الكاتب السعودي أمجد المنيف: الإخوان "صاحبة السبق" في انتهاج العنف.. ولا تختلف عن القاعدة وداعش

الثلاثاء 09/يناير/2018 - 04:41 م
طباعة
 
- الرياض تدرك تماما أهمية استقرار مصر.. ولم تتوان أبدا في تقديم الدعم لها
-السعودية من أوائل الدول التي عانت من الإرهاب والتطرف
-الإخوان "صاحبة السبق" في انتهاج العنف.. ولا تختلف عن القاعدة وداعش
-الحوثي في مواجهة مع الشعب الذي يلاحقه بالثأر ويرفض الإرهاب
- الحوثيين يهددون عروبة وأصالة ومستقبل اليمن
-على قطر أن تتحمل تبعات دعمها لـ "القاعدة" و"داعش" وإيران.. الصبر العربي عليها نفذ
-تركيا "الأردوغانية" تطمح إلى وهم انبعاث العثمانية من جديد.. وقطر تبحث عن دور يفوق حجمها 
-أزمة تركيا وقطر أنهما لم يحفظا التاريخ جيدًا
-مواجهة الإرهاب ليست بالعمل اليسير.. والحل العسكري وحده لن يحقق المعادلة

في ظل الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط ، خاصة مع التغيرات التي طرأت على معظم بلدان المنطقة عقب انتشار وتوغل الإرهاب، كان للمملكة العربية السعودية دورا كبيرًا في مواجهة العنف بتدشين تحالفات للقضاء علي التنظيمات الإرهابية وعلي رأسهم تنظيم "داعش" الدموي.
وكان لبوابة الحركات الإسلامية هذا الحوار مع الكاتب السعودي أمجد المنيف، المدير العام لمركز سمت للدرسات، للوقوف على مستقبل المملكة، ورؤيتها لمحاربة قوى الظلام والتطرف في ظل صعود نجم الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، الذي ألمح فى أكثر من مناسبة إلى ضرورة التصدي بكل قوة إلى الارهاب والقوى المؤثرة فيه، وعلى رأسها ايران وتركيا وقطر. 


- العلاقات السعودية المصرية تميزت علي مر العصور بتوافق واتفاق بشكل شبه دائم باستثناء خلافات عابرة حول بعض المواقف التاريخية والتي سرعان ما تنقضي وتزول.. هل من توصيف دقيق من جانبكم لهذة العلاقات خلال الفترة الراهنة؟
أظن أن الرياض تدرك تماما أهمية استقرار مصر، والأمر مثله في القاهرة فيما يتعلق بالسعودية، خاصة أن الدولتين قائدتان في المنطقة، ولهما ثقل وعمق يتعدى لبقية دول المنطقة. يمكن القول إن العلاقات السعودية المصرية، صمام أمام للمنطقة ككل، والقيادتان السعودية والمصرية تدركان حجم التحديات التي تعصف بالمنطقة، وصعوبة وحساسية الظرف التاريخي الراهن. السعودية بشكل خاص تعرف طبيعة الظروف التي تواجهها الحكومة المصرية سواء على صعيد مكافحة الإرهاب أو فيما يتعلق بالملف الاقتصادي، وتبعات حكم جماعة الإخوان وحالة الفوضى الناتجة عنها في المنطقة، ولذا فهي لم تتوان أبدا في تقديم الدعم لها في مختلف الأصعدة.  

* مؤخرا ظهرت بوادر عهد جديد للسعودية والكل يحيل ذلك إلي رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.. في رأيك كيف ترى رؤية 2030 فيما يخص القضايا العربية والإسلامية؟
العنوان العريض لـ"رؤية السعودية 2030": (السعودية.. العمق العربي والإسلامي.. قوة استثمارية رائدة.. ومحور ربط القارات الثلاث)، ما يعني أن المملكة العربية السعودية تضع نصب عينيها أن تكون دائما قائدا للأمة العربية والإسلامية في قضاياها المشتركة وآمالها وطموحاتها ومستقبلها، وتدفع ما يهدد أمنها واستقرارها. وبالمناسبة، هذا الأمر تحديدا ليس جديدا من خلال الرؤية، وإنما تأكيدا للريادة، ووضوحا في التعاطي، واستمرارية في الدعم.

