شهادة مخرج مصري على أوضاع الهاربين من جحيم داعش في العراق

الخميس 02/أكتوبر/2014 - 04:07 م
طباعة
 

 شهادة شاعر ومخرج على أوضاع الهاربين من جحيم داعش في العراق
شريف وهبه – يروي الساعات الصعبة لرحلته لكردستان 
- حكاية رجل وزوجته فقدوا 27 من عائلتهما
- سيدتان سارا في الجبل ستة ايام بدون ماء ولا طعام خوفا من الطريق الذي تسيطر عليه قوات الإرهاب الاسود
-   الأم التي اضطرت لترك ابنها في الصحراء وحيدا يواجه مصيرا أسود
اللاجئون المعذبون في عز تراجيديا ومآسي الواقع الأسود يطلبون كوميديا عادل إمام ؟!
شريف وهبه فنان بكل معنى الكلام والفنان سوبر إنسان بداخله شاعر ينسج لوحات بالحروف تعبر عن مآسي الوطن والبشر. كما أنه مخرج التقط بالكاميرا أدق المشاعر الإنسانية في فيلمه الروائي القصير (عزيز)، وفجر طاقات مدفونه داخل النجم الكبير أحمد بدير؛ لذلك تأتي زياراته ومشاهداته للمسيحيين واليزيديين والهاربين من شر وإرهاب وجحيم داعش مختلفة تماما عن كل ما رأى وكتب من كان في وفد الكنيسة الكاثوليكية وقوافل الإغاثة. من هنا تأتي أهمية هذه الشهادة الإنسانية التي يقدمها شريف لما رآه في كردستان – العراق.

حيث بدأ متسائلا:

بيد داعش.. أم بيد من؟!

سؤال دار في ذهني وأنا اقرر السفر لهذا المكان، وبداخلي كثير من الأسئلة التي لا إجابة لها، بأي ذنب؟ ولماذا؟ ومن المسئول؟ وما المصير؟

ورنت في أذني كثير من الإجابات التي لم تقنعني، حتى ركبت الطائرة، إلى تلك الأرض التي حباها الله بكل خصائص النماء والخير، والتي عمل فيها آلاف المصرين في الثمانينيات، فكثير من أهل الصعيد كانوا هناك، وكسبوا مالا وفيرا وعادوا يشترون أرضا ويشيدون بيوتا. واستمر ذلك حتى ارتكب صدام جريمة غزو الكويت؛ الأمر الذي ترتب عليه الحروب التي أدت إلى انهيار العراق فيما بعد.. وسألت "شريف":

من أين بدأت رحلتكم؟ وإلى أين وصلتم هناك؟ 
فقال شريف:

