بوابة الحركات الاسلامية : عماد عفت.. شيخ الثائرين (طباعة)
عماد عفت.. شيخ الثائرين
آخر تحديث: الخميس 16/12/2021 09:13 ص حسام الحداد
الشيخ عماد الدين أحمد عفت (15 أغسطس 1959 - 16 ديسمبر 2011) أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية. ولد في الجيزة في 15 أغسطس 1959 واستشهد في الجمعة 16 ديسمبر 2011 في أحداث مجلس الوزراء.
"من لم يرَ ميدان التحرير هذه الأيام لم ير مصر، وأنه محروم " بتلك الكلمات اختصر الشيخ حبه الشديد للميدان ولأيام الثورة التي طالما كنا نحلم بحدوثها ونتمناها، فلم يكن التحرير بالنسبة للشيخ الثائر مجرد ميدان للتظاهر فقط، ولكنه كان جنة يعشقها، وقد قال عنه قبل أيام قليلة من استشهاده "إني لأشم رائحة الجنة من على بعد ميدان التحرير"، وظل الشيخ مدافعا عن الميدان في أيام الثورة، و خاصة يوم معركة الجمل، ورفض الشيخ الثائر مغادرة الميدان، وأصيب بطلقات خرطوش في أنحاء متفرقة من جسده" .

المؤهلات العلمية:

حصل علي ليسانس اللغة العربية من كلية الآداب جامعة عين شمس عام 1991
    ليسانس الشريعة الإسلامية من كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بالقاهرة بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف عام 1997
    دبلومة الفقه الإسلامي العام من كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بالقاهرة عام 1999* دبلومة الشريعة الإسلامية من كلية دار العلوم بالقاهرة.

الوظائف:

باحث فقهي بدار التأصيل للدراسات الشرعية.
باحث شرعي في شركة العالمية للبرمجيات صخر.
مُراجِع للكتب الدينية.
مُدخِل للبيانات على الحاسب الآلي.
عمل رئيساً للفتوى المكتوبة بدار الإفتاء المصرية منذ عام 2003.
عمل مديراً لإدارة الحساب الشرعي بدار الإفتاء المصرية وعضو لجنة الفتوى بها.

موقفه من شباب الاخوان:

للشيخ الثائر مواقف سياسية معلنة، فقبل استشهاده بأيام وتحديداً في الثالث من شهر ديسمبر، وجه رسالة شديدة اللهجة إلى شباب الإخوان لعدم مشاركتهم مع شباب الثورة في أحداث مجلس الوزراء، قائلًا " إن أشخاصا من عموم الناس الذين ليس لهم انتماءات حزبية ولا فكرية نزلوا لنصرة المظلومين بدافع ديني أو بدافع أخلاقي أو بدافع إنساني، وباتوا يحرسون ميادين التحرير، وأنتم بِتم مقيدين بمواقف قادة الجماعة واستجبتم لها حتى قبل أن يخرج بيان منهم يبرر قعودهم، وهذه هي الطاعة المذمومة التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان: طاعة لمجهول في غير مشروع، ظلمات بعضها فوق بعض، جمعت حَشَفًا وسوءَ كيلة، ولسان حالكم يقول: ما دامت الجماعة قد اتخذت هذا الموقف فقد صَدَقَت! "
و في تعليق للشيخ على بعض ممن استخف واستهزأ بقيام والدة خالد سعيد بتعزية والدة مينا دانيال، مدعين أن ذلك "حرام شرعا"، قال لهم "أنا شخصيًّا مدين للثوار ومنهم مينا دانيال بالحرية والخلاص من مبارك وجماعته، وكل ما منّ الله تعالى علينا به في هذه الثورة المباركة، ولا أستطيع شكر الله تعالى حتى أشكرهم جميعا، كم كنت أصحو وأنام وأنا أنتظر اليوم الذي نستيقظ فيه على خبر موت مبارك، بغض النظر عمن يخلفه بعد ذلك."
و مع إعلان الشباب للاعتصام أمام مجلس الوزراء، كان يذهب الشيخ إلى عمله في دار الافتاء صباحا ثم يخلع جبته وعمامته بعد ان ينتهى من عمله ليتوجه الى ميدان التحرير ليشارك في الاعتصام، واستشهد الشيخ برصاصتين غادرتين أثناء فض الاعتصام.

