د "سامح حنا" أستاذ الأدب العربي بجامعة ليدز: أعمال شكسبير تتحدي جماعات الإسلام السياسي في بريطانيا

الخميس 22/مارس/2018 - 02:18 م
طباعة
 

رسالة لندن: خاص بوابة الحركات الإسلامية

كشف  الدكتور سامح  حنا أستاذًا الأدب العربي والترجمة بجامعة ليدزبالمملكة المتحدة عن التناقض الذى يجعل البلد الذى قدم شكسبير يصبح من اهم البلاد التى تستقبل جماعات اصولية في العالم قائلا في حوار خاص لبوابة الحركات الاسلامية والاقليات ان   المشكلة هنا تكمن في التناقض بين قيم التسامح وقبول الآخر التي تقوم عليها هذه المجتمعات والذهنية الأصولية التي تؤسس لفكر هذه الجماعات. هذا التناقض الذي بدأ يظهر في السنوات الأخيرة أدى لتغيرات في المجتمعات الأوروبية نفسها، منها وجود بوادر لدى هذه المجتمعات لمراجعة قيمها الأساسية، بل ظهور أعراض ما يناقض هذه القيم نفسها من قبيل ظهور جماعات اليمين المتطرفة الكارهة لكل ما ومن هو أجنبي.

في البداية نريد التعريف بحضرتك ومتى هاجرت إلى المملكة المتحدة ودراساتك ومؤلفاتك وعملك حاليا

أعمل أستاذًا في الأدب العربي والترجمة بجامعة ليدز وكنت قد هاجرت إلى المملكة المتحدة عام 2002 للحصول على الدكتوراه التي نلتها عام 2006 عن رسالة موضوعها ترجمات مسرحيات شكسبير إلى اللغة العربية في مصر من وجهة نظر سوسيولوجية. بعد حصولي على الدكتوراه عملت في عدة جامعات منها مانشستر وجامعة لندن وجامعة سالفورد، انتهاءً بجامعة ليدز. دراستي تقع ضمن مجال بحث حديث نسبيًا أخذ يتشكل في سبعينيات القرن الماضي تحت اسم دراسات الترجمة والتثاقف وهدفه محاولة فهم الترجمة كنشاط إنساني معقد في جوانبه المختلفة. أما تخصصي الدقيق فيتركم على الترجمة بوصفها نشاط ثقافي-اجتماعي، إذ حاولت فهم الأبعاد الثقافية والاجتماعية التي شكلت ترجمات شكسبير إلى اللغة العربية، منطلقًا من نصوص الترجمة إلى السياقات التي أُنتِجت فيها هذه الترجمات وتم تلقيها فيها، سواء من خلال الترجمات المنشورة أو الترجمات التي وضعت على خشبة المسرح. نشرت أبحاثي حول هذا الموضوع في مقالات ضمن مجلات علمية محكمة، ومنذ عامين نشرت كتابًا كاملًا حول الموضوع مع دار نشر راتلدج. من الإنجازات التي سعدت بها أيضًا تحريري لملف خاص في مجلة فصول الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب عن دراسات الترجمة والتثاقف عام 2008 قدمتُ فيه للملف بدراسة عن تاريخ هذا الحقل المعرفي ومساراته الفكرية، مع الإشارة إلى الأعلام الذين أسهموا في تطويره منذ السبعينيات والأسئلة المنهجية والمعرفية التي حاولوا طرحها والإجابة عنها حتى تاريخ صدور هذا العدد من المجلة. أيضًا مما نشرته بالعربية وأفخر به هو أول ترجمة عربية وصلت إلينا لمسرحية هاملت والتي نشرت في طبعتها الأولى عام 1901 وأعيد نشرها في طبعة حديثة عام 2005 ضمن سلسلة ميراث الترجمة الصادرة عن المشروع القومي للترجمة. منذ قرابة العامين لفت اهتمامي تاريخ ترجمات الكتاب المقدس إلى اللغة العربية، وهو تاريخ ثري ومعقد ويحتاج إلى الوقت والجهد ومناهج بحث متعددة لفهم مساراته والمراحل التي مر بها. أنطلق في دراستي لتاريخ ترجمات الكتاب المقدس من نفس المنظور السوسيولوجي، محاولًا فهم حضور نص الكتاب المقدس في الثقافة العربية الإسلامية والتأثير الذي تركته هذه الترجمات في المسيحيين العرب وفي الثقافة العربية عمومًا. 