وصلنا إلى آربيل العاصمة وكان من المقرر أن نبدأ الرحلة من السليمانية فتحركنا فجرا من مطار آربيل إلى السليمانية مسافرين في طريق الدوكان، وهذا الطريق هو الآمن؛ لأنه يمر في القرى الكردية قاطعا جبل الدوكان الرائع والساحر، وهذا الجبل آمن لأن قوات البيشمركة الكردية تملأ الجبل يمينا ويسارا، كما أن "السيطرات"، وهو الاسم الذي يطلقونه على نقاط التفتيش أو الكمين كما نسميها نحن، تسيطر عليها قوات تابعة لحزب الاتحاد الكردستاني الاشتراكي، وأضاف: وبينما لحظات الفجر أقبلت كنا وصلنا السليمانية التي تشبه أبوظبي في هيبتها وعظمتها ونظافتها، بدأنا الحوار الأول مع السيد مصطفى مسئول العلاقات الخارجية بالحزب، وكذلك القاضي القاسم أبو مديد وهو اليزيدي الديانة والمتحدث باسم اليزيديين في السليمانية، وقد دعانا سيادة القاضي لزيارة مزرعة صديق له يأوي بها أسرا كثيرة من النازحين اليزيديين وهم جميعا لا يعلمون مصيرهم، من القصص التي سمعناها عن الأسرة التي توفي منها الأب والأم والأطفال السبعة، ركبوا سيارات النقل التي كانت تنقل عشرات النازحين فانقسم الأطفال إلى مجموعتين كلا منهما في منطقة لا يعلم شيئا عن المجموعة الأخرى، وهكذا تفرق الإخوة بعد أن يتمتهم يد الإرهاب القذرة، وفي قرية تالية وفي بيت لأحد قاطنيها، وقد أوى لديه عائلتين قريبتين له، وهم سيدتان مسنتان من اليزيديين بلا رجال فقد قتل رجالهم ولم يتبق إلا الأطفال والكنات، وحكت إحداهن أنهن سارا في الجبل ستة أيام بدون ماء ولا طعام خوفا من الطريق الذي تسيطر عليه قوات الإرهاب الأسود، وحكت أيضا عن ابنها البكر في وجود حفيدها أيمن ذو العشرة أعوام وهو ابن ابنها، وهذا البكر مريض بالكبد لم يستطيع السير على قدميه ولا يوجد من يستطيع حمله ولا يمكن التوقف بجانبه وإلا سيلحقهم كلهم الأذى، فأمرهم البكر بالرحيل وتركه لمصير مجهول، ووسط دموع أيمن لم يستطع كل الحاضرون أن يتوقفوا عن البكاء وسط مشاعر ابن فقد أبيه أمام عينيه وحيدا في الصحراء، وبعد أن نجوا أوجعتهم تلك الذكريات؛ لأنهم فقدوا كل رجال العائلة، والأم التي اضطرت لترك ابنها في الصحراء وحيدا يواجه مصيرا أسود، بيد من ينقذ هذا البكر لأجل أمه ولأجل ابن في سن البراعم، ولكن هل نجا بعد كل هذه الأيام؟ لا أحد يعرف مصير الابن مثل كثير ممن اختطفوا أو هربوا في الجبال.

يلتقط شريف أنفاسه وتذهب عيناه اللامعة إلى المخيم ويقول هامسا:

شُيد مخيم اللاجئين السوريين في ناحية عربد في السليمانية، وظل فارغا بعد أن تم تهجيرهم ورجوع بعضهم واستقرار الآخرين في أماكن أخرى، وهو المخيم الذي أنشأته الأمم المتحدة ومجهز بالحمامات، وأثناء البدء في إزالته حدثت تلك الكارثة السوداء، فجاء الأمر بإيقاف الإزالة وإعادته كما أخبرنا مدير ناحية عربد السيد مصطفي هوشيار، ليستقبل بعدها هؤلاء النازحين اليزيديين والشبك (طائفة من الاكراد الشيعة) وبعض السنة ممن زوجاتهم شيعة أو يعملون في الشرطة والجيش، وهم أيضا كانوا مهددين؛ لأنهم يعملون مع الحكومة، وكل هؤلاء من قرى جبل سنجار أو شنجار باللغة الكردية وجميعهم أكراد، وقد تعرض الأكراد لـ 73 حملة إبادة على الهوية وتلك المرة الـ 74.
أما عن وضع المخيم فهو حالة صعبة جدا من الوجع والألم وقصص الهروب المرعبة من يد الإرهاب الأسود، فكثيرون فقدوا زوجاتهم وكثيرون فقدوا آباء وأمهات، أما دموع الأستاذ أحمد (وهو أستاذ لغة عربية) ممثل اليزيديين في المخيم على 700 فتاة يزيديه تم أسرهن من قبل الإرهاب ولا أحد يعرف مصيرهن- كانت دموعا تحمل لوما للمستقبل ولكنها لا تكفر بالله الواحد الأحد، فاليزيديون موحدون بالله ويؤمنون به، وليس كما يشاع عنهم من أساطير غير حقيقية، فاليزيدية كما قال الجميع هي الديانة الأصلية لأهل العراق، فكل العراق أجدادهم يزيديون قبل الإسلام وقبل المسيحية.

وفي خيمة صغيرة يقطن مسنان؛ رجل وزوجته فقدا 27 من عائلتهما ما بين أبناء وزوجاتهم وبنات وأزواجهن وأحفاد كُثر، وقد قطعوا تماما من الأرض بعد هذه الفاجعة، فصارا لا يتكلمان ولا يقصان أي شيء فقد سمعنا قصتهم من الآخرين، وفي كل هذا نرى أطفالا يلعبون في الرمال ويمرحون ويحاولون أن يعيشوا طفولتهم، فأي ذنب لهؤلاء يسيرون عراة وحفاة يحتاجون لطعام وملابس للشتاء ويعيشون في خيم مهترئة من الكارثة السابقة التي حلت بالسوريين، وهم جميعا كبارا وصغارا يناشدون المسئولين لأماكن أكثر آدميه قبل حلول الشتاء وفصل الجليد الذي يسقط في تلك المنطقة.

