الإخوان المسلمون في قطر (الملجأ والدعم .. لإخوان العالم)

الجمعة 20/يونيو/2014 - 09:13 ص
طباعة
 

مدخل

وفرت قطر على مدار العشرين أو الثلاثين عامًا الماضية، وطنًا للكثيرين من الذين اضطروا للفرار من بلادهم، مثل ليبيا وتونس، وجاء هؤلاء دائما من خلفيات إسلامية، ولهذه الدولة علاقة متجذرة بالإخوان المسلمين، حيث شكلت خلال المرحلة الماضية محطة مهمة لرموز الإخوان في العالم الإسلامي وهو ما يتناقض مع ما قامت به من قبل، من حل التنظيم والعمل فقط في مجال التربية والدعوة. 

التاريخ والنشأة

ترتبط نشأة الإخوان في قطر بنشوء الحركة الإسلامية بها، والتي تأثرت في مرحلة مبكرة بكتابات سيد قطب وفتحي يكن وغيرهما من الإخوان، وشهدت قطر تواجدا مكثفاً للإخوان المسلمين من خلال ثلاث موجات رئيسية، تمثلت فيما يلي: 
الموجة الأولى "مصر"
وصلت موجة الإخوان الأولى من مصر عام 1954 عقب المواجهة بين تنظيم الإخوان المسلمين في مصر والرئيس جمال عبد الناصر، وكان على رأسهم يوسف القرضاوي، عبد المعز عبد الستار، أحمد العسّال، كمال ناجي وعبد البديع صقر وغيرهم.

الموجة الثانية "سوريا"
قدمت من سوريا في سنة 1982 بعد أن قامت بمواجهة حافظ الأسد، ودخلت في صدام معه انتهى بمذبحة حماه. 

الموجة الثالثة "السعودية"
وصلت هذه الموجة إلى قطر في أعقاب أحداث 11 سبتمبر، قادمة من المملكة العربية السعودية، وكانت بعد حل التنظيم عام 1999، وعقب قدوم الإخوان إلى قطر قاموا مباشرة بنشر أفكار الجماعة من خلال إلقاء الدروس والحلقات في المساجد، بالإضافة إلى المحاضرات العامّة وصياغة المناهج التربوية والتعليمية في البلاد واختيار أعضاء هيئات التدريس في كل المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، بدعم من حاكم قطر في ذلك الوقت الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، الذي كان ميّالا إلى الثقة بهذه المجموعة من الإخوان، بعد أن وجد أنهم كانوا حريصين على العمل الفردي العضوي؛ حتى لا تثار الشكوك حولهم؛ ولذلك ركّز هؤلاء الإخوان، وأسهموا في تأسيس وزارة التربية والتعليم، وكذلك معهد الدراسات الدينية، واندمج بعضهم في مشروع فكري وصحفي كبير تمثل في مجلة "الأمة القطرية" التي صدر منها (72) عدداً حتى توقفها، ولعبت العلاقات الشخصية والمبادرات الفردية دورا كبيرا في نشأة التنظيم الإخواني في الإمارة الوليدة. 