هل هناك جديد بعد كل ما كتب يمكن ان نتحدث من خلاله عن شكسبير؟
النصوص العظيمة المتجاوزة لزمنها هي وحدها القادرة على توليد معاني جديدة مع كل قراءة جديدة؛ وما زال شكسبير المسرحي و الشاعر قادرًا على لفت الإنتباه لما في نصوصه من طاقات معنى تتفجر مع كل قراءة وكل عرض مسرحي أو فيلم سينمائي. الكتابات الجديدة عن شكسبير متعددة وتتوزع على التخصصات المختلفة من أدب ومسرح وسينما وشعر، بل وفي فنون الآداء الأخرى كالأوبرا والباليه حيث تم استلهام العديد من نصوصه المسرحية لتكون مادة تقوم عليها هذه العروض. ولعل أبرز التوجهات الآن في الدراسات الشكسبيرية هو ما يعرف بالإنجليزية ب Global Shakespeare أو ما يمكن ترجمته بالعربية إلى "شكسبير الكوكبي"، وهذا الحقل المعرفي يهتم بتجليات النص الشكسبيري في الثقافات الخاصة من خلال الترجمة والإعداد وإعادة الكتابة والاقتباس، سواء في نصوص للقراءة أو في فنون آدائية؛ فهناك باحثين مهتمين بشكسبير في آسيا وآخرين بحثوا في استلهام أعمال شكسبير في أفريقيا، كذلك نشأ حديثًا حقل معرفي فرعي يهتم بشكسبير في اللغة العربية، وأذكر هنا عددين خاصين من مجلة علمية معروفة تصدر في إنجلترا اسمها "مسح نقدي" Critical Survey صدرا تحت عنوان "شكسبير العربي" وضما مجموعات من الأبحاث اهتمت بتقديم واستلهام أعمال شكسبير في اللغة العربية. وضمن هذه المجموعة من الأبحاث نُشِرَت لي دراسة عن ترجمة خليل مطران لمسرحية عطيل والتي ترجمها مطران بناءً على طلبٍ من جورج أبيض لكي تمثلها فرقته عام 1912، وبعد وضع هذه الترجمة على المسرح قرر مطران نشرها بعد أن لاحظ أن بعض الفرق المسرحية أخذت ترجمته وعدلت فيها بالإضافة والحذف. 
: لماذا بعد كل هذه السنوات مازل شكسبير متربعا على عرش الأدب والمسرح وهل يمكن أن تعطينا فكرة عن تجليات شكسبير في الثقافة العربية قبل وبعد مطران؟
: ظني أن حضور شكسبير حتى الآن في الأدب والمسرح العالميين مردودٌ إلى مجموعة أسباب يأتي على رأسها طبيعة النص الشكسبيري نفسه، وهو نص ابن بيئته وزمنه وثقافته ولكنه في نفس الوقت قادر على أن ينفذ إلى جوهر التجربة الإنسانية في أزمنة وسياقات ثقافية مختلفة؛ ولعل السبب في ذلك هو استيعاب شكسبير لثقافات متعددة استطاع أن يستلهما في مسرحه، فتجده يستلهم روميو وجولييت من الثقافة الإيطالية، ويستعين بتاريخ اسكتلندا في كتابته لماكبث، وبالتاريخ الإنجليزي في كتابته للمسرحيات التاريخية عن الملك هنري والملك إدوارد وبتاريخ الإمبراطورية الرومانية في كتابته لأنطونيوس وكليوباترا وهكذا. أيضًا لدى شكسبير قدرة بالغة على تصوير الشخصية الإنسانية من الداخل والوقوف على تعقيدها النفسي إلى الحد الذي لفت إنتباه دارسي التحليل النفسي إلى مسرحياته وهناك الآن تراكمًا من الدراسات التي تقرأ شكسبير من وجهة نظر سيكولوجية. هناك مواضع في النص الشكسبيري يجب أن تستوقف القارئ لتطلعه على قدرة هذا الكاتب على الترحال داخل النفس البشرية والرجوع من رحلته بخارطة إذا نظرنا فيها وجدناها كالمرآة التي تكشف نفوسنا نحن أيضًا. ومن أهم هذه المواضع في النص الشكسبيري ما نسميه بالمناجاة أو المونولوج والتي فيها يخاطب البطل نفسه على مسمعٍ من المشاهدين (أو القراء). ومن خلال هذه المونولوجات يرسم شكسبير المأساة الداخلية لأبطاله، فالمأساة عند شكسبير لا تنحصر في مجرد أحداث خارجية تسير عكس مُراد الأبطال أو تحديات تمنع وصولهم إلى النهاية السعيدة، لكن المأساة هي في التوتر الداخلي للشخصيات، ذلك التوتر بين الكشف والإخفاء (كما في حالة هاملت) أو الشك واليقين (كما في حالة عطيل) وهكذا. وعند رسم هذا التوتر الداخلي تبلغ اللغة الشكسبيرية ذروتها في اقتناص ما تعجز عن تصويره اللغة العادية. ربما هذا ما جعل ترجمة شكسبير أمرًا يكاد يكون مستحيلًا ما لم يتوفر للنص الشكسبير مترجم يفهم الدراما في أحداثها الخارجية ويستوعب الدراما الداخلية للشخصيات، هذا فضلًا عن اتقانه للغتين المنقول منها والمنقول إليها. أضيف سببًا آخر يجعل مسرح شكسبير مازال حاضرًا بقوة في الثقافات المختلفة وهو الطاقة السياسية الهائلة الموجودة في النصوص والتي تجعلها قابلة للتوظيف السياسي وللإشتباك مع أوضاع سياسية متباينة. 
