العدل والإحسان.. الصراع المزدوج مع الإخوان والسلطة

الخميس 13/ديسمبر/2018 - 03:46 م
طباعة أميرة الشريف
 
تواصل جماعة العدل والإحسان في المغرب، انتقادها للسلطة، حيث قالت الجماعة إن "الوضع الحقوقي بالمغرب سنة 2018 يمر بمنعطف خطير، ويضع الدولة أمام مسؤوليتها التاريخية فيما آلت إليه الأمور"، موجهة الدعوة إلى النخب لـ"القيام بواجبها من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه".
وضمن وثيقة أصدرتها بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، قالت "الجماعة" إن البلاد "تعرف انتكاسة حقوقية تؤكدها العديد من تقارير المنظمات المحلية والدولية، وشهادات الضحايا المؤكدة لانتهاكات متنوعة شملت الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
ووصفت الجماعة، الوضع الحقوقي بالمغرب بالكارثي موجهة الدعوة إلى النخب لـ"القيام بواجبها من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه".
وتحدثت العدل والإحسان عن ما أسمته "تعريض المعتقلين للتعذيب والعنف ولممارسات ماسة بالكرامة أثناء إيقافهم والتحقيق معهم، كما افتقرت محاكماتهم لضمانات وشروط المحاكمة العادلة"، داعية إلى ضرورة التعجيل بإنشاء آلية وطنية مستقلة للوقاية من التعذيب. كما انتقدت أسلوب التعامل مع احتجاجات متنوعة، منها "احتجاج العطش بزاكورة"، واستنكرت "التضييق على العمل النقابي والثقافي لطلبة المغرب".
وسردت الوثيقة مجموعة من المعاملات قالت إن "الجماعة تتعرض لها"، من بينها "المحاكمات السياسية، والإقصاء من التوظيف، وعدم التراجع عن قرارات الإعفاء الجائرة، وترسيب الناجحين، والاستهداف الضريبي التعسفي، والبيوت مشمعة والجمعيات ممنوعة، وكذا التخييم والاعتكاف"، على حد تعبيرها.
جماعة العدل والإحسان من أكبر التنظيمات الإسلامية ذات الطبيعة السياسية التي تعارض بشكل واضح النظام الملكي في المغرب.

تأسيسها
بدأ الشيخ عبد السلام ياسين تأسيس الجماعة بمفرده -بين عامي 1974 و1981- بما أسماه حينها مرحلة "جهاد الكلمة والنصح لأئمة المسلمين"، وفي سبتمبر 1974 أرسل نصيحة مفتوحة مكتوبة للملك الحسن الثاني في أكثر من 100 صفحة بعنوان "الإسلام أو الطوفان" سجن على إثرها -دون محاكمة- ثلاث سنوات ونصفا.
بعد خروجه من السجن (1978-1979) اتصل بأقطاب الحركات الإسلامية بالمغرب من أجل توحيد الجهود لإنشاء جماعة إسلامية موحدة في إطار "حزب إسلامي" بهدف توسيع الدائرة الإسلامية، لكن دعوته لم تقبل بسبب مفهومه لتوحيد العمل الإسلامي.
وفي 1981 أعلن تأسيس أسرة الجماعة، ليتغير الاسم لاحقا إلى جمعية الجماعة ثم إلى الجماعة الخيرية في أبريل 1983.
اعتقل الشيخ ياسين سنة 1983 وحكم عليه بالسجن عامين وبعد خروجه عام 1985 بدأت مرحلة التأسيس الفعلي للجماعة تحت شعار "العدل والإحسان" عام 1986 واختيار المجلس التنفيذي للجماعة واللجان التنفيذية.
وفي سبتمبر 1987 تحول اسم الجماعة رسميا إلى جماعة العدل والإحسان، وهو شعار أخذته من الآية القرآنية (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون).
أكدت في أهدافها ووسائلها أنها لا ترضى بهدف اجتماعي سياسي دون العدل على شريعة الله، ولا بغاية دون الإحسان. وتعتبر أن العدل والإحسان هما أم القضايا وأبوهما في الدين والدنيا، في الدعوة والدولة، في المصير السياسي والمصير الأخروي.

