"التأسيس الثالث" للإخوان الصراع الداخلي يبلغ ذروته

الثلاثاء 20/ديسمبر/2016 - 06:11 م
طباعة
 
اشتعل الصراع الداخلي مجددًا بين جناحي جماعة الإخوان الإرهابية، فقد تحدى أحد الجناحين المتصارعين على قيادة الجماعة في مصر، القيود الأمنية، وأعلن عقد اجتماع نادر في القاهرة أمس لـ «مجلس الشورى» في إطار ما أسمته الجماعة بالتأسيس الثالث، والذي أطلق بداية من أغسطس 2016، وقد خلص مجلس شورى الجماعة والذي يعد السلطة التشريعية للجماعة، إلى قرارات بينها انتخاب قيادة جديدة للمجلس. لكنه أثار تساؤلات عن مدى استمرار البناء التنظيمي للجماعة على رغم الضربات الأمنية التي تلقتها.
وأعلنت الجبهة المناوئة للقائم بأعمال مرشد «الإخوان» محمود عزت، والتي كان يقودها القيادي محمد كمال الذي قُتل في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة قبل شهرين، عقد اجتماع في القاهرة أمس لمجلس الشورى الذي انتخب وسط خلافات العام الماضي، بعدما كان أعضاء «مجلس شورى الإخوان في الخارج» والمحسوبون على جبهة عزت والأمين العام للجماعة محمود حسين عقدوا اجتماعاً الشهر الماضي.

وقال الناطق باسم «الإخوان» محمد منتصر، المحسوب على جبهة كمال، عبر موقع الجماعة على الإنترنت أمس: إن «مجلس الشورى العام للإخوان سيعقد في القاهرة للبحث في قرارات مهمة بعد قليل». ثم أتبع الإعلان بنشر القرارات التي قال إن «المجلس اتخذها بالغالبية».
وكان لافتاً أنه سعى إلى تأكيد أن «الاجتماع قيد الانعقاد» في رسالة تحدٍ على ما يبدو، لكن توالي إعلان القرارات خلال دقائق أظهر أن القرارات كانت معدة سلفاً عبر إجراء استفتاء «ورقة دوارة» بين المكاتب الإدارية للجماعة، وهو إجراء دأب «الإخوان» على اتباعه في ظل القيود الأمنية منذ عهد المخلوع حسني مبارك.
وكشف منتصر أن المجلس عقد انتخابات داخلية بين أعضائه على مواقع رئاسة المجلس، والوكيلين (النائبين)، والأمين العام، من دون أن يكشف أسماء الفائزين بالانتخابات. لكنه لفت في تغريدة عبر «تويتر» إلى أن الأمين العام للمجلس «شاب»، معتبراً أن «المستقبل ثورة... والثورة شباب». وأوضح أن المجلس قرر «الفصل بين الإدارة التنفيذية للجماعة الممثلة في مكتب الإرشاد، والهيئة الرقابية التشريعية الممثلة في مجلس الشورى»، مشيراً إلى أنه قرر أيضاً «احتفاظ المرشد العام للجماعة محمد بديع وجميع أعضاء مكتب الإرشاد السجناء بموقعهم».
ويتعارض الشق الأخير من القرار مع قرارات مجلس شورى «الإخوان» في الخارج الذي كان أقر تعيين محمود عزت «قائماً بأعمال المرشد» وإبراهيم منير نائباً للمرشد، وشكّل لجنة لإدارة شئون «الإخوان» في الخارج بدل مكتب إرشاد الجماعة.
وأعلن منتصر الذي كانت جبهة عزت أعلنت عزله قبل شهور، أن «اللجنة الإدارية العليا (التي كان يقودها كمال) تقدمت باستقالتها إلى مجلس الشورى»، قبل أن ينشر رسالة الاستقالة التي قالت فيها اللجنة إن «الغرض منها ليس القعود أو التسليم، وإنما لبث دماء جديدة».
وكشفت أن الجماعة كانت «أجرت انتخابات قاعدية شاملة، على رغم الضربات الأمنية والتضييق والخطر الذي يحيق بكل أعضائها». واعتبرت أن «تمكن الجماعة من جمع هياكلها كافة بطول مصر وعرضها، وعمل انتخابات تجدد شبابها وحيويتها، ويتم على إثرها اختيار مجلس شورى عام جديد ليتقدم بالجماعة للعمل وفق رؤية جديدة واضحة لا لبس فيها، إنجاز وانتصار».

