أول راعٍ للكنيسة الإنجيلية بالمانيا منذ 47 عامًا يكشف: الأسباب الحقيقية لانضمام شباب أوربا لتنظيم "داعش"

الأربعاء 29/أكتوبر/2014 - 09:01 م
طباعة
 
القس ثروت قادس:  
• السلفيون جذبوا بعضًا من الشباب الألماني بإغراءات كثيرة 
• بسبب العقلية الألمانية الإسلام سوف ينتشر بعد ظهور داعش
• هناك فتيات تنضم للتنظيم بعد قصة حب مع سلفي وهذا طبيعي
47 عامًا قضاها الدكتور القس ثروت قادس في ألمانيا، حيث هاجر من مصر في أعقاب هزيمة يونيه، ليكون أول راعٍ للكنيسة الإنجيلية هناك،وليدرس اكاديميا وعمليا موضوع الحوار الإسلامي المسيحي، وحصل على الدكتوراة في اللاهوت العملي من لويزفيل بأمريكا عام 1995، وكانت رسالته حول الحوار المسيحي الإسلامي، كما حصل على الدكتورة من جامعة هيدلبرج في قسم الدراسات العربية والإسلامية عام 1997،ويراس حإلىا مجلس الحوارات والعلاقات المسكونية بسنودس النيل الإنجيلي وعلي هامش حوارنا معه اكد لنا أنه يعد الآن لرئاسة اول لجنة تجمع رابطة الكنائس الانجيلية المصرية بأوربا، 
التقت بوابة الحركات الإسلامية، الدكتور قادس – المقيم بشكل دائم في ألمانيا – في محاولةٍ لطرح سؤال حائر، يفرض نفسه على واقع الأحداث الجارية: ما الذى يجعل الشباب الغربي يترك بلده ذات الثراء والنعيم والتي تكفل كل سبل الرفاهية – كما نحلم بها لينضم إلى جحيم "داعش" حيث الدم والنار والخراب، وفي محاولة للحصول على إجابات كان لنا معه هذا الحوار
- كيف كان موقع الإسلام في ألمانيا عند بداية هجرتك؟
- لم يكن هناك معلومات كثيرة عن الإسلام إلا في أوساط الأكاديمين، وبدأت تتسع رقعة الاهتمام في السبعينيات مع حرب أكتوبر، وتحكم دول الخليج في النفط، ولكن اصبح هناك اهتمام شعبي كبير بالإسلام في التسعينيات أثناء حرب الخليج – عاصفة الصحراء- وأفردت الصحف ووسائل الإعلام الكلام عن السنة والشيعة وهي فروق لم تكن معروفة بشكل كبير،ونتيجة لحرية الأديان والاعتقاد كانت هناك فرصة كبيرة لإقامة ندوات ومحاضرات عن الإسلام وإقامة مساجد للمهاجرين من الحرب من منطقة الخليج، وفي هذه الفترة اعتنق الإسلام من الألمان عدد يترواح من 70 إلى 100 ألفًا. 
- وهل تطور الأمر بعد 11 سبتمبر؟
- طبعا بعد 11 سبتمبر اختلط الفكر على الألمان واخذوا يبحثون عن اسباب الارهاب، لكي يميزوا بين الإسلام، وتيارات الإسلام السياسي، وهذا الامر اعطى فرصة جديدة لقراءة ترجمات معاني القران والكتب الإسلامية ودخول مزيد من الالمان في الإسلام،وهذا امر يتيحه المجتمع هناك لأنه لا يوجد مانع فالدين وكل ما يتبعه من طقوس وأشكال وعبادات علاقة شخصية بين كل شخص وإلهه.
 
- يرى البعض أن هذه الحرية أساسها ما يسمى بـ(عقدة هتلر) فهل هذا صحيح؟
- عقدة هتلر موجودة منذ عام 1945،ولكن هي ليست عقدة هي تجربة مريرة، مرت بها ألمانيا، الامر الذي خلف حساسية فيما بخص الدين أو العرق او الجنس، ولذلك فأول مادة في الدستور الألماني هي احترام الانسان فكرا وعقيدة وعرق، وبالفعل استفاد منها المسلمون وغيرهم في التغلغل في المجتمع الألماني.
 