* المملكة تقوم بدور رئيسي في محاربة الإرهاب، وولي العهد له تحركات وأطر خاصة في هذا الصدد ومنها تشكيله للتحالف الإسلامي لمحاربة داعش وغيره من سبل مكافحة الإرهاب.. فهل من توضيح وشرح لرؤية السعودية في التصدي لقوى التطرف والإرهاب؟.
كانت السعودية من أوائل الدول التي عانت من الإرهاب والتطرف، وللملكة تجربة رائدة في مجال مكافحة الإرهاب على كافة المستويات الأمنية والفكرية، أصبحت أنموذجا يحتذى به عالميا، وهذا ما تقوله عدد من المؤسسات الأمنية والعسكرية حول العالم. اليوم، وجدت المملكة الحاجة أكبر وأكثر إلحاحا في توحيد جهود الدول العربية والإسلامية للتصدي لهذه الظاهرة التي تعاني منها بشكل أكبر المجتمعات العربية والإسلامية، للقضاء عليها بشكل نهائي من خلال تكاتف الجهود وحشد الإمكانات، ولذلك جاءت المبادرة من قبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالدعوة إلى تأسيس التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، والذي يعمل على تنسيق الجهود بين الدول الأعضاء البالغ عددهم 41 دولة في المجالات العسكرية والإعلامية والفكرية وغيرها. في الوقت نفسه، لم تغفل السعودية أهمية مكافحة التطرف للقضاء على الإرهاب، بكل أنواعه، وسعت مع بعض الدول لتأسيس مركز عالمي لمكافحة التطرف، "اعتدال"، والذي يحظى بجلس إدارة عالمي، وتم افتتاحه بحضور الرئيس الأميركي والعاهل السعودي وأكثر من 50 زعيم ورئيس عربيو إسلامي، في "قمة الرياض".

* في أكثر من مناسبة، أشار ولي العهد السعودي إلي أن السعودية ستعود إلي عهود ما قبل 1979 في إشارة إلي إيران وما نتج عما يسمى بالثورة الإيرانية في ذلك الوقت.. فهل تسمح بأن تشرح للقارئ المصري ما هو الفارق بين سنوات ما قبل 1979 وبين ما بعدها؟ وما هي الخطوات التي ينتهجها الأمير محمد بن سلمان حاليا ومستقبلا للتخلص من رواسب السنوات الماضية؟
في الفترة ما قبل الثورة الخمينية وما أفرزته من تطرف مضاد، كانت المملكة العربية السعودية كغيرها من المجتمعات العربية لا تعرف الخطاب المتشدد كخطاب ديني سائد في الأوساط الدعوية، ولكن منذ بداية هذا التاريخ تم استبدال الخطاب الوسطي بخطاب آخر في الأوساط الدينية (غير الرسمية) نتيجة ظروف عديدة، فظهر ما يعرف بـ"الصحوة"، وبقيت إفرازات هذا الخطاب ما بين مد وجذر، وهو الأمر الذي وضع له الأمير محمد بن سلمان حدا بالإعلان عن عودة السعودية إلى ما قبل عام 1979. أن تكون السعودية منارة للتسامح، والإسلام الوسطي المعتدل، والانفتاح على الآخر والتعايش معه.

* في ظل ما يعانيه العالم أجمع من ويلات الإرهاب، تتجه أنظار البعض ناحية تنظيم الإخوان المسلمين ويحملونه مسئولية هذا الإرهاب بشكل غير مباشر (من الناحية الفكرية)، استنادا إلى كون أغلب مؤسسي تنظيمات الإسلام السياسي وجماعات التكفير والجهاد قادمون من رحم "الإخوان"، ويعتنقوا فكر سيد قطب التكفيري.. فهل تتفق مع هذه الرؤى؟ وعلى كل إلى أي مدى تحمل "الإخوان" هذه المسئولية؟.
المستقرئ لتاريخ جماعات العنف والإرهاب المعاصرة يصل إلى عدد من النتائج في مقدمتها أن جماعة الإخوان المسلمين كانت "صاحبة السبق" في انتهاج العنف عبر التنظيم السري للجماعة، وقيامها بممارسة الإرهاب منذ وقت مبكر، بالإضافة إلى خروج عدد من الأطروحات المتشددة من رحم أفكار سيد قطب المنظر الأبرز في تاريخ الجماعة.
أظن أن هذه الجماعة تحتضر، شأنها شأن "القاعدة" و"داعش"، وعدد من الحركات الإرهابية الطارئة، التي حاولت أن تصعد على الظروف، وتستفيد من المنعطفات التاريخية.. مع الأخذ بالاعتبار الغطاء السياسي الذي حاولت أن تتلحف به جماعة الإخوان، التي ما لبث حتى أفصحت عن أطماعها وإرهابها وجنونها.

* وفي رأيكم.. كيف ترى سبل تجديد الخطاب الديني بالسعودية؟ وكذلك قرارت خادم الحرمين الأخيرة بشأن قيادة المرأة للسيارة وافتتاح قاعات للسينما؟.
التغيير دائما يحدث باستحداث الأنظمة والقوانين، مع أهمية الوعي بالتأكيد. كما أنه يحتاج أجيالا للتشكل الكامل، لكن في نفس الوقت لا بد من الإشارة للقبول المجتمعي الكبير للتصحيح، وتعطشهم للعودة لمرحلة التسامح. كما أشار ولي العهد السعودي -  في لقاء سابق له -  إلى أن المملكة العربية السعودية تعود إلى ما قبل حقبة 1979م، فالسينما وإن غابت عن المملكة طيلة 3 عقود إلا أنها كانت حاضرة في وقت سابق، والقرارات الأخيرة التي اتخذتها المملكة في اتجاه تمكين المرأة السعودية تأتي في إطار سلسلة من العمل المتراكم. كما لا نغفل أهمية دعم مؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات الصحفية، وتحرير الكثير من المؤسسات الحكومية من البيروقراطية التي تصب بشكل غير مباشر في إثراء منهج التجديد.

