بوابة الحركات الاسلامية : البطريرك صفير.. بين الدين والسياسة (طباعة)
البطريرك صفير.. بين الدين والسياسة
آخر تحديث: الخميس 23/12/2021 10:40 ص روبير الفارس
توفي  12 مايو 2019 البطريرك الماروني اللبناني السابق نصر الله بطرس صفير عن عمر ناهز 99عامًا.
ويبدو أنه ليس من السهل الكتابة عن بطريرك مثل البطريرك  نصر الله صفير البطريرك الماروني السادس والسبعون والذي ولد في  15 مايو 1920 وقدم استقالته لكبر سنه 2011 .
 فهو رجل دين ورجل سياسة له انحيازاته ومواقفه التي شكلت المشهد الطائفي في لبنان والمستمر حتى الان في تخبط واضح وكرجل دين. انتخب صفير  في 19 أبريل 1986 خلفًا لأنطون بطرس خريش وقاد الكنيسة المارونية خمسًا وعشرين عامًا حتى استقالته وقد خلفه منذ 25 مارس 2011 بشارة بطرس الراعي.

دراسته

أتم دروسه الابتدائية والتكميلية في مدرسة مار عبدا - هرهريا في عرمون بقضاء كسروان بالفترة ما بين 1933 إلى 1939، ثم دروسه الثانوية في المدرسة الإكليريكية البطريركية المارونية في غزير بكسروان وذلك من 1937 إلى 1939، وفي المعهد الاكليريكي الشرقي التابع للجامعة اليسوعية بالفترة من عام 1940 إلى 1943، وتابع دروسه الفلسفية واللاهوتية بالفترة من 1944 إلى 1950. درس صفير اللاهوت والفلسفة في لبنان. 1950  
درس الأدب العربي وتاريخ الفلسفة العربية والترجمة في مدرسة الأخوة المريميين في جونيه وذلك بالفترة من 1951 إلى 1961.سيم كاهناً، وعيّن خادما لرعيّة ريفون وأمين سرّ أبرشيّة دمشق (صربا اليوم) حتى 1956، حين عينه البطريرك المعوشي أمين سر البطريركية. رُفيّ للدرجة الأسقفية وعين نائباً بطريركياً عاماً في 16 يوليو 1961. وكان عضوًا في اللجنة الأسقفية عام 1974 التي سيّرت شؤون البطريركية بسبب مرض البطريرك المعوشي. وعندما انتخب بطريركًا عام 1986 كانت الحرب الأهلية اللبنانية في أشدّها خصوصًا إثر حرب الجبل. لعب البطريرك صفير دورًا بارزًا في السياسة اللبنانية، فهو أولاً غطى اتفاق الطائف مانحًا إياه الشرعيّة المسيحية عام 1989، وبالتالي ساهم البطريرك مع الرعاية الدولية المتمثلة بالولايات المتحدة والفاتيكان والرعاية العربية المتمثلة باللجنة الثلاثية التي كانت تضم السعودية والمغرب والجزائر بإنهاء الحرب الاهلية وحل المليشيات اللبنانية  ثم في عام 2000 رعى مصالحة الجبل مع وليد جنبلاط لإنهاء مفاعيل تهجير الجبل. كما أطلق في سبتمبر 2000 النداء الأول للمطارنة الموارنة الذين دعوا به لخروج القوات السوريّة من لبنان وهو ما تحقق في أبريل 2005 ما دفع عددًا من الباحثين لاعتباره "عرّاب ثورة الأرز". مواقف البطريرك السياسيّة المنسجمة مع بعض طروحات حركة 14 اذار أدت إلى توتر العلاقات مع بعض الأقطاب المارونية الأخرى في لبنان كتيار المردة والتيار الوطني الحر فيما أسموه "انحياز بكركي".- مقر البطريركية المارونية – 

انجازات كنسية

على الصعيد الكنسي إنجازات البطريرك عديدة أيضًا، فهو استحدث عددًا من الأبرشيات للاغتراب الماروني وأعاد تنظيم أبرشيات النطاق الأنطاكي(سوريا  )كما صدرت في حبريته نسخ جديدة لأغلب الرتب الطقسية المارونية، واسس عدد من المنظمات والجمعيات التي تعنى بالناحية الاجتماعية ومساعدة الفقراء ومحاربة البطالة . كذلك فقد انعقد تحت رعايته"المجمع البطريركي الماروني" الذي ختم أعماله عام 2006 وضمت توصياته أسس عمل الكنيسة في المستقبل

العلاقات الخارجية

على صعيد العلاقات الخارجية، كان للبطريرك علاقة مميزة مع المملكة الأردنية الهاشمية ودولة قطر ودولة مصر على وجه الخصوص، وكان له علاقات مميزة أيضًا مع الولايات المتحدة وفرنسا، أما بالنسبة إلى سوريا فقد كانت مواقف البطريرك من دورها في لبنان تؤثر سلبًا على العلاقة معها، وقد تمنّع عن زيارتها عدة مرّات مبررًا ذلك بالوضع الداخلي وبانعكاسات الزيارة على المعارضين للنفوذ السوري القائم آنذاك في لبنان.
بعد استقالته، ظلّ البطريرك مقيمًا في بكركي وعضوًا في مجمع أساقفة الكنيسة المارونية، متنحياً بالتالي عن رئاسة مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان وكذلك كاردينالاً للكنيسة الجامعة وهو اللقب الذي منحه إياه يوحنا بولس الثاني عام 1994.

