صراع ومجاعة ودمار .. تقرير سنوي يرصد أحداث اليمن لعام 2021

الخميس 23/ديسمبر/2021 - 03:21 ص
طباعة أميرة الشريف
 
سلط تقرير لمركز سوث24 للأخبار والدراسات الضوء علي الأحداث اليمنية في الشمال والجنوب خلال هذا العام. 
ونشر المركز في تقريره السنوي المفصّل لعام 2021، الذي يرصد وتيرة التطورات السياسية والعسكرية في اليمن، وما خلّفته من آثار اقتصادية كارثية فضلاً عن استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية والمعيشية، في البلد الذي يعيش الحرب منذ 7 سنوات.
ويشهد اليمن منذ 7 سنوات حربا مدمرة تسببت بحسب الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية جارية في العالم حالياً.
ويدور النزاع بين حكومة يساندها منذ 2015 تحالف عسكري تقوده السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران ويسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء منذ بد هجومهم في 2014.
وخلال 7 سنوات، قتل في النزاع عشرات آلاف الأشخاص معظمهم من المدنيين، حسب منظمات إنسانية، ويعيش أكثر من ثلاثة ملايين مدني في مخيمات مكتظة، في إهمال وتجافي، وتقول منظمة العفو الدولية، إن حوالي 4,5 ملايين شخص معوق يعانون من والتجافي مواجهة صعوبات متزايدة.
و اصطدمت جهود السلام بتعنت الحوثيين المدعومين من إيران، حيث بقي اتفاق الرياض الذي وقعته الحكومة مع المجلس الانتقالي الجنوبي في مكانه دون إحراز تقدّم عملي حتى الآن، مع زيادة حدة التوتر مع القوات الموالية للإسلاميين في شبوة ووادي حضرموت، وتصاعد نشاط تنظيم القاعدة فيها.
ودمر النزاع النظام التعليمي الهش أصلا في اليمن، حسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف). 
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنه من بين سبعة ملايين طفل في سن الدراسة في اليمن، هناك أكثر من مليوني طفل لا يذهبون إلى المدرسة وحوالى نصف مليون منهم تخلوا عن الدراسة منذ بداية النزاع في 2015. وتقول اليونيسف إن "الأطفال الذين لا يتعلمون معرضون لكل أنواع المخاطر، خصوصا إجبارهم على المشاركة في المعارك أو على العمل قسرا أو على الزواج المبكر".
وفي التقرير، الذي تصدرته أحداث كبرى ذو ارتباطات محلية وإقليمية ودولية هامة، استعرض "مركز سوث24" هذه التطورات وفقاً للترتيب الزمني من الأقدم إلى الأحدث؛ في ثلاثة محاور رئيسية.
المحور الإنساني، والذي يرصد العديد من الأحداث والقضايا الإنسانية، ويسلّط الضوء على الانتهاكات ضد المدنيين في وخارج مناطق النزاع العسكري، والانتهاكات التي تتعرض لها النساء والأطفال.
كما يستعرض المحور أيضاً الانتهاكات ضدَّ العاملين في مجال الصحافة والإعلام في مختلف المناطق اليمنية، من التصفية والقتل، إلى الاعتقالات وتضييق وتقييد حرياتهم. بالإضافة إلى الانتهاكات التي تعرض لها المتظاهرون.
ويؤكَّد "سوث24" أنَّ كل هذه الأحداث والانتهاكات تسببت بها مختلف أطراف الصراع في اليمن "وإن بشكل متفاوت"، لكنّ الحوثيين والقوات الموالية للحكومة اليمنية خصوصا في شبوة، كانا أكثر الأطراف التي تتُهم بالوقوف خلف هذه الانتهاكات.