وأعود لأساله عن أحوال اللاجئين ودور الكنيسة الأرثوذكسية هناك ووجود المصريين بالعراق ؟ 
فيقول:

هناك كنيسة السيدة العذراء في الواقع هي مجرد قاعة صغيرة ومساحة من الأرض الفضاء، وهي كنيسة قبطية أرثوذكسية، لم يسلم أبناؤها عبر أراضي العراق التي طالتها يد الإرهاب الأسود، ففتحت أبوابها لقصص مأساويه لعراقيين ومصريين أقباط يعملون في الموصل وغيرها، وقد امتلأت بأكثر من 70 عائلة ساعدتهم للوصول لها بعد أن تم سلبهم من كل ما يملكون: بيوتهم وسياراتهم وأموالهم بالكامل، أبو العزايم ذلك المواطن المصري يعمل حلوانيا بالعراق لأكثر من 27 عاما ومتزوج من عراقية وله منها 3 أطفال، وقد هرب من يد الإرهاب وفي السيطرة أوقفوه، وقد أخذوا كل ما بحوزته وما كان يدخره كان قد وضعته الزوجة في حزام على بطنها، قامت إحدى السيدات التي تنتمي لهذا الإرهاب بتفتيشها وأخذ ما كان على بطنها ثم لطمها على وجهها، وقالوا له : نصراني لا تخرج بأي دينار من الموصل، وهو يبكي على "تحويشة العمر"، لكنه يحمد الله على خروجه هو وأسرته من يدهم، أما كثير من المصريين فيشتكون من القنصلية التي لم تساعدهم وأجبرتهم على السفر لبغداد للسفارة لاستخراج جواز سفر ومجازفة البعض بذلك، إلا أن السفارة أصدرت وثيقة سفر للقاهرة وأخبروهم في القاهرة يصدرون جوازات سفر جديدة وقد سلبهم الإرهاب حتى من جوازات سفرهم، ولكنهم كيف يشترون تذاكر السفر وهم لا يملكون ثمن تذاكر السفر، وحتى لو سافروا مَن سوف يساعدهم وهم بعيدون عن وطنهم عشرات السنين.

أما أبونا شنودة كاهن الكنيسة يرى ما حدث عودة لأيام الرسل يأكلون معا ويشترون معا ولكل أسرة دور في الترتيب وعمل الأكل، وإن كانت الكنيسة قد نفذت مواردها لخدمة هؤلاء إلا أنه يرى أن الكنيسة ستظل مسئولة عنهم حتى يعودون لأماكنهم مرة أخرى.

نفس الحال بالكنيسة الكلدانيه وهي الكنيسة الثانية في السليمانية وإن كانت الموارد قليلة.. إن الكنيسة ستظل مسئولة عن الرعية، وإن كان حظ النازحين المسيحيين أفضل؛ لأنهم لا يسكنون مخيما تحت رحمة الجليد والبرد القادم في فصل الشتاء، إلا أن العدد الكبير قد أفقد الكثيرين راحة البال وقلة المياه وموارد الكنيسة، إلا أنهم يجتمعون معا يوميا للصلاة ويباركون الله وينتظرون فعلا دوليا كبيرا.

في الطريق من السليمانية لآربيل العاصمة وعلى أبوابها بعد ساعتين سفر ليلا، نجد كثيرون جالسون على البوابات في طريق السفر، وبقدومنا وجدناها مغلقة تماما ولا يسمح بمرور أي عربي حتى ولو كان عراقي بدون تصريح، الدخول فقط للأكراد ولحاملي التصاريح، وذلك خوفا من دخول أي من يد الإرهاب للعاصمة التي وصلناها بعد زيارة أولاند الفرنسي، وبعد كثير من الاتصالات استطعنا الحصول على التصريح ومررنا بترحاب شديد؛ لأننا مصريون.