وبعد بضع ساعات من القرارات، خرجت جبهة الخارج التي يقودها عزت، لتنفي عقد الاجتماع من الأساس. وقال الناطق باسم الجبهة طلعت فهمي عبر فضائية «مكملين» التابعة للجماعة: إن «لا صحة للأخبار التي يتم تداولها عن انعقاد مجلس الشورى العام للجماعة في القاهرة... منتصر أعفي من مهمة المتحدث الإعلامي للجماعة العام الماضي، وبالتالي هو لا يمثلها ولا يتحدث باسمها من قريب أو بعيد».

واستبعد الخبير في الحركات الإسلامية ماهر فرغلي انعقاد الاجتماع، خصوصاً أن الجبهة التي أعلنته «ملاحقة من الأمن». ورجح «كون الأمر مجرد استبيان رأي تم توزيعه عبر اللجان الإلكترونية». وأوضح فرغلي أن «البناء التنظيمي موجود بلا شكل وهم يتواصلون في ما بينهم، لكن التنظيم بالشكل الذي كان في الماضي ليس موجوداً بالتأكيد. معظمهم إما في السجون أو فروا إلى الخارج».
واعتبر أن إعلان الاجتماع «رسالة تحدٍ إلى جبهة محمود عزت... في إطار الصراع بين الجناحين الذي سيحسمه على الأرض من يمتلك الأموال».
وكانت وزارة الخارجية المصرية اعتبرت أن البيان الذي أصدرته جماعة «الإخوان» ودانت فيه تنفيذ حكم الإعدام بحق القيادي في «داعش» عادل حبارة «كشف مجدداً وجهها الإرهابي».
وقالت الوزارة في بيان لها إن «بيان الإخوان يعرب عن تعاطفهم مع الإرهابي حبارة، إذ يشير إلى أنه ضحية وبريء وأن المحكمة لم توفر الضمانات الدولية الكافية لمحاكمته». ولفتت إلى أن البيان «تجاهل حق الاستئناف والمراحل المختلفة القضائية والقانونية التي مرت بها المحكمة على مدار 3 سنوات، في وقت واجهت الحكومة والسلطة القضائية ضغوطاً شديدة من الشعب لاتخاذ إجراءات عقابية فورية ضده».
ورأت أن «إصدار مثل هذا البيان من جماعة الإخوان يعكس دعمها للإرهاب، إذ يتعاطف البيان مع متطرف ارتكب هجوماً إرهابياً دانه المجتمع الدولي بأسره، ومن ثم يعد ذلك رداً قاطعاً على من يشكك حتى الآن في أن الإخوان جماعة إرهابية».

وفي نفس السياق قال هشام النجار الباحث في شئون التيارات الإسلامية إن ما زعمته صفحة محمد منتصر المتحدث باسم جبهة محمد كمال بانعقاد مجلس شورى الإخوان في القاهرة، والخروج بقرارات مهمة بحسب ما قالت الصفحة، في منشور هو الأول من نوعه هدفه من الأساس تعزيز وضع الشباب وما عرف بالتأسيس الثالث للجماعة داخل التنظيم.
وأكد النجار أنه من المتوقع أن تأتي قراراته مرضية ومتجاوبة مع مطالب الشباب، وخطوة كهذه تعزز موقع تيار جبهة محمد كمال خاصة أن أوضاع الجماعة بعد مقتله اتجهت نحو ترسيخ وازدياد نفوذ تيار العنف داخل الجماعة بالإضافة إلى أن هذا الإعلان هو محاولة لاستفزاز الأمن.

وفي رد فعل الدعوة السلفية على بيانات الإخوان قال سامح عبد الحميد، الداعية السلفي، أنه بإعلان محمد منتصر، الاسم الحركي لجماعة الإخوان الإرهابية، إجراءهم انتخابات داخلية، فذلك يعد انقساما رسميا داخل الجماعة، لافتًا إلى أنه بات الأمر الآن واضحا أنه لكل مجموعة إدارة وهيكل تنظيمي خاص.
وأضاف عبد الحميد أن هذا حدث تاريخي ليس له مثيل منذ إنشاء الجماعة، وهو نتيجة الصراع الداخلي العنيف الدائر في الجماعة منذ عزل الرئيس محمد مرسي، مؤكدا أنه يدل على حال الهُزال والتلاشي التي أصابت الجماعة، وعدم قدرتها على توحيد صفوفها، وعجزها عن احتواء خلافاتها مع نفسها. 
وتابع: "ننتظر بعد إعلان تقسيم الجماعة؛ المزيد والمزيد من الصراع حول من له الحق في الصدارة وانتزاع ميراث الجماعة السياسي والمالي والتمثيل الدولي".

