داعش والنصرة دراسة مقارنة في الفكر التكفيري

الثلاثاء 19/أبريل/2016 - 08:08 م
طباعة
 
وحدة الإسلام السياسي.. بوابة الحركات الإسلامية
مقدمة:
نظرًا للأهمية الكبيرة التي حظي بها ما يسمى بـ"تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام" (داعش) على المستوى الإقليمي والدولي، وبالتوازي معها تنظيم جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) وإن كان بشكل أقل إلا أن الحالة الايدلوجية التي خلقها كلا التنظيمين من التكفير حتى القتل وقطع الرءوس شكلت حالة مختلفة استرعت اهتمام الباحثين في مختلف المراكز البحثية بهدف إجراء مراجعة دقيقة وعميقة للتنظيمين بهدف التعرف على خلفيات وأسباب صعود هذه الظاهرة ونموها وتقديم قراءة بحثية معمقة بشأن أصولهما، ونقاط الاتفاق والاختلاف بينهما، من خلال قراءة تحليلية ومقاربة تفسيرية لظاهرة (داعش) (النصرة) تقوم على معرفة جذور الخلاف من خلال تحليل البِنية الفكرية لهما، ومعرفة رؤيتهما لمسألة الجهاد وشكل الدول وكيف أنتجت تنظيماتهما الوليد أشكال مشوهة من مؤسسات الدولة تحت مسمى الخلافة والإمارة وكيف تعامل كلا الخصمين مع مؤسسات الدولة القائمة في العراق وسوريا ونواتج الأفكار والرؤي التي أفرزتها إدارة كلا التنظيمين للدولة في محاولة للوصول إلى عدد من النتائج التي تساعد في مواجهة معرفة هذه الظاهرة الدخيلة على الواقع الإسلامي والعربي. 
وتتضمن هذه الدراسة عددًا من التساؤلات المراد الإجابة عليها من خلال البحث المقارن  
ما طبيعة العلاقة بين تنظيم "الدولة الإسلامية" و"تنظيم جبهة النصرة " كيف التقى التنظيمان وكيف افترقا؟
ما هي نظرتهما لمفهوم الجهاد وكيف ترجما هذا المفهوم على الأرض في شكل الدولة أم الخلافة أم الأمارة وما هي المقاربات التي أستخدمها كلاهما لتبرير إداراته لمناطق نفوذه وما هي المؤسسات التابعة لهما؟
ما هو تفسير التكفير لدى التنظيمين "داعش" و"النصرة" وما موقع ذلك من الأحكام الشرعية؟ 
 ما هي مصادر التمويل لداعش والنصرة وهل هناك حالة من التمايز بين التنظيمين في التمويل فرضتها الأوضاع على الأرض؟
ما هى طبيعة علاقة التنظيمين مع تركيا والنظام السوري وما هو نوع الدعم الذي تحظى به "داعش" و"النصرة" من خلال محيطها الخارجي؟

أولا: النشأة:
شكل تنظيم القاعدة منذ نشأته الحاضنة الأساسية لمعظم التنظيمات الإسلامية الراديكالية في العالم الإسلامي بشكل عام والعالم العربي بشكل خاص ولكن ولأول مرة شذت أحد قواعد التنظيم عنه في أطار ما يسمى "خلاف الرؤية حول الجهاد وشكل الخلافة " ليتمخض عن هذا الشذوذ الفكري أحد أهم التنظيمات الجهادية وهو "تنظيم الدولة الإسلامية " المعروف اختصارا بداعش والتي فرضت رؤيتها وتوجهها التكفيري ليس فقط على الحاضنة الام بل على ذراعها البنيوي والتنظيمي "جبهة النصرة" داخل اطار الجغرافي تسيد فيه التنظيم وطبق بداخله أفكاره التي تعد امتداد للأفكار الأكثر تطرفا في التاريخ الإسلامي وهي دولة "الأزراقة".
ففي الوقت الذي ألزمت فيه "النصرة" بالتوجه الأيديولوجي للقاعدة من خلال حاضنة ثورية أفرزتها معطيات الثورة السورية وجعلت منها أقرب إلى التنظيمات المسلحة بالداخل السوري والتي تغلب عليها النزعة الإسلامية.
وبشكل عام هناك حالة من التقارب الإيديولوجي  والتنافر التنظيمى بين عناصر تنظيم الدولة وجبهة النصرة بدأت في معتقلات الجيش الأمريكي والنظام السوري وتحديدا في سجون بوكا وأبو غريب العراقية والمزة وتدمر وصيدنايا السورية ليشكلا معا نتاج فكرى تكفيري نبت في بيئة غذتها الحروب والصراعات والعقوبات الجماعية والاحتلال والهيمنة الأمريكية من جهة والإيرانية من جهة اخرى للنظامين العراقي والسوري لتخلق مواطن يفتقد لكل مكونات الانتماء للدولة الوطنية فهو لم ير من الحداثة سوى صفقات التسليح وشراء وسائل التعذيب وطغيان الحكم وإهدار الموارد والطاقات الطبيعية والبشرية .والتدين العام  الشكلي الذي يفتقر إلى الايمان العميق بالله. (1) 
تعود البداية الأولى لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام إلى 15 أكتوبر 2006 إثر اجتماع مجموعة من الفصائل المسلحة ضمن معاهدة حلف المطيبين وكان الهدف المعلن للتنظيم هو محاربة القوات الأجنبية مما أكسبها تعاطف ودعم بعض المناطق "السنية". (2)
على الجانب الآخر ومع بداية عام 2013 شهدت الثورة السورية تغيراً جوهريًّا في مسارها باتجاه الكفاح المسلح كنهج رئيس في الصراع مع النظام وهو ما سمح بمعطيات جديدة أتاحت حضورا قويا للجماعات الجهادية بعد اقتناع كثير من المحتجين بعدم جدوى النضال السلمي وتقاطع هذ الاقتناع مع طروحات الجماعات السلفية والجهادية بشأن عدم جدوى النضال السلمي، ما جعل حضورها يصبح شرعيًّا ومقبولًا اجتماعيًّا، وبخاصة مع تزايد عدوانية النظام ووحشيّته لتبرر وجودها بالقاعدة الفقهية "دفع صائل العدو
وأعوانه". بالإضافة إلى غياب التدخل العسكري أدى الشعور بالإحباط من المجتمع الدولي بالتوازى مع ارتفاع حصيلة القتلى المدنيين إلى التحالف مع الجماعات الجهادية بوصفها فاعلًا رئيسًا في محاربة النظام. (3)
واستغلت الدولة الإسلامية في العراق هذا الامر وبدأ عناصرها يقصدون سوريا للجهاد وعلق أبو محمد الجولانى أمير جبهة النصرة على هذه البداية بقوله في بيانها التأسيسي "فتعالت أصوات النداء لأهل الجهاد، فما كان منا إلا أن نلبي النداء ونعود لأهلنا وأرضنا من الشهورالأولى لاندلاع الثورة". (4)
 مع توافد المئات من المقاتلين الأجانب وخشيت الدولة الإسلامية أن تنفلت الأمور منها ويزداد عدد المنشقين عنها والمهاجرين إلى بلاد الشام فيتصدع التنظيم عقد مجلس شورى تنظيم الدولة الإسلامية اجتماعا وقرر إيفاد مجموعة على رأسها أبي محمد الجولاني إلى سوريا الذي أنشأ عقب وصوله سوريا جبهة النصرة في يناير 2012م لجمع أكبر عدد من المهاجرين الأجانب تحت رايتها واستقطاب الشبان السوريين المؤمنين بنهج القاعدة.
وبدأ الخلاف بين الاطراف الثلاث " القاعدة – النصرة – تنظيم الدولة " ولكن في أطر التنظيم عندما لم يستأذن أبو بكر البغدادي أيمن الظواهري في إيفاد الجولاني إلى سوريا وزادت حدة الخلاف عندما استطاعت النصرة أن تخطف الأنظار بعد العمليات النوعية التي نفذتها ضد مقار وثكنات وحواجز الجيش السوري، وشكلت حالة استقطاب هامة لدى المقاتلين السوريين. وبدأ الدعم المادى يصل إلى عناصرها من عدة جهات داخلية وخارجية وأنسحب المئات من عناصر الدولة في العراق للالتحاف بجبهة النصرة سرا وهنا بدأ البغدادي يشعر بخطر جبهة النصرة على تنظيم الدولة الإسلامية. 
وما زاد من حدة الخلاف خروج الظواهري متخطيا البغدادي ليدعو المجاهدين من كل أصقاع الأرض لينفروا إلى سوريا وهنا قرر البغدادي وبناء على مشورة ذراعه الأيمن حجي بكر الضابط السابق في الجيش العراقي أن يخضع النصرة لسلطة الدولة وأمر الجولاني بتنفيذ عدة هجمات تستهدف الجيش الحر من بينها، الهجوم على مخازن سلاح تابعة للجيش الحر، واستهداف أحد الفنادق في تركيا أثناء اجتماع لقيادات من المعارضة السورية. 
