"الإسلامية المقاتلة الليبية"... مفرخة المليشيات الإرهابية

السبت 13/أكتوبر/2018 - 12:03 م
طباعة حسام الحداد
 

مدخل

بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي في طرابلس، برزت على السطح ظاهرة المليشيات الإسلامية المسلحة التي تحطمت على وقع طلقاتها كل محاولات إنشاء دولة حديثة ناهيك عن إرجاع هياكل دولة القذافي القديمة.
خاضت تلك التنظيمات معارك عنيفة مع بقايا الجيش الليبي النظامي من جهة  ومع المليشيات المختلفة معها سياسيا معها من جهة أخرى مما أشعر  قادة الدولة المصرية بجدية التهديدات القادمة عبر البوابة الغربية للبلاد وتضع أمنها القومي في خطر.
لقد خلفت الثورة الليبية المسلحة مليشيات مسلحة تكونت على أيدي قادة " الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة" التي تعد المفرخة التي تولدت منها قادة تلك المليشيات بعد أن كادت الجماعة أن تتلاشى قبيل سقوط نظام القذافي ... والتي بدأت بذرتها في النمو منذ أواخر السبعينات من القرن الماضي وبالتزامن مع بزوغ نجم التنظيمات الجهادية في مصر .

النشأة

في سبعينات القرن الماضي .. حملت الرياح فيروس التكفير من القاهرة متوجها نحو ليبيا عابر بحور الرمال ليحط في طرابلس وبني غازي وبرقة ومنها الى الجبل الأخضر والكفرة.
فعلت معالم سيد قطب فعلها .. وبدأت أول خلية تكفيرية في التشكل على يد علي العشبي ومعه ثمانية من رفاقه ما لبث أن فككتها الأجهزة الأمنية الليبية واغتالت عناصرها الــ9.
 وفي عام 89 استطاع عوض الزواوي تشكيل جماعة أخرى أطلق عليها "حركة الجهاد".. فاعتقل هو أيضاً وفي نفس العام شكل أحد أنصاره وهو محمد المهشهش الملقب بــ" أبو سياف" تنظيما يدعى" حركة الشهداء الاسلامية"
وبعدها انتقل العديد من الشباب الليبي ذي التوجه الجهادي إلى أفغانستان ملتحقين بتنظيم "الاتحاد الإسلامي" الذي يترأسه القائد الأفغاني عبد رب الرسول سياف.
نشط الجهاديون الليبيون في معسكر يعرف بمعسكر سلمان الفارسي في منطقة من مناطق القبائل الباكستانية على الحدود مع أفغانستان. كما نشطوا في معسكرات أخرى في قندهار وخوست وغيرهما.
وفي 1990 تأسست فعليا الجماعة الليبية المقاتلة التي كان من أبرز أهدافها عودة عناصرها إلى ليبيا والإطاحة بالعقيد معمر القذافي.
ولدت نواة الجماعة الليبية المقاتلة إذن في أفغانستان بمبادرة من شباب مقاتلين وجدوا أنفسهم عند نهاية الحرب وانسحاب القوات السوفييتية ـبين خيارين إما العودة إلى بلادهم أو مناصرة طرف من الأطراف التي صارت تتصارع على الحكم في كابول.
صاروا عرضة لمضايقات ومطاردات إثر نشوب حرب أهلية بين فصائل المقاتلين الأفغان فتأزمت أوضاعهم كبقية إخوانهم من المقاتلين العرب الذين زحفوا من بلدانهم للمشاركة في زخم الجهاد الأفغاني بمباركة غالبية الدول العربية والغربية على حد سواء.
كان عليهم البحث عن ملاذات آمنة فكان اختيار السودان بعدما وفر النظام الانقلابي العسكري بقيادة عمر حسن البشير، والمتحالف مع الجبهة القومية الإسلامية وزعيمها حسن الترابي ساحة مثالية للأفغان العرب وتحولت السودان وقتها إلى مركز استقطاب لعدد كبير منهم.
وجدت الجماعة الليبية المقاتلة أرضية خصبة للانتشار في الداخل الليبي بحكم الحدود السوادنية الليبية المتلاصقة  فشرعت في إعادة أحياء خلايا السرية نائمة لم تفكر في المواجهة العاجلة مع نظام "القذافي" وإن عملت على الاستعداد لإسقاطها دفعة واحدة ريثما يتسنى لها ذلك.
كان أول أمير للجماعة يدعى عبد الغفار واسمه الحقيقي مفتاح المبروك الذوادي، لكن إمارته لم تستمر طويلا فقد اعتقل في مصر وسلِّم إلى النظام الليبي العام 1992.
ودخل من السودان عدد من أتباع الجماعة سِرّا إلى ليبيا واشرفوا على تدريب مجموعات مقاتلة؛ تجمع بين من عادوا من القتال ومراكز التدريب في أفغانستان ووزيرستان وشباب ليبيين عبأهم الخطاب الحماسي الجهادي وهيأهم للمواجهة.
لكن هذه الفترة لم تدم طويلا إذ سرعان ما توصل نظام العقيد معمر القدافي ونظام الفريق عمر البشير إلى اتفاق لتبادل المجرمين، على إثره أمرت السلطات السودانية كل عناصر الجماعة المقاتلة بمغادرة البلاد، ما حدا بهم إلى الانتشار في عدد من الدول المغاربية والخليجية والأوربية، كالجزائر وموريتانيتا والسعودية واليمن وتركيا وسوريا والأردن.