وشكل الامتداد الإخواني في قطر في مراحله الأولى شكل الانتشار الفكري، حيث عاشت قطر خلال الفترة من 1960 إلى 1980 مرحلة نشطة من التلقّي الفكري الإسلامي، ومما ساعد الإخوان على الانتشار أن طريقة التربية عندهم تأخذ أشكالاً تناسب كثيراً الطبيعة البدوية في الجزيرة العربية، ومنها قطر من حيث شكل الرحلة والمخيّم والمعسكر وغير ذلك. 
كانت هذه الأنشطة تتم في البداية بشكل عفوي دون (تنظيم) وكان رموز الإخوان آنذاك القادمين من مصر يدعون إلى هذه المخيمات والرحلات، وتكون لهم أحاديث ودروس شكلت آثارها البالغة على الشباب في قطر.
ومع مرور الوقت بدأ هؤلاء الشباب يشعرون بألفة فئوية ورفقة سيكولوجية لم يكونوا يشعرون بها من قبل، ومع تأثرهم بكتابات سيد قطب وفتحي يكن وغيرهما، واحتكاكهم المباشر بالفارين من الإخوان بدءوا يشعرون أنهم أصبحوا إخوانا، ولكن بدون صراع مع الدولة في قطر، وأصرّت هذه المجموعة الصغيرة التي لا تتعدى 100 من شباب قطر في عام 1975 على ضرورة اختيار (مسئول) للإشراف على هذه الأنشطة المتمثلة في "التربية، والترويح، والاحتفال".
بعد قدوم بعض الخريجين الجُدد من الخارج 1980 ـ 1981 وانضموا إلى الإخوان في قطر- قاموا بدراسة جدوى التنظيم، وانتهت إلى حل التنظيم عام 1999.
ويرجع الدكتور عبد الله النفيسي أستاذ العلوم السياسية والمفكر الإسلامي الخليجي حل جماعة الإخوان المسلمين في قطر إلى أنها أصبحت عبئا على الحالة الإسلامية والحالة السياسية العربية بشكل عام، وأن التجربة القطرية في حل الجماعة كانت رائدة في هذا المجال.
 ويتابع قائلا: "عندما قرر تنظيم الإخوان في قطر دراسة حالة للتجربة، وتقييم مدى الحاجة لوجود تنظيم إخواني، انتهت الدراسة التي لم تنشر حتى الآن إلى حل التنظيم في العام 1999، والتحول إلى تيار فكري إسلامي عام يخدم القضايا التربوية والفكرية في عموم المجتمع". 
وقال النفيسي: "سألت أحد القائمين المهّمين بهذه الدراسة بجزئيها: الآن وبعد هذه السنين ما رأيك بالإخوان في مصر؟ قال: لقد تحول الإخوان إلى إسفنجة تمتص كل الطاقات وتجمّدها، إنهم حيثما كانوا يسهمون في تجميد الحالة ،وذلك يخدم في المحصول النهائي النظام أينما كان، إنهم يقومون بدور وظيفي لصالح الدولة هناك دون أن يشعروا". 
وبسؤال آخر نفس السؤال قال: "الإشكال الأساسي عند الإخوان في مصر هو فقدان البوصلة، وإنهم مشغولون بالفعل اليومي والصراع على النقابات والأندية والاتحادات الطلابية والسيطرة على المساجد، وينسون في غمرة كل ذلك التوّجه الإستراتيجي والفكر المنهجي بعيد المدى، وإذا كان الإخوان في مصر يمثلون (القلب) بالنسبة لتنظيم الإخوان العالمي، فإن علاقة ذلك القلب بـ (الأطراف)ـ تنظيمات الإخوان في البلاد العربيةـ علاقة ضعيفة وسطحية للغاية، ولا تقوم على اتصال عضوي أو حي أو مستمر، والقلب لا يستطيع أن يعيش وحده في أي جسم كان، فهو في نهاية الأمر يحتاج لحركة الأطراف، فوظيفته في النهاية ضخّ الدماء لهذه الأطراف، ثم إن الإخوان في مصر يعيشون في ظل نظام فكري دوجماني، ويريدون إسقاط هذه الدوغماتية على الجميع خارج مصر وهذا أمر غير مقبول ولا معقول، وهذا أدّى إلى تحوّل الجماعة إلى عامل طرد أكثر من عامل جذب للعقول المتميزة".
ويتابع: "إننا في الجزيرة العربية لسنا في حاجة لاستنساخ التجربة في مصر (أي تجربة الإخوان)، إذ أن الظروف الموضوعية في مصر ربما برّرت نشوء وقيام (جماعة الإخوان) في وقتها 1928م، لكن مصر في وضعها الحالي 2006 ليست في حاجة لهذا الشكل أو هذا الإطار من التحرك، فنحن في حاجة إلى قلب (مرجعية) ذات صدقية وليس على (تنظيم) في حاجة إلى (قلب مرجعي)- كما أسماه- مشبّع بالعلم الشرعي الإسلامي، وإضافة إلى ذلك بالفكر الإستراتيجي وفهم الواقع المحلّي والإقليمي والعالمي، والتسلّح بأدوات الفحص المنهجي السليم المناسبة للعصر وظروفه وملابساته". 
ويشدد على أنه لو توفر هذا القلب المرجعي (قد يكون فردا أو مجموعة من الأفراد)، ولو توفرت له (المراكز) و(المؤسسات) لاستطاع هذا القلب أن يشِعّ ما هو مطلوب من التوجيه المناسب لحركة المجتمع في الجزيرة العربية وفق ما تقتضيه الشريعة الإسلامية السمحاء، دون ولوج تجربة التنظيم السياسية وتفريعاتها المؤلمة، التي شهدها أكثر من قُطر عربي وإسلامي والتي تثير حساسية مُفرطة لدى دولنا ونُخبنا الحاكمة. 
ويؤكد على أن أكثر ما يميّز التجربة الإخوانية القطرية أنها لم تكن عادية؛ إذ لم تتحكم بها العاطفة الإسلامية أو اليوتوبيا السياسية، ولم تتحكم بها لوائح تنفيذية أو قوانين أو رسميات كشأن تجربة الإخوان في الإمارات أو الكويت، أو ربّما إلى حدّ ما تجارب الإخوان في المملكة العربية السعودية أو سلطنة عمان والبحرين.. القطريون يرون أن اللوائح والقوانين والرسميات تعيق النمو الطبيعي العفوي للجماعات. 
وفي ظنّي لو أنّ مَسَار (الجماعة) في قطر تأسّس على لوائح ورسميات، كشأن باقي تجارب الإخوان في الجزيرة العربية - لما وصل حوارهم الداخلي الناشط إلى ما وصل إليه عام 1999 بحل التنظيم.
واعتبر النفيسي أن المرحلة التاريخية التي نشأت في ظلها جماعة الإخوان المسلمين قديما لم تعد قائمة الآن، حتى في مصر، وأضاف قائلا: إن الظروف الموضوعية في مصر ربما بررّت نشوء وقيام (جماعة الإخوان في وقتها 1928) لكن مصر في وضعها الحالي ليست في حاجة لهذا الشكل أو هذا الإطار من التحرك. 
ودعا الإخوان وغيرهم من الحركات الإسلامية إلى الابتعاد عن فكرة "التنظيم"، حتى لو كان حزبًا سياسيًا، وأن فكرة "التيار" هي الأقرب إلى الحالة الإسلامية؛ لأنّ صيغة (الحزب) أصبحت تتآكل في المجتمعات المتقدمة سياسياً، ويحل محلّها فكرة (التيار)، والفرق بينهما أن الحزب عبارة عن مجموعة من الأفراد تتفق على منظومة من الأفكار تعتبرها صالحة كبرنامج للحكم الذي يسعى له الحزب، بينما التيار هو مجموعة من الأفراد ومن ذوي مشارب مختلفة، يتفقون في الرأي حول قضية معينة في مرحلة معّينة دون أن يدفعهم ذلك إلى اعتبار هذا الاتفاق صالح كبرنامج للحكم أو السعي له.
  واللاّفت للنظر أن القطريين نصحوا الإخوان في الإمارات أكثر من مّرة أن يتخلّوا عن فكرة (التنظيم)، لأن تبعات التمسك بها كانت خطيرة وثقيلة، ولأن الأهداف العامة للتحرك قابلة وممكنة التحقيق دون الحاجة إلى (تنظيم) رسمي يُحرك حساسية الدولة وقد يدفعها إلى القمع المباشر، كما حدث ويحدث في بعض الأقطار العربية ومنها الأقطار الخليجية.
 وشدد على أن فكرة (التنظيم) هي ذاتها فكرة (الحزب)، وهي تقوم أساسًا على عامل رئيسي وهو عامل السيطرة على العضو، بينما لا يشكل ذلك عاملاً أساسياً في (التيار)، بل إن فكرة التيار تمجّ عامل السيطرة وربما ترفضه كلياً في بعض البلدان المتقدمة سياسياً، مثل أوروبا الغربية، وأن خطورة عامل السيطرة أنه يحّرض على العَسْكَرة التنظيمية وهي عسكرة ربما تجعل بعض الأحزاب تقوم بمغامرات غير محسوبة في عالم الصّراع على الحكم.
وأكد المفكر القطري جاسم محمد سلطان، منظر مراجعات الإخوان في قطر، على أن حصيلة المراجعات التي أجراها من خلال تجربته مع تنظيم الإخوان المسلمين في قطر متاحة، وأن نقد تجربته معهم موزعة في 12 حلقة كتبها في مراجعة الحركة الإسلامية، مؤكداً أنه تجنب "فش الغل" والنقد المباشر، وأنه مستمر في الكتابة في جوانب متعددة من المشروع الإسلامي.
وأرجع سبب حل تنظيم الإخوان المسلمين في قطر إلى أن الدولة تقوم بواجباتها الدينية، ومن ثم لم تكن هناك جدوى من وجود التنظيم، كما أن "إسقاط الدولة" لم يكن ضمن أهدافه، وأن الجزيرة العربية مسكونة بسلطة القديم وسطوة الآباء، مذكراً بأن القرآن الكريم لم يلغ القديم أقدمه، بل ألغى القديم الذي لا يقوم عليه دليل، مطالباً باستخدام العقل في حل القضايا العلمية والدينية.

