الدكتور محمد منير مجاهد: ازداوجية المعايير وإثارة النعرات سلاحا الغرب لتفتيت الشرق الأوسط
الإثنين 11/أغسطس/2014 - 07:36 م
طباعة
التنظيمات المتطرفة تجد الدعم بسبب ثقافة التمييز
المؤسسات الدينية بحاجة إلى ثورة لتطويرها من الداخل
تماسك الشعب في مصر أدى إلى استكمال ثورة 25 يناير
دخلت منطقة الشرق الأوسط منعطفًا خطيرًا، نتيجة ما يقوم به ما يُسمى بـ"تنظيم الدولة الاسلامية في العراق"، ودفعت الأقليات الدينية الثمن نتيجة نشر التطرف المذهبي والطائفي، مما ترتب عليه تدخل الولايات المتحدة بغارات جوية، ومساعدات إنسانية، مع محاولات من مجلس الأمن للتدخل، لمعاقبة الدول الداعمة للجماعات المتطرفة.
ومع انتشار دعوات التطرف والتمييز على أساس الدين ، حاورنا الدكتور محمد منير مجاهد، مؤسس جماعة "مصريون ضد التمييز الديني"، والتي كان لها دور كبير في التوعية بقبول الآخر ووقف كل أشكال التمييز الديني في الإعلام والثقافة والمناهج التعليمية.
وكشف الدكتور منير مجاهد عن مسئولية وسائل الإعلام والمناهج التعليمية في خلق ثقافة تمييزية في المجتمع، إلى جانب ازدواجية المعايير لدى الغرب، في دعم جماعات متطرفة، وفى الوقت نفسه شن حرب شرسة على الإرهاب، حتى أصبحت منطقة الشرق الأوسط على فوهة البركان، وإلى نص الحوار...
• كيف تري الشرق الأوسط حاليا؟
- هناك وجود ملحوظ للتطرف الديني، والجماعات الجهادية، والانتقال من التحريض على الكراهية، إلى التعدي على الأقليات الدينية بشكل مباشر، وأصبحت المنطقة على صفيح ساخن، وزادت فيه النعرات الطائفية والخلافات المذهبية، وهو ما أثر بشكل كبير على المجتمعات، حتى أصبحت الجماعات الجهادية تجول وتعبث بأمن البلدان، وتستولى على آبار البترول والأسلحة من الجيوش النظامية، لاستكمال مخططتها لهدم الدول.
• من له مصلحة في إثارة مثل هذه النعرات والخلافات؟
- بالطبع هناك من يريد إضعاف الدول العربية، وخاصة الدول المحورية مثل مصر والسعودية، بعد أن تفتت الدولة العراقية، وكذلك الدولة السورية، إلى جانب تردى الأوضاع في ليبيا، وهو ما يجعل من محاولات بعض الدول الغربية لإعادة تقسيم المنطقة خطوة تستحوذ على اهتمام الغرب، وتضعه بلا شك في دائرة المستفيدين من جراء هذه الخلافات.
• كيف تري انعكاسات الاوضاع الاقليمية على الاقليات؟
- الوضع في غاية الخطورة، وما تتعرض له الأقليات في سوريا والعراق انتهاكات فاضحة وجريمة ضد الإنسانية، وتعرض المسلمين السُنة أيضًا لمشكلات عديدة، وتمييز واضح، فتنظيم "داعش" يعمل على مهاجمة الشيعة، والمسلمون السنة يتعرضون لمشكلات عديدة أيضا، ولا يوافقون على ما تقوم به العناصر المتشددة، ولكن لابد من وقفة حازمة لمنع تدهور الأوضاع إلى الأسوأ، في ظل الجرائم غير الإنسانية التي ترتكب ضد المسيحيين واليزيدين في العراق.
والمؤسف في الموضوع هو تعاطف فئات من المجتمع مع الافكار المتطرفة، حتى أصبح لتنظيم داعش قبولا لدى فئات عديدة في مجتمعنا، وهو ما يزيد من صعوبة الموقف الراهن
• هل ترى أن هناك ثقافة تمييزية أصبحت موجودة في مجتمعنا؟
- بالطبع، فخلال متابعتي لإحدى المقالات التي تتحدث عن الطائفية اليزيدية، وجدت تعليقات من القراء سلبية جدا، ومثل هذه الثقافة المنتشرة وسط قطاع ليس بقليل في المجتمع، يعمل على خلق مجموعات داعمة لتنظيم "داعش" وغيره من الجماعات المتطرفة، وهو ما يفتح الباب أمام ضرورة مواجهة ثقافة التمييز التي استفحلت مؤخرًا بشكل لم يكن موجودا من قبل.
• هناك متابعون يرصدون محاولات تفريغ الشرق الأوسط من المسيحيين، كيف تري ذلك؟
- أعتقد أن هناك من له مصلحة في إعادة رسم المنطقة من جديد، وإعادة تشكيل البلدان على أسس مذهبية وطائفية، وهو ما يعد تحديًا كبيرًا أمام دول المنطقة، التي عليها أن تتسلح بالدستور والقانون وأسس الدولة الدستورية الوطنية الحديثة، التي تقوم على أسس المواطنة واحترام حقوق الانسان، ومواجهة المحاولات الغربية لإضعاف المنطقة.