البنية التنظيمية :

تتشابه الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة بنظيرتها من الجماعات من حيث البنية التنظيمية
الهرمية التي يعلوها أمير ونائب أو نائبين ومجلس شورى ،ولجنة شرعية ولجنة إعلامية ثم الجناح العسكري والمكتب السياسي في بعض الأحيان.
ويعد الجناح العسكري واللجنة الشرعية الركنيين الأساسيين لتلك الجماعة  حيث يتفرع من الجناح العسكري مجموعة من اللجان والخلايا المتخصصة ، ونفس الشيء بالنسبة للجنة الشرعية التي تتفرع عنها أجهزة وفروع أخرى، فمثلا بالنسبة للجنة الشرعية للجماعة المقاتلة تتكون من فرع الدراسات والبحوث وفرع الفتاوى والقضاء ،وفرع التوجيه والإرشاد.
وفي دراسة للباحث المغربي ، عبدالغني مزوز، بعنوان " الجماعة الليبية المقاتلة من بيت الأنصار إلى بيت الصمود" ذكر أن البنية التنظيمية لــ" المقاتلة" تعتمد على الجناح الإعلامي على النشرات والدوريات التي تصدرها الجماعة كمجلة الفجر، وبعض المواقع على الانترنت كموقع "المقاتلة" الذي تم إغلاقه مند سنوات ،إضافة إلى النشاط الإعلامي الذي يقوم به الناطق الرسمي باسم الجماعة كما هو حال ناطقها الرسمي السابق "عمر راشد".
وأضاف: لم تحافظ الجماعات الإسلامية المسلحة على هذا الهيكل الإداري بل تجاوزته بفعل تغير المناخ الإقليمي والدولي لهذه الجماعات، وتدويل الحرب عليها وعولمة مواجهتها ،فانتقلت من العمل وفق النمط الهرمي إلى العمل بأسلوب الخلايا الصغيرة المستقلة عن بعضها البعض بعد أن أتبث النمط الأول فشله عسكريا وامنيا ونجاعة الأسلوب الثاني.

"المقاتلة" في الجزائر

عندما كانت تنشط تلك الجماعة في بنيا خلاليا مسلحة في الداخل الليبي لمواجهة نظام القذافي كان الوضع في الجارة الجزائر ملتهبا بعد توقيف المسار الانتخابي هناك مطلع التسعينات من القرن الماضي ، ظهرت الجماعة الإسلامية المسلحة "جيا" كأقوى التنظيمات المسلحة التي خاضت صراعا دمويا ضد النظام الجزائري .
شاركت الجماعة الليبية المقاتلة بقوة في بجانب الجماعة الاسلامية المسلحة في تمردها ضد الجيش الجزائري بقيادة أبو عبد الرحمن أمين، هذا المناخ الشبيه بما جرى في أفغانستان وفر للجماعة الليبية المقاتلة وللجماعات الجهادية الأخرى في المنطقة فرصة مثالية للعمل والتكوين على المواجهة القاسية طويلة النفس.
لكن هذا التعاون لم يدم طويلا ، إذ سرعان ما تبرأت الجماعة الليبية المقاتلة من الجماعة الإسلامية الجزائرية بعدما أسمته الانحراف العقائدي والمنهجي الذي طرأ عليها وأدى بها إلى التوسع الكبير في التكفير وترتب عليه مقتل الآلاف من المدنيين  وارتكاب جرائم مروعة بحقهم، ولم تسلم عناصر الجماعة الليبية من القتل والاستهداف الذي مارسته الجماعة الإسلامية المسلحة بحق كل معارضيها، بدعوى أنهم ليسو على العقيدة السلفية الصافية .
في الوقت ذاته ظل تنظيم الجماعة المقاتلة سريا داخل الأراضي الليبية  ووضع لنفسه برنامجا للإطاحة بالنظام، لا يعتمد على المواجهات الصغيرة والتفجيرات هنا وهناك، بل سعت إلى اعتماد خطة تقوم إما على التصفية الجسدية لرموز النظام وعلى رأسهم العقيد معمر القدافي ،أو قيادة تمرد وانقلاب داخل الجيش الليبي ،إلى جانب هذه الخطة فقد وضعت الجماعة خطة للطوارئ يتم تفعيلها إذا ما اكتشفت أي خلية من خلاياها.

الصدام مع القذافي

بالصدفة المحضة وفي عام 1995اكتشف أحد المخبريين السريين في بنغازي مزرعة تقع على ضواحي المدينة تؤوي العديد من أعضاء تنظيم " المقاتلة" فوقعت حينها اشتباكات وافتضح أمر التنظيم فاضطرت الجماعة إلى الظهور للعلن وإصدار أول بيان لها بتاريخ 17 أكتوبر من العام فعلت على إثره خطة الطوارئ ونشبت بين الجماعة والنظام صدامات عنيفة وقع غالبيته في منطقة الجبل الأخضر  استخدم فيها "القذافي" الطائرات الحربية ادعت "المقاتلة" في إحدى بياناتها أنها طائرات صربية استجلبها "النظام" لإبادة الجماعة.
اضطرت المقاتلة إلى تغيير استراتيجيتها في المواجهة عبرت عن ذلك في بيان لها بــ "الهجوم الاستراتيجي والتراجع التكتيكي" فأوقفت بمقتضى تلك الاستراتيجية الاشتباكات مع الجيش الليبي مقتصرة علي عدد من محاولات اغتيال "القذافي" بائت جميعها بالفشل.
ألقي القبض على المئات من أعضاء الجماعة وقتل عدد كبير منهم مما دعاها إلى الهرب مرة ثانية لأفغانستان.

