بوابة الحركات الاسلامية : الشيخ الشعراوي "الإمام" (طباعة)
الشيخ الشعراوي "الإمام"
آخر تحديث: الخميس 17/06/2021 10:34 ص حسام الحداد
محمد متولي الشعراوي 5 أبريل 1911- 17 يونيو 1998م عالم دين ووزير أوقاف مصري سابق. يعد من أشهر مفسري معاني القرآن الكريم في العصر الحديث؛ حيث عمل على تفسير القرآن الكريم بطرق مبسطة وعامية؛ مما جعله يستطيع الوصول لشريحة أكبر من المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي، لقبه البعض بإمام الدعاة.

مولده وتعليمه

ولد محمد متولي الشعراوي في 5 أبريل عام 1911م بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره. في عام 1922 م التحق بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري، وأظهر نبوغاً منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنة 1923م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظي بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق، وكان معه في ذلك الوقت الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي، والشاعر طاهر أبو فاشا، والأستاذ خالد محمد خالد، والدكتور أحمد هيكل، والدكتور حسن جاد، وكانوا يعرضون عليه ما يكتبون. كانت نقطة تحول في حياة الشيخ الشعراوي، عندما أراد والده إلحاقه بالأزهر الشريف بالقاهرة، وكان الشيخ الشعراوي يود أن يبقى مع إخوته لزراعة الأرض، ولكن إصرار الوالد دفعه لاصطحابه إلى القاهرة، ودفع المصروفات وتجهيز المكان للسكن.
فما كان منه إلا أن اشترط على والده أن يشتري له كميات من أمهات الكتب في التراث واللغة وعلوم القرآن والتفاسير وكتب الحديث النبوي الشريف، كنوع من التعجيز حتى يرضي والده بعودته إلى القرية. لكن والده فطن إلى تلك الحيلة، واشترى له كل ما طلب، قائلاً له: أنا أعلم يا بني أن جميع هذه الكتب ليست مقررة عليك، ولكني آثرت شراءها لتزويدك بها؛ كي تنهل من العلم. وهذا ما قاله الشعراوي في لقائه مع الصحفي طارق حبيب.
التحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937م، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فحركة مقاومة الاحتلال، فمن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين. ولم يكن معهد الزقازيق بعيدًا عن قلعة الأزهر في القاهرة، فكان يتوجه وزملاؤه إلى ساحات الأزهر وأروقته، ويلقي بالخطب؛ مما عرضه للاعتقال أكثر من مرة، وكان وقتها رئيسًا لاتحاد الطلبة سنة 1934م.

التدرج الوظيفي

تخرج عام 1940م، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943م. بعد تخرجه عين الشعراوي في المعهد الديني بطنطا، ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد الديني بالزقازيق ثم المعهد الديني بالإسكندرية، وبعد فترة خبرة طويلة انتقل الشيخ الشعراوي إلى العمل في السعودية عام 1950؛ ليعمل أستاذاً للشريعة في جامعة أم القرى.
وفي عام 1963 حدث الخلاف بين الرئيس جمال عبد الناصر وبين الملك سعود. وعلى إثر ذلك منع الرئيس جمال عبد الناصر الشيخ الشعراوي من العودة ثانية إلى السعودية، وعين في القاهرة مديراً لمكتب شيخ الأزهر الشريف الشيخ حسن مأمون. ثم سافر بعد ذلك الشيخ الشعراوي إلى الجزائر رئيساً لبعثة الأزهر هناك ومكث بالجزائر حوالي سبع سنوات قضاها في التدريس، وأثناء وجوده في الجزائر حدثت نكسة يونيو 1967، وقد سجد الشعراوي شكراً لأقسى الهزائم العسكرية التي منيت بها مصر، وبرر ذلك "في حرف التاء" في برنامج من الألف إلى الياء بقوله "بأن مصر لم تنتصر وهي في أحضان الشيوعية فلم يفتن المصريون في دينهم". وحين عاد الشيخ الشعراوي إلى القاهرة وعين مديراً لأوقاف محافظة الغربية فترة، ثم وكيلاً للدعوة والفكر، ثم وكيلاً للأزهر ثم عاد ثانية إلى السعودية، حيث قام بالتدريس في جامعة الملك عبد العزيز.
وفي نوفمبر 1976م اختار السيد ممدوح سالم رئيس الوزراء آنذاك أعضاء وزارته، وأسند إلى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف وشئون الأزهر. فظل الشعراوي في الوزارة حتى أكتوبر عام 1978م.
اعتبر أول من أصدر قراراً وزارياً بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر وهو بنك فيصل؛ حيث إن هذا من اختصاصات وزير الاقتصاد أو المالية (د. حامد السايح في هذه الفترة)، الذي فوضه، ووافقه مجلس الشعب على ذلك.
وفي سنة 1987م اختير عضواً بمجمع اللغة العربية.

