رشيد رضا وتأسيس الأيديولوجيا الوهابية في مصر

الأربعاء 23/سبتمبر/2020 - 06:55 م
طباعة حسام الحداد
 
وحدة الاسلام السياسي ... بوابة الحركات الاسلامية
مدخل:
مات محمد عبده سنة 1905، بعدما هرب عبد العزيز آل سعود من الكويت بأربعين من "إخوانه" وبهم استولى على الرياض سنة 1902 ثم سيطر على أواسط نجد سنة 1904. وبعد موت محمد عبده في مصر ورثه رشيد رضا. وكانت الأنباء تأتي إلى مصر بانتصارات الشاب ابن سعود ونجاحه في ضم الإحساء والمنطقة الشرقية، ثم نجح بعدها في ضم عسير، وحاصر الشريف حسين في الحجاز، ثم انتزع منه الحجاز سنة 1926 ليحتل ابن سعود بعدها موقعاً متميزاً جفف به دموع الملايين الذين حزنوا على إلغاء الخلافة العثمانية. ثم قام ابن سعود بإعطاء مملكته الوليدة اسم أسرته السعودية سنة 1932 بنفس المنهج السائد في العصور الوسطى حين يطلق الحاكم على دولته اسمه أو اسم أسرته، كالدولة الأخشيدية والطولونية والفاطمية والعباسية.
ومع هذا النجاح لابن سعود فقد كان يدرك أن توسعه في شبه الجزيرة العربية قد أضاف ألغاماً كثيرة تحت عباءته، فأعدى أعدائه وهم الشيعة يرتكزون في المنطقة الشرقية، كما أن الأشراف والصوفية في الحجاز لا ينسون ثأرهم عنده بعد ما فعله بالحجاز وأسرة الشريف حسين، وفي الخارج يقف أعداؤه الشيعة الزيدية في اليمن بعد أن استولى على عسير، وهناك شيعة إيران والعراق والخليج وهم لا ينسون ما فعله وما سيفعله بالمشاهد الشيعية في العراق، علاوة على أن أبناء خصمه الشريف حسين كانوا يحكمون العراق والأردن، أي أن أعداءه يطوقونه من كل الاتجاهات، ولهم جماهير في أهم منطقتين في مملكته، المنطقة الشرقية بجوار نجد، والحجاز، وهم لا يغفرون له أنه محا وجودهم حين جعلهم سعوديين، أي موالى وعبيداً لأسرته، وهكذا لم يعد أمام ابن سعود إلا مصر يتكئ عليها في صراع البقاء وفي أمل الاستقرار والاستمرار أيضاً. فمن مصر جاء الخطر الذى دمر الدولة السعودية الأولى، ومنها يمكن أن يأتي الخطر الذى سيقضى على الدولة السعودية الثالثة، خصوصاً وأن التصوف هو التدين المصري الأساسي والدعاية ضد الوهابيين على أشدها في مصر، ومن الممكن أن تتطور ثقافة الكراهية ضد الوهابية إلى تحالف عسكري أو سياسي خصوصاً مع طموح ابن سعود للسيطرة على الحجاز والذى كان دائماً تحت السيطرة المصرية.
ومن الممكن أن يتفادى ابن سعود هذا الخطر المصري، بل يستغل مصر إلى جانبه إذا تحول التدين السنى الصوفي المصري المعتدل إلى تدين سنى وهابى متطرف. وليس ذلك مستحيلاً، فالمهم هو العثور على الشخصية المناسبة التي تقوم بخلق هذا التحول، وكان سهلاً العثور على هذه الشخصية، وهنا بدأ دور الشيخ رشيد رضا.
جاء الشيخ رضا إلى مصر يحمل بين جوانحه الفكر السلفي مع كراهية موروثة للمسيحيين استقاها من بيئته الشامية، ولكنه كتم هذه الثقافة الشامية داخله أثناء تبعيته لشيخه الإمام محمد عبده. وبعد موت الإمام لم يكن رشيد رضا مؤهلاً للسير في طريق شيخه في معاداته لشيوخ الأزهر، إذا كان محمد عبده بفكره ومصريته وأزهريته وتاريخه ومكانته وشخصيته أقدر على الصدام مع شيوخ الأزهر، فهو منهم وهم منه، وهو أعلاهم قدراً وأرجحهم عقلاً وأكبرهم علماً وأكثرهم شهرة، ومع ذلك فقد عانى منهم ما عانى في جهاده الإصلاحي، فكيف بتلميذه الوافد من الشام إذا كان فعلاً يريد السير في طريق شيخه الإمام؟
على أن رشيد رضا قد يوافق فكر الإمام محمد عبده في الهجوم على التصوف وأوليائه إلا أنه لا يوافقه في انتقاد الأحاديث وفي انتقاده لتحجر الفكر الوهابى. وعندما مات شيخه الإمام وجد فرصته في الزعامة ميسورة إذا تحالف مع ابن سعود، خصوصاً وقد جرت مياه كثيرة في النهر، إذا علا نفوذ ابن سعود في شبه الجزيرة العربية وبدأت الأحلام تتجمع حوله خصوصاً مع استقلاليته وشبابه ومقدرته، ثم بدأ تيار الشيوخ يميل إلى التعصب بعد إلغاء الخلافة وشدة التيار العلماني في تركيا ثم في مصر والشام، وارتفع صوت الإلحاد متشجعاً بالليبرالية الفكرية والنفوذ الاستعماري، وكل ذلك أثار حفيظة الشيوخ العاديين والصوفيين والسلفيين وقرب المسافة بينهم. خصوصاً وقد كان أئمة العلمانيين في مصر من مثقفي الشوام المسيحيين والذين هاجروا لمصر بعد المذابح الطائفية في لبنان. وكان لابد أن تشتعل المعركة بين رشيد رضا وبينهم، وفي هذا الجو أتيح لرشيد رضا أن يثمر تحالفه مع ابن سعود في نشر الفكر الوهابى بعد أن سيطر عبد العزيز على الحجاز وجعل من مناسبة الحج منبراً لنشر الدعوة وتجميع الأمصار وإعداد الكوادر وإعداد الخطط وتنفيذها. ودليلنا على ذلك أن عام 1926 الذى شهد أول موسم للحج بعد سقوط الحجاز هو أنشط الأعوام في نشر الفكر السلفي في مصر وخارجها. وكان رشيد رضا هو مهندس التسلل الوهابى للجمعيات الدينية، ومهندس إنشائها لصالح السعوديين، وعن طريق تلك الجمعيات أمكن تحول التدين المصري عن الصوفية السنية إلى الوهابية السنية.

رشيد رضا وموقعه الفكري:
حسب التقسيمات الزمنية والتاريخية لمراحل تطورات الفكر الإسلامي، يمكن النظر للشيخ «محمد رشيد رضا»، على أنه يمثل آخر حلقات مدرسة السيد «جمال الدين الأفغاني»، والمرحلة الأخيرة لحركة الإصلاح الإسلامي، والفكر الإسلامي الحديث. من جهة التتابع والتعاقب الزمني والتاريخي، ‏ومن جهة التواصل والتعايش المادي والمعنوي ومن جهة الاشتراك والتكوين في الخطاب الفكري والمشروع الحركي. وبعض الذين حاولوا أن يؤرخوا لهذه المرحلة عبروا عن آراء تقارب هذا المعنى في العلاقة والربط. فالدكتور «زكي بدوي» يرى بأنه «إذا كان الأفغاني ملهم المدرسة التجديدية السلفية، ومحمد عبده هو العقل المفكر لها، فإن رشيد رضا هو المتحدث باسمها».