• لماذا لم ينتفض الغرب لإنقاذ المسيحيين في العراق؟
- هناك ازدواجية في المعايير بشكل فج، فالغرب لا يبحث إلا عن مصالحه، وكثيرًا ما استخدمت الدول الغربية ملفات حقوق الإنسان والحريات الدينية للضغط على الأنظمة العربية، ولكن في أزمة العراق وسوريا، ترك الغرب الباب مفتوحا للجماعات المتطرفة لكى تُنتهك حقوق الأقليات الدينية، وهو ما يثير كثيرًا من علامات الاستفهام.
• كيف تري الحلول الممكنة لمواجهة التطرف الديني؟
- لا بديل عن تنقية المناهج الدراسية من كل أفكار التمييز وبث الكراهة، ولابد ايضا من تنقية التراث من الأفكار والفتاوى الخاطئة، وبلا شك المؤسسات الدينية بحاجة إلى ثورة لكى يتم تطويرها من الداخل، كي تتناسب مع طبيعة المرحلة، نظرا للدور الخطير الذى تلعبه المؤسسات الدينية في تشكل المجتمع والتأثير على أفكاره.
كذلك لابد من نشر أفكار غير نمطية لمكافحة التمييز، من خلال عمل مشروعات صغيرة تدعمها الدولة وترعاها المنظمات المدنية، وتضم المسلمين والمسيحيين معا، من أجل التقارب الدائم، ومقاومة التمييز.
• كيف تري تصريحات شيخ الأزهر في تقييد حرية ممارسة الشعائر الدينية للمسيحيين مقابل الحفاظ على الأمن القومى؟
- لا أعرف ما معنى يتهدد الأمن القومي نتيجة الصلاة داخل الكنائس، ولماذا استخدام مثل هذه المصطلحات لترويع المواطنين، وتقييد حرياتهم، وهو أمر مرفوض ولا يمكن الموافقة عليه، فالدستور ينص على حق كل مواطن في حرية اعتقاده، وأن توفر الدولة له ممارسة هذا الحق.
• هل هناك قوى إقليمية ودولية لها مصلحة في إثارة النعرات الطائفية في الشرق الأوسط؟
- بالطبع، كل من لهم مصلحة في إضعاف الدولة المصرية وغيرها من البلدان يكون مسئولًا عن إثارة النعرات الطائفية، وهناك بلدان تبحث عن الريادة والتحكم في مصير الشعوب، ومستقبلها، وسرقة خيراتها، ولن تفشل هذه المخططات ما لم تتوحد المجتمعات من أجل الحفاظ على وحدة بلدانهم، وإفشال هذه المخطط، ولنا في مصر خير مثال، وبفضل ثورة 30 يونيه حافظ الجيش على استكمال ثورة 25 يناير، وحمايتها، وعدم الوقع فى فخ الحرب الأهلية، بسبب سياسات جماعة الاخوان المسلمين والرئيس المعزول محمد مرسي.
• كيف تُسهم المنظمات والجمعيات الأهلية في توعية المواطنين بالمواطنة وحقوق الإنسان؟
- الجمعيات الأهلية تعمل في إطار المناخ المسموح لها، وليس في قدرتها أكثر من عقد ندوات ومؤتمرات وورش العمل، إلى جانب عروض فنية ورياضية لنشر ثقافة التسامح وقبول الآخر، ونحن في "مصريون ضد التمييز الديني"، كانت لنا مساهمة في هذا الإطار، ولكن في ظل مُناخ التخوين والعمالة للعمل الأهلي، أصبحت هناك قيود على العمل الأهلي، ومنع الجمعيات من القيام بالدور المتوقع منها، لذا على الحكومة أن تسهل الاجراءات التي تكفل للجمعيات الأهلية المساهمة في نشر ثقافة الحوار وقبول الاخر، ومكافحة التعصب الديني.
• ما رسالتك للحكومة؟
- أن ترفع القيود الموضوعة على الجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية، من أجل بيئة مجتمعية تعمل على نشر ثقافة الحوار، وتنقية المناهج التعليمية من الأفكار التمييزية، إلى جانب فرز المدرسين المنتمين لجماعة الإخوان، وضم جامعة الأزهر للجامعات الأخرى، وتطوير التعليم الأزهري، بدلًا من وضعه الحالي.
• وما رسالتك للمؤسسات الدينية؟
- تطوير الخطاب الديني ومنع المتطرفين من اعتلاء المنابر، ودعم ثقافة التسامح واحترام عقائد الآخر، والحريات الدينية، وتنشئة المجتمع على القيم العليا للأديان، ومنع السجالات الطائفية والعقائدية.
• وللإعلام؟
- الكف عن اثارة التمييز والكراهية، واعداد ميثاق شرف إعلامي يعمل على احترام حريات المواطنين ،وصون معتقداتهم، ومنع التدخل فى شئونهم ، حتى لا يسقط المجتمع اسري الضغط الإعلامي.
• ما الواجب المنوط بالمجتمع الدولي في رأيك؟
- مقاومة التمييز الديني، والتعامل مع ملف حقوق الإنسان والحريات الدينية بموضوعية، دون تهويل أو تهوين.
