بوابة الحركات الاسلامية : علي محمد الشيرازي.. مؤسس البهائية (طباعة)
علي محمد الشيرازي.. مؤسس البهائية
آخر تحديث: الأربعاء 20/10/2021 09:43 ص
لفظ الباب أي (الواسطة الموصّلة إلى الحقيقة الإلهية) وهو مصطلح شيعي شائع عند الشيعة الإمامية ، عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم "أنا مدينة العلم وعلي بابها".

حياته:

ولد علي محمد الشيرازي، في مدينة شيراز في 20 شهر أكتوبر من عام 1819م الموافق ليوم أوّل محرّم سنة 1235 هجريّة من عائلة من التجار من الطبقة المتوسطة، وقد كان والده السيد محمد رضا الشيرازي ووالدته فاطمة بگم (1800–1881)، وكان والدها أحد تجار شيراز المشهورين.
تُوفى والده وهو طفل صغير وتولى أحد اخواله (الحاج ميرزا سيّد علي) رعايته وتربيته.
للمزيد عن البهائية ومؤسسها۔۔۔۔۔۔۔ اضغط هنا

تعليمه:

تردّد في سن صغير علي كُتَّاب الشيخ عابد حيث تعلّم القراءة والكتابة وفنّ الخط. كان الشيخ عابد من تلامذة الشيخ أحمد الإحسائي والسيد كاظم الرشتي ، ومن حينها تعرّف السيد علي محمّد على إسمي رئيسَي الشيخية (الإحسائي والرشتي)، بحيث إنّ السيد علي محمّد حين غادر إلى كربلاء (في عام 1839 )تراس العتبات المقدس في العراق وهو في سن التاسعة عشرة حضر درس السيد كاظم الرشتي،  ليتعلم أفكاره وآراء الشيخية عن المهدي المنتظر ويوهمه بأنه ربما يكون هو نفسه- أي علي محمد الشيرازي- المهدي المنتظر لظهور علامات تدل على ذلك.
 وخلال مدة دراسته لدى السيد كاظم الرشتي تعرّف المسائل العرفانية واطّلع على تفسير الآيات والأحاديث وتأويلها وعلى المسائل الفقهية وفق طريقة الشيخية ووقف على آراء الشيخ الإحسائي.
 كما أنّه استفاد من درس الملّا صادق الخراساني – الذي كان على مذهب الشيخية – خلال إقامته في مدينة كربلاء، وقرأ عليه لمدة قصيرة بعض الكتب الأدبية المتداولة في ذلك العصر .
في عام 1941 عاد الباب مضضا إلى شيراز للإصرار عائلته على العودة ، وفي عام 1842 تزوج من خديجة بوجوم ، ابنة عم والدته لأبيه وولد له طفل اسماه "احمد" في عام 1843 لكنه توفي في سن الطفولة .

إعلان الباب لدعوته:

و مع عودة محمد الشيرازي إلى شيراز لحق به حسين البشروئى كبير التلامذة وأقنعه أن كاظم الرشتي كان يشير إلى أن على محمد رضا الشيرازي يمكن أن يكون هو الباب وأن البشروئى هو باب الباب.
وفي سنة 1260هجرية (23 مايو 1844م) اعلن علي محمد وهو شاب في الخامسة والعشرين من عمره بأنه جاء مطبقا للنبؤات والوعود السابقة وبأن مهمته هي تمهيد الطريق والتبشير بوشوك مجيء من سماه بــ (من يظهره الله) الذي سيكون مربي العالم في هذا الزمن. 
وأَعلن حضرة الباب في هكذا جوّ أَنَّ أساس الإحْياءِ الروحي والتقدم الاجتماعي هو "الحبّ والرأفة" وليس "الشدة والسطوة،" فأثار ذلك الإعلان الأمل والانفعال لدى طبقات المجتمع كافة، وسرعان ما اجتذبت دعوة حضرة الباب تلك الآلاف من المؤيّدين والأتباع.
إلاّ أنه اتخذ لنفسه لقب "الباب"، وبيّن الباب أنَّ مجيئه لم يكن إلاّ مدخلاً تَعبُره الإِنسانيّة نحو ذلك الظهور الإلهيّ الذي ينتظره البشر في كلِّ مكان. 
أما الموضوع الرئيس الذي تناوله كتاب البيان – وهو أم الكتاب بالنسبة للظهور البابي – فكان الظهور الوشيك لرسول ثانٍ يبعثه الله، يكون أعظم شأناً من حضرة الباب نفسه، ويحمل رسالةً جديدة لبدء عهد من العدل والسلام، وهو ما وعد به كلٌّ من الدين الاسلامي واليهودي والمسيحي، بالإضافة إلى كلّ دين عالمي آخر اعتنقه البشر.

