ناصر الوحيشي.. أمين سرِّ «بن لادن» الإرهابي الأخطر في اليمن

الخميس 13/مايو/2021 - 11:29 ص
طباعة علي رجب
 
ناصر الوحيشي أو «أبوبصير»، هو واحد من أهم قيادات تنظيم القاعدة الإرهابي، إذ لعب دورًا كبيرًا في دعم وتشكيل فرع تنظيم القاعدة في اليمن، ولقبه زعيم القاعدة أيمن الظواهري، بـ«أمير مجاهدي اليمن»؛ نظرًا لخبرته الكبيرة في العمل المسلح.

«الوحيشي» يمني الجنسية، من مواليد 1 أكتوبر 1976، في محافظة البيضاء جنوب شرق العاصمة اليمنية صنعاء، قضى بعض الوقت في المؤسسات الدينية باليمن قبل السفر إلى أفغانستان، والانضمام إلى تنظيم القاعدة، إلى أن بات مقربًا من زعيم التنظيم أسامة بن لادن.
الالتحاق بتنظيم القاعدة
التحق «الوحيشي»، بأحد معسكرات التدريب التابعة لتنظيم القاعدة بأفغانستان، في مستهل تسعينيات القرن المنصرم، ثم أصبح مقربًا من أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، وكان يساعده في إدارة شؤونه المالية وشؤون ممتلكاته، كما كان سكرتير بن لادن الشخصي، وأحد المقربين له، حتى أثناء هروب الأخير إلى مزرعة تارناك، وهي منطقة مخصصة للتدريب، تقع على بعد حوالي 5 كم جنوب مطار قندهار.

ومع بدء الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها شن عملياتها العسكرية ضد حركة طالبان في أفغانستان، عقب اعتداءات 11 سبتمبر 2001، فَرَّ «أبوبصير»، إلى إيران؛ حيث اعتقل هناك، ثم رحَّلته السلطات الإيرانية إلى اليمن، وأودع في سجن الأمن المركزي، وهو أحد المعتقلات العسكرية بصنعاء؛ حيث قضى سنتين حتى 2003، دون توجيه تهمة له.

العودة إلى اليمن
ورغم أن عودته إلى اليمن كانت قيد الاعتقال، فإن تلك العودة شكلت آمالًا كبيرة لأعضاء تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، في دعمه والإشراف على العمليات الإرهابية للتنظيم، ولكن كان ذلك في انتظار اللحظة المناسبة لإخراجه من السجن.

اللحظة جاءت عبر مخطط لتنظيم القاعدة بتهريب «الوحيشي» و22 عنصرًا من القاعدة من سجن شديد الحراسة بصنعاء، عبر حفر نفق بطول 140 مترًا، تبدأ في أحد الزنازين وتنتهي عند حمام للسيدات لأحد المساجد المجاورة، ليخرج «أبوبصير» ويقود القاعدة في اليمن.

وعقب هروبه، أصدرت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «الإنتربول» إشعارًا برتقاليًّا من أجل الوحيشي، ووصفته المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «الإنتربول» آنذاك، بأن الوحيشي يُشكل خطرًا جسيمًا على المجتمع الدولي.

إعادة الروح لقاعدة اليمن
شكل هروب «الوحيشي» من سجن صنعاء، إعادة الروح لتنظيم القاعدة أو أنصار الشريعة، بعد أن أصابها الوهن والضعف نتيجة الضربات القوية التي تلقتها من القوات اليمنية؛ حيث قتل القيادي البارز قائد سالم سنان الحارثي، في هجوم شنته القوات الأمريكية استهدفت بطائرة بدون طيار، ليحل محله «الوحيشي» بعد فراره من السجن، وليشهد تنظيم القاعدة مع ناصر الوحيشي عهدًا جديدًا في جزيرة العرب.