رفض الجولاني تنفيذ هذه العمليات باعتبارها مخالفة للشرع، ومفسدتها أكبر من منفعتها، والمستفيد منها النظام السوري فأعلن البغدادي في 9 أبريل 2013 وبرسالة صوتية بُثت عن طريق شبكة شموخ الإسلام, أعلن من خلالها أبو بكر البغدادي دمج فرع التنظيم جبهة النصرة مع دولة العراق الإسلامية تحت مسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام فرفض الجولاني دمج التنظيمين وأعلن ولاءه للشيخ الظواهري وطلب الاحتكام إليه وطلب الظواهري من الدولة أن تبقى في العراق وأن لا تدمج تنظيمها بالنصرة فرفض البغدادي أوامر الظواهري فبدأ الخلاف يأخذ منحى مختلفا ذا طابع دموي فالبغدادي اعتبر الجولاني خائنا للعهد، والجولاني اعتبر البغدادي ناقضا لبيعة أميره الظواهري. (5)
 وفي 8 نوفمبر2013 قال أيمن الظواهري زعيم تنظيم "القاعدة"في تسجيل صوتي ما نصه: "تُلغى دولة العراق والشام الإسلاميّة ويستمرّ العمل باسم دولة العراق الإسلاميّة، وأن جبهة النصرة لأهل الشام فرع مستقلّ لجماعة قاعدة الجهاد يتبع القيادة العامة وأن الولاية المكانيّة لدولة العراق الإسلاميّة هي العراق، والولاية لجبهة النصرة لأهل الشام هي سوريا وأخطأ الشيخ أبو بكر البغدادي الحسيني بإعلان دولة العراق والشام الإسلاميّة دون أن يستأمرنا أو يستشيرنا بل ودون إخطارنا وأخطأ الشيخ أبو محمد الجولاني بإعلانه رفض دولة العراق والشام الإسلاميّة وإظهار علاقته بالقاعدة دون أن يستأمرنا أو أن يستشيرنا بل ودون إخطارنا". (6)
وأعتبر ذلك تنكر من تنظيم «القاعدة» لـ «الدولة الإسلامية في العراق والشام» يتسق مع موقف سابق للتنظيم العالمي عندما سحب الدعم من «الجماعة الإسلامية المسلحة» خلال الحرب الأهلية الجزائرية عام 1996 وكان أسامة بن لادن نفسه متشككاً جداً من «الجماعة الإسلامية المسلحة» عندما رفضت طلبه بإنشاء معسكرات تدريب في الجزائر، وشعر بالقلق من تبني الجماعة لأيديولوجية مزعجة ولعب دوراً في إنشاء كيان جزائري منشق أقل تطرفاً يعرف باسم «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» في عام 1998، التي غيرت اسمها لتصبح تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» عام 2007. (7)

 ثانيا: الجهاد:
 تنظيم الدولة الإسلامية "داعش " وجبهة النصرة ملتزم بمنظومة الفكر الجهادي العالمي الذي يقوم على عدد من الأصول والفروع، فالأصل الذي تُجمِع عليه تنظيماته كافةً يتلخص في تحكيم "شرع الله"، وإقامة "الحكم الإسلاميِّ" المتمثل في الخلافة، ولا يتحقق ذلك إلا بالجهاد، ومن هذا الأصل القطعي لدى كلاهما تتناسل المفاهيم والتفاصيل والإجراءات التي تعد فروعًا ويقع فيها الخلاف . (8)
 ولكن الخلاف يتجلى في طريق نهج "داعش " و"النصرة " حيث أن الاولى تحسم الجهاد بشكل تصادمى مع الجميع وتبدأ بالعدو القريب الذي تعتبره "الأنظمة والجيوش التي تدافع عن العدو البعيد وهو "إسرائيل والولايات المتحدة والغرب " التي تعتبرها كلها كافرة
وهذا ما نص عليه في أهداف تنظيم الدولة الإسلامية "لا نترك السلاح حتى يحكم الشرع"، "ولَنقاتلنَّ لإقامة الدولة الإسلامية"، "الأنظمة والجيوش التي تدافع عنها كلها كافرة، وأن الجهاد فريضة" "وأن كفر الردّة أغلظ بالإجماع من الكفر الأصلي؛ لذا كان قتال المرتدين أولى عندنا من قتال الكافر الأصلي"، "تحكيم الشريعة لا يكون إلا بالجهاد فقيام الدين لا يكون إلا بكتاب يهدي وسيف ينصر، قال تعالي (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ. (9)
هذا الامر الذي تبناه البغدادى يخرج عن السياق العام الذي أقره الظواهري زعيم "القاعدة" الذي تتبعه "جبهة النصرة" بالتأكيد على التراتبية والتدرج في الجهاد حتى يأتي التمكين وقال ذلك نصا في رسالة وجهها إلى أبو مصعب الزرقاوي في أكتوبر 2005 "مراحل المشروع الجهادي تبدأ بإخراج الأمريكان من العراق ثم إقامة إمارة إسلامية يتم تطويرها حتى تبلغ مرتبة الخلافة على أكبر جزء يمكنها بسط سلطانها عليه من العراق، خصوصًا في مناطق العرب السنة، ثم مدِّ الموجة الجهادية إلى ما جاور العراق من دول علمانية، ثم "الصدام مع إسرائيل؛ لأن إسرائيل ما أُنشئت إلا للتصدي لأي كيان إسلامي وليد". (10)
ليختصر أبو محمد الجولاني زعيم جبهة النصرة "الجهاد في مشروع إقامة دولة محلية وطنية تسمى إسلامية، وأن مجالس الشورى ستعقد للتوافق على كيفية حكم البلاد وفقا للشريعة الإسلامية، وأن همهم الأول هو قيام حكومة إسلامية راشدة تطبق "شرع الله". (11)
وبذلك تكون "داعش " قد أختارت عدم التقيد بضوابط الجهاد كما أقرتها مرجعيتها الأولى القاعدة و" ضربت "المشروع الجهادي في نقطتين: الأولى: أنها قسمت المشروع الجهادي، والثانية: أنها وجهت الصراع نحو الداخل؛ لدرجة أن خصومتها مع النُّصرة انتقلت خلال ستة شهور من خصومة على الإمارة إلى صراع عقدي"حين جعلت من نفسها "خلافة" على معنى "جماعة المسلمين" لا جماعة من المسلمين ليتشارك "غلو وانحراف" تنظيم الدولة مع تطور "مفاهيمي" للجهاد العالمي يرتكز على التحرر من القيود المفروضة للجهاد التقليدى ؛ تجاوبًا مع الإمكانات التي يتيحها المشروع الجهادي نفسه وما تفرضه التطورات على الأرض، والاختلاف حول الوسائل الأجدى لتحقيق المشروع، ثم الصراع على الإمارة نفسها على الرغم من أنها مركزية في حركية التنظيمية الجهادية عامة. (12)
ومن هنا ظهرت حالة التشظي في المشروع الجهادي الإقليمى متجسدة في "داعش "والنصرة " التي ستمثل البداية العملية لمسلسل الخروج عن "نظام الفقه الجهادي الإسلامي" الذي رسخ له من قبل متبنى الأفكار الجهادية في العالم منذ الخلافة الإسلامية الاولى وحتى الآن .
ثالثا: الدولة 
لا تعترف الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش" بالدولة الوطنية وتعتبر نظام الخلافة الإسلامية الذي يحكمه شرع الله في الأرض هو الحاكم والمنظم لكافة شئون الدنيا والدين  وهو ما يجعلها تعتمد على شكل هيكلي تنظيمي ذو فعالية إدارية كبيرة تبتعد به عن الشكل التقليدى للدولة من خلال المزاوجة بين الأشكال التنظيمية الإسلامية التقليدية، التي تكونت مع مؤسسة الخلافة، وتنظيرات الفقه السلطاني الذي يؤسس لمفهوم الدولة السلطانية؛ إلى جانب الأشكال التنظيمية الحداثية لمفهوم الدولة الذي يستند إلى جهاز عسكري أمني وآخر أيديولوجي بيروقراطي يعد بديل عن الدولة  الوطنية في تراتبية تنظيمية غير تقليدية تتمثل فيما يلي: 
أولا: الخليفة: أختياره على أسس فقهية شرعية كالعلم الشرعي والنسب القرشي 
وسلامة الحواس، ويتم اختياره من قبل مجلس الشورى وأهل الحل والعقد ويعد المشرف المباشر على كافة مفاصل الخلافة بفضل سلطاته "الدينية" الواسعة يتحكم في سائر القضايا الاستراتيجية؛ فهو صاحب "الأمر والنهي" في معظم القرارات الحاسمة.
 المجالس "الوزارات"، وهي تسمية استخدمها أبو بكر البغدادي عوضًا عن تسمية التي اعتمدها سلفه أبو عمر البغدادي، وتعتبر "المجالس" المفاصل الأساسية لتنظيم الدولة التي تشكِّل "القيادة المركزية"، ويتمتع البغدادي بصلاحيات واسعة في تعيين وعزل رؤساء المجالس بعد أخذ رأي "مجلس الشورى"، الذي تبدو استشارته معلِمة وغير ملزمة؛ فالقرار الأخير والفصل النهائي بعد التداول للخليفة البغدادي. (13)

ومن أبرز المجالس في تنظيم الدولة :
‌أ- المجلس العسكري ويعتبر المجلس الأهم داخل تنظيم الدولة الإسلامية، ولا يوجد عدد محدد لأعضائه بحسب قوته وتوسعه وقوته وضعفه ومساحة نفوذه وسيطرته، ويتكون تاريخيًّا من 9 أعضاء إلى 13 عضوًا، وقد بدأ استخدام تسمية الجهاز بالمجلس العسكري عقب مقتل نعمان منصور الزيدي، المعروف بأبي سليمان الناصر لدين الله، الذي شغل منصب وزير الحرب في مايو 2011 ويشغل قائد المجلس العسكري منصب نائب البغدادي، ويتكون من قادة القواطع، وكل قاطع يتكون من ثلاث كتائب، وكل كتيبة تضم 300-350 مقاتلاً، وتنقسم الكتيبة إلى عدد من السرايا تضم كل سرية 50-60 مقاتلاً وينقسم المجلس إلى هيئة أركان وقوات الاقتحام، والاستشهاديين، وقوات الدعم اللوجستي، وقوات القنص، وقوات التفخيخ، ويقوم بكافة الوظائف والمهمات العسكرية، كالتخطيط الاستراتيجي، وإدارة المعارك، وتجهيز الغزوات، وعمليات الإشراف والمراقبة والتقويم لعمل الأمراء العسكريين، بالإضافة إلى تولي وإدارة شئون التسليح والغنائم العسكرية. (14)
‌ب- المجلس الأمني وهو أحد أهم المجالس في تنظيم الدولة الإسلامية وأخطرها؛ إذ يقوم بوظيفة الأمن والاستخبارات، ويتولى المجلس الشئون الأمنية للتنظيم، وكل ما يتعلق بالأمن الشخصي لـ"الخليفة"، وتأمين أماكن إقامة الخليفة ومواعيده وتنقلاته، ومتابعة القرارات التي يقرها ومدى جدية الولاة في تنفيذها، ويقوم بمراقبة عمل الأمراء الأمنيين في الولايات والقواطع والمدن، كما يشرف على تنفيذ أحكام القضاء وإقامة الحدود، واختراق التنظيمات المعادية، وحماية التنظيم من الاختراق، كما يقوم بالإشراف على الوحدات الخاصة كوحدة الاستشهاديين والانغماسيين بالتنسيق مع المجلس العسكري ويشرف على صيانة التنظيم من الاختراق، ولديه مفارز في كل ولاية تقوم بنقل البريد وتنسيق التواصل بين مفاصل التنظيم في جميع قواطع الولاية، كما أن لديه مفارز خاصة للاغتيالات السياسية النوعية والخطف وجمع الأموال 
‌ج- بيت المال وهي التسمية الإسلامية التاريخية للمؤسسة المالية، وقد تضخمت مالية تنظيم "الدولة الإسلامية" منذ سيطرته على الموصل في يونيو 2014، وسيطرته على مساحات واسعة في العراق وسوريا، وتقدر بعض الدراسات رأس مال التنظيم بحوالي 2 مليار دولار، وباتت مصادر تمويله متعددة وواسعة، من التبرعات والهبات وأموال الصداقات والزكاة وعوائد تحرير الأجانب المختطفين والاستيلاء على الموارد والسلع من الأماكن التي يسيطر عليها وعوائد الثروات الطبيعية والمعادن من النفط والغاز، وفرض الضرائب والرسوم والأموال الحكومية  والعائدات الزراعية وهناك مجالس مستحدثة منها الموارد النفطية والثروات الطبيعية. (15)
ومن أبرز قيادات المجالس في تنظيم الدولة الإسلامية:
1) موفق مصطفى الكرموش وكنيته أبو صلاح مسئول المالية . 