الجوائز التي حصل عليها

منح الإمام الشعراوي وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لمناسبة بلوغه سن التقاعد في 15/4/1976 م قبل تعيينه وزيراً للأوقاف وشئون الأزهر.
منح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1983م وعام 1988م، ووسام في يوم الدعاة.
حصل على الدكتوراة الفخرية في الآداب من جامعتي المنصورة والمنوفية.
اختارته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عضوًا بالهيئة التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، الذي تنظمه الرابطة، وعهدت إليه بترشيح من يراهم من المحكمين في مختلف التخصصات الشرعية والعلمية، لتقويم الأبحاث الواردة إلى المؤتمر.
جعلته محافظة الدقهلية شخصية المهرجان الثقافي لعام 1989م والذي تعقده كل عام لتكريم أحد أبنائها البارزين، وأعلنت المحافظة عن مسابقة لنيل جوائز تقديرية وتشجيعية، عن حياته وأعماله ودوره في الدعوة الإسلامية محلياً، ودولياً، ورصدت لها جوائز مالية ضخمة.

خواطره حول تفسير القرآن

بدأ محمد متولي الشعراوي تفسيره على شاشات التليفزيون قبل سنة 1980 بمقدمة حول التفسير، ثم شرع في تفسير سورة الفاتحة، وانتهى عند أواخر سورة الممتحنة وأوائل سورة الصف، وحالت وفاته دون أن يفسر القرآن الكريم كاملاً.
يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي موضحًا منهجه في التفسير: خواطري حول القرآن الكريم لا تعني تفسيراً للقرآن. وإنما هي هبات صفائية. تخطر على قلب مؤمن في آية أو بضع آيات.. ولو أن القرآن من الممكن أن يفسر. لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بتفسيره؛ لأنه عليه نزل وبه انفعل وله بلغ وبه علم وعمل، وله ظهرت معجزاته. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتفى بأن يبين للناس على قدر حاجتهم من العبادة التي تبين لهم أحكام التكليف في القرآن الكريم، وهي "افعل ولا تفعل".
اعتمد في تفسيره على عدة عناصر، من أهمها:
- اللغة كمنطلق لفهم النص القرآني.
- محاولة الكشف عن فصاحة القرآن وسر نظمه.
- الإصلاح الاجتماعي.
- رد شبهات المستشرقين.
- يذكر أحيانا تجاربه الشخصية من واقع الحياة.
- المزاوجة بين العمق والبساطة وذلك من خلال اللهجة المصرية الدارجة.
- ضرب المثل وحسن تصويره.
- الاستطراد الموضوعي.
- النزعة الصوفية.
في الأجزاء الأخيرة من تفسيره آثر الاختصار بسبب مرضه حتى يتمكن من إكمال خواطره، ثم عاد واعتذر على شاشات التليفزيون عن اختصاره واستغفر الله عن إيجازه في هذه المعاني، حرصا منه على أن يتمم بحول الله تفسير كتاب الله في حياته، وأنه عوتب في ذلك وقيل له: الموت له أجل، ورزقك من الله له أجل.

رثاؤه عبد الناصر

أثار إعلان خبر وفاة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر حالة من الصدمة في مصر والوطن العربي أجمع، وحضر جنازته في القاهرة من خمسة إلى سبعة ملايين مشيع، وتعتبر هي أكبر جنازة في العالم.
وقد رثى عبدالناصر الشعراء والملوك ورجال الدين، وكان من ضمن الأشخاص الذين رثوه محمد متولي الشعراوي، والذي قال فيه: "قد مات جمال وليس بعجيب أن يموت، فالناس كلهم يموتون، لكن العجيب وهو ميت أن يعيش معنا، وقليل من الأحياء يعيشون وخير الموت ألا يغيب المفقود وشر الحياة الموت في مقبرة الوجود، وليس بالأربعين ينتهي الحداد على الثائر المثير"، وأضاف: "قد كان البطل الماثل فلتة زعامة وأمة قيادة وفوق الأسطورة للريادة؛ لأن الأسطورة خيال متوهم وما فوق الأسطورة واقع مجسم، وللزعامات في دنيا الناس تجليات فليس الزعيم الذي يعمل لك بنفسه طوال عمره إلى نهاية أجله، لكن الزعيم الذي يعلمك أن تعمل بنفسك لنفسك طوال عمرك إلى نهاية أجلك، وعلى مقدار تسلسل الخير فيه يكون خلود عمره".

