بوابة الحركات الاسلامية : السيستاني.. الأب الروحي لشيعة العراق (طباعة)
السيستاني.. الأب الروحي لشيعة العراق
آخر تحديث: الأربعاء 04/08/2021 09:32 ص
دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني، العراقيين إلى حمل السلاح وقتال الإرهابيين دفاعًا عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم، والتطوع للانخراط في القوات الأمنية في دعوة وصفت بأنها إعلان للجهاد.
 وحذر من أن تنظيم داعش أصبح خطراً كبيرًا يهدد محافظات البلاد وخاصة كربلاء والنجف.
 ودعا القيادات السياسية إلى إنهاء خلافاتها وتوحيد موقفها وكلمتها وتأكيد دعمها للقوات المسلحة.

نشأته

ولد السيستاني في التاسع من شهر ربيع الأول عام (۱۳٤۹ هـ . ق) في مدينة مشهد الإيرانية، وأسماه والده عليا، تيمناً باسم جده الإمام علي بن أبي طالب، اسمه الحقيقي علي بن محمد باقر بن علي الحسيني السيستاني، ولقبه السيستاني نسبة إلى محافظة سيستان في إيران.
بدأ حياته العلمية وهو في الخامسة من العمر في مدرسة دار التعليم الديني لتعلم القراءة والكتابة ونحوها، وفي عام 1941 بدأ بتوجيه من والده بقراءة مقدمات العلوم الحوزية، فأتم قراءة جملة من الكتب الأدبية، وحضر في المعارف الإلهية دروس الميرزا مهدي الأصفهاني المتوفی سنة 1946، كما حضر بحوث الخارج للميرزا مهدي الآشتياني والميرزا هاشم القزويني، وفي عام 1949 هاجر إلی مدينة قم لإكمال دراسته، فدرسَ الفقه والأصول على السيد حسين الطباطبائي البروجردي، ثمَّ أكمل دراسة الفقه على السيد محمد الحجة الكوهكمري.
وفي عام 1951 هاجر من مدينة قم إلی النجف، فسكن مدرسة البخارائي العلمية وحضر بحوث أبي القاسم الخوئي وحسين الحلي في الفقه والأصول ولازمهما مدة طويلة، وحضر خلال ذلك أيضاً بحوث بعض الأعلام الآخرين، منهم السيد محسن الحكيم والسيد الشاهرودي.
 في عام 1961 عزم علی السفر إلی مسقط رأسه مشهد، وكان يحتمل استقراره فيها فكتب له أستاذه الخوئي وأستاذه الشيخ الحلي شهادتين ببلوغه درجة الاجتهاد، كما كتب الشيخ أغا بزرك الطهراني شهادة أخرى يطري فيها على مهارته في علمي الحديث والرجال.

حياته العلمية

اشتغل بإلقاء محاضراته البحث الخارج في الفقه في ضوء مكاسب الشيخ الأعظم الأنصاري، وأعقبه بشرح العروة الوثقى، فتمّ له منه شرح كتاب الطهارة وكتاب الصلاة وقسم من كتاب الخمس وتمام كتاب الصوم والاعتكاف ثم شرع في شرح كتاب الزكاة.
وقد كانت له محاضرات فقهية أخرى خلال هذه السنوات تناولت كتاب القضاء وأبحاث الربا وقاعدة الإلزام وقاعدة التقية وغيرها من القواعد الفقهية، كما كانت له محاضرات رجالية شملت حجية مراسيل ابن أبي عمير وشرح مشيخة التهذيبين وغيرهما.
وبدأ بإلقاء محاضراته في علم الأصول، وقد خرّج بحثه عدّة من البارزين وبعضهم من أساتذة البحث الخارج، كالشيخ مهدي مرواريد، ومرتضى المهري وحبيب حسينيان وأحمد المددي والشيخ مصطفى الهرندي وهاشم الهاشمي وغيرهم.
وضمن اشتغاله بالدرس والبحث خلال هذه المدّة كان مهتمّاً بتأليف كتب مهمّة وجملة من الرسائل، بالإضافة إلى ما كتبه من تقريرات في الفقه والأصول.

