هناك العديد من رجال المذهب الزيدي على مر التاريخ منذ مؤسس المذهب على يدي الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وحتى العصر الحديث.
زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
ولادته
ولد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بالمدينة المنورة سنة 66 أو 67 هجرية.
علمه ومناظراته
نشأ في حجر أبيه الإمام السجاد، وتخرج على يده وعلى يد الإمامين الباقر والصادق، ومنهم أخذ لطائف المعارف وأسرار الأحكام، فأفحم العلماء وأكابر المناظرين من سائر الملل والأديان .
ويقول عنه أبو حنيفة: شاهدت زيد بن علي كما شاهدت أهله، فما رأيت في زمانه أفقَه منه ولا أسرع جواباً ولا أبيَن قولا.
مدرسته
كان للإمام زيد مدرسة في العمل، وقصده كثير من علماء عصره للتعلم لديه وأخذ الأحاديث النبوية عنه، وسعيه في نشر ما تحمله عن آبائه الهداة من الفضائل والمواعظ والأحكام .
وتتلمذ أبو حنيفة على يد الإمام زيد بن علي بن الحسين مدة سنتَين، كما أخذ العلم أخذ الطريقة من الإمام الباقر والإمام الصادق.
موقفه من الإمامة
للإمام زيد بن آل علي بن الحسين، موقف واضح حول الإمامة، ظهر ذلك جليا في رسالة إلى الأمة حينما سأله العلماء عن الأئمة الذين يلون الخلافة، فقال الإمام زيد في رسالته التي وجهها إلى علماء الأمة: «فوالذي بإذنه دَعَوْتُكم، وبأمره نصحتُ لكم، ما ألتمس أَثَرَةً على مؤمن، ولا ظلماً لِمُعَاهد، ولوددت أني قد حميتكم مَرَاتع الهَلَكَة، وهديتكم من الضلالة، ولو كنت أوْقِدُ ناراً فأقذفُ بنفسي فيها، لا يقربني ذلك من سخط الله، زهداً في هذه الحياة الدنيا، ورغبة مني في نجاتكم، وخلاصكم، فإن أجبتمونا إلى دعوتنا كنتم السعداء والمَوْفُوْرين حظاً ونصيباً»، وهو يوضح صراحة بالبراءة من دعوى الإمامة.
موقف الإمام زيد بن علي من الخليفتين(أبوبكر وعمر):
كان للإمام زيد موقف قوي وحاسم في قضية خلافة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب، عندما بايعه ناس كثير من أهل الكوفة، طلبوا منه أن يتبرأ من أبي بكر وعمر لينصروه فقال: كلا بل أتولاهما "ما سمعت أحداً من آبائي تبرّأ منهما، ولا يقول فيهما إلاّ خيراً"، فقالوا: إذن نرفضك. فقال: اذهبوا فأنتم الرافضة. فسموا رافضة من حينئذ.
فصاحوا بأجمعهم: إنك لم تطلب بدم أهل هذا البيت إلاّ أن وثبا على سلطانكم فانتزعاه من أيديكم. فقال زيد: إن أشد ما أقول فيما ذكرتم أنّا كنا أحق بسلطان رسول الله صلّى الله عليه وآله من الناس أجمعين، وإن القوم استأثروا علينا ودفعونا عنه ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفراً، قد وُلوا فعدلوا في الناس أجمعين، وعملوا بالكتاب والسنة، فقالوا له: إذا لم يظلمك أولئك فلِم يظلمك هؤلاء، فلم تدعو إلى قتال قوم ليسوا لك بظالمين؟ فقال: إن هؤلاء ظالمون لي ولكم ولأنفسهم؛ وإنما ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلّى الله عليه وآله وإلى السنن أن تُحيى وإلى البدع أن تُطفأ، فإن أنتم أجبتمونا سُعدتم وإن أنتم أبيتم فلست عليكم بوكيل". ففارقوه ونكثوا بيعته. فتبرأ زيد منهم وصاح: فعلوها حسينية. ولما بلغ الصادق عليه السّلام حديثهم معه تبرأ منهم؛ وقال: برئ الله ممّن تبرّأ من عمّي زيد. وقال لجماعة من أهل الكوفة سألوه عن زيد والدخول في طاعته: (هو والله وخيرنا)، فكتموا ما أمرهم به وتفرقوا عنه.
ثورته:
دعا الإمام زيد إلى الثورة على هشام بن عبد الملك؛ لِما اشتهر به من الفسق عند غالبية أهل عصره، فكان لا بد من تغيير الأوضاع الفاسدة، وإحياء الشريعة وفق كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، كما كان لا بد أن يعيد الإمام زيد للدولة الإسلامية طابعها الديني، وذلك باللجوء إلى قوة السلاح في سبيل نشر العدالة الاجتماعية من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ إن الأحوال في عهد الأمويين ساءت بشكل كبير.
