أمين الحسيني.. أمين الأقصى والتقارب النازي الإخواني

الخميس 04/يوليو/2019 - 11:15 ص
طباعة
 
أمين الحسيني هو أشهر من تولى منصب الإفتاء في فلسطين، وكان في الوقت نفسه رئيس المجلس الإسلامي الأعلى ورئيس العلماء، وظل يلعب دورًا مهمًّا في الصراع العربي الإسرائيلي خاصة في سنواته الأولى أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات. ولد في القدس وقضى جزءًا من حياته مهاجرًا في العديد من العواصم العربية والغربية، ثم توفي في لبنان ودفن فيها.

الميلاد والنشأة

ولد محمد أمين الحسيني في القدس عام 1895 لأسرة ميسورة، كان والده يهتم بالعلم، ويحرص على أن يلتحق أولاده بأشهر المدارس والمعاهد العلمية في عهده.
التعليم
تلقى تعليمه في القدس بإحدى مدارسها، واختار له والده عددًا من العلماء والأدباء لإعطائه دروسا خصوصية في البيت، ثم التحق بكلية الفرير بالقدس لتعلم اللغة الفرنسية وبعد قضاء عامين بها التحق بالجامع الأزهر في القاهرة، وخلال دراسته بالأزهر أدى فريضة الحج مع أهله فأطلق عليه لقب الحاج الذي لازمه طوال حياته. وكان لدراسته في مصر وتعرفه على قادة الحركة الوطنية آنذاك أثر في اهتمامه المبكر بالسياسة. وفي عام 1915 التحق بالكلية الحربية بإسطنبول التي تخرج فيها برتبة ضابط صف.
وتذكر بعض المصادر أن أمين الحسيني في نهاية عام ١٩١٤ التحق بالجيش العثماني، وأمضى فيه مدة عامين، ثم تمت إعادته إلى القدس بعد احتلالها من قبل بريطانيا، حيث اشترك في الجيش البريطاني، ومن خلاله وجه نداء للشباب الفلسطيني للالتحاق بهذا الجيش، وكان أحد كتبة المنشورات التي كانت تلقيها الطائرت البريطانية على سكان القرى والمدن في فلسطين وسوريا، وكان يقول في منشوراته "أن الالتحاق بالجيش البريطاني هو من أجل وطني ومن أجل تحرير أرضنا من الأتراك!".
وقد وصفه الضابط البريطاني سي. بيرتون في تقرير له عن الحسيني بأنه كان مخلصًا جدًّا لبريطانيا.
وفي عام ١٩١٩ زار دمشق لدعم الأمير فيصل ليكون ملكًا على سوريا، وفي نفس السنة افتتح فرعًا من النادي العربي السوري في القدس وهو ناد للعرب المؤيدين للسياسة البريطانية – الذي يتهمه البعض بالماسونية حيث كان يدار في سوريا من قبل عبد القادر المظفر، صديق الحسيني المخلص- فيما بعد- وحافظ أسراره وجامع التبرعات له ولمؤسساته.
في عام ١٩٢٢ أنشأ المندوب السامي هربرت صموئيل "المجلس الإسلامي الأعلى" الأسلمة مفيدة!، وبالطبع لم يجد أكفأ من الفتى نفسه أمين الحسيني لرئاسة هذا المجلس، والذي كان يدعم مباشرة من الحكومة البريطانية والوكالة اليهودية، ولقد ثبتت إسلامية هذا المجلس ووطنيته حين رفض التدخل في من باعوا أرضهم لليهود وحتى في عدم حماية أوقاف للمسلمين استولى عليها الصهاينة، بل لا يستبعد بأنه هو الذي منح وقف إسلامي للصهاينة لبناء مكتبة الجامعة العبرية مكانه، وعلى كل الأحوال رفض نداءات المقادسة من أجل إنقاذ هذا الوقف.
في عام ١٩٢٨ وافق المفتي أمين الحسيني على اتحاد ما بين سوريا وفلسطين أو بالأحرى جزء من فلسطين، في مملكة ويكون أحد أبناء الملك عبد العزيز آل سعود ملكا عليها، لكن فرنسا عارضت مشروعا كهذا.
وفي نفس العام تعاون مع سلطة الانتداب البريطانية حين سمح بإعطاء المزيد من الحقوق والتراخيص اللازمة للصهاينة بالصلاة عند حائط البراق (المبكى عند اليهود) وحرية الوصول إليه متى شاءوا، كما أوقف البناء الذي كان يعد لبنائه بعض المقدسيين من أجل حماية حائط البراق من الصهاينة، وذلك بناء على طلب تقدم به المندوب السامي للحسيني.
وفي ٢٣ أغسطس ١٩٢٨ وبعد أن قتل ثلاثة من الفلسطينيين على أيدي يهود، اشتم الإنجليز بأن ثورة ستحدث خاصة وأن اليوم يوم جمعة كما تواردت لهم أنباء أن بعض المصلين الذين يتوافدون على المسجد الأقصى من القرى التي حوله يأتون ومعهم عصي وسكاكين، مما حدا بمساعد الحاكم العسكري البريطاني "هاري ليوك" الذهاب إلى بيت أمين الحسيني والطلب منه أن يلقي خطبة الجمعة ويهدئ الجموع القادمة، وذلك بدلا من الشيخ الآخر الذي كان من المفترض أن يلقي الخطبة، فامتثل الحسيني للأمر وطبعًا كانت النتيجة أنه لعن من قبل المصلين والذين اتهموه بموالاة الإنجليز والصهاينة، ووصموه بأنه عار على المسلمين، وما نجحت تهدئة المفتي وكانت الثورة التي قتل فيها ١٣٣ يهوديا و١١٦ فلسطينيا.