فحسب هذه الرؤية فإن «رشيد رضا» يمثل خاتمة لمرحلة بارزة في تطور الفكر الإسلامي، وهي مرحلة الحركات الإصلاحية التي يؤرخ لها منذ انطلاقة السيد «جمال الدين الأفغاني» في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، ويطلق عليها تاريخياً مرحلة الفكر الإسلامي الحديث. كما يمثل «رشيد رضا» من جهة أخرى، اتصالاً زمنياً بمرحلة أخرى في تطور الفكر الإسلامي، وهي المرحلة التي تشكلت موضوعياً بعد نهاية الدولة العثمانية سنة 1924م، ويطلق عليها تاريخياً بمرحلة الفكر الإسلامي المعاصر.
من خلال هذه الرؤية ندرك القيمة المعرفية والتاريخية لدراسة الإطار الزمني والفكري لمرحلة الشيخ «رشيد رضا» في سياقات تطورات الفكر الإسلامي وتحولاته المفاهيمية والمناهجية. بغض النظر عن النتائج والأفكار التي نتوصل إليها.
مع ذلك فإن الكتابات العربية والإسلامية،‏ الغربية والاستشراقية التي أرخت لتلك المرحلة أو تعرضت لها في سياقات أخرى، قللت كثيراً من شأن «رشيد رضا» ومكانته الفكرية والسياسية، فلم يحظَ باهتمامٍ كما ينبغي. فهو عند الدكتور «هشام شرابي» لا يعدو دوره الذي يصفه بالحاسم، في نشر أفكار أبرز شخصيتين مؤثرتين في حركة الإصلاح الإسلامي حسب نظره، ‏وهما: جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده. وحينما يتحدث «ألبرت حوراني» عن نشاطاته الفكرية والسياسية، ‏يعقب على ذلك بقوله: «غير أن جميع هذه النشاطات لم تكن سوى نتائج جانبية لعمله الأساسي، أي كقيم على أفكار محمد عبده». الذي حجب عنه حسب نظر ـ حوراني ـ تأثير الأفغاني، بعد أن كرر الشيخ «عبده» زيارته الثانية لطرابلس سنة 1894 «فلقيه رشيد رضا للمرة الثانية وتحدث إليه طويلاً. وغدا منذ ذلك الوقت حتى مماته، ‏تلميذه الأمين وشارح أفكاره، وحامي سمعته، ‏ومؤرخ حياته»، وفي التقويم الذي يخلص إليه الدكتور «أحمد عبد الرازق» يعتبر «رشيد رضا» بأن ما قام به هو «تتميم ما بدأه الإمام «عبده» وتفصيل ما اجمل، وحمل رسالة التيار إلى العالم الإسلامي أربعين عاماً، وتوثيق الرؤية العقلانية للإمام بالمأثورات، وتوسيع دائرة الاهتمامات، مواكبة لما استجد من المشكلات». وقد كرس «رشيد رضا» هذه النظرة حوله حينما اعتبر نفسه تلميذاً وفياً، ومتعصباً‏ لأستاذه حسب نظر الدكتور «محمد محمد حسين». وكان يريد من «المنار» أن «تمهد السبيل لجعل الأستاذ زعيم الإصلاح في جميع بلاد الإسلام»
وكان يرى مع عظمة الدور الذي قام به «الأفغاني» حسب نظره «أنه لو لم يكن له من الأثر إلا الشيخ محمد عبده لكفي». كما أن «محمد عبده» أيضاً ‏عزز هذه النظرة حينما تحدث عن علاقته برشيد رضا قائلاً: «إن في نفسي أمورا ‏كثيرة أريد أن أقولها أو أكتبها للأمة، وقد ابتليت بما شغلني عنها،‏ وهو يقوم ببيانها الآن كما أعتقد وأريد، وإذا ذكرت له موضوعاً ‏ليكتب فيه، ‏فإنه يكتبه كما أحب، ويقول ما كنت أريد أن أقول، وإذا قلت له شيئاً‏ مجملاً بسطه بما أرتضيه من البيان والتفصيل، فهو يتم ما بدأت ويفصل ما أجملت» 
وقد أهملته بعض الكتابات التي تناولت العالم الإسلامي والفكر الإسلامي في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، أو التي تعرضت للنهضات الإسلامية والإصلاحية خلال تلك الفترة، فأحمد أمين لم يدرجه ضمن الزعماء العشرة الذين تحدث عنهم في كتابه «زعماء الإصلاح الإسلامي في العصر الحديث»  وأهمله الدكتور «محمد البهي» في كتابه المعروف «الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي». ولم يتعرض له «مالك بن نبي»‏ في كتابه «وجهة العالم الإسلامي». إلا بذكر الاسم بشكل عابر جدا ‏ومن دون التوقف عنده والحديث حوله، مع أن سياق الموضوع كان له علاقة به. واعتبر الشيخ «مرتضى مطهري» في كتابه «الحركات الإسلامية في القرن الأخير»  ان أبطال الإصلاح الإسلامي في العالم العربي حسب تعبيره ثلاثة هم «الأفغاني» و«عبده» و«عبد الرحمن الكواكبي»  وهي الأسماء التي يطرحها ويكررها الدكتور «محمد عمارة»  ويصنفها على منطقة المشرق في العالم العربي، وينتقل من ثم إلى منطقة المغرب ليتحدث عن «عبد الحميد بن باديس». 

رشيد رضا بين مرحلتين: 
والقضية المحورية التي شغلت الكثير من الباحثين هي حلقة الالتقاء التي مثلها «رشيد رضا» بين مرحلتين من مراحل تطور الفكر الإسلامي، الحديث والمعاصر، فهل مثل حلقة اتصال أم قطيعة بين هاتين المرحلتين: مرحلة الفكر الإسلامي الحديث ومرحلة الفكر الإسلامي المعاصر؟
لقد حسمت هذه الإشكالية سريعاً عند أكثر الذين تعرضوا لتلك الفترة، ‏نتيجة التوافقات بين هؤلاء على المنحى الذي سلكه «رشيد رضا» بعد غياب أستاذه الشيخ «محمد عبده» الذي كان واقعاً ‏تحت تأثيرها وهيمنته، بالتحول نحو السلفية والانشغال بقضايا العقيدة وبالظواهر والسلوكيات التي توصف حسب هذا الخطاب بالخرافات والبدع، والابتعاد عن النهج الإصلاحي الذي ينحاز للنهضة والتقدم والتمدن للأمّة بأجمعها، وفي سياق علاقتها من هذه الناحية بالأمم الأوروبية وبالغرب الصناعي والعلمي. فحين يقارن الدكتور «فهمي جدعان» بين جريدة «العروة الوثقى» التي أصدرها «الأفغاني» و«عبده» سنة 1301هـ/1884م، وبين «المنار» من جهة التوافق والإضافة، يقول: «الذي وافق فيه المنار العروة الوثقى هو تعاليمها الاجتماعية وقواعدها التي وضعتها للوحدة الإسلامية، أما ما أضافه فهو البحث في جزئيات البدع وتفصيل القول في التعاليم الفاسدة والعقائد الزائفة والتربية المفيدة». 