وقد أصدرت جماعة الإخوان الإرهابية "جبهة محمود عزت" القائم بأعمال المرشد العام، بيانا، أعلنت فيه أنه لا صحة للأخبار التي يتم تداولها عن انعقاد مجلس الشورى العام للجماعة بالقاهرة.
وقالت الجماعة في بيانها: "تعيد الجماعة التأكيد على أن محمد منتصر تم إعفاؤه من مهمة المتحدث الإعلامي في 14 من ديسمبر 2015م، وبالتالي فهو لا يمثلها ولا يتحدث باسمها من قريب أو بعيد".
وتابعت الجماعة في بيانها: "كما تؤكد على ما أعلنته في بيان سابق بأن المتحدثين باسمها هم القائم بأعمال المرشد العام، ونائب المرشد العام، رئيس اللجنة الإدارية العليا، والأمين العام، والمتحدثون الإعلاميون".

أما بخصوص ما أطلق عليه "التأسيس الثالث" للجماعة فقد ذكرت مصادر بالجماعة من قبل في أكثر من موقع الكتروني تابع لها وعلى صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي تفاصيل التأسيس الثالث لجماعة الإخوان والذي يجري العمل فيه منذ أغسطس 2016، وأضافت المصادر أن جبهة الشباب بالجماعة قررت أن تتخلى عن القيادات الحالية وتعلن تأسيسا جديدا يشمل جميع مؤيديها الذين ينتشرون في 17 مكتبا من أصل 27 مكتب هي عدد مكاتب الجماعة بالمحافظات المختلفة في حين تسيطر جبهة القيادات التاريخية على العشرة الآخرين. وبدأت الجبهة عملها عن طريق عمل انتخابات من الشعب المختلفة ثم مكاتب المحافظات وانتهت إجراء انتخابات في معظم المكاتب الادارية وأصبح بهم قيادات منتخبة تتبع الجبهة تتولى مسئولية الجماعة وتنفذ خطة التأسيس الثالث. واستغل قيادات الجبهة الشبابية وفاة محمد كمال لصالحهم في الترويج لمشروعه ودعوة جميع الإخوان لاقتفاء أثره باعتباره مجاهدا شهيدا، مثل حسن البنا مؤسس الجماعة، وبدءوا في الترويج للتأسيس الثالث باعتبار أن المجاهد الشهيد هو من وضعه، تخلى عن المناصب من أجله، وأنه سينقذ الجماعة وينتشلها من عثرتها ولا سبيل لمواجهة النظام والثأر لكمال ورفاقه إلا باتباعه.   وأوضحت المصادر أنه تم دعوة المكاتب التي يسيطر عليها مؤيدوا جبهة القيادات التاريخية واستجاب عدد من الشعب للدعوة وتدريجيا سيتم ضم مكاتب بكاملها، وذلك عن طريق التواصل المباشر مع الأفراد في المستويات الأدنى من مسئولي الأسر والشعب. وأضافت المصادر أنه سيتم تقوية دور مكتب شورى الجماعة الذي سيضم نحو 130 شخصا من المنتخبين ويتم تصعيدهم بالانتخاب من القواعد مباشرة، فضلا عن تأسيس مكتب يكون له بعض الصلاحيات وهو المكتب التنفيذي ويضم قيادات مكاتب المحافظات وعددا من الشخصيات البارزة والتخصصات والكفاءات التي تحتاجها الجماعة. وقد بدأت الجبهة التواصل مع عدد كبير من القيادات والرموز البارزة الذين دعموا ذلك التأسيس الجديد وساهموا في وضع قواعده وكان أبرزهم، على بطيخ عضو مجلس شورى الجماعة الحالي، ووزير التعاون الدولي السابق عمرو دراج، ورئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشورى السابق رضا فهمي، والقيادي أشرف عبد الغفار، عضو مجلس شورى تركيا، والوزير الاستثمار السابق يحيى حامد، ومسئول مكتب الإخوان في الخارج أحمد عبد الرحمن، والقياديين بالجماعة جمال حشمت، وحمزة زوبع، وهشام شوقي وياسر مسعود. وبدأ هؤلاء في وضع الرؤية السياسية للتأسيس الجديد، واختاروا أن يكون للتنظيم جانبين منفصلين أحدهما سياسي والآخر دعوي. ووضعوا الخط العام في الفترة القادمة هو مواجهة النظام قرروا أن تكون المواجهة مع النظام كالمواجهة مع المحتل، وتتحول من المقاومة والمعارضة إلى حركة تحرر، تهدف للتخلص من النظام بكل السبل سواء كانت سلمية أو غير سلمية.   

