بوابة الحركات الاسلامية : شكري بلعيد.. الاغتيال برصاص "الإرهاب" (طباعة)
شكري بلعيد.. الاغتيال برصاص "الإرهاب"
آخر تحديث: الجمعة 26/11/2021 10:30 ص حسام الحداد
شكري بِلعيد (26 نوفمبر 1964 - 6 فبراير 2013)، سياسي ومحامٍ تونسي، وهو عضو سابق في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي والأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد، وأحد مؤسسي تيار الجبهة الشعبية وعضو مجلس الأمناء فيها. كان من أشدّ المنتقدين لأداء الحكومة الائتلافية في تونس. وهو يتبع التيار الماركسي اللينيني، اُغتيل أمام منزله من قبل "داعش"، الأمر الذي أتبعه مظاهرات عارمة بالبلاد وإعلان الاتحاد العام التونسي للشغل عن الدخول في إضراب عام يوم الجمعة التي تلت اغتياله.

النشأة والمسيرة:

ولد في جبل الجلود بولاية تونس لصالح بلعيد الذي ولد في منطقة سيدي عبيد من معتمدية بوسالم من ولاية جندوبة، درس الحقوق بالعراق وأكمل تعليمه في جامعة باريس. كان معارضا لنظام الحبيب بورقيبة الذي قام بسجنه لفترة ولنظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، كما قام بقيادة أول مسيرات تندّد بالحرب الأمريكية على العراق. وقد دافع عن المحكومين في أحداث الحوض المنجمي في قفصة في 2008 وعن مساجين تابعين للسلفية الجهادية. كان الناطق الرسمي والمنسق العام لحركة "الوطنيون الديمقراطيون"، ترشح في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي على رأس قائمة مشتركة مع حزب الطليعة العربي الديمقراطي تحت اسم ائتلاف الكرامة إلا أنه تحصل فقط على 0.63% من الأصوات، اُنتخب أمينا عاما لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد في 2 سبتمبر 2012، ثم ساهم بفعالية في تأسيس الجبهة الشعبية لاستكمال أهداف الثورة وهي جبهة تجمع أحزاب اليسار الماركسي والقومي.

اغتياله:

اغتياله في 6 فبراير 2013 قتل أمام منزله بأربع رصاصات كانت واحدة بالرأس وواحدة بالرقبة ورصاصتين بالصدر، مما خلف العديد من ردود الفعل حول هوية القاتلين اللذين استهدفانه  حال خروجه من منزله بالمنزه السادس بولاية أريانة، وفي سبتمبر 2014 اتهم عمر صحابو الإعلامي والسياسي التونسي حزب نداء تونس بقتل الشهيد من خلال صفحته الخاصة بفيس بوك.
وتبنى جهاديون تونسيون قالوا إنهم انضموا إلى تنظيم "داعش"، في تسجيل فيديو أشارت إليه وكالات الأنباء، اغتيال المعارضين التونسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013، وقال أبو مقاتل "نعم يا طواغيت، نحن من اغتلنا شكري بلعيد ومحمد البراهمي"، وأبو مقاتل جهادي مطلوب لدى السلطات التونسية بتهمة الضلوع في الهجوم في شباط/فبراير يوليو 2013 على المعارضين الاثنين، وهذا أول اعتراف علني باغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين كانا من المعارضة العلمانية أثناء فترة حكم حركة النهضة الإسلامية.
وأفادت وزارة الداخلية التونسية أن أبو مقاتل، واسمه الحقيقي هو أبو بكر الحكيم، عنصر "إرهابي". وبدا الجهادي في الفيديو محاطا بثلاثة مسلحين آخرين بلباس عسكري. وتوعد أبو مقاتل باغتيال آخرين "دامتتونس لا يحكمها الإسلام"، داعيا التونسيين إلى مبايعة تنظيم "الدولة الاسلامية".
وانضم 2000 إلى 3000 تونسي إلى المجموعات المتشددة ومن بينها تنظيم "الدولة الاسلامية" من أجل القتال في سوريا والعراق، بحسب حصيلة رسمية للسلطات التونسية التي تخشى أن تؤدي عودة بعض هؤلاء إلى زعزعة استقرار البلاد. وتشهد تونس منذ ثورة يناير 2011 تصعيدا للهجمات المنسوبة إلى الحركة الجهادية والتي قتل فيها العشرات من قوى الأمن إلى جانب المعارضين الاثنين.
ولقد اتهم بلعيد في آخر مداخلة تلفزيونية له يوم 5 فبراير 2013 على قناة نسمة الخاصة حزب النهضة بالتشريع للاغتيال السياسي بعد ارتفاع اعتداءات رابطات حماية الثورة التي تتهم بكونها الذراع العسكري للنهضة.