العودة إلى أفغانستان

بعد إعلان حركة طالبان الإمارة الإسلامية في أفغانستان وسيطرتها على نحو 90% من الأراضي الأفغانية توافد الجهاديون من كل صوب وحدب على العاصمة كابول وقندهار  آملين في ملاذ آمن في كنف الإمارة الوليدة.
ومع أن الجماعة "المقاتلة" لم تكن تحبذ اجتماع الجهاديين في مكان واحد إلا أنها تراجعت عن ذلك بعد إقناعها بوجوب الزحف إلى أفغانستان باعتبارها الملاذ الوحيد للجماعات الجهادية.
وكعادتها استأثرت "المقاتلة" بمعسكر خاص بها داخل الأراضي الأفغانية وباءت كل محاولات زعيم تنظيم القاعدة وقتها، أسامة بن لادن، من استمالة الجماعة إلى الجبهة الإسلامية لجهاد اليهود والصليبيين التي أسسها مع أيمن الظواهري
تمسكت "المقاتلة" بالحفاظ على الاستقلالية المنهجية والتنظيمية بعيداً عن تنظيم القاعدة أو الجبهة الإسلامية.
بعد ضربات الحادي عشر من سبتمبر وما تلاه من غزو أمريكي لأفغانستان دافعت الجماعة الإسلامية الليبية بضراوة نظام طالبان المتهاوي، وخاضت معارك شرسة في خطوط شمال كابل وفي جبهة الجنوب في قندهار وهلمند، وبعد سقوط نظام طالبان واكتمال احتلال أفغانستان تكبدت الجماعة الليبية المقاتلة خسائر فادحة على مستوى القادة والعناصر، وتوجت هذه المرحلة بتشتت عناصر الجماعة وهروبهم إلى باكستان ودول أخرى.
بقيت مجموعة منهم بقيادة أبو الليث الليبي تقاتل القوات الأمريكية في المناطق المحاذية لباكستان كما عرفت هذه المرحلة سقوط كثير من قيادات وعناصر الجماعة أسرى ومعتقلين، فقد اعتقلت القوات الأمريكية أمير الجماعة عبد الله الصادق " عبدالحكيم بلحاج" في تايلند عام 2004 واعتقل نائبه أبو حازم ودخل سجن بغرام، كما اعتقل المسؤول الشرعي أبو المنذر عام 2004 في هونغ كونغ، وقد سلمهم الأميركيون إلى ليبيا.

الانضمام إلى تنظيم القاعدة

مع العلاقة الوطيدة بينهما إلا أن تنظيم القاعدة بقيادة بن لادن يئس من محاولات ضم "المقاتلة" وخضوعها إلى سلطان "القاعدة" بعد تصدي عبد الحكيم بلحاج لهذه الخطوة.
فقد صرح أبو مصعب السوري، منظر القاعدة، بأن أسامة بن لادن فشل في جهوده الرامية إلى ضم الجماعة الليبية إلى الجبهة التي أسسها أواخر التسعينيات إلا أن النكبات التي تعرضت لها الجماعة المقاتلة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر من ملاحقات وتشرد وقتل واعتقالات أحدث انشقاقا في صفوف .
ولم يؤيد قرار الانضمام للقاعدة من "المقاتلة" سوى من بقي على التراب الأفغاني لمواجهة قوات التحالف الدولي، والدفاع عن نظام طالبان المتهاوي ، تلك المجموعة كان يقودها عمار الرقيعي "أبو الليث الليبي" والتي أعلنت ولاءها الكامل لتنظيم القاعدة في نوفمبر 2007 هذا الولاء الذي باركه أيمن الظواهري واعتبره خطوة على الطريق الصحيح، غير أن عددا من قادة وشيوخ الجماعة رفضوا هذا الانضمام.
وشكك البعض في حقيقة هذا الإعلان الذي جاء في كلمة صوتية لأيمن الظواهري، بثتها مؤسسة السحاب، المعبرة عن القاعدة، في الثالث من نوفمبر 2007 للدرجة التي وصف فيها البعض ذلك الإعلان بــ" لي الذراع".
لقد جاء في التسجيل ما نصه : "ها هي كوكبة من أهل السبق (...) من أفاضل الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا يعلنون انضمامهم لجماعة قاعدة الجهاد" وحث في نفس الخطاب من سماهم المجاهدين في شمال إفريقيا على الإطاحة بزعماء ليبيا وتونس والجزائر والمغرب لاستبدال هذه الأنظمة بحكم إسلامي. وتدخل في نفس التسجيل أبو الليث الليبي الذي قدمه الظواهري على أنه المسئول عن الجناح الليبي في القاعدة، وأكد انضمام "المقاتلة الليبية" للقاعدة.
وجاء الإعلان عن التحاق "الليبية المقاتلة" بعد نحو عام من انضمام "الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية" أكبر الجماعات الجهادية في شمال إفريقيا، وأكثرها تسليحا وخبرة ميدانية.
لكن البعض يرى أن الفرق بين الحالتين أن الجماعة الجزائرية أعلنت بنفسها عن الانضمام من خلال بيان مطول وقعه أميرها عبد المالك دروكدال "أبو مصعب عبد الودود" نشر رسميا يوم الأربعاء 13 سبتمبر 2006. لكن الجماعة الليبية لم تصدر بيانا مماثلا وتولى الظواهري الأمر نيابة عن قيادتها. وبقدر ما كان الإعلان عاديا لأنه يندرج في سياق "سياسة احتواء" انتهجها تنظيم القاعدة .
وفي دراسة كتبها ناصر الدين اليعدي بعنوان '"الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة.. المنابع والمصبات" فسر فيها إعلان أسباب إعلان " الظواهري" لانضمام " المقاتلة" قائلا : يبدو أن الظواهري باستعجاله الإعلان عن انضمام "الليبية المقاتلة" لتنظيم القاعدة كان يرمي إلى هدفين في آن واحد أولهما تجسيد استراتيجية بناء تنظيم قوي وموحد بمنطقة المغرب العربي لمواجهة الأنظمة القائمة واستنزافها. هذا المسعى عطلته المواجهات التي بلغت حد الاقتتال بين الجماعات المسلحة المختلفة في الجزائر، ولم يتسن الإقدام عليه إلا بعد أن انفردت الجماعة السلفية للدعوة والقتال نهائيا بشأن العمل المسلح بعد انهيار المجموعات الأخرى.
ويضيف اليعدي : ثاني الهدفين هو الرد الميداني القوي على ما كان يشاع من محاولات للتوصل إلى اتفاق بين الحكومة الليبية وقيادة الجماعة المقاتلة القابعة في السجون أو المتناثرة في المنافي، في سياق مصالحة وطنية تسربت أخبار أنها على وشك الحدوث وأن الإفراج عن بعض القيادات والأتباع في مبادرة لـ"مؤسسة القذافي الدولية" إنما يشكل مقدمة لهذا الاتفاق الوشيك، وهو مبادرة حسن نية من المؤسسة لإنهاء الأعمال العدائية تماما بين الجانبين وطي صفحة المواجهات التي دامت نحو ربع قرن من الزمن.