بداية الأحداث:

بدأت الأحداث مع فجر يوم 16 ديسمبر 2011 عندما تم اختطاف أحد المعتصمين من قبل القوات العسكرية المتمركزة داخل مجلس الوزراء لتأمينه والاعتداء عليه بالضرب المبرح ثم إطلاق سراحه،  ما أدى إلى تأجيج الغضب وبدء المناوشات والاشتباكات بين قوات الأمن والمعتصمين.
وقد أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بيانًا يوضح فيه الأحداث ويلقي باللائمة على بعض المعتصمين لاعتدائهم على ضابط يؤدي واجبه اليومي المعتاد في المرور على عناصر التأمين في داخل وخارج مجلس الشعب، مما أثار حفيظة عناصر الخدمة بالتدخل لفض الحدث، وانتهى الأمر إلى عودة الضابط إلى مقره بمجلس الشعب، وأضاف البيان أن هناك مجموعات من الأفراد والمتظاهرين التي تجمعت على مدار اليوم، وقامت بالتعدي على المنشآت الحيوية، والتراشق بالحجارة وأعيرة الخرطوش وزجاجات المولوتوف، ما أسفر عن هدم أحد أسوار مجلس الشعب في محاولة لاقتحامه، بالإضافة إلى تعرض بعض أجزاء مجلس الشورى إلى التدمير وإصابة العديد من الأفراد، وأكد البيان أن عناصر التأمين لم تقم بأي عمل لفض الاعتصام، أنه يجري التواصل مع بعض العناصر الشبابية التي تشارك في الحفاظ على تأمين واستقرار هذه المنطقة، كما أكد التزام عناصر التأمين بضبط النفس لأعلى درجة ممكنة وعدم التعدي على المواطنين أو المعتصمين أو المتظاهرين.

تطور الأحداث:

استمرت الاشتباكات بين كر وفر طوال يوم الجمعة 16 ديسمبر 2011 حيث استخدمت قوات الجيش خراطيم المياه والهراوات وتبادلت إلقاء الطوب والحجارة علي المتظاهرين، ما أدى إلى إصابة عشرات المتظاهرين، وقد أظهرت الكثير من لقطات الفيديو  قوات الجيش وهي تقوم بإلقاء الطوب والحجارة على المتظاهرين وترشهم بخراطيم المياه.
كانت حصيلة المصابين المعلنة حتي مساء الجمعة 16 ديسمبر 255 مصابًا وثلاثة قتلى. كما قتل في مكان الأحداث الشيخ عماد عفت، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية

وفاته:

استشهد الشيخ عماد عفت في أحداث مجلس الوزراء في يوم الجمعة 16 ديسمبر 2011 بعد إصابته بطلق ناري، و في يوم السبت الموافق17-12-2011، خرج الآلاف لتشييع جثمان إمام الثورة و شيخ الثوار من الجامع الأزهر، و زيّن شباب الثورة صورة الإمام برسم جرافيتي على حائط شارع محمد محمود واصفين بها الشيخ الثائر بالملاك الذى له جناحان، يحلق بهما في سماء الوطن ليعلوه حرية وكرامة إنسانية، كالتي كان ينادى بها دائما.
للشيخ الثائر أبيات شعر نظمها كدعاء يناجى به الله أملا في النجاة بالقرب من المولى، قائلاً : "وربِّ الضُّحى والليلِ يَسجُو ويَغشى.. لَسوفَ يُـرَضِّيكَ الإلـهُ ويَرضى... فـكــم مَـرّةٍ أَغـنـى الإلــهُ وأَقـــنـى.. فَسَلِّم لهُ الأَقدارَ تَنجُو وتَرضى".