ويصور هذه الظاهرة من منظور آخر الدكتور «رضوان السيد» حين يمايز بين «رشيد رضا» و«محمد عبده» في الاختيار الفكري والمرجعي، فيرى أن «رشيد رضا» في فترة تحوله نحو السلفية «اعتنى بكتاب الاعتصام المالكي الكبير الشاطبي، في حين عني شيخه محمد عبده بكتاب الشاطبي الآخر الموافقات، ففي الموافقات يركز الشاطبي على مقاصد الشريعة،‏ في حين يركز في الاعتصام على مبحث الهوية الذاتية والخاصة للمؤمن، ‏وضرورة التمايز عن المشركين وأهل الكتاب على حد سواء. والشيء نفسه يقوم به ابن تيمية في كتابه المعروف اقتضاء الصراط المستقيم، الذي عني به السيد رشيد رضا أيضاً» ولقد أوغل الدكتور «محمد فتحي عثمان» كثيراً في تصوير سلفية «رشيد رضا» في كتابه «السلفية في المجتمعات المعاصرة» وميزه من هذه الناحية على «محمد عبده» بقوله: «كان محمد رشيد رضا أعلم بنهج السلف وأحرص على الالتزام به من شيخه محمد عبده.. وأسس مجلة المنار فكانت منبراً ‏للدعوة إلى تصحيح العقيدة والتزام تعاليم الشريعة الصحيحة، وشنت على البدع والخرافات والتقليد والتعصب للمذهب حرباً‏ لا هوادة فيها ولا مدارات». فلم يظهر الدكتور «عثمان» من شخصية «رشيد رضا» إلا المظاهر والملامح والمكونات السلفية.
هذا التحول الذهني والمنهجي عند «رشيد رضا»، من الانحياز إلى الفكر الإصلاحي الذي ينشغل بقضية النهضة والتقدم والتمدن وبالشأن العام في إطار الأمّة، إلى الانحياز للفكر السلفي الذي ينشغل بقضية العقيدة وبالشأن الخاص في إطار الطائفة. هذا التحول كان واضحاً‏ وبارزاً‏ في شخصية «رشيد رضا»، حيث أظهر تمايزاً‏ من هذه الناحية عن الخطاب الفكري لأستاذه «محمد عبده» الذي كان شديد التعلق به فكرياً‏ وثقافياً وروحياً، وهو الذي أطلق عليه لقب «الأستاذ الإمام». لذلك كثيرا ما يقارن به، وجرت على ذلك العديد من الكتابات، ومن خلال هذه المقارنات كان هذا التحول يتجلى واضحاً. فما هي تفسيرات هذا التحول؟ هناك من الباحثين من يقدم الأرضيات الفكرية في تفسير هذا التحول، وهناك من يقدم الأرضيات الموضوعية. يأخذ بالاتجاه الأول الدكتور «رضوان السيد» الذي يرى بأن «السيد محمد رشيد رضا من الإصلاحيين الذين انحازوا للسلفية في النصف الثاني من العقد الثاني من هذا القرن. وقتها اكتشف ابن تيمية ثم الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وانصرف للعناية بالسنة والرجوع إليها في اجتهاداته الفقهية». ويأخذ بالاتجاه الثاني الدكتور «وجيه كوثراني» الذي يرى بأن مرحلة «رشيد رضا» كانت «مرحلة تاريخية عاصفة بالأحداث والانعطافات والتحولات الكبرى المصيرية أو المغيرة فعلاً للمصائر، مرحلة متقلبة وعنيفة وصادمة. فمنذ الانقلاب الدستوري (1908م) وحتى إلغاء الخلافة ومؤتمر لوزان (1933)، شهدت المرحلة انفجار الحرب العالمية الأولى، وسلسلة المعاهدات السرية بين الدول الكبرى من سايكس ـ بيكو إلى وعد بلفور، وانقضاض القوميين الأتراك على القوميين والإصلاحيين العرب، وقيام الثورة العربية، ومشروع المملكة العربية السعودية (فيصل)، وسقوط هذا الأخير مع مشروعه ومشروع والده، وقيام الثورة الكمالية التحريرية في تركيا، التي عطلت معاهدة سيفر، وبروز المشروع السعودي الثاني بقيادة عبد العزيز.. إلى جانب سلسلة من الانتفاضات الشعبية والأهلية». هذه الظروف والتحولات لعلها «كانت حاسمة في دفع رشيد رضا نحو مزيد من السلفية على حساب الإصلاحية القديمة التي حمل لواءها بشكل أساسي الأفغاني ومحمد عبده» أما «ألبرت حوراني» فيرى بأن تأثيرات مكونات البيئة الدينية والفكرية كان لها دور في المنحى السلفي عند «رشيد رضا» الذي ينحدر من بيئة شامية متمسكة بالمذهب الحنبلي، وهو المذهب الذي رجع إليه فيما بعد. ويذهب الدكتور «أحمد عبد الرازق» إلى «أن طبيعة المرحلة وظروفها التاريخية التي عاش فيها رشيد رضا، قد أدت إلى اتسام تفكيره بنزعة عاطفية إلى حد ما، فلم يتخذ فكره شكل البناء الفكري المتكامل والمتناسق» 
هذه الآراء لا يمكن النظر لها إلا على أنها افتراضات تفسيرية درجة الإصابة فيها نسبية. والذي يراه الباحث أن «رشيد رضا» كان مدركاً‏ لهذا التحول وواعياً ‏له مصحوباً بنوع من الشعور المحبط الباعث على الانكماش والتراجع. فقد كان شاهداً على انهيار مشروع «الأفغاني» السياسي والإصلاحي في الجامعة الإسلامية والاتحاد الإسلامي بعد نهاية الخلافة والدولة العثمانية، وشاهداً‏ على تراجع أستاذه «محمد عبده» عن أفكار «الأفغاني» السياسية،‏ ومن ثم شاهداً‏ على انهيار مشروع أستاذه الفكري في إصلاح التعليم وإصلاح الأزهر بوجه خاص. كما كان شاهداً‏ على انهيار مشروعاته أيضاً على مستوى الدولة العثمانية أو الدولة العربية، وقمع وفشل الثورات الأهلية في ليبيا والمغرب ومصر وسوريا، وفرض أوروبا سيطرتها الاستعمارية على هذه الأقطار وغيرها من الأقطار العربية والإسلامية. بالإضافة إلى عامل الاصطدام الفكري والثقافي مع بعض النخب التي كانت على علاقة بالشيخ «محمد عبده» بعد غيابه، وبروز المشروع السياسي والديني في السعودية بقيادة الملك عبد العزيز.