المرتكزات الفكرية

شكلت كتابات أبو الأعلى المودودي وسيد قطب و تراث الآباء الروحيين للسلفية كابن تيمية وابن القيم المرجعية الفكرية التكوينية لــ" المقاتلة".
واعتمدت الجماعة بشكل كبير على الكتب التي كانت متداولة بين الجماعات الجهادية في منتصف الثمانينات ككتاب الفريضة الغائبة لمحمد عبدالسلام فرج، وكتب الشيخ عمر عبدالرحمن وكتابات سيد إمام الشريف فيما بعد.
ويعد كتاب "خطوط عريضة في منهج الجماعة الإسلامية المقاتلة" لأبو المنذر الساعدي الذي حاول ربط شرعية وجود الجماعة ببعض تلك المفاهيم، فاستهل كتابه بمشروعية العمل الجماعي وحدود السمع والطاعة لولي الأمر وأهمية الجهاد والإعداد العسكري ومبحث عن الحكام العلمانيين، ومبحث أخير عن وجوب الحكم بما أنزل الله.
هذه هي المبررات التي حددها السياق العام لنشأة الجماعة الليبية المقاتلة والجماعات الإسلامية المسلحة الأخرى، أما السياق الخاص أو المحلي فيمكن استخلاصه من مقالة نشرتها الجماعة بعنوان "المبررات الشرعية والواقعية لنشأة الجماعة الإسلامية المقاتلة" فاعتبرت وجود القذافي "بانحرافاته" و "كفرياته" مسوغا شرعيا للقتال والمواجهة مع نظامه لأنه حسب المقالة:
1. تجرا على كتاب الله تبارك وتعالى بالتحريف.
2. إنكاره للسنة النبوية.
3. إنكاره لعموم رسالة النبي.
4. إقصاء الشريعة من الحكم بين الناس.
5. استهزاؤه بعقائد الإسلام وشعائره كالحج مثلا .
إلا  أن الطرح الفقهي والمنهجي الذي تتبناه الجماعة المقاتلة ليس نسخة من الطرح الذي تتبناه الجماعات التي تسمى بالسلفية الجهادية ،خاصة تنظيم القاعدة بفروعه، نعم هناك تقاطعات على مستوى بعض المفاهيم والقناعات ،لكن الهوة تبدو شاسعة بينهما على صعيد فهم الواقع والتعاطي معه، فمثلا نلاحظ غياب بعض المفاهيم التي تشكل العمود الفقري للتيار السلفي الجهادي من أدبيات الجماعة الليبية لمقاتلة مثل: "الإغارة"،"التترس"،"القتال بما يعم إتلافه"،"ما لا يجوز قصدا يجوز تبعا" إلى غير ذلك من المفاهيم.
ويمكن اعتبار الخلفية الشرعية والفكرية للجماعة المقاتلة خليطا من الفكر الاخواني والفكر السلفي وهو ما يصطلح عليه بالفكر السروري نسبة إلى محمد سرور المفكر الجهادي المعروف، والبنية الفكرية للجماعة المقاتلة اقرب ما تكون إلى البنية الفكرية لجماعة الجيش الإسلامي في العراق.
ونجد اتجاه العنف صريحا ولصيقا بالعقيدة في حوار أدلى به الناطق الرسمي باسم الجماعة أبو بكر الشريف لمجلة " نداء الإسلام" حين قال: "يجب تغيير أنظمة الحكم الجاثمة على صدور أمتنا بالقوة؛ لأن الوسائل المحدثة، التي تريد أن تتجاوز خيار القوة، هي من السبل"، وقال بخصوص ما حققته الجماعة في مواجهتها للقذافي "إنها أحيت فريضة غائبة، وسُنَّة ميتة، وأعني بذلك جهاد المرتدين والعملاء، ثم إنها أحيت الأمل - بفضل الله - في نفوسٍ كان اليأس قد استولى عليها، وكسرت حاجز الخوف، الذي أقامه النظام؛ من خلال وسائله القمعية )...) ثم إن الجماعة أظهرت الوجه الحقيقي للصراع، وأنه صراع عقائدي دائر بين الحق والباطل، وهذه هي الخطوات الأولى في طريق التغيير الصحيح، أما الثمرة النهائية في هذه الدنيا؛ فهي بيد الله سبحانه وتعالى".