رد فعل دار الإفتاء:

أعربت دار الإفتاء المصرية عن شديد أسفها وحزنها لما آلت إليه الأوضاع في المواجهات يوم الجمعة 16/12/2011، بمحيط مجلس الوزراء، ما أدى إلى وقوع متوفين منهم الشيخ عماد عفت أمين الفتوى بالدار.. مشددة على أن الإسلام حرم سفك الدماء وجعلها أشد حرمة من بيته الحرام، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لحرمة دم المسلم أشد عند الله من حرمة الكعبة".
ودعت دار الإفتاء في بيان مساء الجمعة الأطراف جميعا إلى الاحتراز من أن تلطخ أيديهم بدماء الأبرياء، مشددة على ضرورة فتح تحقيق فوري لمعرفة ملابسات 
الحادث الأليم الذى راح ضحيته أمين الفتوى بالدار ، مبينة أنها تدرس الإجراءات التي تتخذها لضمان ألا يضيع دم فقيدها هدرا.
كما تقدمت الدار بخالص العزاء لأسرة الفقيد، مؤكدة أنها تعزي نفسها والأمة كلها في فقد عالم فاضل وفقيه متميز من علماء الأزهر الشريف ، الذي كان دائما يسعي للصلح بين الناس ، ولقد تجددت بفقده الأحزان التي ذاقتها بيوت مصرية كثيرة استشهد أحد أبنائها.. مشيرة إلى أنها تحتسبه عند الله عز وجل من الشهداء.

شهادة زوجته:

في تصريح لزوجة الشيخ عماد عفت الصحفية (نشوى عبدالتواب)عقب وفاته، قالت إن زوجها ذهب إلى شارع مجلس الوزراء للتحدث مع المعتصمين في محاولة لاحتواء الموقف كشيخ وعالم دين، إلا أنه وفي أثناء وقوفه بجوار المتظاهرين فوجئ بطلق نارى (لم يستقر في صدره بل دخل وخرج في نفس الوقت) من مسدس أحد "المندسين" بين المعتصمين كان يقف إلى جواره.
وذكرت الزوجة نقلا عن شهود عيان كانوا بجوار زوجها أن هناك مندسين وسط الثوار معهم أسلحة نارية، في دليل صارخ على أن بعض الذين يهاجمون قوات الأمن، ممن يشعلون النار في منشآت الدولة، ويقتلون الأبرياء، ليسوا من المعتصمين وإنما هم مندسون بهدف الإشعال وتهييج الأوضاع، لا نعلم بالتحديد لمصلحة من يفعلون ذلك.
الشيخ عفت هو صاحب الفتوى الشهيرة بتحريم التصويت لفلول الحزب "الوطنى" المنحل وجميع أعضائه السابقين في مجلس الشعب، وكان قد استند في فتواه إلى أن "فلول الوطنى يرغبون في تدمير مستقبل مصر بنشر الرشاوى والمحسوبيات ثانية"، وقال الشيخ: "إن من يمنحهم صوته يساعدهم على الوصول إلى المنصة التشريعية".
لم يفتِ الرجل بأكثر مما أملى عليه علمه وضميره تجاه الذين أفسدوا حياة المصريين السياسية والاقتصادية والصحية والاقتصادية والإعلامية على مدار ثلاثة عقود، لكن وعلى ما يبدو كان لفتواه نصيب ليس قليلا من بين الأسباب الداعية لقتله. طبعا مع عدم التقليل من دوره كمصلح بين المشتبكين خاصة وقد تكررت هذه الجهود للإصلاح وكنا قد رأيناها من شيوخ الأزهر خلال أحداث شارع محمد محمود، لكنها ما كانت تنجح في تهدئة الأوضاع والفصل بين المتظاهرين ورجال الأمن حتى يندس مشعلوها من جديد حتى تعود لسابق عهدها في الاشتعال. لكن يبدو أن عمليات الإشعال كانت تكلف هؤلاء المندسين الكثير فرأوا التخلص من هذا الصوت الذى أدمن إطفاء حرائقهم.