مفتي القدس

بعد وفاة مفتي القدس كامل الحسيني أخو أمين الحسيني الأكبر، تم تعيين أمين الحسيني كمفتي للقدس وبتدخل مباشر من المندوب السامي البريطاني هربرت صموئيل وهو يهودي صهيوني أرسلته بريطانيا لفلسطين من أجل تطبيق وعد بلفور ولو بالقوة، وقد اعتبرت صحيفة المورننج بوست البريطانية إرساله "خطأ تاريخيا عند كل البشر إلا اليهود".
وحين فشل أمين الحسيني في الفوز بانتخابات "منصب المفتي" حيث سبقه ثلاثة أشخاص، أزاحهم المندوب السامي هربرت صموئيل واختار الفتى أمين الحسيني والذي لم يكن قد وصل لسن الخامسة وعشرين عامًا.
فأنشأ المجلس الإسلامي الأعلى للإشراف على مصالح المسلمين في فلسطين، وعقد المجلس في المسجد الأقصى مؤتمرًا كبيرًا عام 1931 سمي المؤتمر الإسلامي الأول حضره مندوبون من مختلف البلدان العربية والإسلامية.
وأصدر الحسيني فتوى اعتبرت من يبيعون أرضهم لليهود والسماسرة الذين يسهلون هذه العملية خارجين عن الدين الإسلامي ولا يجوز دفنهم في مقابر المسلمين. ونشط الحاج أمين في شراء الأراضي المهددة بالانتقال إلى أيدي اليهود وضمها إلى الأوقاف الإسلامية.
رأى الحسيني أن الشعب الفلسطيني لم يكن مؤهلا لخوض معركة عسكرية بطريقة حديثة، فأيد الجهود السياسية لحل القضية الفلسطينية. وفي الوقت نفسه كان يعمل بطريقة سرية لتكوين خلايا عسكرية اعتبرت النواة الأولى التي شكل منها عبد القادر الحسيني فيما بعد جيش الجهاد المقدس.
عقب استشهاد عز الدين القسام عام 1935 اختير الحسيني رئيسًا للهيئة العربية العليا التي أنشئت في العام نفسه، وضمت مختلف التيارات السياسية الفلسطينية، وكان له دور بارز في ثورة 1936 عن طريق تسهيل دخول المتطوعين الذين وفدوا للدفاع عن فلسطين من مختلف البلدان العربية.
رفض الحسيني مشروع تقسيم فلسطين بين العرب واليهود الذي طرح في يونيو 1937 وقاومه بشدة، فعملت السلطات البريطانية على اعتقاله، لكنه التجأ إلى الحرم القدسي الشريف فخشيت بريطانيا من اقتحام الحرم حتى لا تثير مشاعر الغضب لدى العالم الإسلامي، فظل الحسيني يمارس دوره في مناهضة الاحتلال من داخل الحرم.