ويقول التقرير أنه "مع نهاية أفق العام 2021، لا يبدو أنّ وقف الحرب في اليمن يلوح في الأفق. تصاعدت حدة المعارك في جبهات مأرب، شمال شرق صنعاء، وجبهات الساحل الغربي والضالع وشبوة. كثّف الحوثيون من هجماتهم الجوية على أراضي المملكة العربية السعودية وخصومها في جنوب اليمن ومأرب، وصعّد التحالف الذي تقوده السعودية من استهداف مواقع الحوثيين شملت لأول مرة منذ أشهر مطار صنعاء الدولي.
المحور السياسي والعسكري، والذي يرصد أهم التطورات السياسية التي كانت أخف حدة من الأعوام السابقة بين الحكومة اليمنية المُعترف بها دولياً والمجلس الانتقالي الجنوبي، وما يتصل بـ "اتفاق الرياض" الموقع بينهما قبل أكثر من عامين، عقب تشكيل حكومة المناصفة بين جنوب وشمال اليمن قبل عام من الآن.
كما يستعرض هذا المحور جهود المجتمع الدولي السياسية والدبلوماسية، مع تسلم الدبلوماسي السويدي هانز غروندبرغ مهامه رسمياً كمبعوث خاص للأمم المتحدة إلى اليمن في 5 سبتمبر، خلفاً للبريطاني مارتن غريفيث الذي سعى بالتوازي مع المبعوث الأمريكي لليمن، تيم ليندركينغ، لوقف إطلاق نار باليمن بجولات مفاوضات مكثفة مع الحوثيين، احتضنتها عمان بالربع الأول من 2021، لكنها أخفقت في المحصلة حتى الآن.
ويورد المحور أيضاً أحداث التصعيد العسكري الذي غيّر طبيعة الحرب في البلد نتيجة تغيّر موازين القوة على الأرض، خاصة في شمال اليمن بعد سقوط عدة محافظات ومدن بيد الحوثيين، واقتراب الجماعة من مدينة مأرب، المعقل الأخير للحكومة اليمنية في شمال اليمن، بعد سيطرة الحوثيين على 12 مديرية فيها من أصل 14. 
بالإضافة للاختراق العسكري الوحيد لأراضي الجنوب منذ عام 2015، عقب استيلاء الجماعة على ثلاث من مديريات محافظة شبوة دون قتال. كذلك يتطرّق إلى أبرز الأحداث "الإرهابية" الي استهدفت القوات الأمنية الجنوبية من قبل تنظيم القاعدة، فضلا عن التفجيرات الدموية التي استهدفت مسؤولين محليين في العاصمة عدن.
المحور الاقتصادي، والذي يوثّق انهيار الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية بدءا من قيمته في يناير 2021 بـ 730 ريال لكل دولار أمريكي، متجاوزا في منتصف ديسمبر حاجز الـ 1700 لكل دولار، قبل أن يبدأ تحسنّا تدريجيا تزامنا مع تعيين إدارة جديدة للبنك المركزي في عدن. قاد هذا الانهيار المطّرد على إلى ارتفاع الأسعار بشكل مهوّل، لا سيَّما أسعار الغذاء، مثل القمح الذي كان سعر الكيس منه (50 كيلو جرام)، لا يتعدى 15 ألف مطلع العام، ليبلغ بنهايته 45 ألف، وأسعار الوقود التي تضاعفت أيضاً خلال العام بشكل غير مسبوق.
و من المتوقع أن يصل عدد الجوعى في اليمن إلى 16 مليون شخص هذا العام. وبالفعل يشارف ما يقرب من 50 ألف شخص على الموت جوعا مع عودة ظهور أوضاع تشبه المجاعة في بعض مناطق اليمن للمرة الأولى منذ عامين. ولا يفصل 5 ملايين شخص آخر عن المجاعة سوى خطوة واحدة.
و يُتوقع أن يعاني حوالي 2.3 مليون طفل تحت سن الخامسة في اليمن من سوء التغذية الوخيم خلال العام الحالي. من بين هؤلاء الأطفال، 400 ألف طفل قد يموتون إذا لم يتلقوا العلاج بصورة عاجلة. هذه الأرقام تشير إلى أعلى معدلات لسوء التغذية الحاد الوخيم في اليمن منذ تصاعد الصراع عام 2015.

شارك