أنتقل إلى الجزء الثاني من سؤالك عن حضور شكسبير في اللغة العربية قبل وبعد مطران. قبل اضطلاع مطران بترجمة مسرح شكسبير وجد المترجمون الأوائل أنفسهم أمام معضلات كثيرة، منها عدم وجود فن المسرح في الثقافة العربية بالشكل المتعارف عليه في الثقافة الغربية؛ صحيح كان لدينا بعض العناصر الدرامية الموجودة في مسرح الظل وبعض فنون الآداء في الأسواق الشعبية والموالد، لكن المسرح كما عرفه أرسطو وكما تجسد في المنجز المسرحي الغربي لم يعرفه العرب قبل القرن التاسع عشر، وكان ذلك من خلال الترجمة والاقتباس. وهنا كان على المترجم الذي اضطلع بترجمة شكسبير في النصف الثاني من القرن التاسع عشر أن يجد وسيلة  لتقديم هذا الفن الجديد إلى الناس؛ وكانت بدايات ترجمة مسرح شكسبير في مصر، وإن كان المترجمون كانوا من الشوام الذين نزحوا من بلادهم منذ النصف الأول من القرن التاسع عشر وقامت على أكتافهم في مصر نهضة المسرح والصحافة والترجمة. خوف المترجمين الأوائل من عدم تقبل المصريين لمسرح شكسبير إذا ما تُرجِم حرفيًا هو ما دعاهم إلى التغيير في النصوص من خلال تعديل النهايات ومن خلال إضافة بعض المقاطع الصالحة للغناء الذي كان واحدًا من فنون الآداء المحببة لدى المصريين آنذاك. وهنا أذكر أن الشيخ سلامة حجازي كان أول من قدم هاملت على مسرحه في أوائل القرن العشرين في ترجمة من وضع المترجم والشاعر والكاتب الشامي طانيوس عبده والذي طلب منه الشيخ سلامة حجازي تحويل مونولوجات هاملت إلى كلمات تصلح للغناء. كما طلب الشيخ سلامة من صديقه أمير الشعراء أحمد شوقي أن يترجم له خصيصًا مونولوج "أكون أو لا أكون" حتى يغنيه الشيخ سلامة الذي كان أول من أدى دور هاملت على المسرح المصري. بعد ظهور ترجمات خليل مطران ابتدأت الترجمات تبتعد عن الصياغة التجارية التي اتسمت بها ترجمات الجيل الأول وتقترب قليلًا من النص الأصلي، مع وجود بعض التعديلات والتغييرات. لكن ما يلفت الإنتباه في ترجمات مطران وما تلاه من مترجمين هو محاولة استخدام الترجمة لتوصيل رسائل سياسية، لا سيما في وقتٍ كانت فيه مصر تحت الإحتلال البريطاني. مثال التوظيف السياسي للترجمة ما نجده في مقدمة خليل مطران لترجمة عطيل التي يحاول فيها تقديم أسبابه لاستخدام العربية الفصحى في نقله لعطيل، حيث يذكر مطران أن العاميات كان من بين أسباب ضعف العرب وهزائمهم وأن واحدة من دعائم قوتهم في مواجهة المحتل الأجنبي (فرنسا في الشام وإنجلترا في مصر والسودان وإيطاليا في شمال أفريقيا عدا الجزائر) هو استخدام الفصحى الموحدة للعرب. ويبالغ مطران في تعداده لفضل الفصحى بأن يذكر أن في أسلوب شكسبير ملامح أسلوبية عربية ربما مرجعها إطلاع شكسبير على قصة عطيل في أصولٍ عربية لها. تطورت مسيرة شكسبير في اللغة العربية، فظهرت بعد ذلك ترجمات قام بها أكاديميون مثل الدكتورة فاطمة موسى والدكتور لويس عوض والتي ظهرت ضمن ترجمات أخرى في مشروع ترجمة الأعمال الكاملة لشكسبير الذي أشرف عليه طه حسين بنفسه في الخمسينيات ضمن النشاط الذي قامت به لجنة الثقافة التابعة لجامعة الدول العربية. إضافةً للترجمة المباشرة، كانت أعمال شكسبير مصدرًا للاقتباس وإعادة الكتابة في المسرح والسينما.  