الهرب إلى لبنان

وبعد اغتيال حاكم اللواء الشمالي إندروز أصدر المندوب السامي البريطاني قرارًا بإقالة المفتي أمين الحسيني من منصبه واعتباره المسئول عن الإرهاب الذي يتعرض له الجنود البريطانيون في فلسطين. واجتهدت السلطات البريطانية في القبض عليه لكنه استطاع الهرب إلى يافا ثم إلى لبنان بمركب شراعي، فقبضت عليه السلطات الفرنسية لكنها لم تسلمه إلى بريطانيا، وظل في لبنان يمارس نشاطه السياسي.
واضطر للهرب من لبنان مرة أخرى بعد التقارب الفرنسي البريطاني، فتنقل بين عدة عواصم عربية وغربية، وصل أولا إلى العراق ولحق به بعض المجاهدين، وهناك أيد ثورة رشيد عالي الكيلاني، ثم اضطر لمغادرتها بعد فشل الثورة فسافر إلى تركيا ومنها إلى بلغاريا ثم ألمانيا التي مكث فيها أربعة أعوام. 

منظمة الشباب الفلسطيني

طالبت بعض الدول الأوروبية بمحاكمته على أنه مجرم حرب ومن مؤيدي النازية، وضيقت الخناق عليه فاضطر للهرب إلى مصر ليقود من هناك الهيئة العربية العليا مرة أخرى، وليعمل على تدعيم جيش الجهاد المقدس، وتولى مهمة التجهيز والتنسيق والإمداد للمجاهدين. وهناك أنشأ منظمة الشباب الفلسطيني التي انصهرت فيها منظمات الكشافة والجوالة لتدريبهم على السلاح.
الحسيني والهولوكوست
فإنّ اشتراك الحسيني في "الحلّ النهائي"، كما سمّيت الخطّة النازية لإبادة كلّ يهود أوروبا، لا يمكن إنكاره. الحاج بنفسه لم يحاول أن يخفي ذلك، بل إنّه تفاخر فيه.
في 6 تشرين الثاني عام 1941 وصل الحسيني إلى برلين والتقى يواكيم فون ريبنتروب، أحد زعماء النظام النازي في ألمانيا. في وقت لاحق، اصطحب الحسيني بشكل شخصيّ إلى جولة تفقدية ولمتابعة عملية الإبادة في غرف الغاز في أوشفيتس، جنبًا إلى جنب مع أدولف إيخمان، والذي أعدم بعد سنوات في إسرائيل على جرائمه النازية ومسئوليته المباشرة عن مقتل ما يقرب نصف مليون يهودي.
في 28 من نفس الشهر التقى مع هتلر نفسه، وبعد ذلك قال إنّه كان هناك توافق في الآراء بينهما، وإنّ هتلر قال له: ينبغي حلّ المشكلة اليهودية "خطوة وراء خطوة". تلقّى الحسيني وعدًا بأنّه حين يتم احتلال الشرق الأوسط فإنّ "هدف ألمانيا الوحيد سيكون إبادة العنصر اليهودي المقيم في المجال العربي تحت الحماية البريطانيّة". لم يتطرّق لا هتلر ولا الحسيني للملاحقات وقتل المسلمين الذي مارسه النازيّون في أوروبا.
توقّع الحسيني أن يتقدّم الجيش الألماني، الذي حقّق انتصارات كبيرة خلال حملته في الشمال الإفريقي من هناك، بعد انتصاره، شرقًا نحو مصر وأرض إسرائيل. انضمّ إلى وحدة إس إس في البلقان، وهناك ساهم في تجنيد الجنود لشعبة الإس إس من المسلمين في البوسنة، وكذلك في تأسيس الفيلق العربي الحرّ، وهو وحدة عربية عملت في إطار الجيش الألماني (جيش دائم لألمانيا النازية).
بالإضافة إلى ذلك، تعاون الحسيني مع العمليات النازية داخل أراضي إسرائيل، وكان من مخطّطي "عملية أطلس"، تسميم خزّانات المياه من أجل إبادة يهود تل أبيب من قبل مظليّين ألمان وعرب هبطوا في منطقة أريحا. ووفقًا للتقديرات، كانت كمية السمّ قادرة على إبادة نحو ربع مليون شخص، ولكن في تشرين الأول عام 1944 قبضت الشرطة السرّية البريطانية على بعض المشتركين في العملية في منطقة أريحا، ولم يتمّ تنفيذها.
بين السنوات 1941- 1945 كان الحسيني ناشطا في خدمة النازيين، بل وتلقّى منهم راتبًا شهريّا يقدّر بـ 50,000 مارك (ضعف راتب المشير في الجيش الألماني). في هذا الإطار، توجه الحسيني إلى حكومات إيطاليا، بلغاريا وهنجاريا طالبًا إلغاء التصاريح التي أعطوها لليهود في حين طالبهم بالتعجيل لطرد اليهود إلى بولندا، وهي خطوة تعني تسليمهم للنازيين.

