ألمانيا تلاحق تجمعات "الإخوان المسلمين".. ولكن!

الثلاثاء 12/فبراير/2019 - 08:10 م
طباعة
 
يبدو أن الحكومة الألمانية عازمة على ملاحقة الكيانات والجمعات التي لها صلة بالجماعات المتطرفة وجماعة الاخوان المسلمين، بعد سلسلة من التحذيرات التي أطلقتها أحزاب سياسية تميل لليمين المتطرف أو من قبل شخصيات إسلامية علمانية تري أن هناك كيانات إسلامية سيكون لها تداعيات خطرة على المجتمع الألماني ككل خلال الفترة المقبلة.
وبناء على تقارير في ديسمبر الماضي لجهاز الاستخبارات الألمانية "لجنة حماية الدستور" تم التحذير من مخاطر نفوذ جماعة الإخوان الإرهابية في المجتمع الألماني، والإشارة إلى أن الإخوان أخطر من تنظيم القاعدة، في ظل تنامى نفوذ الجمعيات الإسلامية في مدينة كولن، والتذكير بتلويح الرئيس التركي لأنصاره بعلامة "رابعة"، وهى رمز لجماعة الإخوان، أمر يثير بالغ القلق على المجتمع الألماني.
وجاءت التحذيرات بشأن جمعية "الجماعة الإسلامية في ألمانيا" وجمعية مسجلة في كولن – حيث النفوذ التركي الكبير، وتعمل كمكتب مركزي لجماعة الإخوان، وتسعى لنظام اجتماعي وسياسي قائم على الشريعة الإسلامية وانتهاك الدستور والقوانين الألمانية".  
وبناء على التقارير التي بدأت رسميا "لجنة حماية الدستور" تقديمها للجهات المعنية، سحبت السلطات المحلية بمدينة ماينز اليوم ترخيصا لحضانة أطفال يشتبه أنها تابعة للإخوان المسلمين وتقوم بتقديم دروس متطرفة للأطفال، خاصة وأنها الوحيدة بالولاية التي تقع في غرب ألمانيا، ويطلق على دار الأطفال "روضة النور"، وتم سحب الترخيص لعدم وجود ثقة كافية فيما تقوم به الدار التي يرجع تأسيسها إلى عام 2009، وأثير الجدل حولها في السنوات الأخيرة في إطار المواد التي يجري تقديمها للأطفال، ونتيجة للإجراءات المشددة التي تتبعها الحكومة الألمانية حاليا، جري التوسع في متابعة أي جمعيات أو أنشطة تابعة لجمعيات إسلامية، وخاصة ما يتعلق بالإخوان المسلمين والجماعات السلفية.
هذه الخطوة تضاف إلى مراقبة تجريها "لجنة حماية الدستور" أيضا على برنارد فالك، وهو إرهابي يساري متعاطف مع السلفيين، قضى 12 عاما وراء القضبان، ويهتم الآن بالإسلاميين المتواجدين بالسجون، ووصفته اللجنة بأنه خطرا على المجتمع، ومع ذلك لم يتم أي مذكرات بشان توقيفه او منعه من ممارسة أي أعمال من شأنها تساعد المسجونين على اعتنقا الأفكار المتطرفة.
 المشكلة في ألمانيا إنه لا يتم اتخاذ خطوات عقابية جراء أي شخص  يرفض الدستور والقوانين الألمانية، ففي حالة المسجونين المنتمين إلى تيارات جهادية، ويدعون إلى إلغاء النظام الديمقراطي والقتال بالقوة من أجل دولة إسلامية، ترفض السلطات الألمانية اتخاذ أي اجراءات استثنائية بحقهم، وتوفر لهم محاكمة عادية مع محام من اختيارهم، وهو ما تراه بعض الجماعات التكفيرية أرضا خصبا لاستغلال ثغرات قانونية والخروج من السجون وممارسة نشاطهم التكفيري من جديد.
وفى نفس الوقت تلاحظ متابعة الشخصيات التي لها علاقة بالكيانات المتطرفة خارج المانيا، وخاصة الذين قاموا بالسفر إلى الشرق الأوسط ومناطق تمركز تنظيم داعش الإرهابي، ومتابعة أسباب وعدتهم وأماكن تمركزهم والشخصيات المتعاونين معها، وبالرغم من قيام عدد كبير منهم يعيش حياة طبيعية، رغم دعوات ملاحقاتهم خشية نشر أفكارهم الإجرامية فى مختلف أوساط المجتمعات المتواجدين فيها.
الرهان الآن على التقارير التى تقوم بإعدادها لجنة حماية الدستور، ومدى اتهام شخصيات وكيانات معينة بنشر أفكار متطرفة، وهل يتم ملاحقة هؤلاء وإدانتهم، أم يتم الاكتفاء بمراقبة أعمالهم ونشاطهم إلى حين ضلوعهم فى عمليات إرهابية،  خاصة وأن طبيعة المؤسسات الألمانية التعامل بحسن نية مع مثل هؤلاء، وهو ما يشجعهم على التخطيط لتنفيذ نشاطهم الإجرامي داخل وخارج ألمانيا، وهو ما برز فى عملية الدهس التى قام بها التونسي أنيس العامري فى ديسمبر 2016، وكذلك عمليات عديدة جري كشفها قبل تنفيذها بأيام قليلة.
المشهد الراهن يوضح أن وزارة الداخلية الألمانية عازمة على ملاحقة الكيانات المتورطة فى أعمال متطرفة، والتعامل مع التهديدات والتقارير الأمنية بشأن نشاط الجمعيات السلفية، والكيانات الممولة من جماعة الاخوان المسلمين، ليضاف ذلك إلى المتابعة المكثفة لنشاط الجمعيات المدعومة من أنقرة، خشية تأثيرهم على المجتمع الألماني.
دعونا ننتظر ونتابع ما يمكن ان تقوم به الداخلية الألمانية ولجنة حماية الدستور، وجدية التعاطي مع التهديدات الأخيرة بشأن خطورة جماعة الاخوان المسلمين  

شارك