أحمد ديدات .. " فقيه المناظرات"

الخميس 01/يوليو/2021 - 08:26 ص
طباعة حسام الحداد
 
أحمد حسين ديدات (1 يوليو 1918 - 8 أغسطس 2005) داعية إسلامي اشتهر بمناظراته وكتاباته في المقارنة بين الدين الإسلامي والدين المسيحي. أسس وترأس المركز العالمي للدعوة الإسلامية في مدينة ديربان في جنوب إفريقيا، وحاز على جائزة الملك فيصل لجهوده عام 1986م. ويعد أحمد ديدات وكتبه من أهم روافد إشعال الفتنة بين المسلمين والمسيحيين في البلاد العربية، وغيرها؛ حيث تخصص في الهجوم على الكنيسة طيلة الوقت

حياته ومولده

ولد أحمد حسين ديدات في (تادكهار فار) بإقليم سورات بالهند عام 1918 م لأبوين مسلمين هما حسين كاظم ديدات وزوجته فاطمة، كان والده يعمل بالزراعة وأمه تساعده في عمله. انتقل والده إلى جنوب إفريقيا، وعاش في ديربان وغير أبيه اتجاه عمله الزراعي وعمل ترزياً (خياطاً) ونشأ أحمد على منهج أهل السنة منذ نعومة أظافره فلقد التحق أحمد بالدراسة بالمركز الإسلامي في ديربان لتعلم القرآن الكريم وعلومه وأحكام الشريعة الإسلامية وفي عام 1934م، أكمل الشيخ المرحلة السادسة الابتدائية، وثم قرر أن يعمل لمساعدة والده فعمل في دكان لبيع الملح، وانتقل للعمل في مصنع للأثاث وأمضى به اثني عشر عامًا، وصعد سلم الوظيفة في هذا المصنع من سائقًا ثم بائعًا ثم مديرًا للمصنع، وفي أثناء ذلك التحق الشيخ بالكلية الفنية السلطانية كما كانت تسمى في ذلك الوقت فدرس فيها الرياضيات وإدارة الأعمال.
وكانت نقطة التحول الحقيقي في حياته في أربعينيات القرن العشرين، وكان سبب هذا التحول هو زيارة بعثة آدم التنصيرية في دكان الملح الذي كان يعمل به ديدات، وتوجيه أسئلة كثيرة عن دين الإسلام لم يستطع وقتها الإجابة عنها.
وقرر ديدات أن يدرس الأناجيل بمختلف طبعاتها الإنجليزية حتى النسخ العربية كان يحاول أن يجد من يقرأها له وقام بعمل دراسة مقارنة في الأناجيل، وبعد أن وجد في نفسه القدرة التامة على العمل من أجل الدعوة الإسلامية ومواجهة المبشرين قرر بأن يترك كل الأعمال التجارية ويتفرغ لهذا العمل، وقد كان في فترة متأخرة أثناء عمله في باكستان عثر على كتاب (إظهار الحق) لرحمة الله الهندي عندما كان من مهامه في العمل ترتيب المخازن في المصنع، وقد كان الكتاب يتناول الهجمة التنصيرية المسيحية على وطنه الأصلي (الهند)؛ ذلك أن البريطانيين لما هزموا الهند، كانوا يُوقنون أنهم إذا تعرضوا لأية مشاكل في المستقبل فلن تأتي إلا من المسلمين الهنود؛ لأن السلطة والحكم والسيادة قد انتزعت غصباً من أيديهم، ولأنهم قد عرفوا السلطة وتذوقوها من قبل، فإنهم لا بد وأن يطمحوا فيها مرة أُخرى. وعلى هذا الأساس خطط الإنجليز لتنصير المسلمين ليضمنوا الاستمرار في البقاء في الهند لألف عام، وبدءوا في استقدام موجات المنصرين المسيحيين إلى الهند، وهدفهم الأساسي هو تنصير المسلمين وكان هذا الكتاب أحد أسباب فتح آفاق ديدات للرد على الشبهات التي أثارها بعض المسيحيين وبداية منهج لدعوة أهل الكتاب إلى الحوار وطلب البرهان والحجة من كتبهم.
وأخذ يمارس ما تعلمه من هذا الكتاب في التصدي للمنصرين، ثم أخذ يتفق معهم على زيارتهم في بيوتهم كل يوم أحد. فقد كان يقابلهم بعد أن ينتهوا من الكنيسة، ثم انتقل إلى مدينة ديربان وواجه العديد من المبشرين كأكبر مناظر لهم.
ثم سافر إلى باكستان في عام 1949 ومكث بها لمدة ثلاث سنوات. تزوج أحمد ديدات وأنجب ولدين وبنتاً خلال الفترة التي عمل فيها في مصنع للنسيج وبعدها عاد إلى جنوب أفريقيا إلى ديربان أصبح مديرًا لنفس المصنع الذي سبق أن تركه قبل سفره، ومكث حتى عام 1956 وكان فيها يحضر صباح كل أحد محاضرات دعوية. وكان جمهوره صباح كل أحد ما بين مائتين إلى ثلاثمائة فرد. وبعد نهاية هذه التجربة ببضعة شهور، اقترح شخص إنجليزي اعتنق الإسلام واسمه "فيرفاكس" أن يدرس: المقارنة بين الديانات المختلفة، وأطلق على هذه الدراسة اسم: (فصل الكتاب المقدس) وكان يقول بأنه سوف يعلم الحضور كيفية استخدام الكتاب المقدس في الدعوة للإسلام. استمرت دروس "فيرفاكس" لعدة أسابيع أو حوالي شهرين، ثم تغيب بعدها فاقترح عليهم أحمد ديدات أن يملأ الفراغ الذي تركه السيد "فيرفاكس"، وأن يبدأ من حيث انتهى؛ لأنه كان قد تزود بالمعرفة في هذا المجال، وظل لمدة ثلاث سنوات يتحدث إليهم كل أحد. وقد كان الشيخ جريئاً في دفاعه عن دينه ومن نتائج ذلك أنه أسلم على يديه كثير من المسيحيين من مختلف أنحاء العالم، والبعض منهم الآن دعاة إلى الإسلام.
وفي عام 1959 توقف أحمد ديدات عن مواصلة أعماله حتى يتسنى له التفرغ للدعوة إلى الإسلام من خلال إقامة المناظرات وعقد الندوات والمحاضرات. وفي سعيه لأداء هذا الدور زار العديد من دول العالم، واشتهر بمناظراته التي عقدها مع كبار رجال الدين المسيحي أمثال: فلويد كلارك، جيمي سواجارت، أنيس شروش.
أسس معهد السلام لتخريج الدعاة، والمركز الدولي للدعوة الإسلامية بمدينة ديربان. وألف أحمد ديدات ما يزيد عن عشرين كتاباً، وطبع الملايين منها لتوزع بالمجان بخلاف المناظرات التي طبع بعضها، وقام بإلقاء مئات المحاضرات في جميع أنحاء العالم. ولهذه المجهودات الضخمة مُنح أحمد ديدات جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 1986م وأعطي درجة "أستاذ".