قصة المراجعات

في مشهد دراماتيكي خرج سيف الإسلام القذافي وبجواره قادة "المقاتلة" ليعلن عن تخلص الجماعة من أفكارها التكفيرية ومحاولة ادماجهم في المجتمع .. وأفرج وقتها عن ثلث سجنائهم كدفعة أولى .
لم يكن يعرف القذافي وابنائه أن القدر يخفي عنهما القتل والتشريد .. على يد من أخرجوهم بإيديهم من تحت أقبية السجون.. ما فتيء يمر عامين حتى اندلعت الثورة المسلحة ضد القذافي.. تحت قيادة الخارجين من السجون كان على رأسهم عبدالحكيم بلحاج وراف الله السحاتي وإسماعيل الصلابي... كانوا ذوي خبرات عسكرية اكتسبوها خلال حربهم ضد الروس وحكم نجيب الله.
وتبدأ قصة المراجعات التي أجرتها " الليبية المقاتلة" من أحد السجون الليبية الأكثر تشدداً بالإجراءات الأمنية، حيث الحديث عن كتابة "دستورا" جديدا للجهاد، اعتبروا خلاله أن سعيهم لإسقاط حكم الرئيس الليبي، معمر القذافي خلال السنوات العشرين الماضية، لم يكن شرعيا، ولا يندرج تحت التشريع الإسلامي.
والدستور الجديد، الواقع في 417 صفحة، والذي يحمل عنوان "دراسات تصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناس،" هو ثمرة مفاوضات سرية ومكثفة استمرت نحو عامين بين قادة المجموعة وعدد من المسؤولين الأمنيين في ليبيا.
ويكمن التحدي الأكبر أمام تنظيم القاعدة في البند الذي يؤكد على "أن الجهاد له أخلاقيات ومثل، لأنه في سبيل الله"، وهو ما يحرم قتل النساء، والأطفال، والشيوخ، والرهبان، والرسل، والتجار، والخيانة محرمة أيضا، إذ من المهم الوفاء بالعهود والالتزامات، ومعاملة أسرى الحرب معاملة حسنة، والالتزام بهذه الأخلاقيات هو ما يميز المجاهدين المسلمين عن غيرهم."
وقد تم تداول هذا الدستور بين مجموعة من علماء الدين في الشرق الأوسط، إذ أعلنوا عن دعمهم الكامل له. وحاليا، وقام عدد من السياسيين الأمريكيين ووكالات الاستخبارات الغربية بدراسة هذا الدستور بشكل دقيق، وعرضه على القيادات الإسلامية في بلادهم.
وبينما يؤكد الدستور على مشروعية الجهاد في حال احتلال أرض إسلامية، مثل أفغانستان، والعراق، وفلسطين، تختلف قواعد الجهاد وقوانينه عن تلك التي يتبناها تنظيم القاعدة، وأبسطها تحريم استهداف المدنيين.
وقد حصلت CNN على حق حصري في الدخول إلى سجن أبو سليم، حيث تمت كتابة الدستور، والتحدث إلى سجناء ينتمون إلى الجماعة الإسلامية المقاتلة بليبيا.
فعندما قرر سيف الإسلام القذافي، ابن الزعيم الليبي معمر القذافي، فتح حوار مع قادة الجماعة الإسلامية المقاتلة بليبيا، كان عليه إقناعهم بصدقه وجديته في الموضوع. ومن أجل ذلك، اتصل بالقائد السابق للمجموعة، نعمان بن عثمان، الذي كان يقيم حينها في لندن، ووعده سيف الإسلام القذافي بالإفراج عن السجناء المنتمين للجماعة الإسلامية المقاتلة بليبيا، إذا تخلت الجماعة عن فكرة إسقاط النظام في البلاد.
كما تعهد سيف الإسلام القذافي بتقديم الحصانة لبن عثمان وحمايته من أي حكم بحقه. وفي يناير 2007، عاد بن عثمان إلى ليبيا للقاء قادة المجموعة في سجن أبو سليم.
وكان بن عثمان قد حارب في أفغانستان، إلى جانب عدد من قادة المجموعة الليبية المقاتلة في العقد الثامن من القرن الماضي، لمساعدة الأفغان على التحرر من الحكم السوفييتي آنذاك. وخلال هذه السنوات، تعرّف بن عثمان ورفاقه إلى أسامة بن لادن، وعدد آخر من قادة القاعدة.
ورغم قتالهم المشترك مع بن لادن، لم تدمج الجماعة الإسلامية المقاتلة بليبيا عملياتها أبداً مع القاعدة، وذلك للاختلاف بينهما في التعامل مع القضايا الجهادية.
كما لم تصادق الجماعة على الأسلوب الجهادي الذي يتبعه بن لادن، حيث ركزوا اهتمامهم على إسقاط حكم القذافي، واستبداله بحكم إسلامي.
وفي لقاء شخصي بينهما في 2000، حذر بن عثمان بن لادن من مهاجمة الولايات المتحدة الأمريكية، مشيراً إلى أن العواقب السلبية ستفوق تلك الإيجابية، ما سيؤدي إلى تقويض أداء المجموعة في ليبيا. وفي ذلك الوقت، كان الأمن الليبي قد اعتقل عددا من أعضاء المجموعة الليبية.