حل التنظيم

بعد خمس سنوات من تشكيل التنظيم الجديد البسيط شكلاً ومضموناً جاء بعض الخريجين الجُدد من الخارج 1980 ـ 1981 وانضموا إلى هذه المجموعة وبدأت تُطرح الأسئلة الجدّية داخل المجموعة: من نحن؟ وإلى أين نسير؟ وهل هناك مشروع نحمله ونتحمّل حمله؟ هل هذا ما نريد؟ ما هي مصلحة المجتمع القطري في كل ذلك؟ هل لفكرة (الدوجما) الحزبية تبعات في المستقبل؟ هل هذا الثوب مناسب ارتداؤه في قطر؟
 والملفت للنظر أن المجموعة تعاملت مع هذه التساؤلات بكل رصانة وجدّية وحزم، وقررت تفويض أفراد منها للقيام بدراسة هذه الأسئلة دراسة تفصيلية واستحضار فكر المؤسس "حسن البنا"، وتنزيل هذا الفكر على تجربة الإخوان في مصر، وتجارب الإخوان خارج مصر. وفعلاً استغرقت دراسة الأسئلة والإجابة عليها وتنزيل فكر المؤسّس البنا على تجربة الإخوان في مصر وخارجها عدّة سنوات، انتهت الدراسة في عام 1991 تقريباً وخلصت الدراسةـ وخاصة في قسمها الثاني الذي لم يُنشر بعد- إلى أن (فكر) البنّا لم يحدّد بدقة من (الدولة): المشاكل الداخلية للدولةـ الحكومةـ الإدارةـ الاقتصادـ الأمن ـ نظرية العلاقات الدولية والتعليم. 
واتبعت الورقةـ في الجزء الذي لم ينشرـ والتي وضعها القطريون نظاماً صارماً في الإجابة على الأسئلة، ودرسوا المنظمة من حيث الهيكل والقيادة والثقافة السائدة في المنظمة وإدارة المنظمة. كما درسوا الموارد البشرية ونظم الاتصال والتعاون البيني داخل المنظمة والجمهور المخاطب ومجال التنافس داخل المنظمة وتكاليف الصراع الذي تحركه المنظمة، أي هل لديها استعداد لدفع التكاليف؟ كما درسوا المنظمة من جهة التخطيط ،هل هناك خطة فعلية ليسترشد بها الإخوان في مصر وخطة قائمة فعلاً؟ فكم حقق منها الإخوان؟ وكم بقي على تحقيق الهدف النهائي؟ 
أسئلة كثيرة ومهمة وجديرة بالتأمل، خاصة لأنها تناقش واقع صحراء الجزيرة العربية وسكينتها التاريخية، ونشر القطريون الجزء الأول من دراستهم (فكر البنا)، لكنهم لم ينشروا الجزء الثاني من دراستهم (منظمة الإخوان)، وهو الجزء الأهم؛ نظراً لما فيه من تشريح عملي وموضوعي صارم لأوضاع المنظمة لم تعتد عليه في تاريخها الطويل منذ النشأة عام 1928م في الإسماعيلية، وبعد كل هذا الجهد المبذول في الدراسة وصل الإخوان إلى قناعة فكرية بعدم جدوى التنظيم، وتوصلوا، إلى قرار نهائي عام 1999 بحل التنظيم، وتم تبليغ ذلك إلى الإخوان المسلمين في مصر وكذلك (التنظيم الدولي).
لقد أظهر الإخوان القطريون تنبؤا مبكرا اختصر عليهم كثيراً من المشاكل التي يمرّ بها إخوانهم في أقطار أخرى من الجزيرة العربية مثل الإمارت العربية المتحدة وسلطنة عمان .
وتم تفويض مجموعة منهم بدراسة الأسئلة والإشكالات، وتم استحضار فكر حسن البنا وتجربته وتقييمها داخل مصر وخارجها، وتكونت الدراسة من جزءين، ودرس الإخوان القطريون فيها جدوى وجودهم كمنظمة تحت اسم "منظمة الإخوان"، وتضمنت تشريحاً فكرياً وتنظيمياً للإخوان من حيث الهيكل، ونظم الاتصال، والتعاون البيني، والقيادة، والثقافة السائدة داخل المنظمة، والجمهور المخاطب من حيث طبيعته وطبيعة الخطاب الموجه له، وتكاليف الصراع الذي دخلته، وهل يمتلك الإخوان خطة فعلية يتحركون على هديها ويسترشدون بمراحلها؟ 
يشير الباحث مصطفى عاشور في دراسته «تجربة الإخوان المسلمين في قطر» إلى أن الوجود الإخواني في قطر عرف ثلاث فترات، وأن حل التنظيم من النقاط المعتمة في تاريخ التيارات الإخوانية في الوطن العربية، وهذا لا يعني فقط غياب المعلومات، فهذا من صنوف النقصان التي يمكن تسديدها، ولكن عتمة الفكرة تحيل إلى التباس ماكر: كيف يغيبُ تيار ديني بحجم جماعة الإخوان عن بلد عرف لدى الجميع بدعم الجماعة؟ أي لماذا يغيب الإخوان عن فضاء يدعمهم ويسندهم ويرعاهم؟ ألم يكن حريا بدولة قطر أن تبدأ بنفسها وتؤسس فرعا إخوانيا على أراضيها، ومنها «تنشر» أفكاره نحو سائر بلاد الأرض؟
واعتبر أن تجربة الإخوان المسلمين في قطر تعتبر من التجارب الفريدة في سياق حركة الإخوان المسلمين منذ نشأت في الإسماعيلية عام 1928. تجربة تستقي فرادتها من ملامح عديدة أولها إعلان إخوان قطر حلّ تنظيمهم عام 1999، والتحول إلى تيار داخل المجتمع القطري والتخلص من ربقة الضغط التنظيمي، ولم يأت هذا القرار إثر صدام أو اختلاف مع النظام الحاكم في قطر أو جاء على خلفية أزمة داخل التنظيم، كما عاشته بعض التيارات الإخوانية الأخرى، ولكنه جاء «إدراكًا لطبيعة وخصوصية الواقع الخليجي والقطري تحديدا»، أما ثاني الملامح فيكمنُ في المسار الذي عاشته التجربة وخصوصياتها. 
وأشار الدكتور جاسم سلطان- صاحب قرار حل التنظيم- إلى أن التنظيم الإخواني لم يعمر في قطر طويلا، فبين التأسيس (1975) وقرار الحلّ (1999) لم تعرف الجماعة صدامات مع السلطة على شاكلة ما عرفته بعض التنظيمات الإخوانية الأخرى (الفرعان المصري والسوري مثالًا)، ومع ذلك سارعت إلى إصدار قرار حل نفسها، بعد أن أجرت ما قيل إنه «قراءات» في الواقع والتنظيم، لكن في القرار مفارقات عديدة، فالقرار الذي أحيط بتشجيع رسمي وبامتعاض إخواني خارجي في البداية - تزامن مع بدء دولة قطر لحملة دعم واسعة ومحمومة، أحيانًا للتنظيمات الإخوانية المبثوثة في كل أنحاء العالم، وكان الدعم ماليًا وإعلاميًا، مع فتح كل منابر قناة الجزيرة لقادة الإخوان، وما يعزز المفارقة أن عرّاب مراجعات إخوان قطر وأحد رموزها جاسم سلطان، قال مبررًا قرار الحلّ "في التجربة الخاصة بنا وجدنا أن الدولة لا تحتاج إلى هذا النمط من التنظيم، والمجتمع لا يحتاج لهذا النمط، وهذا أمر غير معمم في كل المجتمعات، فكل مجتمع له ظروفه".
واختتم حديثه بقوله أن ميلاد تنظيم الإخوان في قطر كان طبيعيًا بالنظر للسياق التاريخي والسياسي الذي فرضه وأنتجه، لكن قرار حله وما رافقه من تبريرات كان قرارًا سياسيًا، أو اتفاقًا بين السلطة والتنظيم، ويعزز هذا التصور مجموعة من القرائن أولها مواصلة دولة قطر تبني ودعم وإسناد كل الجماعات الإخوانية، وأيضا نزوع قطري معتاد ومعروف بالنظر خارجًا، حيث تنتصب «منصتها الإعلامية» قناة الجزيرة لتغطي وتبث كل الفعاليات التي تحدث في شتى زوايا العالم، ما عدا قطر التي تحتضن المقر الرسمي، وهذا النزوع القطري لا يقتصر فقط على البعد الإعلامي بل يشمل أيضا المسائل السياسية والحقوقية والرياضية. 
وتابع: عندما تبينَ لدولة قطر أن لا حاجة ولا جدوى من وجود تنظيم إخواني على أرضها، تمّ حل التنظيم بقرار قيل إنه داخليّ وناتج عن مراجعات، ولكن ذلك كان تدشينًا لمرحلة جديدة غريبة قوامها: ندعم الإخوان المسلمين في الدنيا، أما عندنا فرداء الجماعة لا يناسبنا، لارتفاع الحرارة أو لـ"غاية في نفس الأمير".
وارتبط قرار جماعة الإخوان في قطر بحل تنظيمهم، بالعديد من العوامل والمؤثرات الداخلية الخاصة بالمجتمع القطرى وبعد دراسة اعتمدت على طرح تساؤلاتهم وإشكالاتهم بجدية ووضوح وعلمية.
وجاء حل التنظيم اعتمادًا على الأسباب الآتية: 
1- أن المجتمع القطري محافظ ومتدين بطبعه وبالتالي لامجال لميزة تنافسية للإخوان داخله، في إطار لعبة الصراع السياسي 
2- الوفرة المادية، أدت إلى غياب السياسة بمعناها التنافسي والصراعي؟ وبالتالي يصبح وجود التنظيم تقمصًا لدور إخوانى ليس له محل في مثل المجتمع القطري.
3-استنساخ التجربة الإخوانية التنظيمية المصرية في مثل المجتمع القطري تصبح "حسب رأيهم "أمراً غير ذي جدوى
4- مجتمع الجزيرة العربية يعاني بطبيعته من خمول المجتمع المدني، وهو ما يشجع على فكرة التحول لتيار يقدم الخدمات المختلفة للجماهير دون أي لافتة تنظيمية واضحة أو مستترة.
5-إن قضية التنظيم الإخوانى دائما ما تصطدم بالمجتمع قبل الأنظمة في الخليج، وذلك للطبيعة التقليدية لهذه المجتمعات وما تعانيه من محدودية دور السياسة فيها، لذا.. فأي صيغة تنظيمية لابد لها من مبررات وأدوار ووظائف تلعبها، وجدوى من وجودها، وهذا ما يجعل المجتمعات الخليجية تسأل دائمًا: ما جدوى التنظيم؟ وبالتالي تصبح المؤسسة فاقدة الصلاحية في الحياة والاستمرار، ولا بد من إعلان وفاتها.
6- الرصيد الانتقامي التقليدي للقيادات الإخوانية القديمة في مصر من الاعتقال والسجون منذ بداية الجماعة لم يكن موجودًا في التنظيم القطري الحديث نسبيًا، والذي لم يتصادم مع النظام، بل كان تحت مظلته. 
7- الفارق المهم في حجم التنظيم ومساحة البلدين، حيث تتمكن أي قيادة إصلاحية في بلد مساحته محدودة كقطر من الوصول لجميع الكوادر بسهولة والتأثير فيها، وهذه أيضا ميزة للتنظيم القطري على كثير من التنظيمات الإخوانية في المنطقة، إذ جعلت التواصل بين الكوادر أكثر مرونة وأقل بيروقراطية لصناعة القرار والتأثير فيه.
 ويؤكد الدكتور رفيق حبيب، الخبير بشئون الحركات الإسلامية على أن التنظيم داخل جماعة الإخوان، لعب دورًا مهمًا، من حيث كونه الرافعة للفكرة الإسلامية، وكان مجسداً لها في الكثير من الأحيان، وأن مستقبل فكرة الجماعة مرتهن بمستقبل التنظيم
وأنه في فترة الانطلاق كانت الفكرة الإخوانية أكبر من التنظيم ولم يكن التنظيم حكرًا عليها، وهو ما حوّل فكر الإخوان إلى تيار عام في كثير من البلدان.