بدايات الحركة البابية:

وادعى الباب ليكون "البوابة" (باب) و"ممثل" من الإمام الحجة المنتظر ع وهو يصف نفسه بانه "الذكر" للإمام ، وخادم بقية الله ، وقد تم تكليفه من قبل الامام الحجة ع لإعداد العدة والعدد لان الظهور المقدس سيكون قريب 
وعُرف تلاميذ الباب الثّمانية عشر الأولين بـ "حروف الحي" وهؤلاء هم الذّين أرسلهم الباب إلى جهاتٍ مختلفة من إيران والعراق وتركستان لنشر خبر ظهوره، (وكانت من ضمنهم امرأة باسم فاطمة زرين تاج البرغاني عرفت فيما بعد بلقب الطاهرة)،
واجتمع علىّ الشيرازىّ عند إعلان أنّه الباب مع سبعة عشر رجلاً وامرأة هي قرة العين وكان هؤلاء هم صفوة الطائفة الذين يصلحون لزعامتها في نظره فكانوا جميعاً به تسع عشرة نفساً ، لذلك يقدس البهائيون الرقم 19 فجعلوا السنة 19 شهراً والشهر 19 يوماً .
وعند انتشار خبر قرب الظهور المقدس للإمام الحجة ع ترك الباب شيراز في عام 1844 برفقة ملا محمد برفوروشي مع عبد حبشي متوجها الى مكة المكرمة عن طريق بوشهر.
 وسافر بنفسه في نفس الوقت للحج إلى مكّة والمدينة، فوصل مكة في ديسمبر سنة 1844، وفيها أعلن بعثته جهارًا لشريفها وبعض طائفي الكعبة من الحجاج دون أن يجد بينهم من سامع، وبعد اداء فريضة الحج وزيارة المدينة المنورة عاد الى بوشهر عام 1845
أما في إيران فقد شهدت الفترة من عام 1845 حتى 1847 تزايدًا كبيرًا في أعداد الذين سموا أنفسهم بالبابيين وشملت تلك الاعداد العوام و الخواص و باقي طبقات المجتمع و كان عدد كبير من أتباع الباب الأوائل من رجال الدين.

انتشار الحركة البابية:

أثارت سرعة انتشار الدين البابي مخاوف الحكومة الإيرانية والسلطات الدينية واعتبروه تحديًا لأساس النظام الديني وتهديدًا لأصول الإسلام فأمر الملك (محمد شاه) بإرسال الباب إلى العاصمة طهران تحت الحراسة للاستعلام عن طبيعة دعوته ولكن رئيس الوزراء الايراني (الحاج ميرزا آقاسي) خشى ان يقع الشاه تحت تأثير الباب مثلما حصل ليحيى الدارابي مندوب الشاه الذي امن بالباب بعد أن ارسله الشاه للتحقيق معه - فأمر رئيس الوزراء بأن ينقل الباب تحت الحراسة المشددة إلى قلعة ماه كو التي تقع في منطقة أذربيجان الشمالية على حدود روسيا ضنا منه بأنَّ سكان تلك المنطقة، وهم من الأكراد السنة سوف لن يتجاوبوا أو يقبلوا دعوة الباب. و برر ميرزا آقاسي عمله هذا بأنَّ قدوم الباب للعاصمة قد يؤدي إلى وقوع صدام بين أتباعه ورجال الدين ولربما يتطور إلى هيجان عام.
لم تنجح محاولة رئيس الوزراء في ايقاف انتشار العقيدة البابية بل زادت اعدادهم في منطقة أذربيجان وحتى المأمورين من العاملين في السجن كانوا قد خففوا من خشونتهم في معاملة السجين وأظهروا تعاطفا معه.
وخلال مدة سجنه في القلعة كان يلتقي مريديه ويكاتبهم، وبسبب ما كان يسمعه من أنهم لا يألون جهدًا في تبليغ دعوته، ذاب وجدًا للقائهم وأخذ يلقي خطبه عليهم على أنّها كلام إلهي، كما أنّه كتب كتابه البيان في القلعة ذاتها (اليزداني، ص13).
 وفي محاولة أخيرة للميرزا آقاسي لكي يحد من هذا الأمر الذي اعتبره تهديدًا متزايدًا له، أقدمت حكومة الملك محمّد شاه القاجاري وبهدف قطع العلاقة بينه وبين مريديه على نقله في شهر صفر من العام 1264هـ من قلعة ماكو إلى قلعة تشهريق "چهريق" في أورمية  قرب حدود تركيا.
وكان الباب منذ بداية دعوته وكذلك في سنوات حبسه منهمكا في كتابة ما يعتبره اتباعه البابيون (ومن بعدهم البهائيون) تنزيلا سماويا وكتبا مقدسة وجاء بشرائع وأحكام وكـتاب (البيان).

