبع يوم ذاك في بمبي بالهند ـ وقد طالب فيه بالإصلاح والتجديد، ودل الشعب على طرق النهضة بالبلاد، وكيف يجب أن يكونوا مجددين مصلحين، .
محمد بن محمد كريم الكرماني:
ولد سنة 1263 هـ وتوفي في قرية لنكر على سبعة فراسخ من كرمان سنة 1324 هـ وحمل إلى كربلاء ودفن مجاور قبر أبيه والسيد كاظم مما يلي الشهداء ورجلي الإمام الحسين .
وقد خلف من النتاج العلمي (216) عنوانا يشتمل على (179) رسالة و(11) واردة و(13) فائدة و(5) وصايا و(2096) درسا و(1923) موعظة.
زين العابدين بن محمد كريم الكرماني:
ولد سنة 1276 هـ وتوفي سنة 1360 هـ وحمل إلى كربلاء المقدسة ودفن في رواق أنصار الإمام الحسين (ع) مجاورا لمرقد السيد كاظم الرشتي وأبيه وأخيه. وخلّف من النتاج العلمي (157) عنوانا يشتمل على (139) رسالة و(12) فائدة ورقيمتين ومقالتين و(142) درسا و(293) موعظة.
وبعد رحيل الحاج زين العابدين الكرماني قلدت الشيخية في امور دينها ابنه الحاج أبا القاسم الإبراهيمي، وبعده ابنه الحاج عبد الرضا الإبراهيمي، ولما اغتيل في كرمان قلدت الشيخية السيد علي السيد عبد الله الموسوي والذي توفي اليوم

موقف الإمامية من الشيخية:

تضاربت مواقف أئمة وعلماء الشيعة الاثني عشرية حول فرقة الشيخية, فبينما أضفى بعضهم على الإحسائي ألقاب التعظيم والتبجيل ونسبه إلى العلم والمعرفة, اتهمهم البعض الآخر بالخروج عن منهج الاثني عشرية, وخاصة بعد وراثة الرشتي للأحسائي ومزايدته على شيخه الإحسائي بالغلو والتطرف.
فقد ذكر محمد حسين آل كاشف الغطاء ترجمة للإحسائي قال فيها كان في أوائل القرن الثالث عشر وحضر على السيد بحر العلوم وكاشف الغطاء، وله منهما إجازة تدل على مقامه عندهم وعند سائر علماء ذلك العصر، والحق أن العارف الشهير الشيخ أحمد الأحسائي رجل من أكابر علماء الإمامية وعرفائهم.
وكان على غاية الورع والزهد والاجتهاد في العبادة كما سمعناه ممن نثق به ممن عاصره ورآه، نعم له كلمات في مؤلفاته مجملة متشابهة... ثم حاول تأويل ذلك.
بينما نجد جماعة من علماء الإمامية ذهبوا إلى أن الأحسائي كان فاسد العقيدة منحرفا، أوجد طريقة في مذهب الشيعة الاثني عشر، والتي سميت فيما بعد بالشيخية، وقد ردوا عليه بكتب معروفة متداولة منها:  كتاب (ظهور الحقيقة على فرقة الشيخية) لمحمد مهدي الكاظمي، وكتاب (رسالة الشيخية والبابية) لمحمد مهدي الخالصي.و في استفتاء قدم للسيد السيستاني حول الصلاة خلف إمام جماعة شيخي، أجاب: (العبرة في إمام الجماعة بالوثاقة بصحة القراءة والعدالة وفي مثل المفروض إن لم يحرز تقصيره في انتخاب غير الطريق الذي يعينه المجتهد الأعلم حجة فلا مانع من الصلاة خلفه) ولم يخرج الشيخ محمد السند الشيخية من الاثني عشرية, وقلل من مسائل الخلاف بينهما إلى حد جعلها في مسألة الباب إلى المهدي فقط.
بينما سئل فاضل اللنكراني عن حكم عقائد الشيخية شرعا وهل هم يختلفون عن عقائد الطائفة المحقة الإمامية؟؟ وهل يجوز تقليدهم والصلاة خلفهم أو تقبل شهادتهم؟ فأجاب: هم يختلفون عن عقائد الفرقة المحقة، وتقليدهم غير جائز وغير مبرئ للذمة، ولا يجوز الصلاة خلفهم ولا تقبل شهادتهم، وتعد هذه الفرقة فرقة ضالة يجب الاجتناب عنها وتحذير الناس والمؤمنين منه.