هذه الوضعيات والأرضيات والوقائع، حرضت بشكل أو بآخر على المنحى السلفي الذي سلكه «رشيد رضا». والذي يعتبر عند البعض بمثابة قطيعة عن الفكر الإصلاحي، وبالتالي قطيعة بين منظومة الفكر الإسلامي الحديث ومنظومة الفكر الإسلامي المعاصر، باعتبار أن «رشيد رضا» مثل آخر حلقات تلك المرحلة. القطيعة التي يصورها الدكتور «محمد عمارة» بطريقة قاسية بحيث يلغي من الأساس اعتبار «رشيد رضا» من التيار الفكري الإصلاحي الذي نهض به «الأفغاني وعبده». فهذا حسب نظره «خلط وتعميم يطمس فروقاً أساسية وهامة بين هذه التيارات، ومن مخاطره أنه يلبس المتخلف ثوب المتقدم، ويزين بعباءة العقلانية والاستنارة قوماً وقفوا فقط، أو وقفت بهم قدراتهم عند ظواهر النصوص»
ويرى في مكان آخر أن مسار حركة الإصلاح الديني والتجديد الفكري التي قادها الأفغاني وعبده أخذت في التراجع التدريجي لصالح الاتجاهات السلفية بعد زمن من التألق والازدهار. أما الدكتور «رضوان السيد» فيرى في «رشيد رضا» «نموذجاً في تحولاته ما بين العقد الأول من القرن العشرين ووفاته عام 1935م لوجوه الحيرة والتراجع التي خالطت المشروع الإصلاحي الإسلامي». وهكذا يذهب الشيخ «مرتضى مطهري» الذي يرى أفول الفكر الإصلاحي في العالم العربي من بعد نهضة الأفغاني وعبده الكواكبي، ويتساءل لماذا سقطت جاذبية الحركة الإصلاحية الإسلامية في البلدان الإسلامية؟ ويرى في التحول من الإصلاحية إلى السلفية سبباً في ذلك، حيث تغيرت كما يقول «مطهري» الروح التي جعلت الحركة الإسلامية التي بدأها السيد جمال تفقد أهميتها وحرارتها. وهو اتجاه أكثر مدعي الإصلاح بعد السيد جمال الدين والشيخ عبده، والتحول من النضال ضد الاستعمار والاستبداد إلى النضال ضد العقائد التي تخالف الاتجاه السلفي بوجه خاص
اتجاهات القطيعة الفكرية
هذه القطيعة الفكرية بين الفكرين الإسلاميين الحديث والمعاصر تحددت في ثلاثة اتجاهات:
الاتجاه الأول: الذي انصب عليه الاهتمام الأكبر في الكتابات التي تناولت هذا الموضوع،‏ وتحددت القطيعة في التحول من الإصلاحية إلى السلفية، أي القطيعة من التراكمات الفكرية للأفغاني وعبده، والانحياز إلى التراكمات الفكرية للخطاب السلفي. ويؤيد هذه القطيعة في أحد مفاصلها وأجزائها الرئيسية الدكتور «محمد سعيد رمضان البوطي» ويساند «رشيد رضا» في قطيعته لأستاذه «محمد عبده» ويستشهد به في نقده الحاد والصارم له، بعد أن كان من أبرز من يعتز بتبعيته له، كما يقول «البوطي» ثم أعلن بعد عام 1908 عن رفضه لمواقف أستاذه من حركاته الإصلاحية ونظراته الجديدة إلى أوروبا والسياسة،‏ وتحليله الجديد لمعنى الوجود البريطاني في مصر. ويرى الدكتور «البوطي» أن تلك التي زعموها مدرسة إصلاحية ظهرت في وقت دقيق لوقوع الفكر العربي والإسلامي في منطقة الجاذبية الغربية. ومن ثم فقد كانت العامل الأول لشلّ الفاعلية الحقيقية التي كانت تتمتع بها ذاتية الانسان المسلم في كل من فكره ووجدانه. وفي يقيني كما يضيف «البوطي» إن ظهور تلك المدرسة الإصلاحية،‏ والدور القيادي الذي كان مسنداً‏ إلى الشيخ محمد عبده في إدارتها وتسييرها، كان يخطط لها اللورد كرومر واللورد لوير، بكل خفاء ودقة، وكان ذلك إيذاناً بانهيار الشخصية الإسلامية التي ظلت متماسكة، حتى بعد زوال الخلافة الإسلامية إلى أمد، والتي كانت تهدد الغرب باحتمال انبثاق خلافة جديدة من تلك الشخصية الإسلامية الراسخة في اي وقت.
ويميز «البوطي» بين مرحلتين في حياة «محمد عبده»، يؤيد فيها المرحلة الأولى التي اشترك في أحداثها وقضاياها مع «الأفغاني»، ويعارض المرحلة الثانية بعد عودته إلى مصر وقطيعته السياسية عن «الأفغاني». وهذا التقسيم يعبر عنه الدكتور «محمد محمد حسين» في محدداته الفكرية بغض النظر عن الموافقة والمخالفة،‏ إذ يرى أنه «مهما يكن من أمر في حقيقة حركة محمد عبده فمن الواضح في آثاره الأدبية، أنها تنقسم إلى قسمين ظاهرين،‏ اتجه في أحدهما إلى تدعيم الدعوة للجامعة الإسلامية، بينا اتجه القسم الثاني إلى تقريب الإسلام من الحضارة الغربية والتفكير الغربي الحديث».
وبخلاف ما يراه الدكتور «البوطي» يذهب الدكتور «عاطف العراقي» الذي ينتقد تبعية محمد عبده للأفغاني في المرحلة الأولى حسب التقسيم المذكور، ويؤيده في المرحلة الثانية بعد انفصاله عنه. لقد تحامل الدكتور «العراقي» بقسوة شديدة على «الأفغاني» وسلب منه كل أوصافه ونعته بالإرهابي، وفجر قضية حوله في الندوة التي نظمها المجلس الأعلى المصري للثقافة حول الأفغاني في سبتمبر 1997.
الاتجاه الثاني: تحددت القطيعة الفكرية في هذا الاتجاه بين النخب الليبرالية والنخب الدينية. بعد أن كان «محمد عبده» إطاراً جامعاً لكليهما، وبعد أن كان «رشيد رضا» أيضاً متعاوناً ومتضامناً‏ معهم في بعض الأزمنة التي عاصرها، فقد تعاون مع «رفيق العظم» و«اسكندر عمون» و«داود بركات» رئيس تحرير الأهرام، و«حقي العظم» و«شبلي شميل» في تأسيس حزب «اللامركزية العثماني» في مصر سنة 1332هـ/1913م، والذي كان يؤيد جماعة «الاتحاد والترقي» في دعوتها للإصلاح على قاعدة اللامركزية في الإدارة والحكم. ونشر كتابات لقاسم أمين في مجلته المنار تحت تأثير شيخه «محمد عبده» كما يقول «رضوان السيد».
ويصور هذه القطيعة الدكتور «مجيد خدّوري» الذي يرى بأن «محمد عبده أوجد نقطة التقاء بين مختلف وجهات النظر في الإصلاح.. ورغم أن العديد من تلامذته ظلوا يستوحون تعاليمه، إلا أنهم انقسموا بعد وفاته إلى فئتين، كل فئة منها بمنحى في تفكيره، دون أن تقوم أية محاولة للتوفيق بينهما. فشرعت الفئة الأولى، مع استمرار وفائها لقيم محمد عبده الأخلاقية،‏ في نشر مبادئ مجتمع علماني يحترم الإسلام، لكن دون أن يجعله أساساً للحياة الاجتماعية. أما الفئة الأخرى، أو قل الفئات الأخرى، ‏التي ادعت أنها أكثر انسجاماً مع فكر محمد عبده، فقد اتخذت موقفاً تبريرياً دفاعياً عن القيم الإسلامية في وجه تدفق الأفكار العلمانية، وأوردت الكثير من الأحاديث الشريفة لإضفاء الشرعية على عدد من الأفكار الغامضة عن الإصلاح. وقد طبع هذا الموقف المحافظ الذي تزعمه شيخ تلامذة محمد عبده، أي محمد رشيد رضا، الحركة الإصلاحية بالطابع التقليدي، مما أفقدها الاتصال المباشر بالجيل الجديد». وهناك من يرى أن «توفيقية محمد عبده، ‏بين الدين والدولة،‏ والوطنية والإسلام، والعقل والوحي، تسببت في انتاج مدرستين من تلامذة الإمام، الأولى ويتصدرها رشيد رضا معبراً عن الإسلامية التقليدية، والثانية ويتصدرها قاسم أمين ومحمد حسين هيكل ولطفي السيد وغيرهم ممن لم يروا في علمانيتهم ما يختلف مع إسلامية الإمام» لذلك فإن «محمد عبده» كان مقبولاً لحد ما في الكتابات التي صدرت عن كتّاب وباحثين ليبراليين وعلمانيين، في الوقت الذي ينتقد هؤلاء «رشيد رضا»، ويصور بفهم ملتبس ومغاير عند هؤلاء للإطار المرجعي والفكري الذي ينتسبون إليه.
