الخبير السويسري "ريكاردو بوكو": البغدادي يعيد رسم خارطة الشرق الأوسط من جديد

الأحد 13/يوليو/2014 - 01:41 م
طباعة
 
يرى ريكاردو بوكّو، الخبير السويسري في شئون الشرق الأوسط، أن الهجوم الذي شنته أخيرا "الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام" (داعش) كان مخططا له منذ فترة.
 وفي حوار أجرته معه صحيفة "swissinfo.ch" السويسرية، يقدّم بوكّو بعض الأفكار حول كيفية التغلّب على دوامة العنف في المنطقة، رغم خشيته من استمرار المواجهات "لمدة طويلة".
بعد مرور بضعة أسابيع على إطلاق عملياتهم المفاجئة في شمال العراق، يُواصل المُسلّحون من أبناء الطائفة السنية ومن بينهم مقاتلو "داعش" وأبناء العشائر العراقية يواصلون تقدّمهم في اتجاه العاصمة بغداد. 
في ما يلي، يقدم هذا الأستاذ بالمعهد العالي للدراسات الدولية بجنيف تصوّره للوضع هناك ولاحتمالات تطوره.
swissinfo.ch: هل فوجئت بالهجوم الخاطف الذي شنته "الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام" على الأراضي العراقية؟
ريكاردو بوكّو: هناك العديد من العناصر تدفع إلى الاعتقاد أن العديد من الجماعات الجهادية عزّزت قدراتها من خلال الاستفادة من الصراع المتواصل في سوريا والعراق. ما يُدهشني فعلا، ليست الأحداث في حدّ ذاتها، بل الجدل الذي يدور حولها. 
بعض وسائل الإعلام تشير إلى أن أسباب الأزمة الراهنة تعود إلى رحيل القوات الأمريكية من العراق، وفي الحقيقة فإن غزو الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 هو الذي يُصادف بداية الكارثة.
 أعطيك مثالا: في العام الماضي أظهر تحقيق قامت به هيئة الإذاعة البريطانية وصحيفة الجارديان كيف أن الولايات المتحدة استنجدت بخدمات جيمس ستيل، (وهو خبير أمريكي كان له دور كبير في ما يسمى بـ "الحروب القذرة" في منطقة أمريكا الوسطى وأشرف على فرق الموت في السلفادور)؛ لمساعدتها في مواجهة انتفاضة السّنّة عقب الغزو، وبعد أن فككت الجهازيْن الإداري والعسكري اللذيْن خلفهما نظام صدام حسين وكان السنة يُسيطرون عليهما.
 أُوكلت لهذا الخبير في العراق مهمة الإشراف على الوحدات الخاصة التي أسست مراكز اعتقال وتعذيب سرية لانتزاع اعترافات من المتمردين مستفيدا من التجربة الفرنسية في الجزائر في الخمسينات والستينيات، كما ساعد الشيعة على تأسيس فرق الموت لمواجهة السنة.
 الأمريكيون شركاءُ في المسئولية عن الكارثة التي تحدث اليوم في العراق. ويبدو أن العد التنازلي قد بدأ لحرب أهلية مفتوحة ومُعلنة.
swissinfo.ch: يلقّب أبو بكر البغدادي أمير الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بـ "بن لادن الجديد". هل ترى وجاهة في ذلك؟
ريكاردو بوكّو: البغدادي ليس بن لادن. ومشروعه حتى الآن ليس عالميا، بل هو يتحرك في حدود الإقليم، وفي قلب منطقة الشرق الأوسط. ولسان حاله يقول: سنُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط مستأنفين حركة التاريخ من سقوط الإمبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918). أنتم، أيها الغربيون، قسّمتم المنطقة، بحسب مصالحكم، ولم تفوا بوعودكم التي قدمتموها للعائلة الهاشمية في 1916 بإنشاء مملكة عربية. وأسهمتم لاحقا في إنشاء أنظمة دكتاتورية، ودولة إسرائيل. نحن نريد إزالة هذا النظام القديم.
swissinfo.ch: رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الذي تعرّض إلى انتقادات لمسئوليته الكبرى عن الأزمة الحالية، ألم يعزّز موقعه بعد هذا الصدام الدموي بين السنة والشيعة؟
ريكاردو بوكّو: هذه هي الكارثة. المُواجهة بين السنة والشيعة ليس ثابتا من ثوابت هذه المنطقة. وهي حالة تعود إلى المنافسة بين إيران الخمينية والمملكة العربية السعودية، والتي أدت في النهاية إلى اندلاع الحرب العراقية الإيرانية التي امتدت من 1980 إلى 1988.
بعدئذ جاء المشروع الأمريكي الذي هدف إلى فرض الديمقراطية على الشرق الأوسط باستعمال القوة والسلاح. وبدأ ذلك بإسقاط نظام صدام حسين في العراق. أضف إلى ذلك، أن أي رئيس من رؤساء الولايات المتحدة لم يستطع نزع فتيل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وكان يمكن أن يؤدي ذلك لو حدث إلى سحب البساط من تحت أقدام الإسلاميين في المنطقة؛ لأنه كان سيحرمهم من أهم حجة يستخدمونها في الدعاية والتعبئة.
وإلى حد السنة الماضية، حافظت الولايات المتحدة على علاقاتها الوثيقة مع المملكة العربية السعودية رغم أن هذا النظام- في أعيْن الكثيرين في المنطقة- شمولي يفتقد إلى الشرعية.
أخيرا، سمح الوضع الدولي خلال السنوات الثلاث الماضية للرئيس السوري بشّار الأسد بتجاوز كل الخطوط الحمر في حربه ضد المعارضة.
swissinfo.ch: هل ما زال الحصول على النفط عاملا مؤثرا ومحددا بالنسبة لمواقف الولايات المتحدة؟
ريكاردو بوكّو: مصادر الطاقة تظل مسألة محورية، ولكن الجميع يقلل من عامل آخر، وهو أن لوبيات الصناعات العسكرية في البلدان الكبرى قد وجدت في الشرق الأوسط حقل تجارب لا نظير له.
لا توجد أي منطقة أخرى في العالم شهدت استمرارية لنزاعات مسلحة وبهذه الكثافة مثل منطقة الشرق الأوسط، وهو ما سمح باختبار ترسانة كبيرة من الأسلحة وبيعها.

شارك