فبعد أشهر من هروب الوحيشي من السجن، تمكن تنظيم القاعدة، في تعزيز انتشاره في اليمن، مستفيدًا من ضعف السلطة اليمنية المركزية بفعل الحرب مع ميليشيات الحوثي، وكذلك الاستفادة من الجغرافيا الوعرة لصحراء نجد، لاسيما في الجنوب، وكانت جزيرة العرب مهيأة تمامًا ليحل الوحيشي مكان الحارثي، وأصبح مسيطرًا على القيادة ومقاليد التنظيم داخل قاعدة جزيرة العرب، إلا أن أيمن الظواهري، نائب قائد تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، لم يحبذ تولي الوحيشي قيادة التنظيم؛ نظرًا لأن أبوبصير كان مرشحًا بقوة لقيادة القاعدة خلفًا لأسامة بن لادن.
عمليات القاعدة تحت قيادة «أبوبصير»
تحت قيادة «الوحيشي» ارتفعت عمليات تنظيم القاعدة في اليمن؛ حيث تم استهداف مبنى السفارة الأمريكية بصنعاء، في سبتمبر 2008؛ ما أدى إلى مقتل 19 شخصًا.

كما أسهم الوحيشي، في عملية دمج فرعي تنظيم القاعدة اليمني والسعودي، ليتأسس «تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب»؛ حيث انضم إليه عدد من القياديين السعوديين، لاسيما سعيد الشهري، العائد من معتقل جوانتانامو، والذي قتل في غارة لطائرة من دون طيار في يناير 2013.

وتم تنفيذ العديد من الهجمات التي قام بها التنظيم؛ ففي مارس 2009، نفذ التنظيم هجومين انتحاريين ضد سائحين من كوريا الجنوبية ومسؤولين حكوميين في اليمن؛ ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص، وفي يونيو من العام نفسه، قام التنظيم وتحت قيادة الوحيشي باختطاف تسع رعايا أجانب في اليمن، وتم قتل ثلاثة منهم.

عملية اغتيال محمد بن نايف
وتُعدُّ عملية اغتيال الأمير محمد بن نايف، رئيس مكافحة الإرهاب السعودي، والتي نفذت في مكتبه، أبرز العمليات التي خطط لها تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب تحت قيادة ناصر الوحيشي، والتي تمت عبر قيام أحد الانتحاريين بتفجير نفسه بواسطة هاتف جوال ليتناثر جسده إلى أشلاء، وأصيب «بن نايف» بجروح طفيفة.

وعقب محاولة اغتيال «بن نايف» ارتفعت أسهم ومكانة «الوحيشي» لدى قيادات القاعدة، ونال استحسان الظواهري ليصبح «أبوبصيرة» زعيمًا لتنظيم القاعدة بثوبه الجديد.

لم تقتصر العمليات على منطقة الجزيرة العربية واليمن؛ حيث حاول التنظيم في 25 ديسمبر 2009 تفجير طائرة ركاب بين أمستردام وديترويت، كما أن الوحيشي ظهر في تسجيل صوتي عام 2009، أعلن فيه تأييده للحراك الجنوبي وللقضية الجنوبية لليمنيين، ولكن لأهداف مختلفة تنسجم مع رؤيته للدولة الإسلامية المنشودة في الجنوب بعد استقلاله، كما تبنى إرسال طرود مفخخة بالشحن جوًّا إلى الولايات المتحدة نهاية أكتوبر 2010 اكتشفتها الشرطة في دبي.
شائعات مقتله
مع ارتفاع شهرة الوحيشي ونجاح عملياته الإرهابية في اليمن، أصدرت الحكومة اليمنية في 28 أغسطس 2011، بيانًا تؤكد فيه مقتل الوحيشي، بعد مواجهات وقعت بين قوات الجيش وعناصر التنظيم بمنطقة دوفس على مشارف مدينة زنجبار، أدت إلى مقتل وجرح 12 من الجانبين، ولكن الأخير أصدر بدوره بيانًا ينفي فيه مقتله في 6 ديسمبر 2011.