علاقة إخوان قطر بالجماعة الأم

تبدأ العلاقة دائمًا بين التنظيم الام لجماعة الإخوان المسلمين وتأسيس وتنظيم جديد وخاصة في العالم العربي عامة والخليج بشكل خاص، من خلال حرص حسن البنا على ربط قطاع التنظيم العالمي (متابعة الشؤون الخارجية) بقطاع من المعلمين والاستشاريين، يقدمون للحكام من فترة لأخرى، ويدعمهم التنظيم في مصر برحلاته وعلاقاته، وسرعان ما يتكون التنظيم بعد هجرة بعض القيادات التاريخية له، وتتكون التشكيلات بعد الاختلاط مع «بدول الخليج»، لتحدث البيعة وبالتالي الولاء، ثم السمع والطاعة.
وهذا ما حدث بدقة في قطر ففي عام 1961، وبعد ملابسات مختلفة، من اعتقال إلى إفراج مفاجئ، هاجر الشاب المصري حينها يوسف القرضاوي إلى قطر، ليشرف على المعهد الديني الثانوي ويطوره، ويسهم في الوسط الديني به، ويؤسس كلية الشريعة بجامعة قطر، وبالتزامن مع ذلك ينال الثقة، وتحولت قطر إلى محطة لرحلاته في دول الخليج، ولم يكن القرضاوي وحده، بل معه عبد المعز عبد الستار، والدكتور أحمد العسال، وعبد البديع صقر، فتولوا مهام الدعوة والدين، وكان حاكم قطر آنذاك الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني يوليهم الثقة
ويتحدث عبد الغفار حسين عن هذه الفترة قائلًا" لم يكن الطريق سهل المسالك أمام التوسع الإخواني وغيرهم من الجماعات في الخليج العربي غير المنسجمة مع التيار القومي، ولذلك لم تقم في هذه المناطق تجمعات إخوانية منظمة لها الحول والطول قبل السبعينات من القرن المنصرم.. ولكن بارقة الأمل لمع وميضها في قطر، حيث لجأ إليها أفراد من (الإخوان) أخرجوا من مصر أو خرجوا منها، فتبناهم حاكم قطر الأسبق الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني الذي اعتبر (الإخوان) سلفيين مسلمين اُضطُهدوا في ديارهم فلجأوا إلى بلده وعليه نصرتهم، وكان الشيخ علي أميرًا مسلمًا شديد التدين ويقرب إليه أهل العلم، ولم يكن منغمسًا في أمور السياسة خارج إطار بيئته البسيطة، وجاء إليه أفراد من الإخوان المسلمين بينهم رجلان لهما مكانتهما في جماعة الإخوان، وهما الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ عبد البديع صقر، ولعب هذا الأخير دورا قياديا نفع به (الإخوان)، وتولى الشيخ عبد البديع مركز المستشار لحاكم قطر ومديرا لدار الكتب القطرية التي تم تأسيسها في تلك السنين".
ويتابع "العجيب أن ممثلي الإنجليز الذين كان لهم وجود سياسي قوي في الخليج وفي الإمارات قبل عام 1968، كانوا يقفون موقف المتفرج بعين الرضا من نشاط (الإخوان) في هذه المناطق، ولعل ذلك يرجع إلى مناوأة (الإخوان) للراديكالية العربية وعلى رأسها الناصرية في مصر، حيث كانت مصالح الطرفين تلتقي عند هذه الحدود. 
وبينما كانت هذه المجموعة البسيطة في قطر تنظم نفسها وتنشئ نواة التنظيم بشكله التقليدي حسب الهيكل التنظيمي للنموذج الإخواني، كانت بعض القيادات الشابة تدرس في الخارج، وكان لها فيما بعد أثر كبير على مستقبل هذا التنظيم، أحد أبرز هذه الشخصيات طالب كان يدرس الطب في القاهرة منتصف السبعينيات، وهو جاسم سلطان، الذي أثر فكريًا على جماعة الإخوان في قطر.
جاء التكوين الفكري لجاسم سلطان وعلى خلاف التكوين التقليدي للكوادر الإخوانية الممزوج بخليط من الثقافة الإسلامية والاطلاع على العلوم الإنسانية، وقراءته الكتب الإخوانية التقليدية لسيد قطب وسعيد حوى وفتحي يكن وغيرهم من كتاب الإخوان، ويقول جاسم "حين كنت أدرس الطب كان اهتمامى كبيرًا بالعلوم الإنسانية والأدب، وربما هذه الاهتمامات الإنسانية كانت أكبر من اهتمامى بالطب، وساهم اطلاعى على الأفكار السياسية المختلفة في الساحة العربية في وعي بأهمية دراسة التراث الإنساني من الشرق والغرب، فبدأنا أكثر وعيًا بالاتجاه إلى قراءة توينبي، وهيغل ومفكري عصر النهضة والتنوير وتراثهم المتعلق بالنهضة والحراك الاجتماعي، ومع امتداد التحولات الكبرى باتجاه الصين، وآسيا بدأت أيضا بدراسة هذه التجارب".
وساهم وجود جاسم سلطان في مصر في منتصف السبعينيات وقت نشوء التيار الإسلامي ومن ثم التحامه بجماعة الإخوان والقيادات الشابة الجديدة بها، مثل المنعم أبو الفتوح وعصام العريان.
وحين عاد جاسم سلطان وكوادر أخرى بداية الثمانينيات من الدراسة في الخارج لقطر، واندمجوا في جماعة الإخوان المحلية اصطدموا بضيق أفق للقيادة في مصر، حيث إنها لم تكن حاملة لأي مشروع أو رؤية إصلاحية واضحة سوى الأدبيات الإخوانية العامة، وبدأت عملية المراجعة الداخلية واستمرت طيلة عقدي الثمانينيات والتسعينيات، ولم تستند تلك المراجعات لأي تراكم حقيقي لنقد داخلي في جماعة الإخوان، إذ يشير جاسم سلطان إلى أن الجماعة لم تصدر أي مراجعة أو نقد منذ عام 1949، عام وفاة حسن البنا، كانت أولى ثمرات هذه المراجعات، وهي إصدار دراسة من جزءين عام 1991، الجزء الأول نشر بعنوان «حول أساسيات المشروع الإسلامي لنهضة الأمة.. قراءة في فكر الإمام الشهيد حسن البنا» واللافت للنظر أنه صدر باسم الراحل عبد الحميد الغزالي (1937 – 2011) الذي كان عضو مجلس شورى الإخوان في مصر، ومسئولًا عن القسم السياسي قرابة ثماني سنوات، والمستشار السياسي للمرشد العام، وربما كان هذا التغييب للمؤلف الحقيقي للكتاب وتقديمه باسم قيادي مصري كبير، جزءًا من الجدل الذي دار بين التنظيم القطري والجماعة الأم في مصر في مسيرة هذه المراجعات وما آلت إليه. 
واستمر الجدل الداخلي في الجماعة القطرية، وانتهى في عام 1999م إلى قرار حاسم اتخذه مجلس شورى الجماعة بحل الجماعة لنفسها، واندماج أفرادها في مؤسسات المجتمع المدني القائمة وتكوين تيار إسلامي نهضوي بدل البقاء في هرمية تنظيمية، هذا القرار الذي أحدث جدلًا كبيرًا، اتخذ عبر قرار حر داخلي للجماعة، وتتويجا لمراجعات طويلة ونقد ذاتي عميق.
 رواية أخرى، يشير اليها عبد العزيز آل محمود إلى أن بعض القيادات تخوفت مما يحدث في المنطقة من ملاحقة لجماعات الإخوان، ورأى أن الأفضل تجنب المواجهة. وتشير رواية آل محمود وروايات إخوانية أخرى إلى أن قرار الحل تم اتخاذه في ظل رفض بعض القيادات في الجماعة، وذهب البعض
لمقابلة يوسف القرضاوي، الذي استاء من قرار جاسم سلطان ومن معه، وأعاد الرافضون بناء هيكلية الجماعة من جديد، بينما واصل من تبنى قرار الحل العمل كتيار عام لا تجمعه هيكلية تنظيمية هرمية. كانت رؤية الرافضين نابعة عن تمسك بالمنهج الإخواني التقليدي المتشبث بفكرة التنظيم. 
محمد حبيب (نائب مرشد الإخوان سابقًا)، علق على قرار حل جماعة إخوان قطر لنفسها قائلا: «التنظيم يحدد البوصلة والأصول حتى لا يتم فقدان الحركة والمنهج، وهذه الدعوة والتحول من تنظيم إلى تيار أثبت الواقع فشلها"، بينما رأت المجموعة التي دافعت عن قرار الحل والتحول إلي تيار أنه في الحالة التي كانوا فيها وجدوا أنه لا داعي لوجود التنظيم، أو أن المجتمع لا يحتاج لهذا النمط، وهذا أمر غير مُعمّم في كل المجتمعات؛ فكل مجتمع له ظروفه الخاصة
ويعلق جاسم سلطان عراب المراجعات قائلا على حل التنظيم "أن التيار تشكل طبيعي وفيه أفراد ومنظمات ومبادرات وأعمال تقوم بها جموع المجتمع ولبعضها خط ناظم فكري وليس تنظيميا محددا
 بينما فكرة التنظيم الشمولي هي وهم لأنها تشبه بالدولة وليس بأي دولة إنما بالدولة الشمولية التي سقطت بسبب شموليتها".
وتابع "من الحوار تتولد أجوبة أكثر صلابة تقود الأمة طورا بعد طور للأمام.. إن ما يبدو تناقضا وطرحا بديلا لشكل معين أو أشكال معينه للوهلة الأولى.. هو استئناف للتفكير والفعل في مسار النهضة الذي قصده الجميع، فالأساس الحرص على حيوية الأفكار وديمومة تجددها، وليس الحرص على الأشكال التي ربما تجاوزها الزمن دون أن نشعر".