السيستانى عميل لنظام صدام

أكد عدد من المقربين لـ"السيستانى"، بأنه كان عميلا لنظام صدام حسين على حد وصفهم، وكان من بينهم على البغدادي، حيث قال إن السيستاني كان عميل يكتب التقارير ضد مراجع الدين العظام ويتصل بصدام حسين، الامر الذى أكده أحد رجال النظام، محمد الصدر، حيث  قال إن التقارير كانت تصلهم بصورة مباشرة.
ويشير أحد ضابط في المخابرات، إلى وجود تقارير كانت تصل إلى القيادة من قبل السيستانى، ووجدت هذه التقارير في القصر الجمهوري، موقعة ومختومة بختمه، لافتا إلى أنه كان يوجد ملف كامل عن أحوال النجف الاشرف وما يحدث فيها وفي حوزات النجف، وأنه لاحظ  أن سيارات مظللة كان تأخذ السيستاني إلى القصر الجمهوري وتعود به إلى النجف.

السيستاني وصدام.. علاقة العداء

قام حزب البعث الحاكم في العراق سابقا بعمليات تسفير واسعة للعلماء وسائر الطلاب الأجانب في حوزة النجف، ولاقی السيستاني عناءً بالغاً من جراء ذلك، وتم ترحيل جميع الطلاب، ولكن علی الرغم من ذلك فقد أصرّ على البقاء في النجف الأشرف بالعراق.
وخلافا لما رددته اجهزة صدام يقول المقربون منه إنه رفض الانخراط في أي عمل سياسي؛ مما أثار حفيظة صدام حسين الذي أنهكته حرب إيران، فقام بفرض الإقامة الجبرية على السيستاني بمنزله الواقع في النجف، وواصل التدريس في حوزته العلمية.

اعتقال السيستاني ومحاولة اغتياله

في عام 1411 هـ عندما قضى النظام على الانتفاضة الشعبانية.. اعتقل السيستاني ومعه مجموعة من العلماء مرتضى البروجردي و الميرزا علي الغروي، وقد تعرّضوا للضرب والاستجواب القاسي في فندق السلام وفي معسكر الرزازة وفي معتقل الرضوانية إلى أن فرّج عنهم.
وفي عام 1413 هـ عندما توفي الإمام الخوئي، وحاولت سلطات النظام السابق تغيير مسار المرجعية الدينية في النجف الأشرف، وبذلت ما في وسعها للقضاء على السيستاني ومكانته المتميزة بين المراجع الشيعية ،.
وترددت انباء عن محاولات نظام صدام لإغتياله وقتها

عودة السيستاني إلى العراق بعد سقوط صدام

بدأت المدن الدينية الشيعية تستعيد عافيتها من جديد بعد سقوط نظام صدام حسين، وعادت الحياة إلى مدينتي النجف وكربلاء، حيث تزدحم الشوارع المحاذية للأضرحة المقدسة، لاستقبال الإمام علي في النجف والإمام الحسين وأخيه العباس في كربلاء .
وقد شبّه الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، عودة آية الله العظمى علي السيستاني  إلى العراق، قبل سقوط نظام صدام حسين علي أيدي القوات الأمريكية في عام 2003،  بعودة الإمام الخميني إلى إيران قبل 25 عاماً.
وأشاد الرئيس الإيراني السابق الذي لا يزال يعتبر شخصية مركزية في الجمهورية الإسلامية في الوقت نفسه بالسيستاني وقد عاد السيستاني إلى العراق، بعد أن عاش لسنوات طويلة في إيران.