أهدافها
يهدف مشروع الجماعة -غير المعترف بها قانونيا من طرف السلطات المغربية- إلى إقامة دولة الخلافة ولا تعترف بشرعية "إمارة المؤمنين في المغرب".
 تتخذ الجماعة في سبيل تحقيق أهدافها وفق رؤيتها، أولا: إيجاد الكيان الجماعي المنظم المنوط به القيام بعملية التغيير. ثانيا: الفهم الشمولي للإسلام وفق اتجاه تربوي سياسي واضح، يشمل الدعوة والدولة. ثالثا: التربية المتكاملة الشاملة العميقة، ورابعا: ترتكز ممارسة الجماعة على مرجعية فكرية وبناء نظري وفق المنهاج النبوي.
تعتبر العلاقة بين حزب العدالة والتنمية الحاكم( الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين في المغرب)، وجماعة العدل والاحسان علاقة تصادمية منذ وصول ا لحزب الي الحكم، وتمثل مقاطعة الانتخابات المحلية ضربة قوية لحكومة عبدالإله بنكيران.

علاقتها بالإخوان
فالعلاقة بين الطرفين يعتبر امتداداً لصراع إيديولوجي طويل بين التنظيمين. هذا الجفاء يجد جذوره في الافتراق العقائدي بين الجماعة بصفتها حركة صوفية متوغلة في السياسية وبين حركة التوحيد والإصلاح، الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية.
 وتختلف رؤى وتصورات كل من الحركتين للشأن العام. فبينما تؤمن العدل والإحسان بفكرة "القومة" (الثورة) لتحقيق التغيير السياسي، يتبنى حزب العدالة والتنمية فكرة الإصلاح من الداخل.
للمزيد ............ أضغط هنا
فجماعة العدل والاحسان، تعتبر  حالة معارضة للحكومة التي يقودها الإخوان في المغرب وكذا للنظام الملكي هناك.
ولا ترى العدل والإحسان في تجربة إخوان المغرب السياسية سواء في الحكومة السابقة برئاسة عبد الإله بنكيران أو الحكومة الحالية برئاسة سعد الدين العثماني، أية إيجابيات.
وفي المقابل، يعتبر الإخوان المسلمون في المغرب جماعة العدل والإحسان تنظيما عدميا، يهرب من الساحة السياسية بمواقفة الراديكالية، مثل دعواتهم المتكررة لمقاطعة الاستحقاقات البرلمانية والمحلية بالمغرب.

الصراع مستمر
فيما يبدو أن العلاقة بين جماعة العدل والإحسان والسلطات تتجه إلى مزيد من التوتر، بعد إقدام السلطة على تشميع بيت لطفي حساني، عضو مجلس شورى الجماعة بوجدة، والأمر بهدمه.
ويأتي هذا القرار في الوقت الذي كان عدد من أعضاء الجماعة قالوا إن اللجوء إلى التشميع انتهى قبل 12 سنة، عندما قررت السلطات على نفس النحو تشميع منزل محمد العبادي، الذي كان الرجل الثاني في الجماعة حينها، قبل أن يتم اختياره أمينا عاما للجماعة بعد وفاة عبد السلام ياسين.
واعتبر لطفي حساني، في أول خروج إعلامي له على موقع الجماعة الرسمي، بأن هذا التشميع جاء بسبب انتمائه إلى العدل والإحسان، وهو ما يعني بأن المستهدف من هذه العملية هي جماعة العدل والإحسان وليس لطفي حساني وشريكه في المنزل، ما يشير إلي زيادة التوتر بين السلطة والجماعة في الوقت الحالي.


شارك