"الإسلام المتخيل والنهضة المعاقة".. هاني نسيرة يحلل أزمة تصورات النهضة في الفكر العربي الحديث

الإثنين 27/ديسمبر/2021 - 11:09 ص
طباعة حسام الحداد
 
في إصداره الجديد نشر الكاتب والمفكر المصري د. هاني نسيرة كتاب "الإسلام المتخيل والنهضة المعاقة.. أزمة تصورات النهضة في الفكر العربي الحديث"، والذي يحاول فيه تفكيك معضلة النهضة في العالمين العربي والإسلامي، والتي لا يراها نهضة فاشلة كما يرى كثيرون غيره من الكتاب والمفكرين العرب المعاصرين، ولكن يراها نهضة معاقة، نتيجة ولادة أغلب مفاهيمها في سياق الوعي التقليدي والإسلامي المتخيل، الذي يفرغ حداثتها من مضامينها بدءا من مفهوم الدولة نفسه إلى مفهوم الوطن والأمة والدستور وغيره من مفاهيم الحداثة التي يناقشها هذا الكتاب المهم، الذي لا يرى مشكلة في الحداثة أو في التراث، ولكن في وعينا بكليهما. 
يبحر هاني نسيره في كتابه الجديد في حفريات المفاهيم والتصورات الرئيسية للنهضة في العصر الحديث، وتطوراتها وتاريخ مساراتها ومعوقاتها، مفسرا كيف كانت كثير من مفاهيم النهضة العربية قابلة للإزاحة والتهميش، وفق تصورات وتأويلات إسلامية – أو إسلاموية – وأيدولوجية وشعبوية متخيلة، قد لا تتعارض معها في الحقيقة، ولكن بقيت مؤثرة لرسوخها في الوعي عبر التاريخ. 
ينقسم الكتاب إلى خمسة فصول: 
 الأول: بعنوان "النهضة المعاقة وتحولات الخطاب العربي في العقد الأخير" ويتناول فيه الكاتب ولادة سؤال النهضة ومفاهيمها في العالم العربي الحديث وإشكالاته والوعي به، متتبعا تطور مفهوم الوطن والدولة والدستور والمواطنة وغيرها في وعي العرب الحديث ، ثم بحث تحولات الخطاب العربي بعد انتفاضات عام 2011 وكيف أثر حدثها على الوعي العربي العام وعلى الموقف من الحداثة ومن التراث والمقدس في آن واحد.
 أما الفصل الثاني فجاء عنوانه "أزمة التصورات في الفكر العربي المعاصر: إشكالات الفهم وهشاشة التأصيل" وكشف فيه الكاتب أزمة التصورات الرئيسية للنهضة وغياب الوعي التاريخي، وبخاصة إشكالية الحكم والخلافة بعد النبي وحجج الإصولية الإسلامية المعاصرة، أو الإسلامية المتخيلة في التعاطي معها، وإشكالية وجود مبادئ للحكم في القرآن والحديث، كذلك تناول مسألة غياب مفردة ومفهوم الدولة عند المسلمين، ومفهوم الدولة وأزمته بين القديم والحديث في وعي العرب الحديث، وكيف اختزل مفهوم الدولة في السلطة واختزلت الاخيرة في القوة، وتم تفريغ كثير من مفاهيم الحداثة ودولتها من مضامينها مع الوقت بفضل هذا التشويش المبكر.
وجاء الفصل الثالث بعنوان "صراعات تصوري الأمة والوطن في الفكر العربي الحديث" واستعرض فيه نسيره الصراع بين تصوري الأمة والوطن، كما رصد تصور الوطن في الفكر العربي الحديث، وفي الإسلام السياسي المتخيل وصراع الأمة والوطن لدى التيارات الأيدولوجية المختلفة. 
وجاء الفصل الرابع بعنوان "إشكالات تصور الدولة في الفكر العربي الحديث بين الحاكمية والحداثة" فيتطرق فيه الكاتب إلى التفسير السياسي للإسلام والهروب من التاريخ، وبداياته موجات نقده في الفكر الإسلامي الحديث، بدءا من الهندي وحيد الدين خان( توفي سنة 2020) الى أبي الحسن الندوي إلى غيرها، ومصادر تشوش الحاكمية  وتأثيرها على الإيمان بالديموقراطية واصطناع تعارضهما.
وأخيرا جاء الفصل الخامس تحت عنوان "الإسلام السياسي وسؤال العلمنة بين التجربة والفرصة" ليتناول الموقف من التعددية الحزبية والسياسية، في برامج الإسلاميين السياسية وسؤال علمنة الإسلام، كما بحث أسباب تراجع جاذبية الإسلام السياسي بعد الربيع العربي، والمعلوماتية وتحدي الوصابة الإصولية، إضافة إلى صراع الأجيال داخل جماعات التطرف وحصاد الحكم الأصولي وتعرية التجربة، وأزمة علاقة المقدس بالحداثة والثورة المعلوماتية المعاصرة، في الوعي العربي الحديث. 
يمثل هذا الكتاب سبحا مهما في مجال المفاهيم وتاريخها وتأثير الوعي العام في مسألة النهضة، مما يجعله متكاملا، فهو ليس فقط بحثا عن النهضة وليس فقط بحثا في أزمتها، كما سعت وتسعى دراسات سابقة، ولكنه يشمل وعي بالتحولات والمسارات والمنعطفات، ويجمع بين الفكري والفلسفي والتاريخي والسياسي، ويكشف المرحلة الراهنة بالخصوص بد ما عرف بثورات الربيع العربي سنة 2011 ومعالمها وتأثيراتها الفكرية والمعرفية في آن واحد. 

شارك