أحمد محمد شاكر.. شيخ المحققين وأبو الأشبال

الجمعة 29/يناير/2021 - 10:00 ص
طباعة حسام الحداد
 
الشيخ أحمد محمد شاكر، الملقب بشمس الأئمة أبو الأشبال، إمام مصري من أئمة الحديث في العصر الحديث، درس العلوم الإسلامية وبرع في كثير منها، فهو فقيه ومحقق وأديب وناقد، لكنه برز في علم الحديث حتى انتهت إليه رئاسة أهل الحديث في عصره، كما اشتغل بالقضاء الشرعي حتى نال عضوية محكمته العليا

نشأته

ولد في 29 يناير 1892 بالقاهرة، لوالده الشيخ محمد شاكر وهو عالم أزهري أيضا شغل عدة مناصب منها وكيل الأزهر، في 11 مارس 1900م سافر به والده إلى السودان حيث ولي منصب قاضي قضاة السودان، وعمره حينها ثماني سنوات فألحقه والده بكلية غوردون واستمر بها حتى عودة والده إلى مصر في 26 أبريل سنة 1904 فألحقه أبوه بمعهد الإسكندرية (وكان والده شيخ المعهد)، وفي 29 أبريل 1909 عاد والده للقاهرة ليلي مشيخة الأزهر فالتحق أحمد شاكر بالأزهر حتى نال شهادة العالمية سنة 1917م.

أخذه العلم

درس أحمد شاكر أصول الفقه على الشيخ محمود أبو دقيقة (أحد علماء معهد الإسكندرية، وعضو هيئة كبار العلماء(
ودرس على والده الشيخ محمد شاكر تفسير البغوي وصحيح مسلم وسنن الترمذي وشمائل الرسول وبعضا من صحيح البخاري، وجمع الجوامع وشرح الأسنوي على المنهاج في الأصول، وشرح الخبيصي وشرح القطب على الشمسية في المنطق، والرسالة البيانية في البيان، وفقه الهداية في الفقه الحنفي.
كما أخذ العلم عن السيد عبد الله بن إدريس السنوسي، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي، والشيخ أحمد بن الشمس الشنقيطي، والشيخ شاكر العراقي، والشيخ طاهر الجزائري، والسيد محمد رشيد رضا، والشيخ سليم البشري، والشيخ حبيب الله الشنقيطي، وغيرهم كثير من أئمة الحديث حتى برع فيه.

منهجه العلمي:

يقول الشيخ أحمد محمد شاكر عن أبحاثه العلمية:
هذه الأبحاث ليست من أبحاث الفقهاء الجامدين المقلِّدين ولا هي من أبحاث المترددين الذين يبدو لهم الحق، ثم يخشون الجهر به ولا هي من أبحاث المجردين الهدامين الذين لا يفهمون الإسلام ولا يريدون إلا تجريد الأمم الإسلامية من دينهم والثبات عليه ونصره، ولا هي من أبحاث المجددين العصريين الذين تتبخر المعاني والنظريات في رؤوسهم ثم تمتلئ بها عقولهم فيطيرون بها فرحاً ويظنون أنَّ الإسلام هو ما يبدو بعقولهم ويوافق أهواءهم وأنَّه دين التسامح فيتسامحون في كل شيء من أصوله وفروعه وقواعده.
كلا إنما هي أبحاث علمية حرة على نهج أبحاث المجددين الصادقين من السلف الصالح رضوان الله عليهم الذين كانوا يصدعون بالحق ولا يخافون لومة لائم وكانوا يخشون ربهم ولا يخشون أحداً إلاَّ الله  .
وهكذا ينفى الشيخ أحمد محمد شاكر عن أبحاثه الصفات التالية :
1- الجمود والتقليد
2- التردد في إعلان الحق إذا ظهر
3- هدم الدين وتجريده عن مقاصده
4- التجديد بمعنى التخلص من القيود بحجة التسامح ويستفاد من منهجه العلمي كذلك:
‌أ- أن يحصر العالم جهده في ميدان واحد حتى يتمكن من إضافة أشياء حقيقية في مجاله.
‌ب- إذا اجتهد الباحث وأكمل جهده وقام بواجبه ، فعليه أن يُقدم على نشر أعماله، ولو كان في عمله شيء من الخطأ والنقصان، فإنه سيكون عظيم الفائدة ولا يخلو عمل من النقص .
ويظهر منهجه العلمي كذلك في كلامه الذي أورده في مقدمة تحقيقه لكتاب الرسالة للإمام الشافعي رضى الله عنه إذ يقول في الصفحة الثامنة :
(قد يفهم البعض من كلامي عن الإمام الشافعي أنى أقول عن تقليد أو عصبية، لما نشأ عليه أكثر أهل العلم من قرون كثيرة من تفرقهم شيعاً وأحزاباً مبنيةً على العصبية المذهبية مما أضرّ بالمسلمين وأخّرهم عن سائر الأمم وكان السبب الأكبر في زوال حكم الإسلام عن بلاد المسلمين، حتى صاروا يحكمون بقوانين تخالف دين الإسلام، نعوا لها واستكانوا في حين كان كثير من علمائهم يأبون الحكم بغير المذهب الذي يتعصبون له ويتعصب له الحكام في البلاد ومعاذ الله أن أرضى لنفسي خلةً أنكرها على الناس، بل ابحث وأجد وأتبع الدليل الصحيح حيثما وجد، وقد نشأت في طلب العلم وتفقهت على مذهب أبى حنيفة ونلت شهادة العالمية من الأزهر الشريف حنفياً، ووليت القضاء منذ عشرين سنة أحكم كما يحكم أخواني بما أذن لنا في الحكم به في مذهب الحنفية، ولكنى بجوار هذا بدأت دراسة السنة النبوية أثناء طلب العلم من نحو ثلاثين سنة، فسمعت كثيراً وقرأت كثيراً ودرست أخبار العلماء والأئمة ونظرت في أقوالهم وأدلتهم، لم أتعصب لواحدٍ منهم ولم أحد عن سنن الحق فيما بدا لي فإن أخطأت فكما يخطئ الرجل وإن أصبت فكما يصيب الرجل أحترم رأيي ورأى غيري واحترمه وما أعتقده حقاً قبل كل شيء ، فعن هذا قلت ما قلت واعتقدت ما اعتقدت في الشافعي رحمه الله ورضى عنه .
وكانت حياته حافلة بالعلم والتحصيل خاصة جهوده العظيمة في تحقيق وفهرسة كتب السنة. 

جهوده في نشر السنة :

يقول عنه صديقه الشيخ محمد حامد الفقي : أحب صديقي الشيخ احمد محمد شاكر السنة النبوية المطهرة منذ شبابه الأول – وشغف بفقهها والتعمق في علومها وروائعها ونفائس كتبها ومازال يتعهد هذا الحب وينميه ويسقيه بما يتيح الله له من التوفيق وجمع كتب الحديث وعلومه، المخطوط منها والمطبوع في كل بلدان العالم مما جعل مكتبته لا نظير لها مطلقاً عند عالم ممن أعرف، مع كثرة من أعرف في البلدان الإسلامية، وقد وهبه الله صبراً دائباً على الدرس وحافظة قوية لا يند عنها شيء وذوقاً رفيعاً في استكناه الآثار واعتبارها بالعقل والنقل وإحاطة النظر وإعمال الفكر دون تقليدٍ لأحدٍ أو تقبُّلٍ لرأى من سبق وقد ساهم الأستاذ في إحياء كتب السنة مساهمة مشكورة فنشر كثيراً من كتبها نشراً علمياً ممتازاً . وكانت حياته حافلةً بالعلم والتحصيل خاصةً جهوده العظيمة في تحقيق وفهرسة كتب السنة، والكتب التي قام بشرحها أو تحقيقها هي: سنن الترمذي، جماع العلم للإمام الشافعي، المصعد الأحمد في ختم مسند الإمام أحمد لابن الجزري، خصائص الإمام أحمد للحافظ أبي يوسف المريني، ترجمة الإمام أحمد للذهبي، مسند الإمام أحمد بن حنبل، الباعث الحثيث، شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير، شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر.
وفيما يلي نذكر طرفاً من جهوده لبعض هذه الكتب التي أمكن الحصول عليها :

مسند الإمام أحمد بن حنبل:

تبدو أهمية العمل الذي قام به الشيخ أحمد محمد شاكر في تحقيق وفهرسة المسند إذا أدركنا أهمية المسند ومكانته بين كتب الحديث، إذ يحوى هذا المسند أكثر من سبعة وعشرين ألف حديث مرتبة على مسانيد الصحابة ولنأخذ لذلك مثالاً : فإن مسند الصحابي الجليل أبى هريرة يحتوى على (3522) ثلاثة آلاف وخمسمائة واثنين وعشرين حديثا في أبواب مختلفة غير مبوبة ولا مرقمة، فإذا أردت أن تجد حديثاً في باب الصوم - مثلاً - فإنه يلزمك الاطلاع على الأحاديث من أولها حتى تعثر على بغيتك، أما باتباع الطريقة التي أعدها الشيخ احمد محمد شاكر فيمكنك الحصول على ما تريد من معلومات في لحظات يسيرة .
عندما أكمل الشيخ أحمد محمد شاكر هذا العمل العظيم واجهته مشكلة الطبع مع قلّة الإمكانات، وبعد صبرٍ ومصابرةٍ يسَّر الله له طباعة الكتاب ولنستمع إليه يروي ذلك :
طالما فكَّرت في نشر المسند بين الناس على النحو الذي صنعت ووصفت شغفاً بخدمة السنَّة النبوية وأهلها وحرصاً على تعميم فائدة هذا الكتاب الذي جعله مؤلفه للناس إماماً، وخشية أن يضيع هذا العمل  الذي لم أسبق إليه، والذي أعتقد أنَّه سيكون – إن شاء الله – من أكبر المرغبِّات لأهل هذا العصر في دراسة الحديث وأنّه سيكون مفتاحاً لجميع كتب السنَّة لمن وفقه الله إليها، وسعيت في سبيل ذلك جهدي سنين كثيرة حتى كدت أيأس من طبعه إلى أن وُفِّقْت إلى الاتفاق مع دار المعارف على طبعه وهى من أكبر دور النشر وأوثقها وأشدها إتقاناً .
وصادف ذلك أن كانت الزيارة الرسمية التي شرف فيها مصر بزيارته أسد الجزيرة حامى حمى السنة، رجل العلم والعمل والسيف والقلم الإمام العادل - الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود أطال الله بقاءه، وكانت هذه الزيارة المباركة في يوم الخميس 6 صفر الخير من هذا العام 1365إلى يوم الثلاثاء 18 منه (10- 22 يناير 1946) فما رفع إلى جلالته شأن هذا الكتاب حتى إصدار أمره الكريم إلى حكومته السنية بالاشتراك في عدد كبير من نسخه من أوله إلى آخره إجلالاً لشأن الإمام الكبير وعطفاً على شخصي الضعيف، بارك الله في جلالته وحفظه مؤيداً منصوراً ذخراً للإسلام والمسلمين .

عمله في مسند الإمام أحمد:

يقول الشيخ أحمد محمد شاكر : وجدت المسند بحراً لا ساحل له ونوراً تنقطع الأعناق دونه، إذ انه رُتِّب على مسانيد الصحابة وجُمعت فيه أحاديث كل  صحابي متتالية دون ترتيب فلا يكاد يفيد منه إلا من حفظه كما كان القدماء الأولون يحفظون، هيهات أنّى لنا ذلك ورأيت أن خير ما تخدم به علوم الحديث أن يوفَّق رجل لتقريب هذا المسند الأعظم للناس حتى تعم فائدته وحتى يكون للناس إماماً وتمنيت أن أكون ذلك الرجل لم يكن أحد يستطيع القيام بالنقل من المسند أو تحقيق رواية فيه إلا القليل النادر لا أكاد أجزم بتسمية أحد من هؤلاء الذين كان المسند كله على أطراف ألسنتهم إلا ثلاثة: شيخ الإسلام أبو العباس تقي الدين بن تيمية وتلميذاه الحافظان الكبيران شمس الدين بن القيم وعماد الدين بن كثير .
فكان هذا المقصد أمنية حياتي وغاية همي سنين طويلة أن اقرب هذا المسند للناس حتى وفقني الله لذلك على النحو الذي أُريد وهى أن يكون المسند بين أيدي العلماء والمتعلمين كما هو وكما ألفه مؤلفه، وأن تكون له فهارس وافية متقنة علمية ولفظية، وأعنى باللفظية فهارس الأعلام وغيرها وأعنى بالعلمية فهارس للأبواب والمسائل العلمية ترشد الباحث على ضوئها إلى كلِّ ما جاء في المسند في المعنى الذي يريده، ومكثت أيّاماً طوالاً أضع خطط العمل ومناهجه وأُغيِّر فيها وأبدّل حتى استقامت السبل ووضح المنهج، فشرعت في العمل وجعلت لأحاديث الكتاب أرقاماً متتابعة من أول الكتاب إلى آخره وجعلت هذه الأرقام كالأعلام للأحاديث بنيت عليها الفهارس التي ابتكرتها كلّها، وأوّل فائدة لهذه الفهارس أنَّها لا تتغيّر بتغيّر طبعات الكتاب، أمَّا الفهارس اللفظية فهي أنواع وأهمّها :
1- فهرس للصحابة رواة الأحاديث مرتب على حروف المعجم فيه موضع بدء مسنده ببيان الجزء ورقم الصفحة وفيه أرقام الأحاديث آلتي من روايته سواء كانت في مسنده أو في مسند غيره من الصحابة، فإنه كثيراً ما يقع حديث صحابي في أثناء مسند غيره من غير أن يذكر في مسنده، فيظن كثير من الباحثين أنَّ الحديث ليس في الكتاب إذا لم يجده في مكانه .
2- فهرس لغريب الحديث والألفاظ اللغوية التي تحتاج إلى شرح كما في الفائق والنهاية وغيرها وقد زدت على ما في هذا الكتاب ألفاظاً واستعمالات كثيرة فأذكر المادة في الحديث موضع الشاهد الذي يدخل منها فعل صاحب النهاية في غريب الحديث وأشير إلى رقم الحديث .
3- أمَّا الفهارس العلمية فهي أصل هذا العمل العظيم وقد بنيتها على الأرقام وهي التي سدَّدت الفكرة وحددتها .
4- فان كل مُطَّلع على الأحاديث يعلم أنَّ الحديث الواحد قد يدل على معان كثيرة متعددة في مسائل وأبواب منوعة، وأنَّ هذا هو الذي ألجأ البخاري رضى الله عنه على تقطيع الأحاديث وتكرارها في الأبواب استشهاداً بالحديث في كل موضع يستدل به فيه، ولو من بعيد، فكانت صعوبة البحث في صحيحه، وأمّا سائر أصحاب الصَّحَاح والسٌنَن فانهم تفادوا ذلك وذكروا الحديث في الموضع الأصلي في الاستدلال واعرضوا عمَّا وراء ذلك إلاّ في الندرة بعد الندرة فهذه الأرقام أراحتنا من كل ذلك من تقطيع الحديث ومن تكرار رقم الحديث بوضعه في كل باب وفى كل معنى يدل عليه أو يصلح للاستشهاد به دون تكليف ولا مشقة .
فمن الميسور للباحث في هذا الفهرس أن يجد الباب الذي يريده أو المعنى الذي يقصده، فيجد فيه كل الأحاديث التي تصلح في بحثه بالاستقصاء التام والحصر الكامل .
وقد قرأت من اجل هذا الفهرس كل فهارس كتب السنة وكتب الفقه وكتب السير وكتب الأخلاق التي يُسِّرَ لي الحصول عليها وتخيرت في ترتيبها أقرب الطرق إلى عقل المحدث والفقيه بعد أن قسمتها إلى كتب جاوزت الأربعين فيها اكثر من ألف باب.
والمقصد الأول من هذا كله تقريب الإفادة من هذا المسند الجليل إلى الناس عامة وأهل الحديث خاصة، حتى يصلوا على كنوز السنة النبوية التي يعسر الوصول عليها، ويعجبني كلام الخطيب البغدادي في هذا المعنى :
(فإني رأيت الكتاب الكثير الإفادة المحكم الإجادة ربما أريد منه الشيء فيعمد من يريده على إخراجه فيغمض عنه موضعه، ويذهب يطلبه زمانه فيتركه، وبه حاجة إليه وافتقار إلى وجوده)