2) عبدالواحد خضير أحمد وكنيته أبو لؤي مسئول الأمني العام
3) بشار إسماعيل الحمداني وكنيته أبو محمد مسئول ملف السجناء.
4) شوكت حازم الفرحات وكنيته أبو عبدالقادر المسئول الإداري العام.
5) خيري عبد حمود الطائي وكنيته أبو كفاح مسئول التفخيخ.
6) عوف عبدالرحمن العفري وكنيته أبو سجى مسئول الشئون الاجتماعية "رواتب وإعانات ورعاية أسر".
7) فارس رياض النعيمي وكنيته أبو شيماء مسئول مخازن السلاح. 
8) عبدالله أحمد المشهداني وكنيته أبو قاسم مسئول استقبال العرب وتأمين الانتحاريين.
9) محمد حميد الدليمي وكنيته أبو هاجر العسافي مسئول البريد والتنسيق ونقل التعليمات. (16)
ثانيا: مجلس الشورى: ويترأسه حاليًا أبو أركان العامري، ويتسع المجلس ويضيق بحسب الظروف والحاجة، كما يجتمع للنظر في القضايا المستجدة واتخاذ القرارات المهمة ورسم السياسات العامة، ويضم في عضويته عددًا من القيادات التاريخية وخصوصًا الشرعية، ولا يوجد ثبات في عدد أعضائه، وغالبًا ما كان يضم من 9 إلى 11 عضوًا يختارهم البغدادي بتزكية من الأمراء والولاة وله صلاحية عزل الخليفة من الناحية النظرية، ويقدم الرأي بشكل غير ملزم  للخليفة في قرار الحرب والسلم، وتزكية المرشحين لمناصب الولاة، وأعضاء المجالس المختلفة.
ويتمتع المجلس الشرعي، داخل مجلس الشورى، بأهمية خاصة نظرًا لطبيعة التنظيم الدينية، ويترأسه البغدادي شخصيًّا، ويضم في عضويته ستة أعضاء، ومن مهامه الأساسية مراقبة التزام بقية المجالس بـالضوابط الشرعية، وترشيح خليفة جديد في حال موت الخليفة الحالي أو تعرضه للأسر أو عدم قدرته على إدارة التنظيم والدولة لأسباب طارئة كالمرض والعجز. (17)
رابعًا: الهيئة الشرعية: ويرأسها الشيخ أبو محمد العاني، ولها الدور الأبرز في صنع الحماسات والعاطفة القتالية وصياغة خطابات البغدادي والبيانات والتعليق على الأفلام والأناشيد الإعلامية في تنظيم داعش. وغالبا ما يكون أعضاء الهيئات الشرعية من المهاجرين العرب وخاصة السعوديين وتنقسم هذه الهيئة إلى قسمين الاول: للقضاء والفصل بين الخصومات والنزاعات المشتركة وإقامة الحدود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والثانية: تتولى الإرشاد والتجنيد والدعوة ومتابعة الإعلام.. تعتبر أحد أهم مفاصل تنظيم الدولة الإسلامية نظرًا لطبيعته الدينية.
وتعتمد "داعش" تقسيم إداري يقسِّم مناطق نفوذها إلى وحداتٍ إدارية يطلق عليها اسم "ولايات"، ويتولى مسئولية "الولايات" مجموعة من الأمراء، ويبلغ عدد الولايات التي تقع تحت سيطرة التنظيم أو نفوذه 16 ولاية، نصفها في العراق، وهي: ولاية ديالي، وولاية الجنوب، وولاية صلاح الدين، وولاية الأنبار، وولاية كركوك، وولاية نينوي، وولاية شمال بغداد، وولاية بغداد، ونصفها الآخر في سوريا، وهي: ولاية حمص، وولاية حلب، وولاية الخير (دير الزور)، وولاية البركة (الحسكة)، وولاية البادية، وولاية الرقة، وولاية حماة، وولاية دمشق وتُقسَّم "الولايات" إلى "قواطع"، فولاية حلب على سبيل المثال تنقسم إلى "قاطعين"، هما: "قاطع منبج" وتتبع له مدن منبج وجرابلس ومسكنة، و"قاطع الباب" وتتبع له مدينتا الباب ودير حافر، ويمثل السلطة العليا في كل "ولاية" مسئول معين من قبل تنظيم الدولة يحمل لقب "والي"، ويعاونه مجموعة من المسئولين يحملون صفة "أمير"، أمثال: "الأمير العسكري"، و"الأمير الشرعي"، الذي يرأس "الهيئة الشرعية"، والأمير الأمني"، فيما يُعتبر "أمير القاطع" السلطة الأعلى في كل "قاطع"، ويعاونه كذلك مجموعة من الأمراء في المجال "العسكري والشرعي والأمني"؛ الأمر الذي يسري ويُتبع في المدن كافة، ويُشرف "الولاة" ومعاونوهم من "الأمراء" على "أمراء القواطع" ومعاونيهم، ويُشرف هؤلاء بدورهم على "أمراء المدن" ومعاونيهم. (18)
ومن أبرز أمراء الولايات في تنظيم الدولة الإسلامية:
1) أحمد عبدالقادر الجزاع وكنيته " أبو ميسرة" ويعتبر أمير، ولاية بغداد.
2) عدنان لطيف السويداوي وكنيته أبو مهند السويداوي أمير ولاية الأنبار. 
3) رضوان طالب الحمدوني وكنيته أبو جرناس أمير ولاية الأنبار 
4) أحمد محسن الجحيشي وكنيته أبو فاطمة أمير محافظات الفرات الأوسط.
5) نعمة عبد نايف الجبوري وكنيته أبو فاطمة أمير ولاية كركوك.
6) وسام عبد زيد الزبيدي وكنيته أبو نبيل أمير ولاية صلاح الدين وقُتل في وقت سابق  (19)
تعترف جبهة النصرة بالدولة الوطنية وتعتبر نظام مرحلة لاحقة للدولة ووجوده يرتبط بالعديد من الشروط على رأسها التمكين وهذا ما حسمه أبو محمد الجولاني زعيم جبهة النصرة بقوله " أن مشروعهم هو إقامة دولة محلية وطنية تسمى إسلامية، وأن مجالس الشورى ستعقد للتوافق على كيفية حكم البلاد وفقا للشريعة الإسلامية، وأن همهم الأول هو قيام حكومة إسلامية راشدة تطبق "شرع الله". (20)
ولذلك فإن بنيتها التنظيمية ليست لدولة وأنما هيكل مؤقت لإدارة معركة تنتهى بنهاية النظام ثم تتحول هذه الجبهات بالشراكة مع باقى الفصائل كجزء من الدولة الوطنية وهي تتكون مما يلى:
(أ) الأمير 
وهو أعلى سلطة في تنظيم الدولة ويتولى حاليا أبو محمد الجولاني أمير جبهة النصرة 
(ب) مجلس شورى المجاهدين.
يتألف من 13 عضوًا من أبرزهم الجولاني والظواهري "مراقب" و"أبوعلي العراقي" و"أبو محمد العدناني" و"أبو مارية العراقي"
(ج) أمراء الأقاليم 
 وهم مسئولون عن العمل العسكري والإغاثي والدعوي على مستوى المحافظات. ويتمتعون بصلاحيات عسكريّة واسعة، باستثناء القرارات الجوهرية والمهمة؛ فهم بحاجة للرجوع إلى مجلس شورى المجاهدين بشأنها.
(د) السرايا 
 ويتراوح عددها بين 100-200 شخص ويقودها الامير الميداني"، ويشرف على عمل المجموعات التابعة بحسب تقسيم المناطق، ويحاسب أمراء المجموعات على أعمالهم بحيث لا يكون هناك مجال للارتجال أو التعسف وتؤخذ البيعة للأمير الميداني من أمراء المجموعات، ويتمتع الأمير بهامش حريّة في اتخاذ القرارات بما يلائم تطورات الميدان، باستثناء العمليات الكبرى التي تعود إلى أمراء الأقاليم. 
(ه) المجموعات 
 وتتألف من 15- 25 شخصا يقودها ويسيّر العمل العسكري فيها أمير عسكري، وتؤخذ البيعة من قبل أفراد كل مجموعة لأميرها على الطاعة العمياء وتنفيذ الأوامر من دون نقاش. (21)
رابعا: التكفير:
 تعد قضية التكفير من أخطر القضايا الشائكة في الإسلام ولذلك وضع له العلماء ضوابط متعددة  وذلك لمنع الناس من الإفراط والتفريط فيها لأن إطلاق الحكم على المعين له تبعات وآثار خطيرة إذا كان هذا الحكم بغير ضوابط تتفق مع أقوال ألعلم وأن هناك طائفة اشترطت شروطا في تكفير المعين لم يشترطها أهل العلم ولا يكفر هؤلاء إلا الجاحد للقطعيات فقط وطائفة قصرت المكفرات على الجحود والاستحلال وأهملت بقية المكفرات التي ذكرها العلماء في أبواب الردة فدخلت على هؤلاء شبهة الإرجاء من حيث لايشعرون وطائفة ثالثة قد وقعت في الغلو فسارعت إلى تكفير المعين دون اعتبار للضوابط التي ضبط بها أهل العلم مسألة التكفير المعين فكان في هؤلاء شبه من الخوارج في تسرعهم في التكفير بغير ضوابط .
 ويعتبر أهل السنة وسط بين الطائفتين فمتى استوفى المعين شرائط التكفير أوقعوه عليه ومتى وجد مانع يمنع من تكفيره لم يوقعوه عليه وتقسم شروط التكفير إلى أقسام هي 
أ-شروط في الفاعل: أن يكون عاقلا بالغا متعمدا لفعل الكفر مختارا له .
ب-شروط في الفعل أو القول المكفر: أن يكون فعله أو قوله ثبت بالدلة الشرعية أنه كفر أكبر أو شرك أكبر وأن يكون هذا الفعل المكفر مما ذكر أهل العلم أنه فعل أو قول مكفر مخرج من الملة .
