الاقتصاد التركي فى خطر .. الليرة تهوي بشعبية أردوغان فى مسقط رأسه

الثلاثاء 14/ديسمبر/2021 - 11:06 ص
طباعة أميرة الشريف
 
سيطرت سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان علي تضاعف أزماته الاقتصادية، حيث فقدت العملة التركية ما يقرب من 45 بالمئة من قيمتها لهذا العام، مما دفع الأتراك للتشكيك في قرارات الرئيس الذي كان حتى فترة قريبة، يتمتع بشعبية كبيرة بين الطبقتين المتوسطة والفقيرة، اللتين تضررتا بشكل كبير من قرارات خفض الفائدة التي يرعاها، أردوغان.
وهبطت الليرة التركية بما يصل إلى 7% في مستوى قياسي منخفض جديد قرب 15 مقابل الدولار الأمريكي، متضررة من مخاوف بشأن سياسة اقتصادية جديدة محفوفة بالمخاطر ينتهجها أردوغان واحتمالات خفض آخر لأسعار الفائدة، ما دفع البنك المركزي للتدخل مجددا.
وعلى الرغم من دفاع إردوغان عن السياسة النقدية للبنك المركزي، وتعهده بالفوز في "حرب الاستقلال الاقتصادية"، تتزايد الانتقادات من جانب أولئك الذين يطالبون باتخاذ إجراءات لوقف تراجع قيمة العملة.
ووفق صحيفة وول ستريت جورنال،  يبدو أن شعبية الرئيس التركي، المتمسك بقراراته الاقتصادية وسياسته النقدية تهوي أيضا، حيث بدأ السكان  في مسقط رأسه، بلدة ريزي الزراعية، يعيدون النظر في سياسة الحزب الحاكم، وبدأوا بتوجيه الانتقادات العلنية لسياسات أردوغان.
وأدى انهيار العملة المحلية إلى أزمة معيشية واقتصادية، فضلاً عن ارتفاع كلفة الأسمدة وأسعار المواد الخام التي تعتمد عليها زراعة الشاي، المحصول الرئيسي في تلك المنطقة.
وكان انخفاض الليرة، هو الأكبر منذ ذروة أزمة العملة في 2018، التي أدت إلى ركود حاد، وتسببت في ضعف النمو على مدار ثلاث سنوات، ورفعت التضخم لخانة العشرات.
وخفض البنك المركزي أسعار الفائدة 400 نقطة منذ سبتمبر الماضي، وفقا لرويترز.
ودعا نائب محافظ البنك المركزي السابق سميح تومين، الذي أقاله إردوغان أكتوبر  الماضي، إلى العودة فورا للسياسات التي تحمي قيمة الليرة.
وفي هذا السياق، وجه نيفزات باليش، رئيس غرفة زراعة ريزي التي ترعى نحو 50 ألف فلاح، سؤالاً إلى الحزب الحاكم، قائلا: "أسأل حزب العدالة والتنمية ألا يخشى من عدم إعادة انتخابه ثانية، مضيفًا "السنتان الماضيتان كانتا سيئتين للغاية على السكان، الذين انتخبوا سابقا أردوغان لأنه ابن البلدة، أما اليوم فالوضع صعب".
ويؤكد خبراء أن معظم المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، تأتي إلى حد كبير نتيجة سياسات أردوغان، خاصة بعد قرارات إقالة مسؤولين كبار اختلفوا معه في الرؤية الاقتصادية أو طرق حل ومقاربة الأزمة في البلاد.
يذكر أن العملة المحلية فقدت حتى الآن، حوالي 45% من قيمتها، ما دفع الأتراك إلى التشكيك في صوابية القرارات الرئاسية، لاسيما مع تضرر الطبقتين المتوسطة والفقيرة بشكل كبير إثر خفض الفائدة، بتوجيه من أردوغان.
وخلال الأشهر الماضية، ضغط الرئيس التركي بشكل متواصل على البنك المركزي من أجل خفض أسعار الفائدة على الرغم من ارتفاع التضخم، في إطار استراتيجية غير تقليدية يقول إنها تهدف إلى تشجيع الصادرات والنمو الاقتصادي، لكنها انعكست سلبا على الوضع الاقتصادي في البلاد.
ويرى مراقبون أن العام 2015 كان فاصلا بالنسبة للاقتصاد التركي، ففيه بدأ الاقتصاد يدخل مرحلة انكماش شديدة، أي بالضبط في نفس السنة التي غيّر فيها أردوغان طبيعة النظام السياسي في بلاده، من برلماني لرئاسي، ليتفرد بحكم البلاد، ويحول بلاده إلى دولة ساعية للهيمنة بالقوة على محيطها السياسي والجغرافي.
وتبعت حالات التمرد التركية على حلفائها التقليديين، سلسلة من عمليات الانخراط لأنقرة في القضايا الإقليمية والدولية، من سوريا مرورا بليبيا والعراق وأرمينيا وصولا إلى البلقان، عبر استخدام القوة العسكرية والهيمنة عبر حيل سياسية ونشر الميليشيات المتطرفة والمرتزقة، مما راكم من أتعاب الاقتصاد التركي الهش أساسا.
ويرجح مراقبون أن انهيار الليرة التركية وتفاقم الأزمة الاقتصادية يعود إلى سوء إدارة أردوغان لسياسة البلاد، سواء على المستوى الاقتصادي أو على مستوى سياساته الخارجية التي استجلبت لتركيا عداءات مجانية بسبب التدخل العسكري في أكثر من جبهة، ما تسبب في قلق المستثمرين ونفور بعضهم الآخر عن الاستثمار في تركيا وهو ما يعكس حتما تراجعا اقتصاديا حادا.
وتعرضت الليرة وهي أسوأ العملات أداء بين الأسواق الناشئة هذا العام لضربة جديدة ، حيث تعتمد تركيا على الدخل بالعملة الصعبة من السياحة لدعم عجز حسابها الجاري، وتخاطر بموسم ضائع آخر هذا العام في ظل فرض دول عدة قيودا على السفر، بسبب ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا.

شارك