المعلم الأول لـ"أحمد ديدات"

يقول السيد أحمد ديدات رئيس مركز الدعوة الإسلامية عن نفسه أنه ليس بعالم في ما يختص بالمواضيع العلمانية، أما عن معرفته في المواضيع الإسلامية فيعود الفضل في ذلك و باعترافه الشخصي للأفراد الذين ألهموه ومنهم البهائي "يوسف بيردو"، وهو الذي جاء لجنوب إفريقيا في عام 1950 لنشر البهائية في ذلك البلد، والذي قد تم كشفه على حقيقته في تلك الفترة إلى أن غادر جنوب إفريقيا. 
ونقتبس ما قاله أحمد ديدات عن تأثره بالبهائي يوسف بيردو من المقال الذي نشره في عاموده الخاص في مجلة "آراء هندية" في عددها الصادر في السادس من نوفمبر عام 1957 فيقول:
" لقد تعلمت عن الإسلام من خلال السيد يوسف بيردو أكثر مما تعلمته عنه خلال سني حياتي الـ38 السابقة".
والحقيقة المؤكدة أنه إذا اكتسب شخص ما معرفته الدينية من مصدر مشبوه فإن الخطر الكبير أن يقع هذا الشخص تحت تأثير الأفكار التي قد تؤثر، لاحقًا على عقيدته وأيمانه وأيمان الآخرين، وبالأخص إذا كان هذا الشخص منخرط في العمل الإسلامي الدعوي. وفي ذلك الحين ظهر ديدات وكأنه في حلف حيث سافر مع الدكتور "مول" من دائرة الدراسات العربية والذي استمر في تنظيم محاضرات يوسف بيردو بين المسلمين في دربان (في جنوب إفريقيا) رغم تصريحاته للمحامي "باوا" أمام كل من الدكتور "مول" والبروفيسور "وهج الرسول" والتي قال فيها "لا يوجد في القرآن ما يؤكد أن النبي محمد هو آخر نبي" وقد بقي الدكتور مول صامتًا طوال فترة تصريحات بيردو.
وفي محاولة السيد بيردو زرع بذار البهائية بين المسلمين المثقفين أولا، قال للمحامي: "باوا" بأن "الإسلام قد انتهى" و"أن الإسلام قد جاء فقط لمدة ألف سنة" ونتيجة لهذه الأقوال قام المحامي باوا بإصدار كتيب هاجم فيه يوسف بيردو؛ "من أجل منفعة القراء". 

المعلم الثاني لأحمد ديدات

أما المعلم الثاني لأحمد ديدات هو "رشاد خليفة" خادم الإسلام العظيم بحسب تعبير أحمد ديدات يعلن عن: "كشف النقاب عن آيتين مزيفتين في القرآن". 
"رشاد خليفة"، مخترع النظرية المزيفة الرقم 19 في القرآن [باستخدام علم الأرقام تزعم هذه النظرية وجود نمط حسابي مبني على الرقم 19 في كل آيات القرآن]، وقد قام بإخفاء نفاقه وخططه الشريرة بذكاء شديد عن طريق وضع قناع المسلم الصادق. وبعد نجاحه في خداع المجتمع الإسلامي بتصديق نظريته المعاصرة للرقم 19 ابتدأ الآن تدريجيًّا في كشف القناع عن هويته الحقيقية. فقد ظهر للعيان أول لمحة من نفاق رشاد خليفة عندما أعلن في نشرته "أفكار المسلم" إصدار مارس 1985:
"الحاسوب يكشف عن جريمة تاريخية: التلاعب بكلام الله: اكتشاف آيتين مزيفتين في القرآن: دعوة لكل المسلمين لفحص الدليل قبل إزالة الزيف".