الاتجاه الثالث: إن التحول من النهج الإصلاحي إلى النهج السلفي استتبع معه قطيعة بين أهم منظومتين إسلاميتين، السنة والشيعية. حيث برزت مع هذا التحول الفروقات المذهبية والخصومات الفكرية التي أعادت معها السجالات الاحتجاجية حول بعض المفاهيم والظواهر والقضايا، التي يفهمها كل طرف بشكل مختلف، وكان بالإمكان التعامل العقلاني والموضوعي معها، لو حاول كل طرف تفهم واحترام وجهة نظر الطرف الآخر على قاعدة حق الاجتهاد ومشروعية الاختلاف والتنوع والتعدد، في قضايا الفروع وفي غير الأصول الثلاثة التوحيد والنبوة والمعاد.‏ وبعيداً‏ عن الرواسب والتشويهات والمسبقات. وهي القضايا التي أهملت وتجنب الخوض فيها مع الإصلاحيين البارزين أمثال الافغاني وعبده والكواكبي ومحمد إقبال الذين تعاملوا مع هذا الشأن بوعي كبير وبأفق واسع وتغليب المصلحة العامة والمقاصد العليا. فالأفغاني هو أفضل من تمثل تكوين الثقافتين السنية والشيعية وجسر العلاقة بينهما. ومع «رشيد رضا» ظهرت بعض الخصومات المذهبية وحصلت معه قطيعة جديدة بين المنظومتين السنية والشيعية، الذي غير من موقفه الإصلاحي في هذا الشأن بعد «أن كان يعتقد أن الوحدة بين السنة والشيعة ضرورة ماسة، وإن من الممكن تحقيقها على قاعدتين: الأولى أن تتعاون الطائفتان على ما يتفقان عليه، وأن تعذر إحداهما الأخرى في ما يختلفان فيه. والثانية أنه إذا تهجم أحد من إحدى الطائفتين على الطائفة الأخرى فالواجب أن يتولى الرد عليه من هم من طائفته»
يعلق «ألبرت حوراني» على هذا الكلام قائلاً: «إنها لعواطف نبيلة ولاريب. لكن ما كان أسرع رشيد رضا، عند وقوع الخلاف، أو إدراكه تعذر تحقيق الوحدة، إلى إلقاء اللوم على الشيعيين واتهام زعمائهم بالبواعث الدنيئة. فزعم أن أكثر البدع والخرافات إنما جاءت من غلاة الشيعة»
وقد رد على بعض مقالاته في التهجم على الشيعة،‏ أحد المصلحين الشيعة المعروفين وهو السيد «محسن الأمين» في كتاب بعنوان «الحصون المنيعة في رد ما أورده صاحب المنار في حق الشيعة»
وقد ساهمت هذه الأنماط من القطيعات في الجمود الذي اصاب الفكر الإسلامي المعاصر منذ الثلاثينات من القرن الأخير،‏ وكرست التوترات والتشنجات والسجالات الاحتجاجية، كما رسخت من حدة التقسيمات والتصنيفات والفروقات بين الاتجاهات الإسلامية، من إصلاحيين وسلفيين، وبين المنظومتين الإسلاميتين السنية والشيعية، وبين النخب والجماعات الفكرية والثقافية من ليبراليين وحداثيين وإسلاميين وتراثيين.. إلى غير ذلك.

رشيد رضا والوهابية
وصلت دعوة محمد بن عبدالوهاب إلى مصر عن طريق أولاده وأحفاده الذين أتى بهم محمد علي ومعهم علمهم وكتبهم، فقد قدم إلى مصر عدد كبير من أسرة محمد بن عبدالوهاب، ودرس بعضهم في الأزهر، وكانوا طلقاء يمشون بين الناس، ولهذا السبب ولأنهم درسوا في الأزهر ودرسوا وصنفوا الكتب، انتشرت هذه الدعوة بمصر. 
وتأصيلا لهذه الدعوة الوهابية واعلاء لشأن محمد بن عبد الوهاب مما يؤكد قبوله لهذا الفكر والتماهي معه يقول رشيد رضا "لم يخل قرن من القرون التي كثرت فيها البدع من علماء ربانيين يجدون لهذه الأمة أمر دينها، بالدعوة والتعليم وحسن القدوة، وعدول ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.. ولقد كان الشيخ محمد بن عبدالوهاب النجدي من هؤلاء العدول المجددين، قام يدعو إلى تجريد التوحيد، وإخلاص العبادة لله وحده، بما شرعه في كتابه وعلى لسان رسوله خاتم النبين (صلى الله عليه وسلم)، وترك البدع والمعاصي وإقامة شرائع الإسلام المتروكة وتعظيم حرماته المنتهكة المنهوكة.." 
وعن أثر هذه الدعوة في نجد يقول الشيخ رشد رضا: "وقد كان من حسنات تأثير محمد بن عبدالوهاب المجدد للإسلام في نجد إبطال عبادة الجن وغير الجن منها، ولم يبعد فيها إلا أهل تجريد التوحد وإخلاص العبادة لله..". 
وفي حياة الشيخ رشيد رضا قامت الدولة السعودية الثالثة، فكان الشيخ رشيد- من قبل قيامها ومن بعده- أكبر نصير لها- ونستطيع أن نقول: إن مجلة المنار صارت لسان حال الدولة السعودية الثالثة، ومقالها أيضًا، دفاعًا عنها ودعاية لها وتأييدًا لملكها في كل محفل ومناسبة، وتستطيع بسهولة أن تدرك ذلك بمطالعة الأجزاء الأخيرة من مجلة المنار، 26/540، 27/162 و272 وما بعدهما.
حيث بدأ رشيد رضا في هذه الأعداد من مجلته المنار، التأسيس لخطاب العنف السلفي الوهابي في الشارع المصري، ونجد في المجلد الرابع من المنار الشيخ رشيد رضا مدافعا عن ابن تيمية يقول "ولقد كان الإمام أحمد بن تيمية في عصره ناصر السنة وخاذل البدعة والمحيط بعلوم الدين والمحبين اجتهاد المجتهدين، وكان...... حسام قلمه لمحاربة البدع والدعوة إلى مذهب السلف لاسيما فيما يتعلق بالعقائد وأصول الدين فحمل عليه بعض علماء التقليد الذين يرون معاشهم وجاههم بإرضاء العام، فخاضوا فيه كما خاضوا في الأئمة من قبل". ويقول في موضع آخر متحدثًا عن بن تيمية وتلميذه ابن القيم وشيخه: "فقد كان هو وشيخه- بل شيخ الإسلام وعلم الأعلام أحمد ابن تيمية- أعلم أهل الأرض بالكتاب والسنة، وعندي؛ أنه لا يستغني أحد يطلب علم الدين عن الاطلاع على كتبهما" 
ويرى رشيد رضا أن كتب ابن تيمية: "أفضل ما كتب علماء الإسلام هداية وتحقيقًا وانطباقًا على الكتاب والسنة، بل لا نظير لها فيما تعرفه من كتب المسلمين في مجموع مزاياها.."   ويبرر رؤيته هذه بتقديم حيثيات لها بقوله: "أما كتب شيخ الإسلام ف الكلام فتمتاز على كتب جميع المتكلمين ببيان الفصل بين مذاهب الفلاسفة والمتكلمين على اختلاف فرقهم وتحرير ولائهم وشبههم عليها، وبين مذهب السلف الصالح المأخوذ من نصوص الكتاب والسنة وفهم علماء الصحابة والتابعين وتابعي التابعين لها.. ووالله إنه لا يغني عنها ولا عن شيء منها الوقوف على أشهر كتب الأشاعرة وأمثالهم كشروح وحواشي الدوانية والتفتازانية والمواقف والمقاصد فإن أكثر هذه الكتب فلسفية يونانية، ولا يمكن الوصول إلى معرفة عقيدة سلف الأمة الصالح منها..". 