* المملكة السعودية لها دور كبير في انقاذ اليمن من ويلات الحوثيين وعملاء إيران.. هل من وصف لديكم لطبيعة الأوضاع الراهنة في اليمن خاصة بعد مقتل علي عبدالله صالح على خلفية توصيفه للحوثيين بالميليشيا وتحالفه مع السعودية؟.
يجب أن يعلم القارئ أن صالح قد كان غطاءًا سياسيا للإرهاب الحوثي، حيث يمثل حزب سياسي رسمي بالرغم من كل شيء، الآن هي مجرد مليشيات إرهابية، مدعومة من إيران. أصبح الحوثي في مواجهة مع الشعب، الذي يلاحقه بالثأر، ويرفض الإرهاب، ويبحث عن يمن سعيد مستقر.
أيضا، اعتقد أن الصورة اتضحت لجميع الأحزاب والفصائل اليمنية أكثر من أي وقت مضى، وحان الوقت لأن يعرف الجميع عدوهم الحقيقي الذي لا يهدد جيران اليمن وحدهم والمنطقة، وإنما يهدد عروبة وأصالة ومستقبل اليمن، فالحوثي لا يمكن الوثوق به أو التحالف معه، فهو لا يملك أجندة حقيقية تعبر عن الشعب اليمني، وإنما هو مجرد أداة من أدوات الإرهاب والطائفية الإيرانية. 

* العديد من دول العالم وعلى رأسها الرباعي العربي (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) يتهمون دولة قطر بتمويل الإرهاب ودعم التنظيمات الإرهابية ماليا ولوجسيتيا وإعلاميا عبر قناة الجزيرة.. ففي نظرك هل ستنصاع قطر إلى دول الرباعي أم ستستمر في منهجيتها الحالية؟.
حسب قراءتي للمشهد، أظن أن قطر ستتراجع خلال عام أو عامين ربما، لأن الأمر لا يتعلق برغبتها وإنما بالضرورة الملحة، والأمر أكثر دقة في الاقتصاد واستضافة كأس العالم. انكشف الغطاء عن قطر حاليا، وصارت الأمور واضحة للعيان أمام المجتمع الدولي، وسواء عاندت قطر أم راجعت حساباتها، فالمعادلة تغيرت تماما، فقطر بنفسها اعترفت بتمويل الإرهاب، وهي تحتضن الإرهابيين والمنبوذين، وتسخر إعلامها وقنواتها كأبواق لتنظيم الإخوان، ولذا فالنظام القطري عليه أن يتحمل تبعات ذلك بالإضافة إلى توفيره غطاء لـ"القاعدة" و"داعش" والحوثي وحزب الله وونظام إيران الإرهابي، حيث أن زمن الطبطبة انتهى، والصبر العربي نفذ، ولن تعود الأمور إلى الوراء ما لم يكن هناك حزم. 

* ومع قطر تلقى دولة تركيا مثل الاتهامات سالفة الذكر.. إلى أي مدى تتفق مع هذا؟.
تركيا -  بنظري -  لا تقل إرهابا عن قطر، حيث كانت المنقذ للدواعش، الذين عادوا إيها مفجرين بعد التضييق. أردوغان، العائد من خسارات الاتحاد الأوروبي والتضييق الأمريكي والتراجع الاقتصادي يبحث عن داعم مالي، يحاول أن يستغله، ويركب موجة الشعارات المزيفة. تركيا وقطر يدعمان ويعملان في ضمن منظومة الإخوان المسلمين في الوقت الراهن، ويوفران لها الدعم عبر مستويات عديدة، وكلاهما يتفقان في ذلك لتحقيق أطماعهم في المنطقة.. فتركيا "الأردوغانية" تطمح إلى وهم انبعاث العثمانية من جديد، بينما تبحث قطر عن دور مزعوم يفوق حجمها ويقفز على حقائق التاريخ والجغرافيا. المشكلة أنهما لم يحفظا التاريخ جيدا!

* وأخيرًا.. بحكم خبرتكم كيف تري الطريقة المثلى لمكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة وعلى رأسها داعش والقاعدة؟ وهل لديكم "روشتة" لعلاج هذه الظاهرة المأساوية؟.
مواجهة الإرهاب ليست بالعمل اليسير، ولا يمكن للحل العسكري أو الأمني وحده أن يحقق المعادلة ولذلك فالجهود الحالية المبذولة في إطار التحالف الإسلامي العسكري عبر كافة المستويات العسكرية والإعلامية والفكرية بالإضافة إلى جهود وتشريعات تجفيف منابع التمويل أجدها تسير في الاتجاه الصحيح، إضافة إلى الضربات التي تلقاها تنظيم الإخوان المسلمين ومن خلفه النظام القطري كفيلة بإحداث توازن واستقرار في المنطقة ستظهر ملامحه بشكل أكبر، مع تقليم أظافر الأيادي الإيرانية العابثة في بعض عواصمنا العربية، وهو بالفعل ما يتحقق حاليا.


شارك