وموانع التكفير تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
أ-موانع الفاعل: وهي مايعرض له بما يجعله غير مؤاخذ بأفعال وأقوال شرعا وهي ماتسمى بعوارض الأهلية مثل: الجهل –والخطأ- والتأويل – والإكراه. (22)
ويشكل التكفير لدى التنظيمين "داعش "و"النصرة" نموذجا مثاليا لسوء الفهم في الأحكام الشرعية وضوابطها وطريقة تطبيقها ففي الوقت الذي يتبنى الأول نهجا متطرفا في الاخذ بظاهر النص يتبنى الثاني نهجا برجماتيا في توظيف النص  ولذلك فهم يعتبرون أن من أهم ضوابط التكفير، والتي أغفلها أهل العلم أن لا يكون الذي ارتكب نواقض الإسلام من "ولاة الأمر"، لأن تكفير ولاة الأمر مهما ارتكب من النواقض؛ تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر له الجبال هدا.
وينبني على هذا الضابط قاعدتان مهمتان تؤكد عليهم دائما داعش:
القاعدة الأولى: أن كل دليل من قران أو سنة يدل على أن ما ارتكبه "ولاة الأمر" هو من نواقض الإسلام فهو إما مؤول أو منسوخ .
القاعدة الثانية: أن كل إجماع منقول على أن ما ارتكبه "ولاة الأمر" هو من نواقض الإسلام فهو خطاء، وارتكاب "ولاة الأمر" لهذا الناقض يدل على أن المسألة فيها قولان.
وهاتان القاعدتان قد اتفق عليها "الراسخون في العلم"، وجهلها "حدثاء الأسنان" و"سفهاء الأحلام". والدليل على هذا الضابط؛ هو القرآن والقواعد الشرعية والاستقراء.
أما الدليل من القرآن؛ فهو قوله تعالي عن فرعون انه قال: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}، والقاعدة الأصولية تقول؛ إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فهذا الكلام وإن كان قاله فرعون موسى فإنه ينطبق على جميع الفراعنة من "ولاة الأمور"، وانه لا يرون شعوبهم إلا مايرون ولا يهدونهم إلا سبيل الرشاد.
ولو أننا كفرناهم بما يظهر من الأدلة آو الاجماعات، لكان هذا مخالفا لقول فرعون: {وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}، وهذا ظاهر.
وأما الدليل من القواعد الشرعية؛ فإن القاعدة الشرعية المعروفة التي اتفق عليها الراسخون في العلم تقول: "أن الشيوخ أبخص".
وأما الدليل من الاستقراء؛ فإنه قد ظهر بالاستقراء أن هناك اجماعات فصلت على أن بعض الأعمال نواقض للإسلام، فإن ارتكبها "ولاة الأمور"؛ فدل البحث والتقصي من ذلك على أن المسألة فيها قولان.
وهاك مثالان:
الأول: أن ابن حزم وابن كثير وغيرهما نقلوا الإجماع على شرك التشريع في الحكم وردة عن دين الإسلام، ثم لما ارتكب "ولاة الأمر" هذا الناقض؛ تبين أن في المسألة قولين لأهل العلم .

الثاني: أن ابن باز وابن حميد وغيرهما نقلوا الإجماع على أن من أعان الكفار على المسلمين فإنه يكفر، ثم لما ارتكب ولاة الأمر هذا الناقض؛ تبين أن في المسألة قولين.
وهذه قاعدة مطردة دائماً فعض عليها بالنواجذ وأن هذا الضابط ليس على إطلاقه، بل له قيد مهم من لم يعرفه وقع في التناقض والتخبط، وهذا القيد هو انه يشترط في "ولي الأمر" الذي لا يكفر عند ارتكابه نواقض الإسلام، أن لايرتكب ناقضا من نواقض "هيئة الأمم المتحدة"، فإذا ارتكب ناقضا من نواقض "هيئة الأمم المتحدة"؛ فإن "العصمة" حينئذ تزول ويكون كغيره.
ومثال ذلك صدام حسين؛ فإنه لما كان ملتزما بمواثيق "هيئة الأمم المتحدة" لم يضره "البعث" ولا "الاشتراكية" ولا "القومية" ولا "تحكيم القوانين" ولا "المذابح والمجازر" وغيرها، بل كان "حارس البوابة الشرقية"، و"فارس القادسية"، و"صلاح الدين"، ثم لما ارتكب ناقضا من "نواقض هيئة الأمم"- والعياذ بالله- عندما احتل الكويت؛ زال عنه العصمة، فصار كافرا مرتدا بعثيا اشتراكيا طاغوتيا! فافهم هذا القيد جيدا. (23)
وتستند الدولة الإسلامية في العراق والشأم "داعش" على الضوابط السابقة وتقول "أن الكفر أكبر وأصغر، وأن حكمه يقع على مقترفه اعتقاداً أو قولاً أو عملاً، لكن تكفير الواحد المعين منهم والحكم بتخليده في النار موقوف على ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه، فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق ولا نحكم للمعين بدخوله في ذلك العام حتى يقوم فيه المقتضى الذي لا معارض له، ولا نكفر بالظنون ولا بالمآل ولا بلازم القول ونُكفّر من كفره الله ورسوله، وكلُ من دان بغير الإسلام فهو كافر – سواء بلغته الحجة أم لم تبلغه – وأما عذاب الآخرة فلا يناله إلا من بلغته الحجة، قال تعالي: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} ومن نطق بالشهادتين وأظهر لنا الإسلام ولم يتلبس بناقض من نواقض الإسلام عاملناه معاملة المسلمين ونكل سريرته إلى الله تعالي؛ إذ من أظهر لنا شعائر الدين أجريت عليه أحكام أهله، فأمور الناس محمولة على الظاهر والله يتولى السرائر والرافضة عندنا طائفة شرك وردة ونعتقد بأن الديار إذا علتها شرائع الكفر وكانت الغلبة فيها لأحكام الكفر دون أحكام الإسلام فهي ديار كفر، ولا يلزم هذا تكفيرَ ساكني الديار لغياب دولة الإسلام وتغلب المرتدين وتسلطهم على أزمّة الحكم في بلاد المسلمين، ولا نقول بقول الغلاة؛ “(الأصل في الناس الكفرُ مطلقاً”، بل الناس كلٌ بحسب حاله منهم المسلم ومنهم الكافر ونؤمن أن العلمانية على اختلاف راياتها وتنوع مذاهبها – كالقومية والوطنية والشيوعية والبعثية – هي كفر بواح مناقض للإسلام مخرج من الملة. (24)
وتستخدم داعش بما سبق ما يسمى كفر النوع وتكفير المعين: ويختلط فيها الفقهي بالعَقَدي إلى حد بعيد، لأن كفر الفعل نفسه لا يستلزم بالمطلق تكفير الفاعل إلا بعد استيفاء شروط وانتفاء موانع وله تفصيل في كتب الاعتقاد يمكن العودة إليه في مظانها، وهو مبالغة في التكفير مع عدم أهلية أصحابه لتنزيل الأحكام الشرعية موضعها، في حق المسلمين من أهل السنة أو من أصحاب المذاهب الأخرى ويدفع إلى تُكفير مخالفي داعش من التنظيمات الجهادية الأخرى بسبب الاختلاف معهم وكأنهم جماعة المسلمين دون غيرهم، مع الاستهانة البالغة بدماء من خالفه من المسلمين.
السنة وتكفير الشيعة بالجملة واستهداف جمهورهم في العراق دون تمييز بين مدني وغير مدني . (25)
قال أيضا شيخ الإسلام: فلهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفرون منخالفهم وإن كان ذلك المخالف يكفرهم؛ لأن الكفر حكم شرعي فليس للإنسان أن يعاقب بمثله كمن كذب عليك وزنى بأهلك ليس لك أن تكذب عليه وتزني بأهله لأنَّ الكذب والزنا حرامٌ لحق الله.
تعتمد جبهة النصرة على القاعدة الشرعية المنضبطة بعلماء اللجان الشرعية لديها وتمنع منعا باتا إصدار الفتاوى وإطلاق الأحكام الشرعية وخاصة في مسائل التكفير وتكفير الأعيان وتعتبر التكفير حق لله فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله وأيضاً فإن تكفير الشخص المعين وجواز قتله موقوف على أن تبلغه الحجة النبوية التي يكفر من خالفها وإلا فليس كلُّ من جهل شيئا من الدين يكفرفلا يثبت التكفير على قول إلا بدليل شرعي لأن الكافر هو من كفره الله ورسوله . وأنه لا يحكم في التكفير إلا العالم بالأدلة الشرعية
وتستند إلى العديد من الأحاديث منها ما رواه البخاري في صحيحه من طريق أبي معمر عن عبد الوارث عن الحسين عن عبد الله بن بريدة قال حدثني يحيى بن يعمر أن أبا الأسود الديلي حدثه عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يرمي رجلٌ رجلاً بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك".
وقول الإمام ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام (4/76): وهذا وعيدٌ عظيمٌ لمن كفَّر أحداً من المسلمين وليس كذلك وهي ورطة عظيمة وقع فيها خلق كثير من المتكلمين ومن المنسوبين إلى السنة وأهل الحديث لمَّا اختلفوا في العقائد فغلظوا على مخالفيهم وحكموا بكفرهم وخرق حجاب الهيبة في ذلك جماعة من الحشوية وهذا الوعيد لاحق بهم إذا لم يكن خصومهم كذلك. (26) 
ويقصر أبو مصعب السوري القيادي بالجبهة  رؤيتها فيما يعتبره "كفر" النظام السوري، و"أعداء" المشروع الجهادي في سورية وهم: اليهود الصهاينة، والعلويون، والشيعة، والدروز. (27)
وحذر من عدم التفريق بين التكفير المطلق وتكفير المعين أو كفر النوع وكفر العين والتكفير بناء على قاعدة (الأصل في الناس الكفر)، لأن الدار دار كفر وأن قاعدة (الأصل في جيوش الطواغيت وأنصارهم الكفر) لا غبار عليها وعدم تجويز الصلاة خلف المسلم مستور الحال حتى تعرف عقيدته والتكفير لمجرد مدح الكفار أو الدعاء لبعضهم دون تفصيل تكفير من لم يبايع إمامًا معينًا وحصر الفرقة الناجية في تجمع أو جماعة أو حزب أو طائفة معينة من بين عموم المسلمين والتكفير بالنصوص محتملة الدلالة لا القطعية في التكفير والتكفير بالأقوال أو الأعمال محتملة الدلالة دون النظر في قصد قائلها أو فاعلها وعدم التفريق بين شعائر الكفر وأسبابه الظاهرة، وبين ذرائعه أو علاماته التي لا تكفي وحدها للقطع بالتكفير والتكفير بالشبهة والظن دون تثبت وعدم الالتفات إلى طرق الإثبات الشرعية والإلزام بالكفر وإن نكص عنه المتهم مع اشتراط البينة الكاملة في التكفير دون التحذير والحكم بالاستفاضة وإطلاق قاعدة (من لم يكفر الكافر فهو كافر) دون تفصيل والتكفير بالمآل أو بلازم القول عدم التمييز بين الإيمان الحقيقي والإيمان الحكمي والفرق بين التوبة الباطنة الحقيقية، والتوبة الظاهرة الحكمية وعدم التفريق بين التولي المكفّر وبين معاملة الكافر بالمعروف والخلط بين التولي المكفر وبين المداهنة المحرمة أو المداراة المشروعة والخلط بين التولي المكفر وبين التقية الجائزة والتكفير بدعوى أن السكوت عن الحكام يستلزم الرضى بكفرهم وعدم اعتبار حال الاستضعاف وإطلاق حكم التكفير ولوازمه على أزواج وأولاد عساكر الشرك والقوانين أو نحوهم من المرتدين وعدم مراعاة حال الاستضعاف وعدم التفريق في آثار التكفير بين الكافر الممتنع وبين المقدور عليه وتكفير كل من عمل في وظائف الحكومات الكافرة دون تفصيل وتكفير كل من استعان بالطواغيت أو أنصارهم أو لجأ إلى محاكمهم في ظل عدم وجود سلطان للإسلام دون تفصيل عدم التفريق بين متابعة النظام الإداري والتحاكم إليه وبين التحاكم إلى التشريعات الكفرية وغيرها فيما أطلق عليها الثلاثينية للشيخ المقدسي. (28)
  وبذلك يكون تنظيم الدولة قد أستخدم النص التكفيري الأكثر تشددا في تنزيله للقواعد دون النصرة في محاولة لإضفاء الشرعية على تجاوزه ضد غير المسلمين بل وحتى المسلمين المخالفين له  وهو ما أنكره عليه مشرعو النصرة وحاضنتهم القاعدة واعتبروا هذا التكفير الناتج عنه مزيد من الدماء هو خيار تنظيم الدولة وليس رأيًّا فقهيًّا يضع المشروع الجهادي بالكامل أمام محاولة إرساء جديد لقاعدة أكثر تطرفا وأشدّ غلوا.