الحسيني والبنا والتعاون مع النازية

في القاهرة عام 1928 أقسم أمين الحسيني بين يدى البنا بالولاء لجماعة الإخوان المسلمين المصرية، بعدها نشط في مجال الدعوة لأشهر قليلة غادر بعدها لفلسطين بسبب وفاة شقيقه الشيخ «كامل الحسيني» مفتى القدس، وهناك أصبح الشيخ أمين الحسيني بناء على تكليف البنا أول ممثل خارجي لجماعة الإخوان المسلمين المصرية في فلسطين.
وطبقًا لسرد الوثائق الألمانية التي تخص هذه المرحلة كلف حسن البنا الشيخ أمين الحسيني لإنشاء الكلية الإسلامية بالقدس، حتى تخرج العناصر المؤيدة للجماعة المصرية في فلسطين، وسجل بذلك أول أمر تصدره جماعة الإخوان خارج الحدود المصرية.
بعدها غادر الشيخ أمين الحسيني القدس إلى القاهرة للقاء الشيخ حسن البنا لوضع خطة تقوية تواجد جماعة الإخوان المسلمين المصرية في فلسطين، فيعود الحسيني بفكرة إنشاء دار للأيتام المسلمين، فيشير عليه البنا بضرورة البدء بطرح نفسه دوليا وعربيا، فيعلن الحسيني عن إنشاء لجنة إعمار وترميم المسجد الأقصى، ويجمع البنا لصالحه التبرعات حتى يكتمل المشروع في عام 1929.
بسبب هذا انتخب الشيخ أمين الحسيني لرئاسة مؤتمر العالم الإسلامي بداية من عام 1931، ويرسل إليه الشيخ حسن البنا يومها برقية قصيره قرأها الحسيني بتمعن، ثم قرر إقامة أول جمعية إسلامية أطلق عليها اسم «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» مقرها القاهرة. وهي جمعية إسلامية تبنت أفكار الجهاد المسلح ضد الغزاة، حيث وضعها الاحتلال البريطاني على قائمة الجمعيات الإرهابية في فلسطين.
لهذا السبب طاردت السلطات البريطانية الشيخ أمين الحسيني حتى نجح في الهروب من فلسطين ليلة 13 أكتوبر 1939 إلى الحدود اللبنانية متخفيا في زي امرأة عربية منتقبة.
المثير أن المستندات الرسمية المسربة من ملف علاقات جماعة الإخوان المسلمين بالحزب النازي الألماني سجلت أن الشيخ الحسيني اضطر لدفع رشوة إلى قائد القوات الفرنسية في مدينة بيروت قدرها خمسمائة جنيه استرليني حتى يتركه يهرب في زي سيدة منتقبة، وأنه ظل مرتديًا زي امرأة ممشوقة القوام طيلة الطريق إلى العاصمة العراقية بغداد، لدرجة تعرضه لحادثة تحرش جنسي لم تشر إليها الوثائق من قبل من سائق الشاحنة التي أقلته مع ركاب آخرين، ولولا أنه نجح في تمثيل دور سيدة بكماء لكان افتضح أمره.