: كيف يتم الاحتفال بذكراه وماهي مظاهر هذه الاحتفالات

: منذ عامين احتفلت إنجلتر مع العالم كله بمئوية شكسبير  وشارك في الاحتفال دول كثيرة منها مصر، حيث أعدت مكتبة الإسكندرية احتفالًا بديعًا دعت إليه العديد من الباحثين المتخصصين في أعمال شكسبير، كما قدمت عروضًا مسرحية عن أعمالٍ لشكسبير، ولحسن الحظ أن الدكتور اسماعيل سراج الدين، وكان مديرًا للمكتبة آنذاك، هو نفسه من محبي شكسبير ومن الباحثين في أعماله. الاحتفال بشكسبير في إنجلترا يأخذ أشكال عدة حيث تشارك مؤسسات الدولة المختلفة في إخراج تراث شكسبير واستلهامه في أشكالٍ جديدة وإجراء حوار معه، فتعقد الندوات وتعرض المكتبة البريطانية أقدم النسخ التي لديها لأعمال شكسبير وتقدم العروض على مسرح الجلوب ، كما تعقد الندوات البحثية والعروض الجديدة عن أعمال شكسبير في مسقط رأسه في مدينة ستراتفورد أبون إيفون. 

ما الذي يجعل أعمال شكسبير داعمة لقيم التسامح وقبول الآخر ؟

مثلها مثل كل الأعمال العظيمة، فإن نصوص شكسبير تقوم في جوهرها على مجموعة من القيم الحافزة على قيم التنوير وقبول الآخر وفتح آفاق جديدة لفهم الإنسان ومعضلاته الوجودية. كما ذكرت آنفًا، تعدد الثقافات التي ينهل منها شكسبير في نصوصه تشجع على هذا التعدد، وفي نفس الوقت فإن إبراز المشترك الإنساني الذي يجمع البشر بغض النظر عن اللون والجنس والثقافة والزمن الذي يعيشون فيه يحدث هذا التوازن المطلوب بين الوحدة والتنوع. من بين النصوص التي لا تُنسى والتي يعالج فيها شكسبير مسألة الاختلاف مسرحيته الشهيرة "مأساة البندقية" التي يحاول أن ينقل فيه الألم الذي تعانية الشخصية التي تمتهن انسانيتها بسبب اختلافها، وأعنى بذلك شخصية شيلوك التاجر اليهودي؛ وأيضًا شخصية عطيل في المسرحية التي تحمل اسمه تقدم لنا شخصية أخرى لقائد عربي في بلاط الأوروبيين ويكشف لنا شكسبير من خلالها مشاكل هذه الشخصية ومن أهمها إحساسها بالاختلاف ونظرة الآخرين المختلفة لها بسبب اختلاف لون البشرة. 