نقض أفكار الشيخية: موقف أهل السنة:

قدم  مركز تأصيل للبحوث والدراسات وهو مركز سني يقوم على نقد المذاهب بالسند الشرعي نقضا للشيخية جاء فيه 
بما أن الشيخية فرقة منبثقة عن الإمامية الشيعية فإن مجمل تلك العقائد مشتركة, كالإمامة والمهدي المنتظر والغيبة والرجعة والعصمة للأئمة وغير ذلك, إضافة إلى أنهم مذهب إخباري يعتقد بصحة كل ما جاء في الكتب الأربعة الأولى للشيعة (الكافي ومن لا يحضره الفقيه وتهذيب الأحكام والاستبصار), وإضافة لكل ما سبق  انفردت الشيخية بالأفكار والمعتقدات التالية:
1- الغلو الشديد بأهل البيت الأئمة والمعصومين الأربعة عشر هم (وهم النبي صلى الله عليه وسلم وفاطمة وأئمتهم الاثني عشر) فقد جعلهم الإحسائي علة تكوين العالم وسبب وجوده, وهم الذين يخلقون ويرزقون ويحيون ويميتون, بدعوى أن الله العزيز قد تكرم عن مباشرة هذه الأمور بنفسه وأوكلها إلى المعصومين, حيث جعلهم أسبابا ووسائط لأفعاله, فهم –كما يعتقد الشيخية- مظاهر لأفعال الله.
وقد جاء في كلام الإحسائي: (إن الله حصر شؤونه في أهل البيت عليهم السلام وحصر حاجات خلقه عندهم) وهم ( أي الأئمة ) العلل الأربع للمخلوقات ) و ( أنهم مسميات أسماء الله ) (1)
2-  يؤمنون بفكرة وجود الجسد (الهورقليائي- الأثيري) للإنسان الى جانب الجسد (الصوري- المادي)، وينكرون المعاد الجسماني, وللإحسائي في كتابه (شرح الزيارة الجامعة ) أقوال صريحة في ذلك، وكلها تشير إلى روحانية المعاد، وتنفي أن يكون المعاد هو الجسم المادي المحسوس.(2)
3-  يعتقدون أن الجسد الروحاني هو الذي عرج به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء، وأن هذا الجسد هو الذي يعيش به الإمام المهدي في غيبته منذ منتصف القرن الثالث الهجري، وهو سر بقائه على قيد الحياة كل هذه المدة.
4-  يعتقدون بنظرية (الكشف) المشابهة لنظريات بعض الصوفية ،حيث يقول الإحسائي: أن الإنسان إذا صفت نفسه وتخلص من أكدار الدنيا يستطيع أن يتصل بأحد الأئمة من أهل البيت عن طريق الكشف والأحلام, فيوحي له الإمام بالعلم الغزير, وتكشف له الحجب, وادّعى الإحسائي أنه حصل على العلم بهذه الطريقة الكشفية.
5-  الاعتقاد بوجود نائب خاص للمهدي المنتظر في عصر الغيبة الكبرى, ومن المعلوم أن النائب كان موجودا في عقائد الشيعة عامة في الغيبة الصغرى لا الكبرى, وقد استند البابية والبهائية في بدعتهم الضالة على فكرة النائب الخاص, ثم وصل إلى ادعاء أنه المهدي المنتظر.
6-  التبشير الدائم بقرب ظهور المهدي, وكان الإحسائي يقول للناس في كل قرية يمر بها أن الإمام الغائب على وشك الظهور, وأنهم يجب أن يكونوا على أهبة الاستعداد لنصرته, وكان يقول لهم: إن الإمام الغائب حين يظهر سوف يبدل الكثير من العقائد والتعاليم الإسلامية الموجودة.
7-  وقد نقل د. ناصر القفاري عن الألوسي رحمه الله قوله عن الإحسائي وأتباعه: (ترشح كلماتهم بأنهم يعتقدون في أمير المؤمنين علي على نحو ما يعتقده الفلاسفة في العقل الأول, كما نسب إليهم القول بالحلول, وتأليه الأئمة, وإنكار المعاد الجسماني, وأن من أصول الدين الاعتقاد بالرجل الكامل وهو المتمثل في شخصه).
8- يعتقد الشيخية بأن اللوح المحفوظ هو قلب الإمام المحيط بكل السموات وكل الأرضين, كما يعتقدون بالتناسخ حيث كان شيخهم الإحسائي يزعم للناس أن المهدي يحل في أي رجل كان فيكون له صفة الباب، وأن روح المهدي حلت فيه هو فصار هو الباب إلى المهدي.

أماكن التواجد:

يتواجد الشيخية في الكويت والأحساء وكرمان وتبريز والبصرة، ويشكل الشيخية أقلية دينية كبيرة في مدينة البصرة ولهم أحد أكبر المساجد فيها.





شارك