والأمر اللافت للنظر في السيطرة وقد لاحظنا ذلك في الأسواق أن جميعهم يسألون عن النجم الفنان الزعيم عادل إمام حتى إن أحد الضباط سألنا أنتم من بلد عادل إمام، أنتم على رأسنا، أي سفير يفتح الأبواب باسمه مثلما فعل عادل إمام، وأي دور لهذا الفن، إنهم لا يحبون اللغة العربية ولا يحبون أن نسميهم عراقيين، فهم يفتخرون بكرديتهم وبلغتهم، إلا أنهم يشاهدون السينما المصرية ويضحكون مع عادل إمام، أحد الأكراد سألنا إذا كان عادل إمام كويس أم لا؟ ترى هل يعرف الزعيم وهو كان سفيرا للنوايا الحسنة كم أن هذا الشعب يحبه!؟ إن الكوميديا باقية في دم الشعوب وثقافتها وتأثُر الشعوب بهؤلاء الكوميديانات ربما يُربك حسابات السياسيين ويجعلهم يعيدون النظر فيما يقدمون، فلو علم السياسيون أن الكوميديانات أشهر منهم لماتوا احتراقا وغيظا.

إن الشعب الكردي ككل شعوب العرب يعشقون عبد الناصر، وقد ترك هذا الرجل فراغا حاول الكثيرون من القادة العرب أن يملئوه، لكنهم فشلوا؛ لأنهم بطشوا.. عسى أن تنسى الشعوب هذا الفراغ الذي لم يستطع هؤلاء القادة أن يملئوه.

إن القومية الكردية مصدر فخر لأهل كوردستان، كما أن كل القوميات في المنطقة مصدر فخر لشعوبها، وكما أن الأكراد يفخرون بكرديتهم، يفخر المغرب العربي أنه أمازيغ، ويفخر المصريون أنهم فراعنة، ويفخر اللبنانيون أنهم فينيقيين، إذا من هم العرب ومن يفخر بهم؟ سؤال بدر لذهني كثيرا دون أن أجد له إجابة، فلماذا إذا نفرض على أبنائنا أن يصيروا عربا؟

سأل الكثيرون ماذا قدمت الدول العربية لأهل العراق، الجميع يبحث عن تدخل عسكري وآخرين يطلبون مساعدات لوجستيه، وآخرون يطالبون بتدريب وخبرة، لكن تظل جامعة القاهرة واحدة من أهم روافد التعليم العربي فكثيرون يحملون شهادات ما بعد الجامعية منها، وكثيرون يحلمون بالحصول عليها منها، فتظل بذلك مصر واحدة من أهم الدول العربية التي ينظر لها العراق بعين مختلفة وهذا الكلام لصديقي الكردي باور، وهو يتمنى الحصول على الماجستير من جامعة القاهرة ويرى في مصر أنه لا زالت رائدة الدول العربية كلها.

يحب الشعب الكردي رئيس الإقليم السيد مسعود بارزاني ابن السيد مصطفى بارزاني صاحب الفضل الأول في تجميع الأكراد، كما يحبون أيضا السيد إمام جلال طالباني رئيس جمهورية العراق الأسبق ورئيس حزب الاتحاد الكردستاني الاشتراكي وهو الحزب الشريك مع حزب بارزاني، وهو الحزب الذي ينتمي له السيد فؤاد معصوم الرئيس الحالي للعراق، في كثير من الأماكن تجد صورة بارزاني وطالباني معا في إطار واحد في الشوارع والهيئات والفنادق وأيضا الكنائس.

وقد أسس بارزاني جمعية خيرية لها إسهامات كثيرة في كوردستان على حسابه الشخصي.