أما نشرة "منظور المسلم" الصادرة في أبريل 1985 فقد طالعتنا بمقال جريء تحت عنوان "دليل إضافي يؤكد زيف آخر آيتين في السورة التاسعة سورة التوبة".
ونحن بالمقابل نقبل دعوته لفحص الدليل. ولكن قبل قيامنا بذلك نود أن نزيل قناع آخر، ونفضح حقيقة شريكه في هذه الجريمة الماكرة بحق القرآن الكريم. هذا الشريك الذي أصبح أداة أساسية في انتشار أفكار رشاد خليفة الشريرة، وهذا الشريك هو نفس الشخص الحاصل على جائزة الملك فيصل من الحكومة السعودية تقديرا لخدماته المميزة للإسلام هذا هو السيد أحمد ديدات.
لقد وصل انجذاب وانشغال أحمد ديدات بنظرية الرقم 19 إلى مرحلة الهوس بها، ورغم كل الردود والنقد المنطقي لهذه النظرية من قبل كتاب وعلماء مرموقين في العالم الإسلامي، إلا أن أحمد ديدات بقي البطل الثابت الجأش والداعم الغيور لنظرية معلمه ومرشده و"خادم الإسلام العظيم" بحسب تعبيره، رشاد خليفة.
كتب أحمد ديدات كتيبًا في العام 1979 أسماه "القرآن، معجزة المعجزات" وفيه قام بترديد ونقل أفكار رشاد خليفة. لقد أصبح أحمد ديدات في الواقع وبصورة فاعلة "صوت معلمه" فقد قال في كتيبه:
" لقد قمت بكل حرية واقتناع باقتباس الاكتشافات العلمية التي توصل إليها خادم الإسلام العظيم د. رشاد خليفة، وبطريقتي المتواضعة جدا... إذ قمت باستخدام معلوماته وبأماكن معينة في كتيبي قمت باقتباس جمله البليغة حرفيا؛ لأني لم أجد طريقة أقدر على التعبير".
هذا الكتيب لأحمد ديدات يوزع مجانًا من مكتب الإدارة العامة لمركز أحمد ديدات في دربان بجنوب إفريقيا. في عام 1985 نشر طبعته الأولى (20000 ألف نسخة) للتوزيع المجاني في المملكة المتحدة. لقد أصبح أحمد ديدات شريك في جريمة رشاد خليفة من خلال مساعدته في نشر هدفه المعلن بمهاجمة نزاهة القرآن الكريم. 
والآن فإن المعلم الثاني لأحمد ديدات يقول في إصداره الأخير لنشرة منظور المسلم بأن آخر آيتين في سورة التوبة من القرآن هما مزيفتان، ويجب أن لا تشكلا جزء منه.
وعليه فان المسلمين في كل أنحاء العالم ينظرون إلى رشاد خليفة على أنه مرتد، حتى إن بعضهم يكفرونه. آخرون يقولون بأنه منافق، وهناك البعض الذين يقولون إنه ليس مسلما وإنه خارج ملة الإسلام. فإذا كان أحمد ديدات قد أخذ معرفته الإسلامية من مصدر مثير للريبة كرشاد خليفة فإنه من المنطق القول بأن أحمد ديدات يفتقد للمعرفة الصحيحة بالإسلام وأن معرفته بالإسلام ليست فقط معرفة سطحية ومن الدرجة الثانية، وأنما معرفة خطيرة أيضًا.
وقد قال الشيخ م. س. دين أمام مسجد السلام في اثلون، كاب تاون، جنوب افريقيا عن رشاد خليفة وهو المعلم الثاني لأحمد ديدات: "كتاب رشاد خليفة، القرآن، النص النهائي (النسخة الانجليزية المصرح بها) هي عار على الترجمة والتفسير القرآني، ويجب أن تحظر من قبل السلطات الإسلامية والمؤسسات والمنظمات وحتى الأفراد في كل أنحاء العالم". 