رأى أهل السنة في السيستانى

في الوقت الذى كان يؤكد فيه السيستانى أنه لا توجد خلافات بين الشيعة والسنة، أعرب أهل السنة في العراق في فبراير 2007، عن مخاوفهم من الفتاوى التي يصفونها بفتاوى "الشر" وبالأخص عقب فتوى جواز قتل المسلم غير الشيعى، ودائما تأتى عواقبها بهجمات مسلحة ضد أهل السنة.
وقال الحاج "أبو عمر": إن السيستاني اتهم هيئة علماء المسلمين بصورة غير مباشرة بإثارة الفتن عندما قال في فتواه الجديدة: "للأسف بعض الأشخاص والجهات تعمل على تكريس الفتنة وتعميق هوة الخلافات".
من جانبه, قال "أبو محمد", الذي يعمل مدرسًا بإحدى الجامعات: "لو صمت لكان خيرًا له فقد تعودنا على مصائب تحدث للسنة عقب كل دعوة من السيستاني إلى التهدئة".
وفي السياق ذاته, علّق الحاج "وليد الكرخي" على فتوى السيستاني بقوله: "الخبيث خرج على أتباعه في تفجيرات سامراء.. وبعدها أُحرقت عشرات المساجد وقتل مئات السنة.. واليوم خرج علينا بهذه الفتوى لذا لا نقول إلا: اللهم ارحمنا فنحن المستضعفون".

السيستانى وفتواه بتحريم الجهاد ضد أمريكا:

جاء مذكرة كشف عنها  دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي السابق، أوضحت أنّ بلاده دفعت للسيستاني 200 مليون دولار لإصدار فتوى تُحرِّم على الشيعة قتال الأمريكان للمساعدة في سقوط العراق في أيدي الاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة، على حد زعمه.
رامسفيلد أكّد أن له علاقة قديمة بالسيستاني تعود لعام 1987، وأنّه في خِضَمّ إعداد قوات الاحتلال لشنّ الهجوم علي العراق كان لابدّ من مشورة السيستاني حتى نخرج بنتائج لا تسبب خسائر فادحة في صفوف قوات الاحتلال وفعلاً تَمّ الاتصال به عن طريق وكيله في الكويت جواد المهري.
وأوضح رامسفيلد في مذكراته، أنّ الإدارة الأمريكية دفعت 200 مليون دولار على سبيل الهدية لمساعدة أمريكا في إسقاط العراق، عبر فتوى تحرم قتل الأمريكيين.
ويضيف رامسفيلد، أنّ إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش قرّرت فتح مكتب في "وكالة المخابرات المركزية" وسمي مكتب العلاقات مع السيستاني، لكي يتم الاتصال وتبادل المعلومات عن طريق هذا المكتب وفعلا تَمّ افتتاح المكتب وعمل بكل جد ونشاط, وكان من ثمار هذا العمل المتبادل صدور فتوى من السيستاني بأن يلزم الشيعة وأتباعه بعدم التعرض لقوات الاحتلال خلال غزو العراق.
ويؤكد رامسفيلد، أنه بعد سقوط بغداد في ربيع 2003، تَمّ تدبير لقاء مع السيستاني، حيث توجهنا إلى مدينة النجف عن طريق سرب من المروحيات التابعة لقوات الاحتلال وقد وصلنا إلى المدينة في وقت متأخِّر من الليل وكانت المدينة تغطّ في ظلام دامس، وهبطت المروحيات على مبانٍ بالقرب من مرقد للشيعة، وانتقلنا إلى مكان إقامة السيستاني وكان في حيٍّ مُزْرٍ جدًا إذ النفايات تحيط بالمكان من كل جانب.
ويتابع قائلاً: وأتذكر أنني وضعت منديل على أنفي من أثر الروائح الموجودة في مبنى السيستاني والأماكن المجاورة، وعندما رأيت السيستاني تلاقفني بالأحضان وقبلني أكثر من مرة بالرغم أنني لا استسيغ ظاهرة التقبيل بالنسبة للرجال وتحاورنا عن أمور كثيرة كان من الحكمة أن نأخذ رأي أصدقائنا بها وبالخصوص مثل السيستاني.
ويدرك رامسفيلد بحسب مذكراته، كانت آنذاك تواجهنا مشكلة السلاح، حيث ترك النظام العراقي السابق في متناول العراقيين أكثر من ستة ملايين قطعة سلاح خفيفة كانت هذه القطع تسبّب لنا إرباكًا في السيطرة على هذا الكم الهائل من الأسلحة، وفعلاً تَمّ التوصل إلى اتفاق بأن يصدر السيستاني فتوى تحظر استخدام هذه الأسلحة ضد قوات الاحتلال، ويختتم رامسفيلد بتأكيده بأنّه "كان لهذه الفتوى الفضل الكثير لتجنب قوات الاحتلال خسائر جسيمة".