علاقة إخوان قطر بالولايات المتحدة

دائما ما تتميز العلاقات الامريكية بالتوتر مع التيارات الجهادية في العلن ولكن في السر نجد علاقة وثيقة بينهم تجمعها المصالح والرغبة في الوصول إلى السلطة والاستيلاء عليها وعلى رأس هذه الجماعات تاتى جماعة الإخوان المسلمون وتنظيمها في الوطن العربى عامة والخليج خاصة وهذا ان دل فانما يدل على تفاهمات جعلت المصلحة العليا الامريكية تقتضى هذا الضغط وتتلاقى مع النهم والتلهف للسلطة لدى هذه الحركات. 
فعند  قبول الحزب الإسلامي العراقي (الإخوان المسلمون) المشاركة في العملية السياسية تحت الرعاية الأمريكية مخالفا لموقف أهل السنة وعموم الشارع العربي والإسلامي، ودخول الإخوان المسلمين السوريين في التحالف المعارض المدعوم أمريكيا لإسقاط النظام السوري، نجد عدم اعتراض قيادة التنظيم الدولي للإخوان أو تنظيماتهم القطرية على موقف الإخوان العراقيين ثم السوريين والتوجه الداخلى لهم في قطر الذي لا يتجاوز الإعلان عن رفض السياسات الأمريكية بالعراق والمنطقة دون أن يتحول إلى مقاومته على الأرض.
وهذا ما جعل إخوان قطر الأقرب في إمكانية مراجعة نظرتها؛ ومن ثم موقفها من أمريكا ومشروعها في العالم وأعتبار نفسها فاعل سياسي في ماراثون يعزز من مسلكها البرجماتى في التعامل مع الولايات المتحدة القطب الأوحد والأكثر تأثيرا في موازين القوى عالميا وفي منطقتنا العربية.
وقد تأثرت الحركات والتنظيمات الإسلامية بالأطروحات القطرية ودرجة استيعابها في منطق التجزئة وتحولها من الطرح الأممي الطامح لوحدة الأمة (باستعادة الخلافة الإسلامية) إلى طرح وطني قطري لا يرى -على الأرض- أبعد من حدود القطر الذي يصارع على سلطته حتى لو لم يصرح بذلك.
والنموذخ الإخوانى في قطر يطرح رؤية جديدة تتمثل في الانشغال بقضايا التدبير السياسي والمعيشي للتنظيم بعيدا عن قضايا الأمة محل الاتفاق والإجماع، مثل قضايا تحرير فلسطين والعراق وأفغانستان على سبيل المثال
ومن ثم يصبح الإخوان هم الأكثر قابلية للاقتراب من أمريكا والسعي للتفاهم معها في التفاصيل والقضايا الفرعية التي لا تتصل بشكل مباشر بمواجهة المشروع الأمريكي في المنطقة ولا تتطلب الاصطدام معه صراحة.
لتبدو التنظيمات الإخوانية القطرية التي ترتبط بالإخوان أو تنتمي إلى نفس مدرستها والتي قطعت شوطا واسعا في العمل الحزبي والتنافس على المجالس المحلية والبرلمانية أو التي دخلت تحالفات مع السلطة هي الأقرب إلى التفاهم والحوار مع الولايات المتحدة خاصة بعدما صارت أهم قوى المعارضة في بلدانها 
منظر الإخوان الاكبر الشيخ يوسف القرضاوي المقيم في قطر نصح الحركات الإسلامية في الدول العربية وعلى رأسها الإخوان بتبني نهج الاعتدال، متوقعا أن يتعامل الإسلاميون في الدول العربية التي يصلون فيها إلى الحكم بشكل عاقل وحكيم مع الغرب وإسرائيل
ويتابع "ستكون الدول التي تشهد الصحوة ويحكم فيها الإسلاميون عاقلة وحكيمة في تعاملها مع الغرب وإسرائيل، لكنها لن تقبل القمع".