علاقة الشعراوي بحكام مصر

بطبيعة حال ومكانة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله كان حتمًا أن يحدث تقارب ولقاءات بينه وبين حكام مصر المتعاقبين.. لقد تمتع الشعراوي بطبيعة ثائرة في صباه ورغبة في الصياح في وجه الفساد، كان رحمه الله مهتما بالسياسة، وعندما كان في معهد الزقازيق رأس اتحاد الطلاب، ولما تفجرت ثورة الأزهر 1934م خرج الشعراوي، وأنشد بعض الأبيات التي اعتبرت عيبًا في الذات الملكية فقُبض عليه.
كان الرئيس الأسبق "محمد نجيب" على صلة دائمة بالشيخ "الشعراوي"، وكان الشعراوي دائم التردد عليه في مكان إقامته بالمرج – الذي فرضه عليه مجلس قيادة ثورة مصر بعد عام 1954- حتى في مرضه كان الشعراوي هو الزائر الوحيد له!
أما الرئيس الأسبق "جمال عبد الناصر" فقد كان للشعراوي معه قصة، فبينما كان الناس في مصر في شبه مأتم وقلوبهم دامية وعيونهم باكية في ذلة وانكسار بسبب انتصار اليهود الساحق على مصر في هزيمة يونيو 1967م؛ سجد الشيخ "الشعراوي" شكرًا على الهزيمة التي رأى أنها جاءت لتصويب الأخطاء التي ارتكبها "عبد الناصر" ومن معه! إلا أن الكثيرين عاتبوه على هذا الفعل، فمن مات على يد الإسرائيليين هم مصريون، ومن هزمت هي بلده مصر.
وفي عهد الرئيس الأسبق "محمد أنور السادات" كان "الشعراوي" وزيرًا للأوقاف؛ إلا أن العديد من المشاحنات جرت بينهما.. بدأتها السيدة "جيهان السادات" حينما دعت الشيخ الشعراوي- وكان وزيرًا للأوقاف وقتها- لإلقاء محاضرة على مجموعة من سيدات الروتاري في مصر الجديدة، فاشترط "الشعراوي" أن يكنَّ جميعًا محجبات، ووافقت "جيهان"، ولكنه حين ذهب وجدهن غير ذلك؛ فغادر القاعة غاضبًا! وكان هذا سببًا للخلاف الذي دب بينه وبين الرئيس السادات، وظهر بعد ذلك حينما طالب بعض المسئولين الإسرائيليين منع الشعراوي من الحديث التليفزيوني؛ لأنه كان يتحدث عن آيات الجهاد بشكل مفصل، وهو أمر أثار حساسية، لكن "السادات" لم يقم بتنفيذه بطبيعة الحال.
أما لقاء "مبارك" و"الشعراوي" فقد كان الأقوى بين مقابلات الشيخ مع رؤساء مصر، وفي هذا اللقاء قال "الشعراوي" لمبارك بعد نجاة الأخير من حادث الاغتيال في "أديس أبابا" عام 1995 قوله الشهير الذي علق بأذهان الكثيرين: "يا سيادة الرئيس؛ إني أقف على عتبة دنياي، مستقبِلاً آخرتي، ومنتظرًا قضاء الله؛ فلن أختم حياتي بنفاق، ولن أبرز عنتريتي باجتراء".. ثم جعل يتحدث عن الحُكْم، وكيف أن الإنسان ينبغي ألا يطلبه، وينبغي أن يُطلَب إليه؛ حتى يوفقه الله فيه. وفي النهاية قال قولته الشهيرة: "إذا كنتَ قدرَنا فليوفّقك الله، وإذا كنّا قدرَك فليُعِنْكَ الله علينا".

مؤلفات الشيخ الشعراوي

للشيخ الشعراوي عدد من المؤلفات، قام عدد من محبيه بجمعها وإعدادها للنشر، وأشهر هذه المؤلفات وأعظمها تفسير الشعراوي للقرآن الكريم، ومن هذه المؤلفات:
- الإسراء والمعراج.
- الإسلام والفكر المعاصر.
- الإسلام والمرأة، عقيدة ومنهج.
- الأحاديث القدسية.
- الأدلة المادية على وجود الله.
- الجهاد في الإسلام.
- السيرة النبوية.
- الشيطان والإنسان.
- الظلم والظالمون.
- الغارة على الحجاب.
- الفتاوى.
- الفقه الإسلامي الميسر وأدلته الشرعية.
- القضاء والقدر.
- الله والنفس البشرية.
- المرأة في القرآن الكريم.
- المرأة كما أرادها الله.
- المنتخب في تفسير القرآن الكريم.
- النصائح الذهبية للمرأة العصرية.
- إنكار الشفاعة.
- أحكام الصلاة.
- بين الفضيلة والرذيلة.
- جامع البيان في العبادات والأحكام.
- حفاوة المسلمين بميلاد خير المرسلين.
- خواطر الشعراوي.
- خواطر قرآنية.
- عداوة الشيطان للإنسان.
- فقه المرأة المسلمة.
- قصص الأنبياء.
- هذا هو الإسلام.