وقررت الجبهة في تأسيس الجماعة الجديد استبعاد كل المبادرات التي سعت للمصالحة، وانتهاج خيار أسمته "الثورة الشاملة" يقوم على مواجهة النظام بكل السبل، مع التواصل مع عدد من القوى المعارضة للنظام وطرح مبادرة "شراكة وطنية على قاعدة الاختلاف وهو ما تحقق ولكن لم يتم التوافق بشكل كامل، ويتولى هذا الملف عدد من الوجوه المقبولة المقربة من الجماعة مثل أستاذ العلوم السياسية سيف عبد الفتاح، ووزير الشئون القانونية السابق محمد محسوب والحقوقي عمرو عبد الهادي. وقررت إعادة بناء التنظيم داخل الجماعة بداية من الأسرة وتصعيد أصحاب الكفاءة والتخصص واستبعاد معايير "التربية" كمعيار وحيد لتصعيد القيادات داخل الجماعة. وبدأ عدد من المتخصصين بالجبهة في حصر التخصصات التي تنقص الجماعة والتواصل مع جامعات عالمية لإلحاق طلاب من الجماعة وعدد من القيادات الوسطى لتحصيل تلك العلوم وكان أبرزها العلوم السياسية والعلوم العسكرية وعلوم السينما والإعلام، حتى يتوفر للتأسيس الجديد جميع التخصصات وليس الاقتصار على تخصصات الطب والهندسة كما كان في السابق. وبالنسبة لجبهة القيادات التاريخية تراهن الجبهة الشبابية في التأسيس الثالث على استقطاب أكبر عدد ممكن عن طريق الإقناع ثم الاستمرار في الطريق الذي رسمته والذي ترى أنه سيثبت كفاءة ويجمع الإخوان جميعا تحت رايته وتذوب جبهة محمود عزت داخل التأسيس الجديد. 
وفي الجانب الديني وضع أكثر من 100 من علماء الجماعة وأعضاء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين رؤية شرعية جديدة تتعامل مع الاختلافات الجديدة، وكان أبرز من وضعها الشيخ عصام تليمة مدير مكتب القرضاوي السابق، ووصفي أبوزيد، أكاديمي وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وجمال عبد الستار، الأمين العام لرابطة علماء أهل السنة، بمراجعة من الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والداعية السعودي سلمان العودة. وكان أبرز خطوط الرؤية الشرعية هو وجوب مواجهة نظام الحكم في مصر بالقوة ردًّا على القوة، أي أنها تبيح للمتظاهرين مواجهة الجنود في حال تعرضوا لهم أو حاولوا القبض عليهم أو أطلقوا عليهم النار والرد بالمثل، فضلا عن أنها ترى السيسي "فاسقًا" وجب مقاومته، ولكنها لا تراه كافرا كما يذهب بعض الإخوان وأبرزهم وجدي غنيم.   وكشفت المصادر أن الجماعة ستنتهي تماما من التأسيس بنهاية 2016، مشيرا إلى أن الظهور الأول الذي سيلاحظه الجميع في تغير الخطط والتكتيكات وأساليب المواجهة للنظام الحالي سيلاحظه الجميع بشكل قوي ومؤثر في يناير المقبل وليس بالضرورة 25 يناير. وعلى المستوى الخارجي وضعت الجبهة في التأسيس الجديد خطة للتعامل البراجماتي مع حكومات الغرب والتواصل معها عن طريق مواطنين في تلك الدول ينتمون للجماعة يكونوا هم همزة الوصل وليس عن طريق وفود أو مبعوثين، وكذلك التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني في تلك الدول. وبالنسبة للتنظيم الدولي للجماعة، رأت الجبهة وضعه في إطار التنسيق بين الأقطار المختلفة في الجانب الدعوي فقط، ولن يكون هناك حاجة تنظيم دولي يفرض سيطرة أو وصايا على الأقطار. 
وفي تصعيد جديد اليوم الثلاثاء 20 ديسمبر 2016،أعلنت جبهة شباب الإخوان عن الإطاحة بالقائم بأعمال المرشد العام للجماعة محمود عزت من منصبه رسميًّا، وجاء ذلك عبر صفحة المتحدث باسم الجماعة محمد منتصر؛ حيث أعلنت عن قرار خامس للاجتماع الذي تم أمس الاثنين للإعلان عن "التأسيس الثالث" للتنظيم، جاء فيه: "مجلس الشورى العام ينتخب مكتب إرشاد مؤقت برئيس من الداخل، وتشكيل أعضاء من الداخل والخارج".
وتابع: "مكتب الإرشاد الاسم المتعارف عليه للجهة الدائرة للجماعة سيتم تغيره إلى المكتب العام لجماعة الإخوان"، موضحًا أن الشخص الجديد الفائز بإرشاد الجماعة- ولم يتم الإعلان عن اسمه- حصل في جولة الإعادة على ٧٠٪‏ من الأصوات، بحسب الصفحة.

شارك