موقف إخوان قطر من ثورتى 25يناير و30 يونيو

عقب قيام ثورة 25 يناير قام الإخوان بتنظيم أحتفالية كبيرة في نادي قطر الرياضي، وشهد الاحتفال عددًا من الفعاليات منها عقد معارض فنية مثل ركن الشهداء؛ وقام إخوان قطر بدعم انعقاد أولى جلسات مجلس الشعب المنحل الذى سيطرت عليه الاغلبية الإسلامية وأعتبروه معبرا عن إرادة حرة وعن آمال وتطلعات كل المصريين في الداخل والخارج.
وشدَّد الإخوان على أهمية تحقيق بقية مطالب الثورة ومنها القصاص العادل من كل الذين أفسدوا في الأرض وقتلوا الشباب الطاهر وخربوا مصر ونهبوا خيراتها.
وبالنسبة لثورة 30 يونيه يقول الدكتور جاسم السلطان، المفكر الإسلامي ومؤسس مشروع النهضة، ومنظر مراجعات الإخوان في قطر"إن أبرز الأسباب التي أدت إلى أحداث 30 يونيه، ومواضع اللبس في توصيفها بين كونها ثورة شعبية أو انقلابًا عسكريًا ألغى الشرعية المؤسسة على الانتخاب.
وأشار إلى أن توصيف 30 يونيه من الناحية العملية المباشرة سنقول إن هناك جيشًا أزال حاكمًا منتخبًا شعبيًا، ودستورًا مصوّتًا عليه شعبيًا، وأوقف مسيرة ديمقراطية.. لكن هذا يصح بهذا الإطلاق لو كنا نتكلم عن دول مثل أمريكا أو بريطانيا.. أما الوضع في مصر فهو لم يكن مستقرا بالأساس لأي من هذه الاتجاهات وكان لابد أن ينتج حالة مشوهة.. فقسم كبير من الجماهير خرج ليقول: نحن لا نريد هذه الصفقة التي تمت باسم الديمقراطية، وكل ما ترتب على هذه الصفقة باسم الديمقراطية نريد إلغاءه ونعود إلى الصفر ونشكل من جديد قواعد اللعبة، وهذا ما أدى إلى حركة "تمرد" وخروج ملايين من البشر، قد تختلف الناس في أعدادهم لكن المؤكد أنه عدد كبير، وشرع المجتمع يدخل في حالة استقطاب.. مليونيات عن اليمين ومليونيات عن الشمال، وبدأت الدولة نفسها بالتفكك.. فمنطقة مثل سيناء بدأت تخرج عن سيطرة الدولة بالكامل.. الفضاء العام في الدولة بدأ يخرج عن نطاق حالة الدولة إلى حالة الفوضى في غياب الشرطة وأجهزة الأمن، وانقطاع الكهرباء وأزمة الوقود، كما أن اقتصاد الدولة سارفي اتجاه خاطئ تماما.. هذه كلها تقول لنا عن المشهد المرتبك إنه نصف ديمقراطية ونصف ثورة، فلما حدثت كل هذه الإرباكات كان من المنطقي جدا أن ينتبه صانع القرار السياسي وهو رئيس الدولة والحزب الذي معه إلى أن هذا الوضع لا يمكن له أن يستمر وأن ثمة شيئا سيحدث في القريب العاجل ويزيد من ارتباك المشهد، لكن قراءة المشهد على أنه وصل إلى نهاياته لم تكن حاضرة لأسباب متعددة أهم ما يميزها كثافة الأيديولوجيا وانسداد الأفق الفكري عند صاحب القرار.
واعتبر أن جماعة الإخوان لم تكن واعية في إدارتهم لشئون الدولة ولم يكن موجودًا لدى قيادات الإخوان التي تتخذ القرار، وقد يكون هذا الوعي موجودًا لدى شرائح وأفراد، لكن المؤكد أن الذين كانوا يتخذون القرار لم يكونوا واعين بالأمر، فلسبب ما داخل هذه الأطر يتم تفسير كل شيء على أنه ابتلاء، وأن الأمور ستسير على خير وستنفرج الأمور بمعجزة ما.
وتابع "الأمر الآخر الذي قاد إلى هذا الوضع في مصر، أن الطبقة القيادية الإخوانية التي اتخذت القرارات لديها هاجس بأن الآخرين يمكن استخدامهم في مراحل معيّنة لكن لا يمتلكون الأوراق في الواقع، ففكرة أنهم يظنون كونهم القوة الأكثر تنظيما جعلهم يتساءلون: ماذا سيحدث لو تركنا كل الأحزاب الموجودة في المشهد المصري، وماذا سيحدث لو تركنا قوى الشباب الثورية وأدرنا ظهرنا لهم، ماذا هم فاعلون؟ هم لا يملكون قدرات تنظيمية كبيرة ولا نفاذا لعمق المجتمع، ولا الانتشار، وهذا يعني أن تأثيرهم سيكون ضعيفا.
لم يدرك الإخوان أن الآخرين يمكنهم تعويض مشكلة التنظيم سريعا، وأن لديهم القدرة والأهلية لفهم الدولة بطريقة أكثر، والدولة بأدواتها (الأمن والجيش والجهاز البيروقراطي) مستعدة للتفاعل معهم.
وشدد على أن أكبر مشكلة هي أن الإخوان استلموا السلطة ولم يحسموا رؤيتهم وموقفهم من القضايا الكبرى المتعلقة بتسيير الدولة (الديمقراطية، الحريات، المواطنة المتساوية والعلاقات الدولية)، لا على المستوى التنظيمي الداخلي، ولا على المستوى الشرعي الديني، فكانت هناك لغتان: خطاب داخلي للجماعة، وخطاب للاستهلاك الخارجي، وهذه القضايا لا تزال مربكة للعقل المسلم، وبالتالي لم يجد لها الفقيه إلى الآن إجابات، والمشكلة الثانية الشعور بالذات المتضخمة التي جعلتهم يظنون أنهم لا حاجة لهم بالوحدة الوطنية، فهم يستطيعون السير بالمجتمع وفق أجندتهم، ونجاحهم في تمرير فكرة الانتخابات أولًا قبل الدستور، ثم صياغة الدستور بغيبة بقية الأطراف الاجتماعية، ووجودهم الكاسح في المجلس البرلماني السابق، كل ذلك جعلهم يعتقدون أنهم في غنى عن كل القوى السياسية والاجتماعية الأخرى، وهذا كان مقتلا بالنسبة لهم والأمر الآخر هو عدم شعورهم بأن الأطراف الثانية قادرة على اكتساب الخصائص بتسارع الزمن، خاصة مع وجود الشباب ومبادراتهم الفاعلة، فالاستخفاف الذي تم بحركة تمرد هو نفس الاستخفاف الذي حصل مع جمال مبارك تجاه حركة الفيسبوك.
واختتم حديثه بالقول: لقد قام الإخوان بركل التيار الوطني والشباب الثوري والسلفيين، وبعد ذلك حدث ما يمكن وصفه بـ"حاجة الإخوان لغطاء"، فاستخدموا أسوأ ما يمكن استخدامه: جزء من التيار الديني لديه تشوهات نفسية ولغة خطاب مستفزة وكارثية، وصدّروهم للمشهد باعتبارهم واجهة الإخوان والمدافعين عنهم هذا وفّر مادة ضخمة جدا للإعلام المصري الذي كان ينتظر مثل هذه السقطات، وأحيانا مادة فكاهية، جعلت صورة التيار الديني التي كانت تبدو مشرقة من قبل تتغير، ليصبح في نظر غيرهم تيارًا كاذبا، لغته ساقطة، ومستوى تفكيره منخفض، كما أن قدرته على إدارة حوار مع الآخرين متدنية. فالتيار الإسلامي، خاصة الإخوان المسلمون في لحظات معينة، كان يُصدّر أناسا مثل عبد المنعم أبو الفتوح للحديث عنه، أو الجزّار وغيرها من الشخصيات التي لها قبول عند الجماهير وتعطي صورة حسنة. في هذه اللحظة التاريخية، هؤلاء الأفراد إما خرجوا من التنظيم أو أزيحوا من الواجهة الإعلامية، وتصدرت المشهد قوى تدافع عن الإخوان وتدافع عن المشروع الإسلامي وهي في ذاتها عبارة عن صيد سمين وثمين لمن يريد القول “إذا كان هذا هو الإسلام فنحن لا نحتاجه جملة هذه الأخطاء ولّدت الكارثة التي وجد الإخوان أنفسهم فيها بعد ذلك، وفجأة عادوا إلى المربع الصفر، أو إلى ما تحت الصفر