وعن مميزات كتب شيخ الإسلام كما يشهد به الشيخ رشيد رضا قائلاً: "وأشهد الله بأنني لم أجد في كتب أحد من علماء هذه الملة من أحاط بما أحاط به- يعني ابن تيمية- من حفظ النصوص وأقوال الناس من المحدثين والمتكلمين والفلاسفة والمبتدعة.. والوقوف عل أدلتهم وتحقيقها وتحرير الحق الذي كان عليه سلف الأمة وإقامة الحجة عليه". 
ويقر رشيد رضا "فأنا أشهد على نفسي أنني لم يطمئن قلب لمذهب السلف إلا بقراءة كتبهما"، وقد قام رشيد رضا بالدفاع عن بن تيمية في كل مناسبة، فعن مخالفة ابن تيمية لجمهور المتكلمين يقول رشيد رضا "ولا يهولنك تخطئه هذا الرجل – يعني ابن تيمية- لجميع أولئك الأساطين من الفلاسفة والنظار غرورًا بشبهة الشيطان أنه لا يعقل أن يكون هو أعلم منهم وأذكى حتى يكون أحق بالصواب وأولى، فالرجل ليس صاحب مذهب مخترع تعارضت أدلته مع ادلة هذه الفرق واشتبه علينا الأمر حتى نرجع بالأدلة العقلية التي انخدع بنظرياتها كل من شذ عنه قليلاً أو كثيرًا، وأساس مذهبهم الإيمان بكل ما جاء في كتاب الله وصح عن رسوله على الوجه الذي كان عليه خير الأمة قبل افتتانها بالنظريات التي خرقتها شيعًا".
وبالنسبة للفروع الفقهية يقارن رشيد رضا بين الأئمة الأربعة المشهورين وبين ابن تيمية، فيقول: "إنه اطلع على ما لم يطلعوا عليه كلهم من الأخبار والآثار لأنه اطلع على ما رووه  وعلى غيره وحفظه وعرف ما قالوه هم وما قاله غيرهم من أقرانهم في أسانيدها ومعانيها، فهو في فتاويه يذكر خلاف الأئمة المجتهدين في المسألة وأدلة لكل منهم ويمحص هذه الأدلة فيبين الراجح منها بالدليل، فمن يتأمل فتاويه بنظر الإنصاف يرى أن ما رجحه هو الحق في الغالب..". 
يمكن القول أن بداية السلفية في مصر قد بدأت مع محمد رشيد رضا، لاسيما وأن حسن البنا قد تواصل معه في عدة مناسبات وتأثر بفكره، ورغم عدم وجود أي دليل يثبت تأييداً ما من قبل رضا لحركة "الإخوان المسلمين" التي أسسها البنا 1928 قبل سنوات على وفاته، فإن كثيرا من مقولات البنا نفسه كشمولية الإسلام باعتباره دين ودولة ومصحف وسيف ونحوها، هي مستقاة من مفردات ومقولات خطاب رشيد رضا، والذي تأثر به أيضا الشيخ محمد ناصر الألباني الذي لم يكن أكثر اعتدالا من البنا، ناهيك عن أنه أسس مدرسة لتخريج الدعاة لم يكتب لها الاستمرار. وينسب للألباني قوله: "فإنني بفضل الله عز وجل، بما أنا فيه من الاتجاه إلى السلفية أولاً وإلى تمييز الأحاديث الضعيفة والصحيحة ثانياً يعود الفضل الأول في ذلك إلى السيد رضا رحمه الله عن طريق أعداد مجلته المنار التي وقفت عليها في أول اشتغالي بطلب العلم"
رغم دعوته لتفسير القرآن تفسيرا يوفق بين الدين والعصر وبين الإسلام والعلم الحديث، المشروع الذي عرضه رشيد رضا على محمد عبده فرفضه الأخير، إلا أن رضا بدا متمسكا بالتفسير الحرفي للنص، وربما يتضح ذلك بوضوح من موقفه من كتاب طه حسن (الشعر الجاهلي) الذي أنكر فيه الوجود التاريخي للنبي إبراهيم، وعلى خلاف أستاذه محمد عبده الذي تأول بعض الآيات مجازا كقصة آدم وغيرها، فإن رضا برر موقفه من طه حسن بأن الاعتقاد المخالف لنص قرآني قطعي الدلالة غير متأول يخرج صاحبه عن جماعة المسلمين. فالتفسير النصوصي للقرآن الذي يهتم بالمنقول أكثر من الاهتمام بالمعقول، كما يرى تشارلز آدمز، عاد ليبرز في فكر رضا بعد تحرره من فكر أستاذه محمد عبده.
واعترافًا منه بمخالفة المنهج الإصلاحي لأستاذه يقول رشيد رضا عن منهجه في التفسير بعد أن انفرد في العمل بعد وفاة عبده، قائلاً: "هذا، وإنني لما استقللتُ بالعمل بعد وفاته، خالفتُ منهجه رحمه الله تعالى بالتوسع فيما يتعلق بالآية من السنة الصحيحة، سواء كان تفسيرًا لها أو في حكمها، وفي تحقيق بعض المفردات أو الجمل اللغوية، والمسائل الخلافية بين العلماء، وفي الإكثار من شواهد الآيات في السور المختلفة" 
يمكن أن نفهم من هذا النص أنَّ رشيد رضا قام بعد استقلاله بالعمل بتضييق فسحة حرية النظر اللُغوي، والعقلي المستقل التي كان يمنحها عبده لنفسه أثناء تفسيره لصالح توسيع دائرة الاعتماد على النصوص الدينية: قرآناً وسنةً، وعلى أقوال السلف، بالإضافة إلى زيادة الاعتماد على التفريع الفقهي، والتوسع الكلامي واللغوي. 
وتظهر آثار هذا التحول جليَّةً من خلال كثرة نُقولاته، الطويلة أحياناً، من مصادر التفسير بالأثر، وبشكل خاص: الطبري (ت310هـ)، والبغوي (ت516هـ)، وابن كثير (ت 774هـ)، والسيوطي (ت 911هـ). وكذلك نقله من مصادر التفسير اللغوي، وبشكل خاص تفسير الكشاف (ت538هـ)، بالإضافة إلى اعتماده على أمهات معاجم اللغة مثل لسان العرب لابن منظور (ت711هـ)، ومقاييس اللغة لابن فارس (ت 395هـ)، فضلاً عن اعتماده على معاجم ألفاظ القرآن الكريم، من مثل: "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب الأصفهاني (ت 502هـ). 
ويمكن لنا أن نقرأ دلالة هذا التحول عند رشيد على أنها محاولةٌ منه لإدراج أفكاره الإصلاحية المعروضة في تفسيره في سياق التراث الإسلامي المعتمد في ميدان التفسير، وبذلك يمكن أن يحصل على شرعية القول الجديد في التفسير بأقل قدرٍ ممكن من معارضة الجمهور العريض، وممثليه من العلماء الرسميين، وهذا هو الذي حدثَ فعلاً، حيث وجد هذا التفسير قبولاً عاماً عند قرائه، وبذلك يكون رضا قد تحاشى قسماً كبيراً من الموجة العاصفة من الاعتراضات، والانتقادات التي قيلت بحق تفسير محمد عبده المستقلّ، والتي حكمت على منهجه بأنه تفسيرٌ بالرأي، وتفسير عقلاني، توفيقي، الأمر الذي أدى إلى إقصاء تفسيره من دائرة التأثير العام التي كان يطمح إليها.