ومحاولة لكسب التعاطف الشعبي، أعلن الوحيشي في بيان على مواقع جهادية على شبكة الإنترنت، في ديسمبر 2011، أن القاعدة في شبه الجزيرة العربية ستتدخل لفك حصار «دماج»؛ وهو حصار ميليشيات الحوثي، على أبناء العائلات السلفية؛ ما أدى إلى تهجير العائلات السلفية إلى مدينة الحديدة وسيطرة الحوثي على دماج.

كما واصل تنظيم القاعدة تحت قيادة الوحيشي، عملياته الإرهابية؛ حيث فجرت مجموعة من عناصر تنظيم قاعدة اليمن، في مارس 2012، أنبوب الغاز المسال، والذي يمتد من محافظة مأرب إلى منشآت تصدير الغاز في منطقة بلحاف بمحافظة شبوة على ساحل البحر العربي، بعد ساعات من مقتل أربعة من عناصره في قصف جوي نفذته طائرة من دون طيار.

رصدت الاستخبارات الأمريكية في أغسطس 2013، اتصالًا بين الظواهري وتنظيم قاعدة اليمن بقيادة الوحيشي، يخططان فيه لاستهداف بعض المناطق الحيوية لأعدائهم الصليبيين، أدى إلى قيام الولايات المتحدة بإعلان حالة استنفار أمني واسع النطاق، يشمل سفاراتها في المناطق الموجود بها تنظيم القاعدة، كما قامت بإغلاق ما يقارب من 25 بعثة دبلوماسية أمريكية في العالم.

سعي أمريكي
ومع تعاظم دور تنظيم القاعدة أو أنصار الشريعة في اليمن، عقب حالة الفوضى والانفلات الأمني وعدم الاستقرار بفعل التغيرات السياسية داخل اليمن عقب تظاهرات 2011، تعاظم دور تنظيم القاعدة في اليمن، وهو ما أدى إلى ارتفاع نشاط الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع السلطات اليمنية في استهداف قيادات القاعدة، وعلى رأسهم ناصر الوحيشي؛ حيث رصدت عشرة ملايين دولار مقابل أي معلومة تؤدي إلى تحديد مكان «أبوبصير».

ومع مقتل أسامة بن لادن في مايو 2011، أعلن الوحيشي ولاءه لأيمن الظواهري، في قيادة تنظيم القاعدة.
وفي عام 2013، عيَّنَ أيمن الظواهري، الوحيشي نائبًا له خلال مؤتمر عبر الهاتف، ضم عددًا من ممثلي فروع التنظيم حول العالم، متكهنًا أنه قد يكون الأمير القادم للقاعدة.

وفي مارس 2014، ظهر الوحيشي في شريط فيديو يحتفل بفرار 400 من مقاتلي القاعدة من السجون اليمنية، فيما وُصِفَ بأنه أكبر تجمع معروف للقاعدة في اليمن، وقال الوحيشي: «علينا إزالة الصليب، وحامل الصليب، أمريكا».

مقتله
في 16 يونيو 2015، أعلن تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية مقتل قائده ناصر الوحيشي، بغارة أمريكية استهدفته في اليمن وتعيين الزعيم العسكري للتنظيم، قاسم الريمي، خليفة له، ليشكل ضربة قوية لتنظيم القاعدة في اليمن.

وفي بيان نعي «الوحيشي»، وصف القيادي بتنظيم القاعدة، الشيخ خالد عمر باطرفي، الملقب بـ«أبوالمقداد الكندي»، ناصر الوحيشي، بأنه بطل وسيد من السادات، مضى إلى الله ثابتًا على العهد، مستعرضًا مسيرته في أفغانستان ومعارك تورا بورا، وأضاف أنه كان أمين سر الشيخ المجدد المجاهد أسامة بن لادن وأحد المقربين منه، وشارك مع الرعيل الأول في النكاية بأمريكا منذ التسعينيات.

شارك