المرتكزات الفكرية

لم تختلف المرتكزات الفكرية لجماعة الإخوان المسلمين في قطر عن أفكار الجماعة العامة، وإن كان لقطر خصوصية محددة  في قيامها بحل التنظيم الإخوانى وهو ماأعطى لها ميزة فكرية جديدة تتمثل فيما يلى:
1-الإسلام نظام شامل متكامل بذاته وهو السبيل النهائي للحياة بكل جوانبها، و قابل للتطبيق في كل مكان وزمان من خلال الدعوة والتربية .
2-المنهج الإخوانى يتضمن برنامجاً جامعاً شاملاً، يُرسي قواعد الفكر والعقيدة ويُعد للعلاقة بالآخر، ويسعى لتحقيق التكامل بين الدين والدولة في إطار أحكام الشريعة الإسلامية والعودة إلى القرآن الكريم والحديث الشريف.
3-الإخوان هيئة سياسية تدعو إلى الإصلاح بدون تدخل في النظام السياسى القطرى من الداخل.
4- الإخوان مؤسسة اقتصادية تدعو إلى تدبير المال وكسبه وإنفاقه بما أوجبه الله في كتابه الكريم وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
5- الإخوان منظمة اجتماعية تُمارس التطور والإصلاح، بما يتفق ويُعزز ويؤكد الهوية بدون ممارسة للتنظيم داخل الامارة القطرية .
6- جماعة الإخوان المسلمين تلتزم بفريضة الجهاد، إذا ما توافرت شروطه المُوجبة.
7- رفض الحزبية لانها تتعارض مع أفكار الجماعة في قطر . 
8- تحصين هوية المجتمع ضد التيارات الفكرية والسياسية، التي تكرس مفهوم التبعية للاستعمار وتغريب المجتمع وبتر انتمائه العربي الإسلامي.
9- يتحقق الدور الحضاري من خلال السيادة والشهادة والأستاذية في العالم.