وعندما التقى بن عثمان مع قادة جماعته في يناير 2007، كانت تلك المرة الأولى التي يجتمعون فيها معه منذ سنوات. فبعضهم كان بالسجن لأكثر من عقد كامل، بينما تم القبض على آخرين من قبل جهات دولية في تهم التخطيط لهجمات الحادي عشر من سبتمبر. وفي ذلك الوقت، وافق هؤلاء على التفكير بعرض سيف الإسلام القذافي، وقدموا شروطا للتنفيذ في نفس الوقت.
وتضمنت قائمة الشروط: الحصول على حرية أكبر في السجون، والحصول على حق استشارة قادتهم، وإمكانية الحصول على كتب ومراجع دينية لإجراء الدراسات الإسلامية. ومع مرور الوقت، تم التعهد بتنفيذ معظم هذه الشروط من قبل الأمن الليبي.
ولا يكمن الهدف الرئيسي لسيف الإسلام القذافي في إنهاء محاولات إسقاط النظام فحسب، بل هو محاولة لوقف تأثير تنظيم القاعدة على لبيبا.
ففي وثائق تعود لتنظيم القاعدة، تم العثور عليها في 2006 من قبل القوات الأمريكية في العراق، تبين أن الليبيين هم أكثر الشعوب العربية انضماما للقاعدة.
وفي نهاية 2007، حاول تنظيم القاعدة عرقلة المفاوضات بين الأمن الليبي والجماعة الإسلامية المقاتلة بليبيا، حيث أصدر الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، بيانا يعلن فيه انضمام مجموعة المحاربين الليبيين الإسلامية إلى القاعدة.
وفي المقابل، أرسل بن عثمان رسالة إلى الظواهري متسائلا عن مدى مصداقيته، إلا أنه لم يتلق أي جواب من الأخير، وفقا لتقرير نشرته " سي إن إن"
ويلاحظ أنه حتى وقت الرسالة الأخيرة له، غالبا ما مدح الظواهري الجماعة الإسلامية المقاتلة بليبيا، في محاولة منه لإعادة العلاقة الطيبة بينها. وبعد كل ذلك، كانت المحادثات بطيئة جدا داخل السجن.
ففي أبريل 2009، كانت المفاوضات على وشك الإلغاء بعد العثور على ابن الشيخ، وهو جهادي معروف، مشنوقا في سجنه الانفرادي.
ووفقا لمصادر مقربة، تخوف سيف الإسلام من موت ابن الشيخ، إذ أن وفاته كانت مشبوهة، وهو ما يمكن أن يلغي جميع المحادثات بين الجانبين. ومن أجل عدم حدوث ذلك، طالب سيف الإسلام القذافي المسؤولين في السجن بالتعهد بتنفيذ كافة مطالب المجموعة الليبية، وتقديم حرية أكبر لهم.
وبعد ثلاثة أشهر، استكمل العمل على "الدستور"، المعروف بـ "الدراسات التصحيحية"، كما أعلن القذافي عن الإفراج عن عدد من أعضاء المجموعة في المستقبل القريب، حيث ستتسنى لهم الفرصة لتثقيف الشباب الليبي، وثنيهم عن الالتحاق بالتنظيمات المتشددة، كالقاعدة مثلا.
وفي الدستور الجديد، أكدت الجماعة الإسلامية المقاتلة بليبيا أن أهدافها الجديدة ستكون تحديا كبيرا لها. وأضافت: "لقد كتبنا هذا الكتاب، ونحن نعلم أن الأفكار التي كانت لدينا عندما كنا في عنفوان الشباب، والتي أدت بنا إلى سلوك طريق الجهاد، هي أيضا موجودة لدى الكثير من شباب اليوم."
وانطلقت جلسات الحوار مع النظام التي كانت ترعاها مؤسسة القذافي للأعمال الخيرية برئاسة سيف الإسلام ،وتوسط للحوار علماء ومفكرين أبرزهم الدكتور علي الصلابي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
وتوجت هده الحوارات بإصدار الجماعة المقاتلة لكتاب ضخم يحوي مراجعاتها التصحيحية تحث عنوان "دراسات تصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناس"، وتعتبر هذه المراجعات انسلاخا كليا للجماعة المقاتلة عن كل قناعاتها السابقة وإجهازا عليها .
وتطرقت المراجعات لمسائل اشكالية مثل الخروج عن الحكام والتكفير ومشروعية الصدام المسلح مع الأنظمة إلى غير ذلك من المسائل ، واعتبرت الجماعة انه على امتداد التاريخ الإسلامي لم يكن الخروج على الحكام إلا عامل من عوامل الفتنة يورث الكوارث والماسي، ابتداء من خروج الإمام الحسين على يزيد ابن معاوية سنة 63هـ إلى يومنا هذا، واعتبرت الجماعة أن مهمتها الجديدة هي الانخراط في مشاريع النهضة والتنمية والبناء
.بعد إقرار هذه الدراسات التصحيحية والتوقيع عليه من قبل ابرز قيادات الداخل ،كأمير الجماعة عبد الحكيم بلحاج، ومفتيها الشرعي أبو المندر الساعدي ،أفرجت السلطات الليبية عن معظم أعضائها من السجون سنة 2010 ، كما اعتذرت الجماعة للزعيم الليبي معمر القذافي عن محاولات الاغتيال التي استهدفته.