عودة لآربيل الجميلة كواحدة من المحافظات الرائدة في التطور والتي سوف تقترب من أبوظبي قريبا في شوارعها وأبراجها ومُولاتها ومبانيها، وداخل آربيل نجد الحي الكلداني يقف بقوة كتجمع للمسيحيين الأكراد الكلدانيين، وقد أنشئوا فيها مبنى ثقافيا وهيئة عليا ومطرانية الكلدان، وداخل جدران كنائسها احتمى كثيرون من النازحين بها، في عنابر وفي خيم من الأمم المتحدة، وفي فصول مدرسة عنكاوة الإعدادية التي فوجئنا بداخلها بطفل رضيع حملته أمه 12 ساعة بعد ولادته بأسبوع واحد، والحمد لله قد نجا الرضيع لكن هناك احتياج لمياه ولبن للأطفال وحفاضات، وهم هربوا بدون أموالهم وبدون أي شيء، وهناك من لم يجد مكانا، فعاش داخل سيارته التي هرب بها، وهناك سيدة على أبواب الولادة تسأل كيف ستلد وسط هذه الظروف، وداخل الفصل الواحد في المدرسة هناك 30 نفسا ربما تنقل الأمراض، وفي ظل هذه الظروف لما تبدأ الدراسة التي من المفترض أن تبدأ هذه الأيام.

داخل المدرسة وجدنا الأخت سير رحمة وهي راهبة هاربة من قراقوش مع بعض الراهبات الأخريات، وقد كرست وقتها لخدمة النازحين، فظننا أولا أنها راهبة في المكان وفوجئنا بأنها نازحة أيضا، وهي تسأل أين ضمير العالم مما يحدث في الموصل وجبل سنجار، وقد هربت الراهبات تاركات ديرهن ليد الإرهاب الأسود، وساروا على أرجلهن يوما كاملا وسط كثير من النازحين لا يفرقهم عنهم أي شيء.

وداخل المطرانية وجدنا المطران إيميل نونة مطران الموصل للكلدان الذي عرف نفسه أنه على رأس النازحين، وقد ترك الموصل كما أن الجميع تركها، وأنه سيعود إن عاد البعض إليها، فهو مسئول عن رعيته وعنهم إذا قرروا الرجوع.

وأخيرا في طريق بعلكة وبعد مجهود مُضْنٍ كنا نبحث عن بعض اليزيديين الهاربين هناك، فوجدناهم داخل عنابر صممت لوضع الدجاج فيها وهي مزرعة لم يتم الانتهاء منها، جاءوا هاربين إليها واحتموا بجدرانها ومعهم عدد قليل من الأسر اللذين تجمعوا في بداية الأزمة ورحلوا دون أن يعرفوا مصيرهم، ولأنهم في مكان مهجور لم يصل الإعلام إليهم بعد، ولم تصل إليهم المساعدات بعد إلا مرتين مرة من الحكومة ومرة من الكنيسة، ولا زالوا يبحثون عن مصدر للمساعدات حيث إن الأمم المتحدة لم تصل لهذا المكان بعد، ووجدنا طفلا صغيرا اسمه ناصر ولكن اكتشفنا أنه فتى في الخامسة عشر، لكنه مريض بقصور في هرمونات النمو ولم يتناول الدواء منذ 4 شهور لأنهم هربوا ولا يملكون الدواء، فكم يحتاج هذا الفتى لدوائه حتى يعود لحالته الطبيعية.

إن الوضع الإنساني في مخيمات النازحين بشكل عام مُذْرٍ جدا، فظروف المعيشة متفاوتة في درجة قسوتها، وهناك احتياجات للملبس والطعام والماء النظيف والصرف الصحي- كبيرة وكذا للدواء والخدمات الصحية. الجو قاري وقد قارب الصيف الحار على نهايته، ويخشى من كارثة واسعة النطاق عند دخول الشتاء وهو قارص البرودة.
أما الوضع السياسي أيضا مقلق للغاية فكثيرون يتوقعون تدخلا عسكريا، وكثيرون يطلبون وطنا بديلا.. إن العودة لقراهم هي مغامرة صعبة، فهم خائفون أو يرون أن العودة ستكون للأطلال وسيحتاجون سنينا عديدة ولا سيما أن كثيرين هُجِّروا أكثر من مرة من أكثر من منطقة، فهناك منهج لفرض السيطرة على الأقليات أو لإبادتها كاملا، ولهذا يجب أن يتم خطط مستقبلية ومشاركة كل الجهات المعنية الجامعة العربية والأمم المتحدة، حتى الجيوش في المنطقة يجب أن نحترز لتلك المؤامرة التي ربما سوف ستهدم تلك الجيوش وترك الشعوب لتواجه مصيرها وحدها دون جيشا يحميها.

شارك