أهم الشخصيات

الشيخ عبد الله الأنصاري
ولد عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله بن علي الأنصاري عام 1914، ونشأ في بيئة دينية في كنف والده الشيخ العابد الصالح الكريم إبراهيم الأنصاري الذي رباه وتعهده، وبدأ يقرأ القرآن وهو ابن خمس سنوات على يد والده الذي كان له كُتَّاب يدرس فيه أبناء المسلمين القرآن الكريم واللغة العربية، ثم أجلسه للتلقي عنه وتحصيل العلم، فحفظ الشيخ عبدالله كتابَ الله، وهو لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، كما قرأ عليه بعض الكتب في الفقه والحديث والنحو، وحفظ بعضها.
قرر الأنصاري الارتحال لطلب العلم، وكانت منطقة الأحساء بالمملكة العربية السعودية في تلك الأيام محطة من محطات العلم والعلماء، فرحل إليها وهو ابن ستة عشر عامًا، ليلتحق بمدرسة الإمام محمد أبو بكر الملا ويتلقى العلوم منها ومن غيرها من مدارس العلم المنتشرة في الأحساء كمدارس آل الشيخ مبارك، والشيخ العَلَجِي، فكوَّن قاعدةً علمية أتاحت له بعد عامين أنْ يقوم بالتدريس في قطر.
وبعد فترة قصيرة من عودته ذهب إلى مكة المكرمة، وفي الطريق التقى بمجموعةً من العلماء في الرياض أخذ منهم العلم، كان من أشهرهم الشيخ محمد بن مانع المانع، وأكمل رحلته للحج والتعلُّم ليلتحق بالمدرسة الصولتية بمكة، ومدرسة الحرم، ويتتلمذ على أيدي علماء هاتين المدرستين، كالشيخ المشاط، والإمام علوي المالكي، والشيخ رحمت الله الهندي، وآخرون.
ثمَّ عاد إلى قطر ليلتحق بالمدرسة الأثريَّة التي أسسها الشيخ بن مانع في قطر بعد وصوله إليها، ويكمل تتلمذه على يدي الشيخ، وتزامل في هذه المدرسة مع عدد من العلماء والمثقفين أمثال الشيخ عبد الله بن زيد المحمود، والشيخ أحمد بن يوسف الجابر، والشيخ حسن الجابر.
ثم ارتحل بعد ذلك إلى المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، ليؤسس أول مدرسة نظامية هناك، في مدينة دارين، ويتولى قضاء ناحية القطيف بها.
عاد إلى قطر، وذلك بواسطة الشيخ محمد بن مانع الذي كان مديراً للمعارف السعودية في ذلك الوقت ليساهم في تأسيس المعهد الديني في قطر، وهو أول معهد يقام في قطر، كما شارك الشيخ بفكره وجهده في بناء منهج التربية الإسلامية المبنية على العقيدة الراسخة، كما أشرف على بعض الكتب المدرسية للمراحل المختلفة في مجال التربية الإسلامية، وتذليل العقبات التي اعترضت تعليم الفتاة في دولة قطر، وكان من المشجعين لتعليم المرأة.
وبعد إغلاق المعهد الديني بأمر من مديرية المعارف أسند إلى الشيخ إدارة أول مدرسة ابتدائية في قطر، عرفت باسم «المدرســــــة الجـــديدة الابتدائية»، ثم غُيّر اسمها إلى مدرسة صلاح الدين الابتدائية، وفي أثناء إدارة الشيخ لمدرسة صلاح الدين قدم من مصر إلى قطر الشيخ يوسف القرضاوي في الخامس عشر من شهر سبتمبر 1961، وقد تعرف عليه الشيخ عبد الله أول مقدمه، وزاره في مكتبه بالمعهد الديني، ودار بينهما حديث لينضم إلى تنظيم الإخوان. 
أسهم الأنصاري في الكثير من الأنشطة الإسلامية، فقد كان عضوًا بالمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، وعضوًا برابطة الأدب الإسلامي، هذا غير أنه عضو مؤسس لمنظمة الدعوة الإسلامية، والمجلس الأفريقي الإسلامي، ومع كونه أسهم في تأسيس المراكز الإسلامية في كل من كوريا واليابان والفلبين وسنغافورة وتايلند وألمانيا وفرنسا وبعض الولايات الأمريكية.
تُوفي في 15-10-1989، وألقى يوسف القرضاوي كلمة تأبينية واستمر مجلس عزائه لمدة زادت عن العشرة أيام.
الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود
عبد الله بن زيد بن عبدالله بن محمد آل محمود الحسني الهاشمي، ولد في حوطة بني تميم عام1907 ونشأ بها بين والديه، وقد كان والده تاجرًا وتُوفى والشيخ صغير لم يبلغ سن الرشد، فكان وصيًا عليه خاله حسن بن صالح الشثري. 
تلقى دروسه على يد عدد من المشايخ، كالشيخ عبداللملك بن إبراهيم آل الشيخ قاضي الحوطة، والشيخ محمد بن علي الشثري والشيخ عبدالعزيز بن محمد الشثري (أبو حبيب)، وعندما انتقل الشيخ أبو حبيب إلى (الرين) انتقل معه لملازمته والدراسة على يده، حيث بقى عنده من سن العاشرة إلى سن الرابعة عشرة، وحفظ القرآن الكريم وهو صغير. 
تفرغ لطلب العلم، فدرس وحفظ الكثير من الكتب والمتون، كمتن الزاد ومختصر نظم ابن عبدالقوي، وبلوغ المرام وألفية الحديث للسيوطي، ونظم المفردات وألفية ابن مالك، وقطر الندى في النحو وكثير من الأحاديث النبوية. 
سافر إلى قطر طلبًا للعلم على يد الشيخ محمد بن عبدالعزيز بن مانع سنة 1933 هـ، وكان عمره ستة وعشرين عامًا، ورافق الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية بالرياض وأخذ عنه العلم سنة كاملة، ثم صدر أمر الملك عبدالعزيز آل سعود إلى الشيخ محمد بن إبراهيم باختيار ثمانية من العلماء للذهاب إلى مكة للوعظ والتدريس في المسجد الحرام، وكان الشيخ ابن محمود واحدًا من هؤلاء.
وعندما قدم الشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني إلى مكة قاصدًا الحج بصحبته ابنه الشيخ حمد بن عبدالله وعدد من كبار أفراد الأسرة والأعيان، وبعد أداء فريضة الحج طلب من الملك عبدالعزيز آل سعود، أن يبعث معهما برجل يصلح للقضاء والفتوى، حيث كانت قطر في ذلك الوقت دون قاض بعد أن غادرها محمد بن مانع، وقد وقع اختيارهما على الشيخ عبدالله بن زيد بإيعاز من الشيخ ابن مانع، وصدر الأمر إليه حيث تقلد أمانة القضاء ومنذ ذلك الوقت وحتى وفاته وهو مرجع الفتيا في قطر، ومنشئ نظام تسجيل الأحكام والعقارات وراعي أموال اليتامى واستثمارها، وتبنى منهجًا يتمثل في قيام المحكمة الشرعية باستثمار أموال اليتامى وتنميتها، لحين بلوغهم سن الرشد، واستمر في القضاء أكثر من سبعة وأربعين عامًا، وتوفي عام 1997.
عبد البديع صقر
عبد البديع صقر أحد الدعاة الذين عاصروا حسن البنا وأحد أعضاء الهيئة التأسيسية للجماعة، وُلد بمصر عام 1915، ويعد من أهم من أسس تنظيم للإخوان في منطقة الخليج عامة، وفي قَطَر خاصةً منذ أنْ قدم إليها من مصر عام 1954م.
وأول من أرسله إلى الخليج كان الدكتور يوسف القرضاوي ويقول عن ذلك في مذكراته "كان الوجيه قاسم درويش في عهد الشيخ علي بن عبد الله الحاكم السابق لقطر، ووالد الحاكم الحالي الذي تنازل له عن الحكمِ قبل مجيئي إلى قطر بسنة واحدة هو المسئول عن المعارف قبل الشيخ قاسم بن حمد، وكان له صلة بـ"محب الدين الخطيب" صاحب مجلتي (الفتح) و(الزهراء) ،فأرسل إليه يطلب منه ترشيح شخصية إسلامية قوية تتولى إدارة المعارف، فرشَّح له في أول الأمر: الكاتب الإسلامي محمد فتحي عثمان، ولكن ظروفًا خاصة حالت دون استجابة الأستاذ فتحي، فطلب من الإخوان أن يرشحوا له شخصًا للقيامِ بالمهمة المطلوبة فرشحوا له عبد البديع صقر.
وسافر عبد البديع إلى قطر سنة 1954، وعُيِّن مديرًا للمعارف مع الشيخ قاسم بن درويش، وكانت المعارف في ذلك الوقت محدودة جدًّا 
له عدة مؤلفات منها الأخلاق للبنات، التجويد، وعلوم القرآن، رحلة الحج، الوصايا الخالدة، شاعرات العرب، مختارات الحسن والصحيح من الحديث الشريف، رسالة الإيمان، نقد البردة، نساء فاضلات، التربية الأساسية للفرد المسلم، حديث إلى دعاة الإسلام.
ولما كانت علاقته بحكامِ الإمارات حسنة بحكم صلته بحاكم قطر، عرض مشروع إنشاء (روضات إسلامية) على حكام الإمارات سنة 1969م فرحبوا بالفكرة ومنهم من وعده بأرضٍ للبناء ومنهم من سهل له الإنشاء.
ولكن إمكانات الشيخ عبد البديع كانت ضعيفة، لا تمكنه من بناءِ عمارة إلا أنه أخذ بمبدأ (ما لا يُدرك كله لا يترك جله) فاستأجر بناءً في عجمان وأنشأ فيها روضة صغيرة من صف وحضانة واحدة، ويذكر أنَّ مقاعد الدراسة لم تتجاوز العشرة ولا يتعدى ثمنها ألفي ريال (قطر ودبي) آنذاك، والمراجيح ولعب الأطفال في حدود ألف ريال أي أنَّ روضةَ عجمان لم تكلف ثلاثة آللف ريال وتبع ذلك إنشاء روضة أطفال في دبي وأشرف عليها الشيخ كاظم حبيب، ثم روضة الشارقة وتبع ذلك في أبي ظبي والعين ورأس الخيمة.
وقد بقي مديرًا للمعارف حتى تغيَّر الوضع، وأُعفي الوجيه قاسم درويش، وجيء بالشيخ قاسم بن حمد، واحتضن الشيخ علي ثم الشيخ أحمد الشيخ عبد البديع، ليشرف على مكتبته الخاصة، وعلى المكتبات العامة في قطر.
وتوفى مساء السبت الموافق 13/12/1986 في مصر، حيث توجَّه إلى مدينة (بلبيس) بالقربِ من مدينة الزقازيق لإلقاءِ محاضرة، وبعد المحاضرة ركب سيارته قاصدًا الزقازيق، انحرفت به إلى جانب الطريق، وسقط في مجرى مائي، ولم يدركه الناس إلا في وقتٍ متأخر، حيث حُمل إلى المستشفى، وغُسِّل، ودُفن إلى جوار زوجته. 

الانتقادات الموجهة إلى الإخوان في قطر

1- إن اللوائح والقوانين والرسميات المطبّقة داخل تنظيمات الإخوان عموماَ وربّما في الجزيرة العربية خصوصاَ، تعيق حركة الحوار الداخلي وتعيق النمو الطبيعي للثقافة السائدة داخل الجماعة، كما تكرّس السرّية وعقلية الشيعة المضطّهدة وهو ما لا يمكن قبوله في قطر. 
2- حول الإخوان الظاهرة الإسلامية في الجزيرة العربية إلى ظاهرة غير مفهومة، بسبب سياسة المفاضلَة التي تتبعها الجماعة داخل المجتمع، وتميز أعضاءها عنهم. 
3- حساسية النُخبة الحاكمة القطرية من فكرة التنظيم نفسها، نظرًا لطبيعة منطلقاته الفكرية والحركية التي تتبع منهج السرية في التكوين ومصادر التمويل والمؤسسات التي يشكلها من لجان ومكاتب ومطابع وموظفين وغير ذلك وهو ما يشعرها دائما ان هناك دولة داخل الدولة 
4- حالة الشك الدائم نحو تنظيم الإخوان من خلال المبالغ الطائلة والميزانيات الكبيرة التي يرصدها في العمل السياسي.
5- المجتمع القطري مازال يعيش نقاء فطريًا تهيمن عليه الروابط القبلية، وبالتالى فإن تنامي الظاهرة الإخوانية وانتشار العناصر الإخوانية، كان أمر صعبًا في ظل سلطة الأمير.

شارك