خلاصة المراجعات

أولا: نثبت عقد الاسلام لكل من أتى بواحدة من ثلاث خصال: شهادة أن لا اله الا الله أو ما يقوم مقامها كقوله أسلمت أو أنا مسلم، الدلالة وهي كل قول او عمل او شعار اختص به المسلمون كالصلاة والأذان واللباس، والتبعية للوالدين فالأصل الإسلام لكل من ولد من أبوين مسلمين أو احدهما مسلم او التبعية للدار بالنسبة لمجهول الحال في الدار التي اغلب سكانها مسلمون.
ويستوي في هذه الخصال الحاكم والمحكوم والصغير والكبير والشريف والوضيع.
ثانيا: سؤال الناس عن عقائدهم أو التفتيش عنها بدعة محدثة والواجب الأخذ بظواهر الناس ونكل سرائرهم إلى الله.
ثالثا: من ثبت له عقد الاسلام ثبت له جميع حقوق المسلمين فيحرم ماله ودمه وعرضه.
رابعا: نحن دعاة لا قضاة واجبنا دعوة الناس للتمسك بتعاليم الإسلام لا الحكم عليهم ويترك ذلك للمفتين والقضاة.
خامسا: الجهاد والدعوة والحسبة وسائل لإقامة الدين، وهداية الناس هي الغاية من إرسال الرسل فإذا تعارضت الوسائل مع الغاية لأي سبب من الأسباب تقدم الغاية على الوسيلة.
سادسا: الجهاد في سبيل الله ضد العدوان أو الاحتلال واجب شرعا وعلى المسلمين التناصر في ذلك بقدر المستطاع.
سابعا: الجهاد في سبيل الله له ضوابط وأخلاق كحرمة الغدر وقتل النساء والشيوخ والرهبان والأجراء والسفراء ووجوب الوفاء بالعهود والإحسان إلى الأسرى.
ثامنا: لا يجوز الاقتتال بين المسلمين لأي أسباب سواء كانت قبلية او عصبية أو نحوها ووجوب المصالحة بين المسلمين.
تاسعا: نرى حرمة الخروج واستخدام السلاح من أجل التغيير والإصلاح او دفع الظلم والفساد لورود النهي الصريح بذلك ولما يترتب عليه من سفك دماء المسلمين وغيرها من المفاسد.
عاشرا: لا يجوز التفرق والتباغض بين المسلمين .
حادي عشر: الغلو في الدين من أسباب هلاك الأمم وعلاج أسبابه بالطرق الشرعية واجب على كل مسلم.
ثاني عشر: لا يجوز الإقدام على اي عمل من الأعمال إذا غلبت مفسدته على مصلحته ووجوب اعتبار مآلات الأمور والنظر في عواقبها.
ثالث عشر: لا يجوز التقول على الله بغير علم في أي مسألة من مسائل الشرع وتتأكد هذه الحرمة إذا تعلق الأمر باستباحة الدماء والأموال.
رابع عشر: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب الكفاية وقد يتعين في مواطن ويجب التقيد بضوابطه وأحكامه وكل ما أدى منه إلى تقابل الصفين وإشهار السلاح فهو خاص بالسلطان.
خامس عشر: الحكم على المسلم بالكفر من أعظم الذنوب فلا يجوز الإقدام عليه.
سادس عشر: لا يجوز الحكم على من ثبت له عقد الإسلام بالفسق أو التبديع إلا من مؤهل وهو المفتي أو القاضي.