هرب الشيخ أمين الحسيني بأفكار حسن البنا إلى العاصمة الإيرانية طهران، حيث اتصل هناك بجهاز الاستخبارات الإيطالية المسمى يومها SIM  الثابت نشاطه دوليا في الفترة من عام 1900 حتى عام 1949 طالبا المساعدة، فنقلوه سرا إلى مبنى السفارة اليابانية الذي كمن الحسيني داخله عدة أشهر انتظارا للهرب خارج إيران، حتى وفرت له الاستخبارات الإيطالية صباح 7 أكتوبر 1941 وثيقة سفر خاصة بسيدة بريطانية الجنسية بكماء هرب بواسطتها مرتديا زي النساء الأوربيات، تلك المرة في رحلة مثيرة إلى تركيا التي وصلها صباح العاشر من أكتوبر 1941 ومنها مباشرة جوا إلى بلغاريا ورومانيا وصولا إلى المجر.
في المجر أصبح الطريق مؤمنا أمام الشيخ أمين الحسيني حيث استقبلته الاستخبارات الإيطالية ونقلته على الفور إلى العاصمة روما التي وصلها مساء 11 أكتوبر 1941.
طبقًا للتفاصيل أقام الشيخ أمين الحسيني في روما في منشأة عسكرية وفرت له الحماية الكاملة بعيدًا عن عيون العملاء البريطانيين حتى تقابل في قصر «فينيسا» الموجود بقلب روما شمال هضبة الكابيتول صباح 27 أكتوبر 1941 مع القائد الإيطالي الفاشيست المارشال «بنيتو اميلكارى أندريا موسيلينى».
في اللقاء التاريخي الذي استمر لأكثر من ثلاث ساعات عرض الشيخ الحسيني على المارشال وسيليني شرحا لفكر جماعة الإخوان المسلمين المصرية، فوقف المارشال الفاشيست وتجول في غرفة مكتبه وهو في حالة نشوة روحية غريبة، ثم جلس وكتب برقية شخصية منه إلى الشيخ حسن البنا طالبه فيها بالانضمام إلى صفوف الجيش الإيطالي ثم سلم البرقية إلى الحسيني لكي ينقلها إلى البنا في مصر. 
وطبقًا لمعلومات الأرشيف الألماني الرسمي عاش الحسيني في روما حتى طلب نقله إلى العاصمة الألمانية برلين فأمر المارشال موسيليني له بطائرة مقاتلة إيطالية أقلته جوا إلى برلين التي وصلها صباح 6 نوفمبر 1941 وسط أجواء معارك الحرب العالمية الثانية المحتدمة في أوروبا.
وللتوثيق من واقع الوثائق الألمانية أشرف الجنرال النازي «هينريخ لويتبولد هيملر» قائد وحدة SS الشهيرة شخصيًّا على العملية السرية لاستقبال الشيخ أمين الحسيني في العاصمة برلين.
وفي العاصمة النازية برلين ظهر الحسيني بتاريخ 28 نوفمبر 1941 في صور رسمية وثقتها مستندات الأرشيف الألماني السرى وهو في لقاء خاص مع «أدولف هتلر»، وطبقًا للوثائق التي دونت بروتوكول الجلسة التي امتدت لسبع ساعات متواصلة أنصت هتلر خلالها لحديث الحسيني ودرس بتمعن أفكار الشيخ حسن البنا، ثم طلب أن يتقابل مع الحسيني مرة ثانية ليكمل الإنصات لأفكار جماعة الإخوان التي أقلقته.