وذكرت الكتب أنه من أهم أسباب الثورة على حكم بني أمية السياسة الظالمة التي انتهجها هشام بن عبد الملك عقب فرض ضرائب إضافية، كالرسوم على الصناعات والحرف وعلى من يتزوج، أو يكتب عرضاً .
وقام بإرجاع الضرائب الساسانية، التي تُسمى هدايا النيروز، وكان في بعض الأحيان يترك للولاة جميع ما تحت أيديهم من الأموال التي يجمعونها من الضرائب وغيرها، وعلى سبيل المثال ترك الخليفة لواليه على خراسان مبلغ عشرين مليون درهم، وضمها الوالي لأمواله الخاصة وأخذ يتصرف بها كيف يشاء وهي من أموال المسلمين .
هذه صورة مصغرة عن الوضع الاقتصادي المتدهور وسوء توزيع الثروة المخالف لمبادئ الإسلام وقوانينه، بالإضافة إلى الظلم السياسي والقتل والإرهاب .
كُل ذلك دعا زيد إلى الثورة ضد هشام بن عبد الملك، واختار الكوفة منطلقاً لثورته ودعا المسلمين لمبايعته، فأقبلت عليه الشيعة وغيرها تبايعه حتى بلغ عددهم من الكوفة فقط خمسة عشر ألف رجل .
وقد تحدث زيد حين عد نفسه لقياده الأمة والثورة على الحكم الأموي، حيث قال: "والله ما خرجت ولا قمت مقامي هذا حتى قرأت القرآن وأتقنت الفرائض وأحكمت السنة والأدب وعرفت التنزيل، وفهمت الناسخ والمنسوخ والمحكم وما تحتاج إليه الأمة في دينها مما لا بد منه ولا غنى عنه وإني لعلى بينة من ربي".
علق الكثير آمالهم على ثورة زيد، وكانوا يلحون عليه بالإسراع في ذلك، ولكنه لم يعلن الثورة من أجل أن يتولى الخلافة والإمامة بنفسه؛ لأنه كان يعرف إمامه، بل كان يدعو إلى الرضى من آل محمد طالباً الإصلاح في أمة جده التي أذاقها الأمويون الظلم والجور، إلا أنه قُتل في سبيل ذلك في الكوفة سنة (121 هـ)، وأمر الخليفة هشام بإخراج جثته من قبره وصلبه عرياناً .
مؤلفاته:
مجموع الإمام زيد ويشتمل على المجموع الفقهي والحديثي (مسند الإمام زيد).
ومن تلك الكتب والرسائل:
1 ـ مجموع الإمام زيد الفقهي والحديثي، وهو مطبوع باسم "مسند الإمام زيد".
2 ـ تفسير غريب القرآن، طبع مؤخراً بتحقيق الدكتور حسن محمد الحكيم.
3 ـ مناسك الحج والعمرة، طبع في بغداد.
4 ـ مجموع رسائل وكتب الإمام زيد، وهو الآن تحت الطبع ويحتوي على:
(1) رسالة الإيمان، وتشتمل على شرح لمعنى الإيمان والكلام على عصاة أهل القبلة.
(2) رسالة الصفوة، وتشتمل على تعريف صفوة اللّه من خلقه والكلام عن أهل البيت وأن اللّه اصطفاهم لهداية الناس.
(3) رسالة مدح القلة وذم الكثرة، وتشتمل على مناظرة جرت بينه وبين أهل الشام في القلة والكثرة، وجمع فيها كثيراً من آيات القرآن الدالة على مدح القلة وذم الكثرة.
(4) رسالة تثبيت الوصية، وتتضمن استدلالات على أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أوصى لعلي عليه السلام بالخلافة من بعده.
(5) رسالة تثبيت الإمامة، وتتضمن استدلالات على أن عليًّا عليه السلام كان أولى الناس بالخلافة بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم.
(6) رسالة إلى علماء الأمة، وهي الرسالة التي وجهها إلى العلماء يدعوهم فيها إلى القيام بمسئولياتهم وتأييده في ثورته.
(7) رسالة الرد على المجبّرة، وهي عبارة عن بضع صفحات أوضح فيها موقفه من القدر، وضمنها ردًّا على غلاة المجبّرة.
(8) رسالة الحقوق، وهي عبارة عن نصائح وتعاليم خُلُقِيَّة وجهها إلى أصحابه ومن بلغته من المسلمين.
(9) مناظرة لأهل الشام في مقتل عثمان والقلة والكثرة.
(10) الرسالة المدنية، وهي عبارة عن أجوبة أسئلة وردت إليه من المدينة.
(11) مُجَمَّع يشتمل على بعض مناظراته وأجوبته وخطبه وأشعاره ورسائله وكلماته القصيرة.
(12) الرسالة الشامية، وتتضمن إجابات على استفسارات لأحد أصحاب الإمام زيد بعث بها من الشام.
(13) جواب على واصل بن عطاء في الإمامة.
(14) مجموعة من الأشعار والأدعية المنسوبة إليه.