- كيف يخرج من هذا المجتمع جيل ينضم إلى داعش حيث الإجرام والقتل وقمع الحرية؟
- يحتاج الامر إلى معرفة عميقة بطبيعة الشباب الألماني بصفة خاصة والاوربى بصفة عامة، فالشباب الذي يتربى على حرية الفكر والعقل بدون ضغط حتي لو كانت نشأته إنجيلية أو كاثوليكية فعند بلوغه الثامنة عشرة يختار كما يشاء ويدخل في مرحلة تسمي بالألماني (نيو جريش) أي (مدمن الجديد) أيًا كان هذا الجديد، فهناك آلاف من الشباب الألماني يسافر الى الهند لكى يعيش الحياة البوذية عن قرب، وآخرون ينضمون للدروز، وآخرون يجدون في الإسلام شيئا جديدا، ويبدون بالبحث عن العلاقات التي تجمع اليهودية والمسيحية والإسلام، ونتيجة لهجرة كثيرون من الاجانب إلى ألمانيا وخاصة ان اغلبيتهم من تركيا وارتفع عددهم في السبعينيات وخاصة من العرب والباكستانيين وهؤلاء كان لهم تأثير كبير في المجتمع الألماني، ثم ظهرت حركات الجهاد الإسلامية واستخدمت في السياسية وخاصة بعد هجرة العراقيين والسوريين، ودخول السياسية والدين معا، في حركة واحدة امر يخالف الفكر الألماني الذي يفرق تماما بين الدين والسياسية بما تقره العلمانية الغربية، كما أن الفكر الجهادي غير ديمقراطي ويتعارض مع الديمقراطية الألمانية، وبذا أصبح هناك شبه صدام مجتمعي مع هذه الافكار، التي استغل السلفيون كثرتهم وحرية الانسان في ألمانيا لنشرها مع توزيع الترجمات لمعاني القرآن باللغة الألمانية – في محطات المترو والميادين الكبيرة - ومعروف ان شعب ألمانيا من اكثر شعوب اوربا قراءة، وبذلك استطاع السلفيون أن يكسبوا بعضًا من الشباب الألماني بإغراءات كثيرة، ثم انضموا إلى حركات داعش والتي تسمى في ألمانيا  isis (بمعنى الدولة الإسلامية في العراق وسوريا)، وهنا بدأت الدولة تدقق وتُسائل في سفر الشباب تحت سن الـ18.
 
- وهل تبدو بالفعل هذه الأسباب مقنعة بالنسبة لك؟
- نعم  مقنعة جدا وقم بترتيب الاسباب وانظر لها بعمق، الشباب الألماني مدمن كل جديد – شغوف بالاستطلاع – انتشار السلفية – كما أن هناك بطالة تصل نسبتها في المجتمع إلى 5 % وهى بالنسبة للالمان نسبة كبيرة، ورغم أن الدولة تعطى كفالة بطالة، إلا انها تجهل أن الشباب يعيش ولا يترفه، وأيضا هناك الوجه الآخر للعلمانية حيث الجهل بالعقيدة سواء الانجيلية او الكاثوليكية، وتقصير الكنيسة في تربية الأطفال والشباب.

- وبالنسبة للشابات؟
- لا تفرقة بين الشباب ذكورًا كانوا أم إناثًا، إلا اذا كانت هناك قصة حب جمعت بين شابة ألمانية أو أوربية وشاب سلفي أو جهادي، وهذا أمر طبيعي جدا، فهي إساءة لاستخدام الحرية سواء من جانب السلفيين أو الألمان. 
- وهل يمكن اعتبار هذه الاسباب تنطبق أيضًا على كل الشباب الأوربي المنضم لداعش؟
- بالتأكيد يمكن تطبيق نفس الأسباب علي بقية دول أوربا، فظروف دول الاتحاد الأوربي متشابهة في النواحي الاجتماعية والحريات 

- وما موقف انتشار الإسلام بعد ظهور حركة داعش؟
- فرصة الإسلام كبيرة في الانتشار بسبب القادمين لألمانيا من العراق وسوريا، كما أن الألماني يحب أن يفصل بين الإسلام السمح القويم والصورة الزائفة للإسلام المتشدد.
 
- ما أعداد المسلمين في ألمانيا؟
- ما بين 4 إلى 5 ملايين مسلم.

- ركزت دراساتك الأكاديمية وحياتك العملية على الحوار الإسلامي المسيحي بصراحة لماذا لا نجد ثمارًا لهذا الحوار؟
- يهدف الحوار إلى التعايش المشترك وتصحيح المفاهيم، وقد تكون الثمار بعيدة ولكنها لاشك آتية، لأن واقع التجاور يفرض التحاور، وهنا يجب أن نتعلم الدرس، فالعقائد لا تصلح مجالا للحوار بين الاديان، وعندما يغيب الحوار تظهر جماعات مثل القاعدة وداعش.

شارك