وقد سجلت السطور أن أمين الحسيني أصاب القائد النازي أثناء الجلستين بفيروس أفكار البنا، لكنه أنكر للمقربين منه بعدها تعمده تجنيد هتلر لجماعة الإخوان المسلمين المصرية.
بينما رصدت وثائق الأرشيف الألمانية قرارات أصدرها أدولف هتلر مباشرة عقب لقائه مع الحسيني، أبرزها فتح أبواب الكليات العسكرية الألمانية لتدريب وتجنيد الشباب المسلم من جماعة الإخوان المسلمين المصرية لحساب الجيش النازي.
كتيبة خاصة لجماعة الإخوان المسلمين المصرية تشكلت داخل الجيش النازي، وهي كتيبة ضمت أعراقا إسلاميًّة مختلفة، بينها أقلية من البوسنيين والكروات والأتراك مع أكثرية من شباب جماعة الإخوان المسلمين المصرية، الذين أرسلهم الشيخ حسن البنا سرا إلى برلين تجاوبا لطلب هتلر في رسالته الشخصية الأولى إلى البنا.
للتوثيق رصدت الوثائق الألمانية السرية للغاية عدة رسائل بين الشيخ حسن البنا المرشد العام الأول لجماعة الإخوان المسلمين المصرية وبين الزعيم النازي أدولف هتلر، أبرزها رسالة مشفرة كشفت لأول مرة أن جماعة الإخوان تجسست أثناء الحرب العالمية الثانية على الجيش البريطاني في مصر لحساب هتلر شخصيا.
واشترط حسن البنا على الاستخبارات الألمانية الإبراق برسائله مباشرة إلى مكتب الزعيم النازي أدولف هتلر؛ خشية أن يفتضح أمره لجواسيس الحلفاء المزروعين في جنبات الحزب النازي، وهو طلب ذكي منح برقيات معلوماته الحماية والسرية الفائقة.
لا تكشف الوثائق الألمانية السرية الطريقة التي تم بها تجنيد حسن البنا للعمل لحساب القائد أدولف هتلر، ومع ذلك حددت الوثائق تاريخ تجنيد البنا لحساب النازية بتاريخ 15 أكتوبر 1941، موضحة أن الشيخ أمين الحسيني لعب دور همزة الوصل في عملية تجنيد البنا، حيث أرسل إليه الحسيني مع رفقاء بالدعوة- يعرفهم البنا شخصيًّا، وسبق له التعامل معهم مباشرة- خطاب هتلر الذي صاحبه ضباط كبار من الاستخبارات الألمانية.

تحت الإقامة الجبرية

أوعزت الحكومة البريطانية إلى الملك فاروق لإعطاء أوامره بفرض الإقامة الجبرية عليه في منزله بعد النكبة الكبرى عام 1948 وشددت عليه الرقابة. وظل على تلك الحال إلى أن اندلعت ثورة 1952 في مصر.

التعاون مع ثورة 1952

تعاون الحسيني مع قادة الثورة في نقل الأسلحة سرًّا إلى سيناء ومنها إلى الفدائيين الفلسطينيين في الداخل، واستمر على هذه الحال حتى قرر عام 1959 الهجرة إلى سوريا ومنها إلى لبنان.

وفاته

استأنف محمد أمين الحسيني في بيروت نشاطه السياسي فأصدر مجلة "فلسطين" الشهرية، وظل في لبنان حتى توفي عام 1975 ودفن في مقبرة الشهداء عن عمر يناهز 79 عاما.

شارك