 خامسا: التمويل :
تعد مسألة تمويل داعش والنصرة من أكثر القضايا تعقيدًا، لكلا التنظميين بسبب توجهات الجبهة داعش السابقة لإعلان الدولة وبعدها وعلاقات النصرة التي تداخلت بين دعمها كفصيل ثورى وانتماءها لقاعدة الجهاد ولعل الارتباط الأيديولوجي العام بين التنظيمين هو ما خلق مصادر تمويل تتشابه فيما بينهما: 
1) تبرعات أثرياء الخليج العربي حيث ذكر تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية في شهر يونيو الماضي وجود عدد كبير من الأثرياء والشخصيات الخليجية التي دعمت ومولت الأنشطة الإرهابية في كلٍّ من العراق وسوريا، ووفقًا للتقرير هناك (28) شخصية سعودية، و(12) عراقية، و(5) من الكويت، إلى جانب عدد آخر من قطر والإمارات والبحرين وقطر. 
2) أموال الصداقات والتبرعات والزكاة: حيث عملت المنابر والقنوات الإسلامية خلال عامي 2011/2012 على تشجيع المسلمين على توجيه أموال الزكاة والتبرعات والصدقات لتأييد الجهاد والمقاومة في سوريا، وهي الأموال التي وجدت طريقها بصورة مباشرة إلى كلٍّ من داعش وجبهة النصرة وغيرها من الجماعات الإرهابية. 
3) التمويل الخليجي (الرسمي) خصوصًا من دول مثل السعودية والكويت وقطر والإمارات، حيث قامت هذه الدول بتمويل هذا التنظيم في البداية كجزء من حربها بالوكالة ضد نظام الأسد، قبل أن ينقلب عليها ويبدأ في التوسع والتمدد وتهديد دول الخليج ذاتها. 
4) ولكن هذا المصدر بالنسبة لتمويل داعش فقد تراجع إلى حدٍّ كبير الآن وأن بقى بشكل أقل بالنسبة للنصرة خاصة بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي بقطع التمويل عن كلٍّ من تنظيمَيْ داعش وجبهة النصرة، باعتبارهما تنظيمين إرهابيين.
5) التمويل الدولي: طبقًا لتقرير وزارة الخارجية الأمريكية في شهر يونيو الماضي وجد أن التمويل الذي تحصل عليه داعش يأتي من حوالي 31 دولة عبر العالم، من: الخليج، وباكستان، والجزائر، وتركيا، ومصر، ولبنان، وغانا، والسودان، وبريطانيا، والسويد، وهولاندا، وأستراليا، والسنغال، وتايلاند، وبنجلاديش، وغيرها من الدول؛ حيث تعتمد داعش والنصرة على شركاء محليين مسجلين تحت أسماء وهمية، وتمارس نشاطها من وراء ستار قانوني وشرعي.
6) عوائد تحرير الأجانب المختطفين: حيث دأبت داعش على اختطاف المواطنين الأجانب، والموظفين الدوليين، والصحفيين الغربيين، ومساومة ذويهم ودولهم على الإفراج عنهم مقابل ملايين الدولارات كفدية. وقد ذكرت بعض التقارير الصحفية أن عوائد هذه الطريقة بلغت أكثر من 25 مليون دولار سنويًّا.
7) عوائد الموارد والسلع من الأماكن المسيطر عليها: من مستشفيات، ومراكز تسوق، ومطاعم، ومرافق الكهرباء والمياه في هذه المناطق، وهي المرافق التي توفر لها عوائد تُقدر بالملايين كل شهر وان اختلف هذا الأمر بالنسبة لجبهة النصرة. 
8) عوائد التهريب: من النفط، والأسلحة، والآثار حيث تقدر العوائد اليومية من النفط المهرب ما بين 2 إلى 4 ملايين دولار.
9) الهبات من مؤيدي التنظيم والخائفين منه. 
10) الجزية وذلك بعد أن إعادة نظام الجزيةمرة أخرى على غير المسلمين بالإضافة إلى فرض ضرائب شهرية على المؤسسات المحلية بحوالي 8 ملايين دولار. 
11) عمليات نهب البنوك ومنها البنك المركزي في الموصل، والاستيلاء على عشرات الملايين من الدولارات
12) عوائد المنتجات الزراعية حيث أصبحت داعش تسطير على حوالي ثلث إنتاج العراق من القمح. (29)
وعلى الرغم من أن العديد من المصادر السابقة تعد تمويل شبه دائمة للجبهة إلا أنه يضاف إليها. 
(1) الغنائم التي تصل عليها الجبهة عقب كل معركة فهى تشترط قبل المشاركة مع فصائل المعارضة الأخرى في أي معركة "حصة الأسد" من الغنائم وحدث ذلك أثناء مهاجمة الثكنات العسكريّة كافة في الشمال السوريّ، مثل قاعدة الشيخ سليمان والفوج 73 وخان طومان وغيرها، ما جعلها الفصيل العسكري الوحيد في سورية الذي لا يشكو شحَّ الذخيرة. 
(2) استيلاء جبهة النصرة على صوامع الحبوب في حلب، وتولت حماية المصانع فيها، فحصلت من التجار الخائفين على مصانعهم من السرقة والنهب على مقابل مادي.
(3) سيطرتها على عدة آبار للنفط في المنطقة الشرقية واستخدمتها في تمويل نشاطاتها
(4) المشروعات الخدمية التي قامت بها في المناطق التي سيطرت عليها ومنها "باصات النقل العام" في حلب وريفها والتي عادت على الجبهة بمردود مالي كبير. (30)
1- الدعم الكبير الذي قدمته تركيا في شكل "كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة"، وقامت المخابرات المركزية الأمريكي  CIA، بتسهل تقديم هذا الدعم من الحكومة التركية.
2- الدعم القطري وهي الدولة العربية الوحيدة الآن التي تقدم مساعدات إلى جبهة النصرة. 
 ويعد المقاتلين الأجانب الذين أنضموا إلى النصرة من أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط، دعم كبير في كوادرها القتالية. (31)
وبذلك يكون كلا التنظميين قد استحدثا مصادر جديد للتمويل اعتمدت في الأساس على المعطيات الجديدة لنفوذهما في المناطة التي استولوا عليها وهذا ما يعطيهم قدرة أكبر على الأكتفاء الذاتى والاستمرار لفترات أطوال في القتال والمقاومة. 
سادسا: العلاقات الإقليمية المتشابكة:
 طرح تمدد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش" العديد من التسأولات حول قدرة هذا التنظيم على تجاوز حدود إقليمه الجغرافى ليتمدد خارجه في الوقت الذي عجز تنظيم جبهة النصرة عن الخروج عن الحدود السورية على الرغم من توافر العوامل الاجتماعية والسياسية المركَّبة، التي أسهمت في ظهوره كلاهما على الساحات العربية والإسلامية والدولية  لينجح تنظيم الدولة في إعادة تشكل علاقاته مع جواره بشكل برجماتى في الوقت الذي تعاملت فيه النصرة في حدود إطارها الإقليمى بعدما عجزت عن التمدد والسيطرة كما فعلت داعش وتعد الدولة التركية والنظام السوري نموذجا مثاليا لهذه العلاقات الاقليمية المتشابكة.  
النظام التركي :
تختلف طريقة تعامل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام مع تركيا عن تعامل جبهة النصرة وذلك وفقا للحالة الضبابية باتت التي تضيفها تركيا على العلاقة مع التنظيميين  ففي حالة "داعش"  تعود علاقتها بتركيا إلى ما قبل الإفراج عن الرهائن الأتراك في الموصل الذي كشف عن تنسيق وتفاهم مع أنقرة، وعمق هذا التفاهم بين الطرفين بدأ  بعبور أكثر من 13 ألف مقاتل أجنبي إلى سوريا للانضمام إلى داعش والنصرة عبر أراضيها. 
وكشفت صحيفة «جمهورييت» التركية أن القنصل التركي في الموصل كتب إلى وزارة الخارجية قبل 4 أيام من أستيلاء داعش عليها منبها من أن الأوضاع في المدينة تتجه إلى الأسوأ، في ظل الحديث عن تقدّم حثيث لتنظيم «داعش» بات يثير القلق، ولكن جواب الخارجية شكّل مفاجأة بقوله: «إن داعش ليس خصما لنا». 
وقد أكّد بولند ارينج هذه الرواية موضحا أن المخابرات التركية كانت على علم بما يحضّر للموصل، وأنه سبق لـ«داعش» أن حصل على 5 ملايين دولار في مقابل الإفراج عن 31 من سائقي الشاحنات التركية كان قد احتجزهم في نينوي! وتبقى عملية الإفراج عن 49 رهينة دبلوماسية كمقايضة مع داعش مقابل 49 دبابة وكميات كبيرة من الذخائر ونقلوا في حافلات من الموصل إلى تركيا أي مسافة 500 كيلومتر في حماية قوات داعش. 