مؤلفاته

من ينابيع الإنجيل: صدر في اليوبيل الفضي للسيامة الكهنوتية للمطران نصر الله صفير في 7 مايو 1975، وهو مختارات للعظات التي ألقاها في هذه أو تلك من كنائس الساحل والجبل وعلى مسامع مؤمنين لم يطلقوا الطفولة الروحية التي لا سبيل بدونها إلى دخول ملكوت السماوات، وتتميز هذه العظات بأناقة أدبية وعمق روحي قائم على بساطة الرسالة الإنجيلية.
وغابت وجوه (1961-1983) الجزء الأول: وهو كناية عن رقم بطريركية وعظات رثاء لوجوه غابت على مدى ربع قرن وقد شغل بعض أصحابها مناصب رفيعة، وعاش بعضهم الآخر مغمورًا، وقد أصبحوا جميعًا في حضرة الله الذي قادت خطاهم إليه الكنيسة المقدسة، ورافقتهم في الحياة بالإرشاد، وفي الممات وبعده بالصلاة وهم يرقدون الآن رقدتهم الأخيرة 
وغابت وجوه (1956-1974) الجزء الثاني: يضم عظات رثاء تنضح بالعمق الروحي وصناعة أدبية رفيعة لوجوه برز معظمها على الساحة السياسية أو الوطنية أو الاجتماعية أو الكنسية اللبنانية. ومن شأن هذه العظات أن تعطي صورة واضحة عن الشخصيات المرثية وعن مآثرها في الحقلين العام والخاص.
عظة الأحد، خواطر روحية ومواقف وطنية: يجمع العظات التي يلقيها كل أحد في الصرحين البطريركيين في بكركي والديمان والتي تضم قسمًا روحيًا يعلن فيه السيد البطريرك تعاليمه الكنسية وقسمًا يتناول موقف الكنيسة الوطني من القضايا السياسية والوطنية والاجتماعية المطروحة على بساط البحث.ومن الكتب التي قام بترجمتها يسوع حياة النفس، 1966، عن الفرنسية.دستور رسولي في عقيدة الغفرانات وقواعد اكتساب الغفرانات، 1967، عن اللاتينية.إرشاد راعوي بشأن وسائل الإعلام، 1971، عن الفرنسية.توجيهات بشأن العلاقات المتبادلة بين الأساقفة والرهبان في الكنيسة، 1978، عن الفرنسية.

السياسي

لعب خلال توليه سدة البطرياركية المارونية عدة أدوار سياسية، وكان من المساهمين في التأثير على مسارها في محطات مفصلية عدة كان أبرزها:
اتفاق الطائف، وقد لعب دور أساسي في ولادته وتغطيته مسيحيًاالمصالحة المارونية / الدرزية في الجبل والتي كرسها بزيارته التاريخية بعام 2001
إطلاق شرارة ثورة الأرز في النداء الأول في مجلس المطارنة الموارنة عام 2000، والتي أدت إلى اندلاع الثورة في 14 مارس 2005  وقد أدى انسجام مواقفه مع بعض طروحات تحالف 14 آذار إلى حصول مقاطعة من القوى المسيحية الأخرى لبكركي وذلك لما اعتبروه انحيازًا منه ضدهم
اتخاذ موقف واضح وحاد من مسألة سلاح حزب الله كما إنه قال في يناير من عام 2009 في مقابلة مع قناة الجزيرة الفضائية إن المفاوضات مع إسرائيل ستؤدي لخروج إسرائيل من مزارع شبعا وعودة الأمور للوضع الطبيعي. وقال أيضًا أن اتفاقية سايكس بيكو أدت في النهاية لاستقلال لبنان عن تركيا

الاعتداء عليه

تم الاعتداء عليه سنة 1989 من قبل بعض المتظاهرين الموارنة الموالين لميشيل عون والرافضين لتسمية رينيه معوض رئيساً للبلاد، فطلب أحد المتظاهرين من السيد البطريرك ان يقبل صورة العماد عون المرفوعة فوق رأسه وتبعه كثيرون يقولون:"بوس الصورة، بوس الصورة". فرفض البطريرك ذلك.كان المشهد هيستيريًا وتراجيديًا 

من اقواله

عندما سئل هل سلاح حزب الله شرعيا قال وهل يوجد سلاح شرعي خارج سلطة الدولة – 
-ومن اقواله المشهورة (لبنان ليس للمسلمين ولا للمسيحيين المسلمين والمسيحيين هم للبنان )
(لقد قاسينا الويلات، وثبتنا بنعمة الله وعونه، ولن تقتلع جذورنا، وهي عميقة، تضرب في أعماق التربة والتاريخ من هذا الوطن وانّا باذن الله لن نتخلّى عن حقّنا في أرضنا!)

وصيته الاخيرة

قالت صحيفة "الديار"  اللبنانية أن الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير الذي أصبح عمره 100 سنة، قدم كل الهدايا التي تلقاها خلال 60 سنة إلى البطريركية  بكركي  وكتب وصيته طالباً دفنه في وادي قنوبين حيث وادي القديسين والبطاركة المسيحيين الموارنة، ووادي قنوبين هو رمز لمحاربة المسيحيين للعثمانيين.
أما الهدايا التي قدمها فلا تقدر بثمن لأنها هدايا من ذهب وحجارة كريمة والماس قدمها إلى مقر بطريركيته المارونية .