ردود الفعل التونسية:

قد عقدت المكاتب التنفيذية لعدة أحزاب تونسية منها حزب حركة نداء تونس اجتماعات لتقرير مواقف أحزابها من الحادثة. قام عديد من المتظاهرين بمسيرة في شارع الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة مرددين شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" وصارت مناوشات بين المتظاهرين وقوات الأمن في أحياء تونس العاصمة مما أدى لمقتل ناظر الأمن لطفي الزار وجرح آخرين من أعوان الأمن. وقامت مظاهرات في عدة مدن تونسية أخرى تنديدا بمقتل بلعيد وتم في 6 فبراير حرق عدة مقرات لحركة النهضة منها مقرات الجهوية للحركة في ولايات المنستير وسوسة والكاف وقفصة. و يوم الحادث طالب المجلس الوطني التأسيسي في بلاغ إثر احتماع مطول لمكتبه بالكشف عن المتورطين في الحادثة. وقررت الهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل عقب جلسة استثنائية في 7 فبراير إلى إضراب عام الجمعة 8 فبراير وإقامة جنازة وطنية لبلعيد وجعله يوم حداد. وقررت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين يوم 8 فبراير يوم إضراب للصحفيين. ودعا مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي إلى إعلان الحداد يوم 8 فبراير.
كما دعا الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في بيان أصدره في 7 فبراير الصناعيين والتجار وأصحاب المهن والحرف ومسديي الخدمات إلى القيام بوقفة سلمية مساء 8 فبراير. وتعطلت الدروس بجميع المعاهد الثانوية والمدارس الإعدادية والابتدائية بولاية سيدي بوزيد يوم مقتل بلعيد. وفي 7 فبراير عمد محتجون خرجوا في مسيرة من أمام مقر حزب الوطنيين الديمقراطيين (الوطد) بصفاقس وحاولوا اقتحام مقر ولاية صفاقس بعدما  قاموا بمحاولة اقتحامها في 6 فبراير. وفي 7 فبراير 2013 حلت رابطتا حماية الثورة المحلية والجهوية بمعتمدية سليانة وبولاية سليانة نفسيهما درءا لكل الفتن. وألغت الخطوط الجوية التونسية رحلاتها من وإلى تونس يوم 8 فبراير بسبب الإضراب العام في البلاد. وقال مفتي الجمهورية التونسية عثمان بطيخ في بيان أصدره في 7 فبراير أن قتل النفس البشريّة جريمة تأباها كل الأديان والأعراف والقوانين وتراجع مؤشر بورصة تونس للأوراق المالية توناندكس بأكثر من 3 بالمئة خلال تعاملات صباح الأربعاء 6 فبراير عقب اغتيال بلعيد، وتدنى مستوى المؤشر إلى مستوى أقل من المستوى الذي كان عليه أواخر 2012. وقالت ليلى خياط سيدة الأعمال والرئيسة الشرفية للمنظمة العالمية لسيدات الأعمال وقائمة بمهمة لدى المؤسسات الدولية أن عملية الاغتيال كلفت تونس 400 مليون دينار بسبب الإضرابات وإلغاء حجوزات السياحة وسحب وإلغاء الاستثمارات.
ألقى حمادي الجبالي  رئيس الحكومة التونسية كلمة للشعب التونسي أكد خلالها على تشبثه بمبادرته حول تشكيل حكومة خالية من الأحزاب.
وقُدّم 1200 طلب لجوء سياسي من قبل تونسيين خلال الأربعة أيام التي تلت اغتيال شكري بلعيد وقد كانت 53% من المطالب موجهة نحو دول الاتحاد الأوروبي و37% نحو الولايات المتحدة وكندا و8% نحو دول الخليج العربي.

ردود الفعل العالمية:

أدان الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند الحادث وقال أن مقتله سيحرم تونس من أحد الأصوات الشجاعة التي تدعو إلى الحرية في البلاد. وعبّر في بيان لقصر الإيليزيه عن تخوّفه من إمكانية تصاعد العنف السياسي في البلاد. وأعلنت السفارة الفرنسية في تونس أن المدارس الفرنسية بتونس ستغلق في 8 و9 فبراير.
 الأمم المتحدة: قالت في بيان لها أصدره المتحدث باسم الامين العام للامم المتحدة بان كي مون يوم 6 فبراير 2013 أن عملية الاغتيال سابقة خطيرة في تاريخ تونس.
وأدانت المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي في 6 فبراير اغتيال بلعيد وقالت أن بلعيد كان مدافعا عن حقوق الإنسان واغتياله يمثل ضربة للعملية الديمقراطية في البلاد.
وقالت سيسيل بويلي، من مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تونس إن اغتيال بلعيد له دوافع سياسية وقالت:
"نحن نشتبه أن الاغتيال قد ارتكب في بيئة من العنف السياسي المتزايد، فقد كان هناك العديد من الهجمات على مقرات الأحزاب السياسية والتجمعات، وقتل زعيم سياسي آخر في جنوب تونس في أكتوبر الماضي".
كما دعت كاثرين آشتون إلى معاقبة قاتلي شكري بلعيد.
وأدانت السفارة الأمريكية في تونس اغتيال بلعيد الذي وصفته "بالفعل الشنيع والجبان" وقالت أنه لا مكان للعنف السياسي في مرحلة الانتقال الديمقراطي بتونس.
كما قال وزير الخارجية الألماني أنه غمره شعور بالحزن والاشمئزاز عقب سماعه خبر اغتيال بلعيد.

الجنازة:

تم في 8 فبراير نقل جثمان شكري بلعيد من بيت والده بجبل الجلود إلى دار الثقافة بجبل الجلود التي انطلقت منها الجنازة نحو مقبرة الجلاز بتونس العاصمة وتم حمل نعش بلعيد على عربة عسكرية على الطريق الوطنية رقم 1 ورافقتها حشود من الناس ومروحيات عسكرية. تم دفنه في نفس اليوم بروضة الزعماء بمقبرة الجلاز بجانب الزعيم صالح بن يوسف في جنازة وطنية بناء على تعليمات رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي وتولى الجيش التونسي تأمين الجنازة برا وجوا.