وعلى الرغم من المكانة المتميزة التي احتلها تفسير المنار في سياق حركة التفسير الحديثة، وموقعه المؤثر في مجمل حركة الفكر الإسلامي في العصر الحديث، فقد تعرَّض إلى انتقادات كثيرة من قِبل فئات عدة، يأتي في مقدمتهم بعض علماء المدرسة السلفية الحديثة الذين رأوا في تساهل رشيد رضا في ذكر بعض التأويلات، وتأويل بعض المعجزات، وردّ بعض الأحاديث النبوية، وانفراده ببعض الآراء الفقهية، وقسوته أحياناً على بعض العلماء السابقين، اتباعًا أعمى من رشيد رضا لمنهج شيخه محمد عبده الذي أسرف في نظرهم في الاعتماد على العقل والرأي في التفسير. ولم يشفع لرشيد رضا أمام هؤلاء العلماء ما ذهب إليه، بعد وفاة شيخه، من ترجيح مذهب السلف على مذهب الخلَف العقلي، وأخذه الواضح بمقومات المنهج الأثري في التفسير، وتوسعه الكبير في الاقتباس من أمهات التفسير المعتمدة عند أهل السنة والجماعة، فقد بقي في نظرهم، وفي مؤلفاتهم أحد نماذج العلماء المسلمين الذين انهزموا فكريا أمام الغرب المتقدِّم، والذين قدَّموا من أجل التوفيق بين الإسلام، وبين حضارة الغرب الغالبة تنازلات على حساب خصوصية الإسلام، ومنهجه المستقل في العقيدة والتشريع، ولعل أهم من يمثل علماء هذه المدرسة هو الدكتور فهد الرومي أحد أبرز العلماء السعوديين المعاصرين.
وقد تعرّض رشيد رضا وتفسيره إلى نقد طائفة أخرى من العلماء، يمكن تصنيفهم ضمن علماء المؤسسة الدينية الرسمية، والمؤسسة الصوفية الشعبية، فقد وجَّه إليه بعض علماء هاتين المدرستين انتقادات شديدة بسبب زحزحته المكانة التقليدية المرموقة التي كان يتمتع بها كل من الفقهاء التقليديين، وشيوخ الطرق الصوفية في المجتمع، وذلك من خلال الحملة العنيفة التي قام بها على صفحات تفسيره على التقليد المذهبي وعلمائه وعلى البدع والخرافات الدينية الشائعة الذيوع في كثير من البيئات الصوفية الطُرقية. ومن خلال دعوته اللاهبة في مقابل ذلك إلى إحياء روح الاجتهاد، وروح الزهد والتزكية وفق نصوص الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح فقط. ولقد تركزت معظم انتقادات هذا الفريق من العلماء على الميول السلفية والوهابية التي ظهرت جلياً في تفسير المنار، بالإضافة إلى تأويله لبعض المعجزات، وإنكاره لكثير من الكرامات التي يدعيها شيوخ الطرق الصوفية. ونذكر من علماء هذه الطائفة التي تصدت لرشيد رضا الشيخ الأزهري المتصوف يوسف الدجوي (ت 1946م) الذي قاد حملة صحفية قوية ضد رشيد رضا، على صفحات مجلة الجامع الأزهر آنذاك "نور الإسلام"، واتهمه باتهامات خطيرة، مثل: إنكار الملائكة والجن، وإنكار بعض المعجزات، والإيمان بمذهب دارون، وردّ بعض الأحاديث الصحيحة، ونشر مقالاته تلك في كتاب سماه "صواعق من نار في الرد على صاحب المنار"، الأمر الذي دفع رضا للرد، وتبيين حقيقة، وسلامة موقفه إزاء القضايا التي اتهمه فيها، في مقالات عديدة جمعها ونشرها في كتاب سماه: "المنار والأزهر"
وهناك فريق آخر من الباحثين المعاصرين ممن ينتمون إلى تيار إعادة قراءة القرآن الكريم وفق مناهج ومكتسبات العلوم الاجتماعية والإنسانية الحديثة، يرى أنَّ مساهمة رشيد رضا في تفسير "المنار" ما هي إلا خطوة تراجعية عن بعض ما أنجزته مدرسة المنار على يد رائديها الأفغاني وعبده ـ وهو في نظرهم إنجاز محدود، وموضع نقد وتقويم ـ وذلك بسبب ما قام به رضا من إعادة العمل التفسيري إلى تخوم المدرسة التقليدية القديمة في التفسير، وتظهر أهم ملامح تلك العودة، في نظرهم، من خلال إكثاره من النُقول الواسعة عن علماء التفسير السابقين، فضلًا عن استطراداته الواسعة فيما يتعلق بقضايا العقيدة والتشريع، هذا بالإضافة إلى عجزه عن الاستفادة من المناهج الغربية الحديثة في دراسة، ونقد النصوص المقدسة؛ وكأحد نماذج هذه المدرسة يقول الدكتور عبد المجيد الشرفي في معرض تقييمه لتفسير المنار: "فنلاحظ إذن أنه لا يمت بصلة إلى حركة التفسير "الكتابي" -نسبة إلى الكتب المقدسة عند اليهود والمسيحيين- التي عرفها الغرب منذ أواخر القرن السابع عشر بالخصوص، والتي كانت أبرز ملامحها متمثلة في استقلالها عن علم اللاهوت، واعتمادها منهجاً نقدياً في تناول النصوص المقدسة. فتفسير المنار أبعد ما يكون عن التفسير النقدي، وليس فيه أدنى إعادة نظر في المسلَّمات المتعلقة بالترتيب الرسمي والتعبُّدي للسور والآيات، ومواطن الإشكال في عدد من التعابير القرآنية، ويتبنى بالطبع المفهوم التقليدي للوحي الذي يكون فيه الرسول مجرد مبلِّغ سلبي للرسالة الإلهية، فلا مجال فيه لأثر ما لشخصية النبي وللظروف التاريخية التي أحاطت به، ولا لمشكلة الانتقال من الكلام الإلهي المفارق إلى الكلام البشري المحدود بالضرورة. وبعبارة أخرى فقد كان تفسير المنار تفسيراً إيمانياً بالدرجة الأولى"
يكاد الدكتور عبد المجيد الشرفي بكلامه هذا يستعيد بشكل شبه كامل ما قاله المستشرق آرثر جيفري قبل أكثر من سبعين عاماً في مجلة "العالم الإسلامي"، في مقالة بعنوان " النقد العالي للقرآن" طالب فيها علماء المسلمين باقتفاء أثر علماء الغرب بإخضاع القرآن الكريم إلى معايير النقد التاريخي والأدبي التي أخضعوا لها نصوصهم المقدسة، دون أدنى اعتبار منه للاختلافات الصريحة بين طبيعة النص القرآني المقطوع بصحته التاريخية، وإيمان المسلمين القاطع بأنه كلام الله تعالى الذي أنزله لفظاً ومعنىً على قلب رسوله محمد  صلى الله عليه وسلم، وبين نصوصهم المقدسة.
وفي الحقيقة، فإنه يمكن القول بأن ما يريده أصحاب هذا الاتجاه ـ فضلاً عن إخضاع النص القرآني لأسئلة الحداثة وإشكالاتها النقدية المتعلقة بالنصوص المقدسة ـ هو عزل النص القرآني عن شبكة النصوص التفسيرية التي أحاطت به، وأصبحت مدخلاً إجبارياً لفهمه، وأصبحت معاني القرآن الكريم بالتالي أسيرةً لمنهجية هذه النصوص في تحديد المعنى بشكل عام، لذلك فقد اعتبروا محاولة رضا للعودة بتفسير القرآن الكريم إلى أحضان التراث، والارتباط بمنهجيته التفسيرية العامة بمثابة تراجع منهجي لا يساعد على تطوير علم التفسير.