أهم الرموز والمؤسسين

برز في صفوف " المقاتلة الليبية " عدد من الرموز والقادة الحركيين والمنظرين الذين كان لهم دور كبير في مسار تاريخها واختياراتها العسكرية والشرعية والتنظيمية وعرف عن بعضهم قوة البأس والقتال في الحروب التي خاضوها في أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي وحكومة نجيب الله المواليه لها ومن أهم هؤلاء:
- أبو المنذر سامي الساعدي:  ويعد المفتي الشرعي للجماعة، ومن أوائل المنظرين الشرعيين لها وحدد لها اختياراتها الفقهية والمنهجية، ووضع دراسات في هذا الجانب أبرزها "خطوط عريضة في منهج الجماعة الإسلامية المقاتلة"، وهو من أبرز الموقعين على المراجعات الفقهية التي أعلنتها الجماعة، اعتقل في هونغ كونغ وسلم الى السلطات الليبية.
- أبو الليث الليبي واسمه الحقيقي عمار الرقيعي وهو من أهم رموز الجماعة المقاتلة وقائد معاركها ضد القوات الأمريكية في أفغانستان، وقد أعلن انضمامه إلى تنظيم القاعدة في نوفمبر من عام 2007 ، ونشرت له مؤسسة السحاب الدراع الإعلامي للقاعدة مجموعة من الرسائل والخطابات ،كان معتقلا بسجن الرويس بالمملكة العربية السعودية ،لكنه استطاع الفرار منه والالتحاق برفاقه في أفغانستان ، وقتل في 29 يناير من عام 2008 في شمال وزيرستان في هجوم شنته طائرة أمريكية بون طيار في منزل كان يقيم به.
- أبو يحيى الليبي: ويعرف كذلك بحسن قائد وهو من أكثر عناصر المجموعة تأليفا وغزارة في الإنتاج حيت كتب عشرات الكتب والمقالات ،إضافة إلى عشرات التسجيلات المرئية والمسموعة التي تنشرها له مؤسسة السحاب من حين لأخر ، ويشغل ألان منصب المفتي الشرعي لتنظيم القاعدة ،كان معتقلا بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان بقاعدة باغرام شديدة التحصين، لكنه تمكن من الفرار والعودة إلى نشاطه من جديد، وآخر ما صدر له كتاب الربيون ومسيرة النصر وكلمة مرئية بعنوان إلى أهلنا في ليبيا يثني فيها على ثورة 17 فبراير.
- عبد الحكيم بلحاج أو( أبو عبد الصادق),من مواليد 1966 حصل على شهادة الهندسة المدنية سافر إلى أفغانستان عام 1988 ليشهد انسحاب السوفييت من أفغانستان، رجع إلى ليبيا مجددا قبل أن يغادرها مع اشتداد المواجهات مع نظام القدافي ليعود إلى أفغانستان، بويع أميرا للجماعة الليبية المقاتلة، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وغزو أمريكا لأفغانستان كان من بين القادة الدين فرو إلى الدول المجاورة فتم اعتقاله في ماليزيا، ونقل إلى تايلاند لإجراء تحقيقات معه من قبل القوات الأمريكية، وبعد أن تبين أن لا علاقة له بتنظيم القاعدة رحل إلى ليبيا ليظل قابعا في سجن بوسليم بالعاصمة طرابلس، إلى أن أفرج عنه سنة 2010 وعشرات آخرين من عناصر الجماعة، بعد سلسلة حوارات مع السلطة رعتها مؤسسة القذافي للأعمال الخيرية التي يديرها سيف الإسلام القدافي ، وتمخض عن هذه الحوارات إعلان الجماعة عن مراجعاتها الفقهية والمنهجية، وتمت هذه الحوارات بوساطة من عدد من الشخصيات الليبية، أبرزها الدكتور علي الصلابي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وعبد الحكيم بلحاج وهو شقيق المفتي الشرعي والرجل الثاني بتنظيم القاعدة أبو يحيى الليبي (حسن قائد) ويعتبر من أشد الرافضيين لفكرة انضمام الجماعة القاتلة إلى تنظيم القاعدة ،وحضي في الفترة الأخير باهتمام إعلامي كبير كقائد للثوار في طرابلس ومحررها من قبضة العقيد القدافي، وقد طالب واشنطن ولندن بالاعتذار له جراء اعتقاله وتسليمه للسلطات الليبية عام 2004 التي أودعته سجن بوسليم سيئ الصيت.
- إلى جانب هؤلاء الرموز كان هناك مجموعة أخرى من القادة والمفكرين الذين كان لهم تأثير كبير على خيارات الجماعة، وإدارة صراعها المرير، لكن أغلبهم انصهروا في تنظيم القاعدة وشكلوا أعمدة فكرية واستراتيجية لها، كعطية الله المصراتي الذي صعد نجمه بعد مقتل الرجل الثالث في تنظيم القاعدة مصطفى أبو اليزيد "قبل أن يتم اغتياله مؤخرا بواسطة طائرة بدون طيار" ، وأبو الفرج الليبي وهو من قادة القاعدة المعتقلين.

دور "المقاتلة" في ثورة 17 فبراير

لقد كان الحضور الإسلامي في فعاليات الثورة الليبية كاسحا وواضحا. فقد انخرط الإسلاميون بكل أطيافهم في الثورة مند بدايتها، وشكلوا قوة ضاربة لها وزنها ضمن قوات المعارضة المنضوية تحث لواء المجلس الوطني الانتقالي وقد اعترف عبد الحكيم بلحاج بدوره في إدخال الأسلحة والعتاد عبر البحر إلى التراب الليبي وتدريب عناصر المعارضة في بنغازي والجبل الغربي بحكم خبرته الطويلة في مثل هده الحروب ورغم غياب اسم "الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة" من التداول طوال الفترة الماضية وحضورها باسم جديد "الحركة الإسلامية للتغيير" إلا أن آثار حضورها على الميدان تبدو واضحة من خلال بعض الشعارات والأسماء.
أخيرا كان لعناصر الجماعة الليبية المقاتلة الدور الحاسم في توجيه الضربة القاضية لنظام العقيد الليبي معمر القدافي، بتحرير طرابلس ودخول بعض عناصر الجماعة المقاتلة سابقا يتقدمهم أميرهم عبد الحكيم بلحاج إلى مجمع باب العزيزية ،حيث بيت الصمود رمز قوة وجبروت القذافي في مشهد تابعه العالم على الشاشات مباشرة.
وبعد الثورة تولى عدد كبير من قادة تلك الجماعة المليشيات الليبية الاسلامية فهناك مليشيا راف الله السحاتي ، والتي تسميت باسم أحد قيادات المقاتلة الليبية الذي قتل في اشتباكات مع الجيش الليبي اثناء الثورة ويقودها حاليا إسماعيل الصلابي، وهو أخد أبرز قيادات المقاتلة الليبية.
وتغلل عدد من أعضاء الجماعة في مليشيات الدروع التي انتشرت في طرابلس وبنغازي وبرقه فضلا على اعتبار جماعة أنصار الشريعة الليبية الموالية للقاعدة امتداد طبيعي للجماعة الأم "المقاتلة".

شارك