ولم ألتزم في الكلام على الأحاديث أن أخرجها كلها فذلك أمر يطول جداً إنما جعلت همّي وكدي أن أبين درجة الحديث فإن كان صحيحاً ذكرت ذلك وإن كان ضعيفاً بينت سبب ضعفه، وإن كان في إسناده رجل مُخْتَلفٌ في توثيقه وتضعيفه اجتهدت رأيي على ما وسعني علمي ، وذكرت ما أراه، وفى كثير من مثل هذا أخرج الحديث بذكر من رواه من أصحاب الكتب الأخرى، وعن هذه صنعت الفهرس الثاني من الفهارس اللفظية ليكون الكلام على الرجل المُضَّعف أو المُوَثَّق أو المُخْتَلف فيه مرة واحدة في الغالب فيمكن للقارئ إذا عرض له في إسناد أن يبحث عنه في الفهرس ثم يرجع إلى ما قلته فيه وما اخترته درجة له .
ولم أعرض في شرحي لشيء من أبحاث الفقه والخلاف ونحوهما، فما هذا من عملي في هذا الكتاب إنما هو عمل المستفيد المستنبط بعد أن تجتمع له الأحاديث بدلالة الفهرس العلمي وليس (المسند) منها الكتب المرتبة على الأبواب حتى يستقيم هذا لشارحه .
وأحاديث المسند تتكرر كثيراً فراوي الحديث الواحد بأسانيد متعددة وألفاظ مختلفة أو متقاربة وبعضها مطول وبعضها مختصر، فرأيت أن أذكر بجوار كل حديث رقم الرواية التي سبقت في معناه أو لفظه، فإن كان مكرراً بنصه أو قريباً من نصه قلت مكرر كذا وذكرت الرقم الذي مضى، إن كان الأخير أطول من الأول قلت مُطوَّل وأن كان أوجز منه قلت مختصراً كذا، وبكتابة رقم الحديث المكرر يمكن جمع كل الروايات للحديث المكرر للصحابي الواحد دون أن يرجع إلى الفهرس العلمي، ولجمع الروايات فوائد عند علماء الحديث يدركها كل من عاناها، وأقرب فوائدها تحقيق المعنى الصحيح للحديث وتقوية أسانيده بانضمام بعضها إلى بعض، وقد بذلت جهدي في التحقيق والتوثيق وفى العناية بهذه الفهارس التي هي كما سميتها مفاتيح الكنوز- وأرجو أن يكون عملي هذا محققاً لكلمة الأمام احمد لابنه عبد الله: (احتفظ بهذا المسند فإنه سيكون للناس إماماً) .
وقال الحافظ الذهبي فيما رواه عنه الحافظ شمس الدين بن الجزري في كتاب المصعد الأحمد (لعلَّ الله تبارك وتعالى أن يُقَيِّض لهذا الديوان السامي من يخدمه ويُبَوِّب عليه ويتكلم على رجاله ويرتب هيئته ووضعه فإنَّه يحوى أكثر الحديث النبوي، وقَلَّ أن يثبت حديث إلا وهو فيه) وإني أرجو أن تكون دعوة الذهبي أُجيبت بما صنعت وأسال الله سبحانه الهدى والسداد والعصمة والتوفيق .
وما أبغى أن أتَمدَّح بعملي أو أفخر به، لكنى أستطيع أن أقول، إنَّ  في بعض ما حققت من الأسانيد قد حللت مشاكل وبينت دقائق وصححت أخطاء فاتت على كثير من أئمة الحديث السابقين لا تقصيراً منهم ولا اجتهاداً منِّى ولكن هذا الديوان السامي كما سماه الحافظ الذهبي، كان مفتاحاً لما أغلق ومناراً يهتدي به في الظلمات وكان للناس إماماً حين وفق رجل لخدمته وحين حقَّق أحاديثه تحقيقاً مفصلاً .
وقد يكون في بعض ما ذهبت إليه من التحقيق شيء من الخطأ، فما يخلو عمل إنسان غير معصوم من الخطأ ولكنى قد أراه خطأً يهدى إلى كثير من الصواب إذ فتح للباحثين باب البحث في دقائق مغلقة ومشاكل كانت مستعصية .
ولا يظنّ ظانّ أنّى أغلو فيما أقول فإنّى أرجو أن يكون عملي خالصاً لوجه الله  وأنّ كثيراً من إخواني من علماء السنة والقائمين عليها في مصر والحجاز والشام قرأوا بعض ما كتبت وأظنُّهم موافقي على الوصف الذي وصفت والله الهادي إلى سواء السبيل  .
بلغت أحاديث المسند حسب إحصاء الشيخ احمد محمد شاكر سبعة وعشرون ألفاً وخمسمائة وتسعة عشر حديثاً (27519)  وقد وجدت في طبعة دار المعارف، وهى الطبعة الأولى للمسند، إحصاءً للأحاديث الصحيحة والحسنة والضعيفة في المسند حسب تحقيق الشيخ أحمد شاكر وقد أحصى هذه الأحاديث كلها 8099 حديثاً وبلغ عدد الصحيح والحسن منها 7246 حديثاً والضعيف 853 حديثاً  وبلغت الأحاديث الضعيفة من جملة الأحاديث حتى نهاية هذا الجزء الخامس عشر 10% من هذه الأحاديث تدخل في دائرة الصحيح والحسن . 
يؤكد هذا ما  أورده الشيخ أحمد شاكر من كلام الحافظ الذهبي فيما رواه عنه الحافظ شمس الدين بن الجزري (فلعل الله تبارك وتعالى أن يقيض لهذا الديوان السامي من يخدمه ويُبَوِّب عليه ويتكلم على رجاله ويرتب هيئته ووضعه، فإنَّه محتو على أكثر الحديث النبوي، وقلَّ أن يثبت حديث إلاَّ وهو فيه)  .