مؤلفاته

في بداية الخمسينيات أصدر كتيبه الأول: "ماذا يقول الكتاب المقدس عن محمد صلى الله عليه وسلم؟ ".
ثم نشـر بعد ذلك أحد أبرز كتيباته: "هل الكتاب المقدس كلام الله؟ ".
وأصدر أيضا :
مسألة صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء.
من دحرج الحجر؟
المسيح في الإسلام.
محمد: الخليفة الطبيعي للمسيح.
ما هو اسمه؟ (الله في اليهودية والمسيحية والإسلام)
الاختيار.
شيطانية الآيات الشيطانية وكيف خدع سلمان رشدي الغرب؟
عتـاد الجهـاد.
الخمر بين المسيحية والإسلام.
من المعمدانية إلى الإسلام.
وغيرها الكثير. وفي عام 1959م توقف ديدات عن مواصلة الكتابة حتى يتسنى له التفرغ إلى الدعوة إلى الإسلام من خلال إقامة المناظرات وعقد الندوات والمحاضرات. وكان ديدات العضو المؤسِّس الأوَّل للمركز الدوليِّ لنشر الإسلام "معهد السلام لتخريج الدعاة" "IPCI"،بمدينة ديربان بجنوب إفريقيا وأصبح رئيساً له.
المرض والوفاة 1996-2005
وفي عام 1996 بعد عودته من أستراليا بعد رحلة دعوية أصيب بمرضه الذي أقعده طريح الفراش طيلة تسع سنوات، وقيل إنه كان قد أصيب بجلطة في الشريان القاعدي في شهر أبريل عام 1996 بسبب عدة عوامل على رأسها أنه مريض بالسكري منذ فترة طويلة، وقد أصيب بجلطة في الدماغ. وأمضى آخر تسع سنوات من حياته على السرير في منزله في جنوب إفريقيا حيث قامت زوجته حواء ديدات بالاعتناء به. توفي صباح يوم الاثنين الثامن من أغسطس 2005م.

شارك