رشيد رضا ونشر الفكر الوهابي: 
كان رشيد رضا هو مهندس التسلل الوهابي للجمعيات الدينية، ومهندس إنشائها لصالح السعوديين، وعن طريق تلك الجمعيات أمكن تحول التدين المصري عن الصوفية السنية إلى الوهابية السنية.
ونتتبع هذا الجهد على النحو الآتي:
1- الجمعية الشرعية، أسسها الشيخ "محمود خطاب السبكى" سنة 1913 على أساس الولاء المطلق للتصوف، وفي إخضاع الفقه للتصوف كتب الشيخ محمود السبكى أولى مؤلفاته: أغلب المسالك المحمودية في التصوف والأحكام الفقهية. في أربعة أجزاء. ولكن في عام 1926 اتخذت مؤلفاته طابعاً جديداً تحت شعار الدفاع عن السنة، وبالطريقة الوهابية أخذ يهاجم التصوف تحت هذا الشعار، وفي هذا الاتجاه الجديد كتب (26) كتاباً إلى أن مات سنة 1931. وعلى طريقه سار ابنه أمين السبكى وقد كتب في الدعوة الوهابية تسعة من الكتب وتوفي سنة 1968، وهكذا.
وبالنفوذ السعودي الذى أرساه رشيد رضا انتشرت مساجد الجمعية الشرعية، وهى الآن أضخم جمعية في مصر، تسيطر على أكثر من ألفي مسجد وألوف الأئمة الوعاظ وملايين الأتباع، وكانت ولا تزال الاحتياطى الاستراتيجي للإخوان المسلمين، وهم – أي الجمعية الشرعية والإخوان المسلمون- هم الآن مادة الفكر السلفي وحركته في المجتمع المصري.
2- جمعية أنصار السنة، في نفس العام 1926 أقامها الشيخ حامد الفقي أحد الأزهريين، وقد أنشأ له عبد العزيز آل سعود منزلاً في حي عابدين كان مقراً للدعوة الوهابية، وتخصصت هذه الجمعية في نشر الفكر الوهابي ومؤلفات ابن تيمية وبان القيم، كما أنشأ مجلة الهدى النبوي سنة 1936 ولا تزال تصدر.
3- جمعية الشبان المسلمين: أنشأت سنة 1927 بتخطيط محى الدين الخطيب رفيق الشيخ رشيد رضا الشامي في الدعوة السلفية، وتولى رئاستها الدكتور عبد الحميد سعيد، والاتجاه الحركي يغلب على هذه الجمعية وانتشرت وسط الشباب، وكان أهم الشباب فيها هو حسن البنا، ومع أنه أنشأ الإخوان المسلمين على غرار جماعة الإخوان التي أنشأها عبد العزيز آل سعود، إلا أن حسن البنا كان دائم التردد على جمعية الشبان المسلمين، وقد لقى حتفه أمام أبوابها سنة 1948.
4- جماعة الإخوان المسلمين: سنة 1928 وهى الاتجاه الحركي السياسي المسلح، وكان إنشاؤها برعاية رشيد رضا وتوجيهاته. ورشيد رضا هو الذى قام بتقديم الشاب حسن البنا إلى أعيان السعودية وأعمدة الدعوة الوهابية، ومنهم حافظ وهبة مستشار الملك عبد العزيز، ومحمد نصيف أشهر أعيان جدة. وابنه عبد الله نصيف هو الذى كان يتزعم رابطة العالم الإسلامي، والتي يتغلغل من خلالها النفوذ السعودي إلى العالم الإسلامي حتى اليوم.
والشيخ رشيد رضا وجنوده خارج نطاق الجمعيات هو من أسس مدرسة الدعوة والإرشاد لتخريج الدعاة في جزيرة الروضة سنة 1912، وكانت تجاورها مؤسسة الزهراء للسلفي الشامي محيى الدين الخطيب، في نفس المنطقة، كما كانت مجلته "المنار" ذائعة الصيت متخصصة في الدعوة الوهابية والسعودية، هذا بالإضافة إلى مؤلفاته المتخصصة كـ"الخلافة" والسنة والشيعة، وفيها كان يدعو إلى الخلافة الإسلامية ويرى في ابن سعود المؤهل الوحيد للخلافة. وعن طريق مطبعة المنار نشر رشيد رضا الكثير من مؤلفات ابن حنبل وابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب. وتوفي رشيد رضا بعد أن قام بتوديع الأمير سعود ولى العهد في ميناء السويس سنة 1935 وترك الراية يحملها من بعده تلميذه حسن البنا مؤسس الإخوان.
المراجع:
1- فلسفة المشروع الحضاري بين الإحياء الإسلامي والتحديث الغربي د. أحمد محمد جاد عبد الرازق
2- المثقفون العرب والغرب. هشام شرابي، بيروت: دار النهار، ط4، 1991م
3- الفكر العربي في عصر النهضة 1798ـ1939.‏ألبرت حوراني، بيروت: دار النهار، ط4، 
4- الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر. د. محمد محمد حسين، بيروت: مؤسسة الرسالة، ط7، 1984م
5- تاريخ الأستاذ الإمام محمد عبده، رشيد رضا، القاهرة: مطبعة المنار، 1931، ج1، 
6- الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده. دراسة وتحقق: د. محمد عمارة، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات، ج3، 
7- تيارات الفكر الإسلامي. د. محمد عمارة،‏ القاهرة: دار المستقبل العربي، 1983م.
8- أسس التقدم عند مفكري الإسلام. د. فهمي جدعان، عمان: دار الشروق، ط3، 1988م.
9- سياسات الإسلام المعاصر: ومراجعات ومتابعات. د. رضوان السيد، بيروت: دار الكتاب العربي، ط1، 1997م
10- السلفية في المجتمعات المعاصرة. د. محمد فتحي عثمان، الكويت: دار القلم، 1993م
11- الصحوة الإسلامية والتحدي الحضاري. د. محمد عمارة، القاهرة: دار الشروق
12- حوار حول مشكلات حضارية. د. محمد سعيد رمضان البوطي، دمشق: الدار المتحدة، ط3، 1990م
13- الإسلام دين العلم والمدنية. الشيخ محمد عبده، تحقيق ودراسة: د. عاطف العراقي، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1998م
14- (28) الاتجاهات السياسية في العالم العربي. د. مجيد خدّوري، بيروت: الدار المتحدة، 1985م
15- اشكاليات الفكر الإسلامي المعاصر، مجموعة كتاب، مالطا: مركز دراسات العالم الإسلامي، سلسلة الفكر الإسلامي المعاصر، ط1، 1991م. 
16- التجديد في الفكر السياسي المصري الحديث، د. علي الدين هلال، القاهرة: معهد البحوث والدراسات العربية، 1975م
17- الحصون المنيعة في رد ما أورده صاحب المنار في حق الشيعة. السيد محسن الامين، بيروت: دار الزهراء، ط1، 1985م.
18- صالح العبود: عقيدة الشيخ محمد بن عبدالوهاب السلفية.
19- صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان- محمد بشير السهسواني الهندي.
20- مجلة المنار
21- تفسير المنار
22- فهد الرومي، منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير، (بيروت، مؤسسة الرسالة، ط4/ د.ت)
23- عبد المجيد الشرفي، الإسلام والحداثة، (تونس، الدار التونسية للنشر، ط2، 1991م)،  

شارك