كيف تتحدي اعماله الاصولية ؟

أما فيما يتعلق بسؤالك عن الأصولية، فيمكن تعريفها بأنها تثبيت الزمن عن نقطة ماضية يتم تجميد المعنى حولها؛ فالمعنى في الأصولية مطلق وليس نسبي، وبما أن المعنى مطلق، فلا مجال لمساءلته أو تغييره أو استبداله بمعنى آخر حديث. من هذا المنطلق فإن نصوص شكسبير بما تملكه من قدرة على مجاوزة الزمن وتوليد معاني جديدة في أزمنة مختلفة، فإن هذه النصوص تتحدى الفكر الأصولي. من ناحيةٍ أخرى، فإن هذه النصوص لكي يتم قراءتها قراءة تتحدى الأصولية، فهي بحاجة إلى عقل مدرب على ممارسة التأويل وإعمال الخيال والعقل في النصوص بحيث تكون قادرة على مخاطبتنا في الحاضر وطرح أسئلة مرتبطة بزماننا. 

كيف يمكن أن تصبح بلد شكسبير أكثر البلاد احتضانًا لجماعات الإسلام السياسي؟

: هذا سؤال مركب ونحتاج للإجابة عنه النظر في طبيعة المجتمع البريطاني (وأوروبا إجمالًا) وطبيعة جماعات الإسلام السياسي. منذ عصر الإصلاح ومن بعده التنوير تم إعادة صياغة العقد الاجتماعي الذي تقوم عليه المجتمعات الأوروبية ومن القيم الأساسية التي تشكل منها هذا العقد الاجتماعي  ثلاثة: أولها فصل الدين عن الدولة؛ وثانيها إبعاد الدين عن المجال العام؛ وثالثها  التسامح وقبول الاختلاف. بريطانيا ومعها كل دول أوروبا دول مؤسسات تقوم على القانون والجميع – من كافة الديانات والخلفيات والطبقات – متساوون أمامه. الكثير من الأفراد المنتمين لجماعات الإسلام السياسي خرجت من مصر وغيرها من الدول العربية طلبًا للجوء المشكلة هنا في التناقض بين قيم التسامح وقبول الآخر التي تقوم عليها هذه المجتمعات والذهنية الأصولية التي تؤسس لفكر هذه الجماعات. هذا التناقض الذي بدأ يظهر في السنوات الأخيرة أدى لتغيرات في المجتمعات الأوروبية نفسها، منها وجود بوادر لدى هذه المجتمعات لمراجعة قيمها الأساسية، بل ظهور أعراض ما يناقض هذه القيم نفسها من قبيل ظهور جماعات اليمين المتطرفة الكارهة لكل ما ومن هو أجنبي. حل هذا التوتر مرهون بمبادرات الدول الأوروبية وبريطانيا لإدماج الأقليات في ثقافتها ومدى استعداد هذه الأقليات للإندماج في المجتمع. وأظن أن الفنون والثقافة عمومًا لها دور في حدوث هذا الإندماج وفي مواجهة الذهنية الأصولية.

لماذا تعادي التيارات الاصولية الادب ؟ 

تعتمد الاصوليات ومنها تيارات الاسلام السياسي علي نماذج مقولبة تسير داخل جدرانها بحرفية شديدة في حين ان الادب والابداع بكل اشكاله يعتمد علي التمرد  وكسر الحواجز وتحطيم القوالب التى يظن الاصولي انها تحمي وجودة بل وسبب وهدف هذا الوجود .كما ان الابداع يخلق عالما موازيا من الفكر والشخصيات  التى تستشرف المستقبل حتى لو كانت  مستمدة  من الماضي  بينما  يقدس الاصولي  هذا الماضي  تقديس  لايقبل المناقشة لذلك العدواة تكمن في العقل والاسلوب المختار لنوعية الحياة

شارك