 ومن أكبر مظاهر التعاون إفراج أنقرة عن القيادي البارز في التنظيم الشيشاني شندريم رمضاني الذي يحمل جواز سفر سويسريا، وكان قد اعتقل في أضنة بعد دخوله من سوريا واشتباكه مع القوات التركية حيث قتل 3 منهم! وما بث على شريط مصوّر يظهر فيه قطار تركي يحمل دبابات وذخائر قيل إنها أرسلت إلى «داعش»، ولم يتردد أردوغان في القول: «وحتى وإن حصلت مقايضة المهم بالنسبة لنا هو إطلاق سراح الرهائن!
بالإضافة إلى عشرات الشاحنات التي تحمل النفط السوري من سوريا والعراق إلى تركيا ويشتريها تجار أتراك، ولعل هذا ما دفع صحيفة «واشنطن بوست» إلى نشر تحقيق في 14 أغسطس (آب) الماضي خلص إلى القول: إن الحكومة التركية بسطت السجاد الأحمر أمام تنظيم «داعش» وإن الريحانية تحولت إلى مركز تجاري لعناصره!
 وذكرت صحيفة «وورلد تريبيون» أن تركيا ضالعة في تسليح المتطرفين منذ انفجار حركتهم في الأنبار حيث قمعتهم «الصحوات» التي شكّلت من رجال العشائر، وأن «داعش» بدأ منذ مطلع عام 2013 يحصل على أسلحة ومعدات عسكرية عبر البوابة التركية ومن خلال تجار أتراك وأن كميات كبيرة وصلت إليه من رومانيا وبلغاريا وكرواتيا. (32)
ويؤكد شيركو عمر، وهو اسم مستعار لأحد مقاتلي «داعش» المنشقين الذي روى كيف سافر في شهر فبراير (شباط) الماضي على متن قافلة من شاحنات «داعش» ضمن وحدة من مقاتلي التنظيم من معقلهم في مدينة الرقة السورية، عبر الحدود التركية، وعاد ثانية عبرها، لمهاجمة الأكراد السوريين في مدينة سري كانيه شمال سوريا.
وأضاف «طمأننا قادة (داعش) بألا نخاف شيئا على الإطلاق، لأنه هناك تعاونا كاملا مع الأتراك، وأنه لن يحدث مكروه، خصوصا أن هذه هي الطريقة المعتمدة للسفر بانتظام من الرقة وحلب إلى المناطق الكردية الواقعة في أقصى شمال سوريا والتي كان يستحيل الوصول إليها عبر الأراضي السورية، لأن وحدات الحماية الكردية تسيطر على معظم الأراضي في المنطقة الكردية. 
وأكد عمر أنه خلال الفترة التي قضاها مع «داعش» كان ينظر إلى تركيا بوصفها حليفا أساسيا ضد الأكراد الذين يمثلون العدو المشترك لكل من «داعش» وتركيا، وأن التنظيم «ما كان قادرا على نشر مقاتليه في الأجزاء الشمالية من المدن والبلدات الكردية في سوريا لولا الدعم التركي. (33)
«هل تتعاون تركيا مع (داعش)؟»، يتساءل ديفيد فيليبس، مدير «برنامج بناء السلام والحقوق» في معهد جامعة كولومبيا لحقوق الإنسان الذي أصدر أخيرا تقريرا عن العلاقة بين «داعش» وتركيا.
وأشار إلى أن تركيا غضت النظر عن  هجمات (داعش) على كوباني، وشجعت الهجمات ضد المدينة لمنع نشوء كيان كردي مستقل في سوريا»، والتصريحات التي أدلى بها كمال كليتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري، لتصب في الخانة نفسها حين تحدث عن البيان الصادر عن مكتب المدعي العام في أضنة في 14 أكتوبر 2014 الذي ورد فيه أن تركيا زودت الجماعات الإرهابية بالأسلحة، وعرض مقابلات أجريت مع سائقي الشاحنات الذين سلموا هذه الأسلحة إلى المجموعات الإرهابية وحديث نائب الرئيس بولنت تذكا والعضو في حزب الشعب الجمهوري إلى أنه تم إيقاف 3 شاحنات في أضنة للتفتيش في 19 يناير 2014، كان قد تم تحميلها بالأسلحة في مطار إيسينبوجا في أنقرة، خلال توجهها إلى الحدود حيث كان من المفترض أن يتسلمها عناصر المخابرات التركية للعبور بها إلى سوريا ومن ثم تسليمها لـ«داعش» والجماعات الإرهابية.
 وأوضح بالتفصيل كيفية دخول الكثير من المقاتلين الأجانب وانضمامهم إلى «داعش» في سوريا والعراق عبر تركيا من دون أن تحاول الدولة التركية ردعهم وكيفية انتقال المقاتلين الأجانب، خاصة من المملكة المتحدة، إلى سوريا والعراق من خلال «أوتوستراد الجهاد»، وهي التسمية التي باتت تطلق على الحدود التركية، فالجيش التركي إما يغض النظر عن هذه التحركات، أو يتقاضى من الجهاديين ما لا يزيد على 10 دولارات لتسهيل عبورهم وأن الحكومة التركية ختمت جوازات سفر عدد من المقاتلين الأجانب الذين عبروا الحدود التركية إلى سوريا للانضمام إلى داعش.
ورصد في تقريره ما ذكرته محطة «CNN» التركية في 29 يوليو 2014 أن أماكن مثل دوزجي وأدابازاري، التي تقع في قلب العاصمة التركية إسطنبول، أصبحت بؤرا لتجمع للإرهابيين ووجود تجمعات دينية يتم فيها تدريب مسلحين من «داعش»، وتطرق إلى شريط فيديو يظهر إحدى الجماعات التابعة لـ«داعش» تقيم صلاة في آمرلي، أحد أحياء إسطنبول. وتصريح لأحد المسئولين في داعش لصحيفة «واشنطن بوست» في 12 أغسطس 2014، أن «بعض مقاتلي الدولة الإسلامية، حتى الذين يحتلون مناصب رفيعة في التنظيم، تمكنوا من الحصول على العلاج في المستشفيات التركية» وأن التنظيم الإرهابي (داعش) وحزب العدالة والتنمية في تركيا القيم والمفاهيم ذاتها. وعلى الرغم من استخدامهما تكتيكات مختلفة، فإن (الروحية) تبقى هي نفسها وأن تركيا أبرمت اتفاقا مع الشيطان. (34)
 وتتميز جبهة النصرة عن داعش بأنها تتلقى دعم أكبر من تركيا منذ بداية تأسيسها حيث أكد عبد اللطيف سينير نائب رئيس الوزراء التركي السابق، أن تركيا قدمت دعما للنصرة تمثل في "كمية كبيرة من الأسلحة الثقيلة"، وأن المخابرات المركزية الأمريكي  CIA، هي التي سهَّلت تقديم هذا الدعم من الحكومة التركية . (35)
 وتحتضن الأراضي التركية عدداً من «أمراء جبهة النصرة » ممن هربوا إليها بعد سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» على المنطقة، ويتفرغ هؤلاء لإدارة أعمالهم وثرواتهم من دون أن يقطعوا علاقتهم «الجهادية» مع تنظيمهم الأم أو غيره. 
وبالرغم من أن عدداً من أمراء «جبهة النصرة»، وخصوصاً الأجانب منهم مثل أبي ماريا القحطاني وأبي الليث التبوكي وأبي حسن الكويتي، فضّلوا الانتقال إلى ريف درعا بعد اضطرارهم للهروب من دير الزور في أعقاب سيطرة «داعش» على معاقلهم فيها، إلا أن قياديين آخرين تحمل غالبيتهم الجنسية السورية، آثروا التوجه نحو تركيا بعدما تضاءلت فرص استلامهم مناصب مهمة تدر عليهم الأموال، كما كانت الحال في دير الزور حيث آبار النفط.
وأشارت إلى أن هناك ما لا يقلّ عن عشرة قياديين كانت تستلم مناصب مهمة داخل «جبهة النصرة »، تمكنوا من الهرب من ملاحقة عناصر «داعش» لهم، وعبور الحدود باتجاه الأراضي التركية حيث أقاموا في أماكن متفرقة، من دون أن تعترضهم أجهزة الأمن التركية إما لعدم امتلاكها معلومات كافية عن هوياتهم الحقيقية، أو استمراراً منها في سياسة غض الطرف عن نشاط المسلحين على حدودها وأن عدداً منهم تمكنوا من الوصول إلى دول أوروبية، حيث يقيمون هناك من دون أي ملاحقات أمنية تدل على معرفة أجهزة أمن تلك البلدان بهوياتهم أو طبيعة النشاط الذي كانوا يقومون به في سوريا.
بينما افتتح البعض الآخر أعمالاً تجارية خاصة به من الأموال التي جمعها نتيجة تجارة النفط، أن أحد أبرز هؤلاء هو المدعو أبو سعد الجرذي، الذي كان يتولى منصب «مسئول النفط والمصافي» في «جبهة النصرة»، والذي تقدر ثروته الشخصية بحوالي مئة مليون دولار، بالإضافة إلى أبي عبد الله إلكترون «أمير الخط الشرقي في دير الزور»، وآخر ملقب باسم المجاهد الشامي «أمير الخط الغربي» والذي تجمعه علاقة قوية بالجرذي وأنهم يتخذون التجارة والاستثمار عناوين وهمية لإخفاء حقيقة نشاطهم المتمثل بتأمين مصادر تمويل بديلة لـ«جبهة النصرة» بعدما خسرت حقول النفط وما كانت تدره عليها من أموال طائلة. (36) 
النظام السوري:
على الرغم من أن تنظيم الدولة الإسلامية يقاتل النظام السورى ويسيطر على محافظات سورية بالكامل إلا أن هناك العديد من الاتهامات التي ترقى إلى الحقيقة بأنه يتعاون مع النظام من أجل إسقاط الثورة السورية وهذا ما كشفت عنه مذكرة للائتلاف الوطني السوري المعارض أكبر فصائل المعارضة السورية والتي توثق علاقة النظام السوري بـ"داعش"،  من خلال وثائق حصل عليها مقاتلو المعارضة السورية من مواقع تنظيم داعش، واعترافات بعض الأسرى، يوثقها الائتلاف الوطني السوري المعارض في مذكرة بعنوان "الشراكة بين النظام وداعش: عدم الصدام، والحماية والمساعدة"، لتأكيد الاعتقاد الشائع عن العلاقة بين النظام وداعش.