من مؤلفاته

كتاب نظام الطلاق في الإسلام، اجتهد فيه اجتهادا حرا ولم يتعصب لمذهب من المذاهب.
كتاب الكتاب والسنة وهو دعوة إلى أخذ القوانين من الكتاب والسنة.
كتاب كلمة الحق، في شئون المسلمين وحرب الوثنية والشرك والدفاع عن القرآن والسنة، وهي مجموعة مقالات كتبها في مجلة الهدى النبوي جمعت في كتاب بعد وفاته.
كتاب كلمة الفصل في قتل مدمني الخمر وفيه يستحث ملوك المسلمين ضد الخمور وتجارها ومدمنيها.
الشرع واللغة: رسالة في الرد على عبد العزيز فهمي باشا الذي اقترح كتابة اللغة العربية بحروف لاتينية.

كتب حققها

حقق أحمد شاكر الكثير من كتب التراث الإسلامي، في مجالات كثيرة، منها 
الرسالة للإمام المطلبي محمد بن إدريس الشافعي عن أصل بخط الربيع بن سليمان كتبه في حياة الشافعي: وهو أول كتاب حققه، وقد بذل فيه عناية بالغة فكان على درجة عالية من الدقة والتحقيق.
مسند الإمام أحمد بن حنبل: أتم منه 15 جزءاً فقط وتوفي قبل إتمامه.
الجزء الأول من مسند ابن حبان.
جزءين من الجامع الصحيح للترمذي.
شرح كتاب اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير.
قام بإعداد عمدة التفسير عمل فيه على تهذيب تفسير ابن كثير، أتم منه 5 أجزاء(ظل الجزء الأخير منه مفقودا لسنوات حتى عثر عليه وتم طبع الكتاب كاملا)
كتاب الإحكام لابن حزم الظاهري في أصول الفقه، وجزءين من كتاب المحلى.
كتاب العمدة في الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي.
كتاب جماع العلم للشافعي.
كما شارك في إخراج المفضّليات للمفضل الضبي، والأصمعيات للأصمعي وهما من كتب الأدب.
كتاب المعرب للجواليقي في اللغة.
كما ساهم في تحقيق كتاب (إصلاح المنطق) لابن السكيت مع (عبد السلام هارون)
حقق وشرح ألفية السيوطي في علم الحديث
حقق كتاب شرح العقيدة الطحاوية للإمام علي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي صدر الدين.
كتاب «الخراج» ليحيى بن آدم.
كتاب « الشعر والشعراء » لأبو محمد بن قتيبة الدينوري.

الوظائف التي شغلها

بعد حصوله على شهادة العالمية سنة 1917م عين بمعهد عثمان ماهر لمدة أربعة أشهر، ثم انتقل إلى القضاء الشرعي وتدرج في مناصبه حتى صار قاضيا بالمحاكم الشرعية ثم عضوا بالمحكمة العليا، وأحيل إلى التقاعد في 1952م ببلوغه سن الستين. وتفرغ بعدها لأعماله العلمية حتى وفاته.

وفاته

تُوفي يوم السبت 14 يونيه سنة 1958م

شارك