المعارضة الألمانية تنتقد سياسات حكومة ميركل فى الحوار مع طالبان

الثلاثاء 07/سبتمبر/2021 - 07:57 م
طباعة برلين - هاني دانيال
 
فى مفاجأة من العيار الثقيل، فتحت حركة طالبان باب الحوار مع الحكومة الألمانية بغرض الحصول على مساعدات مالية واعتراف بالحركة وحكومتها المزمع تشيكلها خلال أيام، فى مقابل تقديم تسهيلات لمن ترغب ألمانيا فى إبعاده من البلد التى تشهد أحداثا ساخنة بعد استيلاء الحركة على الحكم، وهو الأمر الذى استغلته المعارضة الألمانية لتوجيه سهام النقد إلى المستشارة انجيلا ميركل وحكومتها بسبب مواقفها غير الحازمة مع طالبان.

كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أكدت فى وقت سابق على انه لا بديل عن الحوار مع حركة طالبان بالرغم من عدم ارتياحها من هذه الخطوة، إلا أن التغيرات التى شهدتها افغانستان خلال الأسابيع الماضية جعلت هذه الخطوة خيارا لا بديل عنه.

من جانبها استغلت حركة طالبان الظروف الدولية والاقليمية لصالحها، وبدأت فى مقايضة بعض الدول على إخراج الأجانب وفق شروطها، وكذلك المقايضة على خروج الموظفين الأفغان الذين عملوا من قبل مع الجيش الأمريكي والألمانى وغيرهم من الجيوش الأجنبية التى كانت متواجدة فى أفغانستان خلال السنوات الماضية ، خاصة وأن هذا الملف محرج جدا للدول الأجنبية ويضعها فى موقف الاتهام والمتخاذل عن حماية الموظفين الذين سبقوا وعملوا معها.

وكشفت تقارير صحفية ألمانية وسياسيين معارضين أن حركة طالبان لم تعد تهتم فقط بالحصول على اعتراف أوروبي، وإنما المطالبة بالمساعدات المالية ومواد الاغاثة، والتعامل معها على أنها حكومة شرعية وليست جماعة ارهابية استولت على الحكم من رئيس منتخب.

وفى هذا السياق انتقد حزب البديل من أجل ألمانيا ، ممثل اليمين المتطرف  فى البرلمان الألمانى "بوندستاج" التخاذل الحكومى الألمانى فى مواجهة حركة طالبان، وتم توجيه سهام النقد إلى كل من وزير الخارجية هايكو ماس من الحزب الاشتراكي الاجتماعى، ووزيرة الدفاع أنجريت كرامب كارنباور ، من حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، وكذلك وزير الداخلية هورست زيهوفر ، من الحزب الاجتماعى البافاري، وانتقاد عدم قدرتهم على قراءة المشهد السياسي الأفغانى قبل استيلاء طالبان عن الحكم، والتأخر فى عودة الجنود الألمان وكذلك الموظفين الأفغان، وهو ما ترتب عليه فرض حركة طالبان لشروطها، ومحاولة إجبار برلين على القبول ببعض الشروط وإلا لن تستطع ألمانيا الحصول على الموظفين المحليين والراغبين فى مغادرة البلاد.

ألمانيا ليست وحدها فى هذا الموقف الحرج، بل هناك دول عديدة فى الاتحاد الأوروبي أيضا تعانى من نفس المأزق، وبالرغم من محاولة جوزيف بوريل  مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي من التهوين من الموقف، والإشارة إلى أن هناك خطوط حمراء يفرضها الاتحاد الأوروبي على طالبان، إلا أن العكس هو ما يحدث، وأن الحركة نجحت فى خلق واقع على المجتمع الدولى قبوله.

كان بوريل أوضح مؤخرا على أن الاتحاد الأوروبي سيتحاور مع طالبان لكن بشروط صارمة، وأن هذا لا يعني الاعتراف بالحكومة الجديدة التي ستشكلها الحركة،  كما أن هذا الحوار سيزيد وفقا لسلوك الحكومة، مع مراقبة عدم تحول أفغانستان إلى "قاعدة لتصدير الإرهاب لبقية البلدان"، واحترام حقوق الإنسان وحكم القانون وحرية الإعلام.

إلا أن مراقبون يرون أنه بمجرد تشكيل الحكومة فى أفغانستان، سيسارع الاتحاد الأوروبي والدول الأجنبية بالحوار معها تحت مبرر المساعدة فى مغادرة الموظفين الأفغان ومحاولة انقاذ البلاد من الحرب الأهلية، بل وستسارع بعض الدول إلى تقديم مساعدات مالية وإنسانية تحت هذا الغرض.

يري مراقبون أن تطورات الأحداث فى أفغانتسان سببت حرجا كبيرا لحكومة ميركل والاتحاد الأوروبي، وأن المرحلة المقبلة ستكون حرجة للحكومة الألمانية الجديدة، خاصة وأن هناك مخاوف من ازمة لاجئين جديدة كما حدث مع اللاجئين السوريين من قبل، وعلى الرغم من قبول ميركل باستيعاب أكثر من مليون و 300 ألف لاجيء سوري، إلا أن الوضع مختلف فى أوروبا، ولم يعد هناك ترحيبا كما حدث من قبل بوجود اللاجئين، بل تسببت موجة اللاجئين فى شيوع ثقافة كراهية الأجانب فى أوروبا، وتقدم لأحزاب اليمين المتطرف لى كل من ألمانيا، النمسا، والمجر خلال االسنوات الأربع الأخيرة، وهو ما سيكون له تبعات سلبية خلال الفترة المقبلةن وسيجد البرلمان الأوروبي نفسه فى مأزق من تنامى تيار اليمين المتطرف، والمطالبة بمغادرة الأجانب من القارة الأوروبية، وهو ما يضع المباديء الأوروبية بخصوص احترام حقوق الانسان والديموقراطية على المحك، وما يقابله من توغل جماعات الإسلام السياسي فى الدول الأوروبية.

شارك