وجاءت المذكرة بعدد من الأدلة لإثبات العلاقة العضوية بين النظام السوري وتنظيم داعش، لعل أوضحها عدم قصف النظام لمقر داعش في جرابلس في الرقة على حدود تركيا وبلدة الدانا في ريف إدلب في شمال غربي البلاد، رغم قصفها لمناطق الجيش الحر القريبة من مقار داعش في تلك المناطق ووبدا توحيد الأهداف بين الأسد وداعش واضحا في معركة حمص الشهر الماضي، وما تلاها من معارك بين الجبهة الإسلامية وداعش في حلب، وفق رأي المعارضة، حيث وفرت طائرات النظام غطاء جويا لمقاتلي داعش، الأمر الذي سهل تقدم مقاتلي داعش وتنقلهم بين المدن وعندما وقعت ريف إدلب تحت سيطرة الجيش الحر، قصف النظام السوري المنطقة حتى عادت تحت سيطرة داعش ورفع علمها على أحد الأبنية.
 العلاقة بين الطرفين وصلت إلى ما سمّته مذكرة المعارضة بالانصهار، حيث أفادت شهادة مسئولين في الجيش الحر، أن قادة داعش أنفسهم كانوا ضباط أمن لدى النظام مثل مهند جنيدي الذي كان مسئولاً عن التحقيق مع الذين ذهبوا للعراق من المقاتلين في دير الزور، ثم شوهد لاحقاً في ريف إدلب مرتدياً لباساً أفغانياً بعد أن أصبح زعيما في داعش.
إضافة إلى عثور الجيش الحر على بطاقات هوية من أجهزة الأمن السورية وجوازات سفر عليها تأشيرات دخول إلى إيران وبطاقات هاتف إيرانية، لدى قادة التنظيم، أحدهم أبو حفص المصري . (37)
ونشرت جريدة «الشرق الأوسط» ضمن سلسلة الوثائق الرسمية السورية المسربة، بالتعاون مع مركز «مسارات» السوري المعارض، وثيقة مقدمة إلى رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك وموقعة باسم العقيد حيدر حيدر، رئيس اللجنة الأمنية في مدينة نبل ومحيطها في حلب، تؤكد، وفق المعلومات الواردة فيها، التنسيق بين النظام والمجموعات الإسلامية المقاتلة، لا سيما «الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش".
وتؤكد الوثيقة انضمام مجموعة من العراقيين للقتال إلى جانب النظام عن طريق فرع أمن الدولة في حلب، مشيرة إلى صعوبة إلحاقهم بالتنظيمات الإسلامية بسبب امتلاكهم وثائق شخصية تثبت عدم انتمائهم إلى المناطق والمذهب الديني الذي ينتمي إليه مقاتلو التنظيمات، مما يشير إلى أنهم ينتمون إلى الطائفة الشيعية، فيما يفترض أن ينتمي من يقاتل في التنظيمات الإسلامية إلى الطائفة السنية.
ولتسهيل هذه المهمة، يطلب حيدر في الوثيقة تأمين مجموعة هويات سورية تؤمن انضمام هؤلاء العناصر، الذين قد يبلغ عددهم 2500 شخص إذا جرى تأمين السلاح الكافي لهم، إلى تنظيم «داعش»، وكذلك يطلب بعض الوثائق العراقية لإعطائها للمقاتلين السوريين الذين يتقنون اللهجة العراقية.
ويكشف رئيس اللجنة الأمنية العقيد حيدر حيدر في الوثيقة، عن وجود أكثر من 150 عنصرا مدربين (دورة صاعقة بمستوى عال)، فيما باقي المجموعات التي يزيد عددها على 600 متدرب تتراوح أعمارهم بين 20 و45 عاما وهم من مختلف الاختصاصات، وكانوا قد خضعوا لها أثناء «خدمة العلم»، وقد أرفقت بالوثيقة أسماء 200 مقاتل من منطقة نبل والزهراء.
وأكدت الوثيقة أن هناك عددا كبيرا من المتطوعين الذين أكدوا استعدادهم «للدفاع عن أراضي الوطن»، وأن عددهم مرشح للزيادة إذا جرى تأمين السلاح المطلوب، وأن هؤلاء سيكونون مستعدين للقتال مع التنظيمات الإسلامية وتنفيذ المهام الموكلة إليهم من داخلها، خصوصا بعد النتائج التي تحققت في الفترة الأخيرة بالتنسيق مع الجهات المعنية في المنطقة الشمالية.
وتشير الوثيقة إلى أن قوات النظام أصبح لديها العديد من العناصر والقيادات القوية ضمن تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)» في المنطقة الشمالية بشكل عام، الذين يستطيعون تأمين دخول أعداد من المتطوعين الجدد إلى صفوف هذا التنظيم عبر تزكيتهم وضمان عدم إثارة أي شكوك حولهم، مما يؤمن معلومات تفصيلية بشكل دائم عن تحركات المسلحين وأعدادهم وتسليحهم وخططهم. 
وأشارت المعلومات الواردة إلى أن التنسيق والتواصل مع «داعش» أدى إلى إيقاف عمليات المسلحين ضد مواقع الجيش من خلال سطوة تنظيم «الدولة» ضمن المجموعات المسلحة وتلك الخارجة عن سيطرته، وأنه بذلك، تكون المنطقة الشمالية، أي حلب وإدلب، قاعدة يعود لها الجيش في حال نصب له كمين وتعرض لهجوم عنيف من قبل المسلحين على أن تكون الرقة قاعدة خلفية له في حال التعرض لهجوم عكسي.
و في نفس السياق، تظهر وثيقتان سوريتان مسربتان حجم الاختراق الذي حققه نظام الرئيس السوري بشار الأسد في صفوف تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام «داعش»، والذي وصل إلى حد اعتبار مناصري النظام منطقة الرقة التي يسيطر عليها التنظيم «قاعدة خلفية»، ضمن حملة لمواجهة المعارضة السورية والجيش السوري الحر الذي تقدم في شمال البلاد خلال الأشهر الماضية. (38)
وتؤكد المعارضة السورية بما فيها جبهة النصرة دائما على أن داعش الهدية الثانية التي يتلقاها النظام السوري، حيث أنها صرفت الانتباه عن الحرب الدائرة بين جيش النظام وقوات المعارضة، وقدمت خدمة مجانية إلى مزاعم النظام بأنه يواجه إرهابيين، وليس خصوما سياسيين، وأن المناطق المحررة التي دخلها تنظيم "داعش" أصبحت هناك قناعة مهيمنة لدى الأهالي بأن "داعش" ذراع سرية لنظام الأسد. 
وأكد العديد من شهود العيان على انه في الوقت الذي تدك فيه مدفعية النظام مقر الجيش السوري الحر في حلب تنجو قاعدة "داعش" المجاورة للمقر من القصف، ولم تسقط عليها قذيفة واحدة، ولا حتى عن طريق الخطأ وأن الشيء نفسه يتكرر في مدينة الرقة شرق سوريا.
إضافة إلى ذلك أشار مقاتلون في الجيش الحر إن مقاتلي "داعش" أنفسهم لم يقوموا بمحاولة جدية لتحرير المناطق، التي ما زالت تحت سيطرة النظام، لكنهم انتزعوا السيطرة على الرقة وبلدة إعزاز من الجيش السوري الحر. (39)
 وعلى النقيض من داعش تقف جبهة النصرة حيث لا تشير أي دلائل على تعاونها مع النظام والتزامها بخط القتال ضده؛ وذلك لأن غالبيتهم من الجهاديين السوريين الذين أفرج عنهم النظام السورى في العفو الذي صدر بتاريخ 31 يونيو 2011، وكان عددهم بالمئات، قبل تدفق السعوديين والأفغان واليمنيين في عام 2012 " وكانت بدايتهم في مدينة حلب بالإضافة إلى أن المعطيات التي أفرزتها الثورة السورية لا تتيح أي مجال للتعامل مع النظام المتمثلة في الآتي:
1) اقتناعهم بعدم جدوى النضال السلمي: تقاطع هذ الاقتناع مع طروحات الجماعات السلفية والجهادية بشأن عدم جدوى النضال السلمي، ما جعل حضورها يصبح شرعيًّا ومقبولًا اجتماعيًّا، وبخاصة مع تزايد عدوانية النظام ووحشيّته 
2) غياب التدخل العسكري: أدى الشعور بالإحباط من المجتمع الدولي مع ارتفاع حصيلة القتلى المدنيين إلى تنامى جبهة بوصفها فاعلًا رئيسًا في محاربة النظام
3) المجازر الطائفية: أسهمت المجازر الطائفية التي ارتكبها النظام في تنامي الخطاب المذهبي بين مؤيدي الثورة، ومن ثمّ، لم يعد التحفظ عن خطاب هذه الجماعات القاعدية قائمًا كما كان في السابق. (40)
النتائج :
تضمنت الدراسة عددًا من التساؤلات تم الاجابة عليها من خلال البحث المقارن.  
1- أكدت الدراسة على أن طبيعة العلاقة بين تنظيمى "الدولة الإسلامية" و"جبهة النصرة" قامت في الأساس على التقارب الإيديولوجي في النشأة ثم التنافر في مرحلة إدارة الصراع داخل التنظيم بسبب تبنى عناصر داعش لأفكار أقرب إلى البراجماتية منها إلى الأصول التي بنيت عليها الجماعات الجهادية التكفيرية ومن هنا ألتقى التنظيمان في النشأة وافترقا عند التمكين؟
2- بالنظر إلى كلا التنظيمين نجدهما ملتزمين بمنظومة الفكر الجهادي العالمي الذي يقوم على الأصول الراسخة بضرورة تحكيم "شرع الله"، وإقامة "الحكم الإسلاميِّ" المتمثل في الخلافة، والذي لايتحقق إلا بالجهاد، ولكن عند التطبيق والدخول في مرحلة التمكين نجد أن الأصول تتقاطع مع الفروع المفسرة التي تتناسل منها المفاهيم والتفاصيل والإجراءات لتصل إلى مرحلة الخلاف والخصومة وتظهر المقاربات التي يستخدمها كلاهما لتبرير إداراته لمناطق نفوذه وشكل الجهاد عليها. 
3- وضعت "داعش" والنصرة" الفكر الجهادي في وضعية التصادم الكلى والجزئى في وقت واحد وعلى منطقة جغرافية متقاربة ليتحول مبدأ"العدو القريب والعدو" البعيد إلى مجرد تأويل غير قابل للتطبيق إلا وفقا للمعطيات التي تفرضها الحالة الجهادية لتصبح الانظمة المسلمة أقرب من العدو القريب وتصبح "إسرائيل والولايات المتحدة والغرب " أبعد من العدو البعيد.
4- خلقت داعش حالة من التشظي في المشروع الجهادي العالمي  التي سيمثل بداية عملية لمسلسل الخروج عن "نظام الفقه الجهادي الإسلامي" الذي رسخ له من قبل متبنى الأفكار الجهادية في العالم منذ الخلافة الإسلامية الاولى وحتى الآن .