موقف الإخوان والسلفيين:

اتفقت القوى الإسلامية على عدم النزول إلى ميدان التحرير للمشاركة في اعتصام مجلس الوزراء، واعتبرت قيادات إسلامية أن مشاركتهم في الأحداث ستؤدى إلى تصعيد الموقف وتعطيل اجراء الانتخابات كما اعتبروا أن "المفسدة الأعظم" هي تعطيل عملية تسليم السلطة. من ناحيته، قال الدكتور محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد والمتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين وقتها، إن أسباب عدم نزول الجماعة إلى اعتصام مجلس الوزراء هي نفس الأسباب التي دعتها من قبل إلى عدم النزول في أحداث شارع محمد محمود، حيث أشار إلى أن مشاركة الإخوان في الأحداث قد تؤدى إلى مزيد من التصعيد أو إلغاء الانتخابات.
في الوقت نفسه تجاهلت جماعة الدعوة السلفية أحداث مجلس الوزراء ولم تصدر أى بيان للتعليق عليها، فيما اكتفي حزب النور "السلفي" بتصريح مقتضب على لسان نادر بكار المتحدث الإعلامي باسم الحزب، أكد فيه أن الحزب سيصدر بياناً بخصوص المجلس الاستشاري وأحداث مجلس الوزراء، وأن الدكتور عماد عبد الغفور رئيس الحزب توجه على رأس مجموعة من الأعضاء إلى ميدان التحرير للمطالبة بحقوق الثوار والشهداء المشروعة، وأشار إلى أن الحزب يتوجه بالعزاء لكل ضحايا أحداث العنف.
والجدير بالذكر هنا ان جماعة الاخوان والدعوة السلفية لم يرسلوا من يمثلهم لحضور جنازة الشيخ عماد عفت بينما من كان داخل الجامع الأزهر ينتظر تشييع الجنازة هم رهبان وقساوسة.

أقباط مصر يتصدرون الجنازة:

شارك أقباط وحركات قبطية بالألاف في تشييع جنازة شهيد دار الإفتاء الشيخ عماد عفت، وعبر الأقباط عن غضبهم في استمرار، سفك دماء المصريين والاعتداء عليهم، مطالبين بسرعة إجراء تحقيق عادل. وقال القس فلوباتير جميل كاهن كنيسة العذراء بفيصل إنه جاء ليشارك بجنازة شقيقه في الكفاح نحو الوطن الشيخ عماد عفت، مؤكدا أن هذه جنازة لكل المصريين لأن الدماء لا تفرق بين مسلم ومسيحي لأن جميعهم في طريق واحد من أجل تحقيق السلام والعدالة الاجتماعية. مؤكدا أنه يشارك اليوم كمواطن مصري من أجل شهيد مصري وأنه شاهد هذه الروح عندما تضامن المسلمون في تشييع شهداء ماسبيرو، وقال كمال زاخر منسق جبهة العلمانيين للأقباط إن اليوم هو جنازة يشارك فيها جميع المصريين من أجل الكرامة الإنسانية، والرد على الانتهاكات التي قام بها المجلس العسكري ضد المتظاهرين وأنه من المؤسف أن يسقط أحد شيوخه الأزهر الشريف دون أي ذنب اقترفه، مؤكدًا أن المصريين لم يسكتوا قبل تحقيق عادل في الأفعال التي ارتكبها الجيش مع المتظاهرين بداء من أحداث ماسبيرو حتى أحداث مجلس الوزراء. شارك اتحاد شباب ماسبيرو في الجنازة والحركات السياسية التي هتفت بإسقاط المشير، ورحيل المجلس العسكري مطالبين بتقديم المسئولين عن قتل المصريين إلى محاكمات عاجلة.