5- خلقت الحالة "الداعشية، النصرية " حالة من التشوة للدولة بمفهومها الحديث فالاولى بعتمدها الجوهر دون الشكل والثانية بعتمدها الشكل دون الجوهر ليخلق معا نظما من المزاوجة بين الأشكال الإسلامية التقليدية، بما تتضمنه من فقه سلطاني يؤسس لمفهوم السلطنة ؛ والأشكال التنظيمية الحداثية لمفهوم الدولة الذي يستند إلى جهاز عسكري أمني وآخر أيديولوجي بيروقراطي يعد بديل لموسسات الدولة التي يحكمها الدستور والقانون  في تراتبية يحكمها شرع الخليفة أو الامير .
6- أعتمد تنظيم الدولة على أستخدم النص التكفيري الأكثر تشددا من تنزيله بظاهر القواعد في محاولة لإضفاء الشرعية على تجاوزه ضد المسلمين المخالفين له وغير المسلمين وهو ما أنكره عليه مشرعوا جبهة النصرة وحاضنتهم القاعدة واعتبروا هذا التنزيل بالظاهر نتيجته التكفير على العموم الذي سينتج عنه مزيد من الدماء وهو خيار تنظيم الدولة وليس رأيًّا فقهيًّا وهو ما يضع المشروع الجهادي بالكامل أمام محاولة إرساء جديد لقاعدة أكثر تطرفا وأشدّ غلوا .
7- تستخدم داعش ما يسمى كفر النوع وتكفير المعين الذي يختلط فيها الفقهي بالعَقَدي إلى حد بعيد، وهو مبالغة في ويدفع إلى تُكفير مخالفي داعش من التنظيمات الجهادية الأخرى بسبب الاختلاف معهم وكأنهم جماعة المسلمين دون غيرهم، في الوقت الذي تستند جبهة النصرة على القاعدة الشرعية المنضبطة بعلماء اللجان الشرعية لديها وتمنع منعا باتا إصدار الفتاوى وإطلاق الاحكام الشرعية وخاصة في مسائل التكفير وتكفير الأعيان وتعتبر التكفير حق لله فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله وأيضاً  وبالتالي لايكفرون بسبب الاختلاف وبذلك يعتبرون أنفسهم جماعة من المسلمين وليس جماعة المسلمين كما تدعى داعش .
8- يعتمد كلا التنظميين على مصادر متنوعة من التمويل  مع استحداث مصادر اخرى أنتجتها المعطيات الجديدة لنفوذهما في المناطق التي استولوا عليها وهذا ما يعطيهم قدرة أكبر على الأكتفاء الذاتى والاستمرار لفترات أطوال في القتال والمقاومة وتوسيع مناطق السيطرة وأن أختلف الوضع بالنسبة لداعش عن النصرة. 
9- شكل تمدد "داعش "وأنحسار "النصرة " حالة من التمايز في شبكة علاقات كلا التنظيمين في التعاطى مع الأوضاع الاقليمية المتداخلة والمتشابكة معهم ففي الوقت الذي تجاوز تنظيم الدولة حدود إقليمه الجغرافى ليتمدد خارجه في الوقت عجزت جبهة النصرة عن الخروج عن الحدود السورية على الرغم من توافر نفس العوامل الاجتماعية والسياسية المركَّبة، التي أسهمت في ظهوره كلاهما على الساحات العربية والإسلامية والدولية  لينجح تنظيم الدولة في إعادة تشكل علاقاته مع جواره بشكل براجماتى في الوقت الذي تعاملت فيه النصرة في حدود إطارها الاقليمى بعدما عجزت عن التمدد والسيطرة كما فعلت داعش وشكلت الدولة التركية والنظام السورى نموذجا مثاليا لهذه العلاقات الاقليمية المتشابكة خارج إطارهما الجغرافى.   
المراجع والمصادر
(*)  اعتمدت هذه الدراسة على مواد ذات صلة (تقارير – ملفات خاصة – تنظيمات) نشرت بموقع بوابة الحركات الإسلامية
(1) هيثم مناع، "خلافة داعش وصناعة التوحّش، المركز الاسكندنافي لحقوق الإنسان، الرابط http://sihr.net.
(2) مصطفى أمين،تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش"، تنظيمات ،بوابة الحركات الاسلامية،أبريل2014، الرابط http://www.islamist-movements.com.
(3) حمزة مصطفى المصطفى،جبهة النصرة لأهل الشام من التأسيس إلى الانقسام، المركز العربى للأبحاث ودراسة السياسات، سلسلة دراسات سياسات عربية ع 5 نوفمبر 2013، ص8.
(4)  البيان التأسيسى لجبهة النصرة ، يناير 2012.
(5)  أسباب انشقاق "داعش" عن القاعدة،الميادين،يونيو 2014،الرابط ttp://www.almayadeen.net/ar/news.
(6)  قناة "الجزيرة" الفضائيّة،الجمعة 8 نوفمبر2013.
(7)  هارون ي. زيلين،تنظيم «القاعدة» ينفصل عن الدولة الإسلامية في العراق والشام، معهد واشنطن، فبراير 2014.الرابط ttp://www.washingtoninstitute.org
(8)  معتز الخطيب،"تنظيم الدولة الإسلامية"البنية الفكرية وتعقيدات الواقع،مركز الجزيرة للدراسات،نوفمبر2014، الرابط http://studies.aljazeera.net/files/isil
(9)  الموسوعة الجهادية،دولة الخلافةالاسلامية،أهداف التنظيم،
الرابط https://akhbardawlatalislam.wordpress.com
(10) تسجيل صوتى لزعيم القاعدة أيمن الظواهرى 
(11) برنامج "لقاء اليوم" مع زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني، قناة الجزيرة الفضائية،الخميس 19/12/2013، الرابط  http://www.aljazeera.net/programs/today-interview
(12) معتزالخطيب،"تنظيم الدولة الإسلامية"البنية الفكرية وتعقيدات الواقع،المرجع السابق .
(13) حسن أبو هنية،البناء الهيكلي لتنظيم "الدولة الإسلامية"، مركز الجزيرة للدراسات،نوفمبر2014، الرابط http://studies.aljazeera.net/files/isil
(14) هشام الهاشمي، هيكلية تنظيم داعش "أخطر 18 إرهابيًّا يهددون استقرار العراق"، صحيفة المدى، العدد 3103، 2014، الرابطhttp://almadapaper.net/ar/printnews.aspx?NewsID
(15) حسن أبو هنية،البناء الهيكلي لتنظيم "الدولة الإسلامية، المرجع السابق . 
(16) خليفة "داعش" وأعضاء حكومته، العربية نت، يوليو 2014م الرابط  http://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/iraq
(17) حسن أبو هنية، المرجع السابق .
(18) هشام الهاشمي، المرجع السابق .
(19) خليفة "داعش" وأعضاء حكومته، العربية نت، يوليو 2014م الرابط  http://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/iraq.
(20) برنامج "لقاء اليوم" مع زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني، قناة الجزيرة الفضائية،الخميس 19/12/2013، الرابط  http://www.aljazeera.net/programs/today-interview.
(21) حمزة مصطفى المصطفى،جبهة النصرة لأهل الشام من التأسيس إلى الانقسام،  مرجع سابق ، ص 11.
(22) أبي العلا بن راشد بن ابي العلا الراشد ، ضوابط في  التكفير ؛ تقديم صالح بن فوزان الفوزان ، عابد بن محمد السفياني ، 2007 م .
(23) ناصر بن حمد الفهد، منبر التوحيد و الجهاد ، منهاج السنة ،عقيدة أهل الجنة، ضوابط التكفير،يناير2014، الرابطhttp://www.tawhed.ws/r?i=ywtqctwc.
(24) الموسوعة الجهادية،دولة الخلافةالاسلامية،أهداف التنظيم،
الرابط https://akhbardawlatalislam.wordpress.com
(25) شفيق شقير، الجذور الأيديولوجية لتنظيم الدولة الإسلامية، مركز الجزيرة للدراسات،نوفمبر2014، الرابط http://studies.aljazeera.net/files/isil
(26) شبكة الجهاد العالمي ( النصرة )،قسم المنتديات العامة، منتدى الجهاد العالمي للحوار العام الرابط http://www.shabakataljahad.com/vb/showthread.php 
(27) حمزة مصطفى المصطفى، المرجع السابق ، ص 9. 
(28) أبي مارية القحطاني،البراهين الفاضحة في جهل الغلاة، نخبة الفكر ،2014، العلوم الشرعية ورد الشبهات، شبكة عرين المجاهدين ،الرابطhttp://al3aren.com/vb/showthread.php.
(29) أحمد محمد أبو زيد ،من التبرعات إلى النفط:كيف تحول "داعش" إلى أغنى تنظيم إرهابي في العالم ؟، المركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية ،سبتمبر 2014"القاهرة "الرابط http://www.rcssmideast.org/Article/2668
(30) حمزة مصطفى المصطفى ، المرجع السابق ،ص 14.  
(31) مصطفى أمين، جبهة النصرة"أفغنة" سوريا .. صراعات النفط ، تنظيمات ، بوابة الحركات الإسلامية ، مايو2014 ،
 الرابط http://www.islamist-movements.com/2526
(32) راجح الخورى تركيا و«داعش» بالجرم المشهود؟، جريدة الشرق الاوسط ، العدد 13087 ،سبتمبر 2014 مـ.
(33) مقابلة مع شيركو عمر المنشق عن داعش ،صحيفة «نيوزويك» نوفمبر،2014.  
(34) منى علمى ،أسطنبول و«داعش».. أسئلة أكثر.. وإجابات أقل،ملاحق ،منحنيات أصولية ،جريدة الشرق الأوسط ، ديسمبر 2014 مـ ،لندن ،الرابط http://www.aawsat.com/home/article/233631
(35) مصطفى أمين، جبهة النصرة"أفغنة" سوريا .. صراعات النفط ،  المرجع السابق .
(36) عبد الله سليمان ،أمراء «جبهة النصرة» هاربون في تركيا، جريدة السفير ،نوفمبر2014  الرابط http://assafir.com/Article/377448. 
(37) عبدالعزيز طرابزوني المعارضة تقدم أدلة حول علاقة نظام الأسد بـ"داعش"، دبي ،فبراير 2014م، - الرابط http://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/syria
(38) وثائق دمشق السرية ،عناصر من «داعش» مرتبطة بنظام الأسد، ج 5، جريدة الشرق الأوسط، لندن ، أبريل 2014 مـ الرابط
 http://www.aawsat.com/home/declassified/70521
(39) تعرف على علاقة "داعش" بالنظام السوري، موقع mbc.net، أكتوبر 2013، الرابط 
http://www.mbc.net/ar/programs/mbc-news/variety/articles
(40) حمزة مصطفى المصطفى، المرجع السابق ،ص 8.

شارك