مؤتمر بدشت:

في أواخر عهد السلطان محمّد شاه وبأمر من الحاج الميرزا آغاسي – وزير محمّد شاه – أحضروا السيد علي محمّد من قلعة تشهريق إلى مدينة تبريز، وأقاموا جلسة حضرها ناصر الدين ميرزا (كان واليًا للعهد آنذاك) وعددٌ من العلماء وأحضروا إليها السيد علي محمد.
وفي الوقت الذي أعلن فيه الباب دعوته العلنية في تبريز (سنة 1848م ) اجتمع حوالي 80 من البابيين مع بعض أهم قادتهم ومنهم حسين علي (الذي لقب بعدها بـبهاء الله في ضيعة اسمها بدشت في شمال إيران.
 ومن ضمن اهداف الاجتماع كان البحث في كيفية إنقاذ الباب من سجنه في قلعة چهريق ومناقشة وضع البابيين في البلاد وطبيعة عقيدتهم.
 وكان لذلك المؤتمر الأثر الكبير في تحديد طبيعة هذه الحركة ويعتبر من أهم الوقائع في التاريخ البابي حيث ادت احداثه إلى إيضاح الفرق بين الديانة البابية والإسلام فالبعض من البابيين كانوا قبلها قد اعتبروا دعوة الباب مجرد دعوة تجديدية للدين والبعض الآخر التبس عليهم معنى ولفظ كلمة "الباب" فقامت أم سلمى زرين تاج "الطاهرة" بشرح وتوضيح رسالة ومهمة الباب بصورة مسهبة معلنة استقلالية البابية عما سبقها.
 والطاهرة قامت يومها بإلقاء خطبتها من دون الحجاب المألوف على الوجه مما ادى إلى اضطراب في نفوس بعض الحاضرين الذين تركوا المؤتمر بهلع بما اعتبروا ذلك خرقا لما كان متعارف عليه ولإدراكهم ان الدين البابي ليس حركة اصلاحية للدين الإسلامي فحسب. 
أما بعد المؤتمر فقد تعرض الكثير من الحضور إلى مهاجمة سكان تلك المنطقة وقتل بعض منهم في طريق العودة وسجن اخرون.

محاكمة وإعدام الباب:

منذ بدايات الدعوة البابية تعرض اتباعها للقتل والاذى والتعذيب بتحريض رجال الدين في كل انحاء إيران و قامت مناوشات عديدة بين الحكومة والبابيين الذين قاموا للدفاع عن أنفسهم في عدة مواقع ومنها زنجان وقلعة الشيخ طبرسي ونيريز وغيرها ، وفي السنوات الستة الأولى قتل أكثر من عشرين ألفًا من أتباع الباب في إيران إما بعد القاء القبض عليهم في المدن وتعذيبهم حسب أوامر الحكومة ورجال الدين وإما بعد معارك وحصارات دامت لمدة أشهر في بعض الأحيان والتي انتهت بتعهدات كاذبة في الامن والامان من الحكومة إن سلم البابيون انفسهم وامتنعوا عن القتال.
ورغبة في انهاء كل هذا أمر ميرزا تقي خان (الامير نظام) رئيس الوزراء الجديد في عهد ناصر الدين شاه بإرسال الباب إلى مدينة تبريز لكي يحاكم أمام مجموعة من كبار رجال الدين هناك وللحصول على حكمهم عليه بالإعدام . وقاموا بطرح الأسئلة عليه بخصوص طبيعة دعوته اجابهم فيها بترديده ثلاثة مرات ما مضمونه :اني انا الموعود، وانا الذي دعوتموه مدة الف سنة وكنتم تشتاقون لقائه عند مجيئه و تدعون الله بتعجيل ساعة ظهور. )وعند طلبهم منه البراهين والمعجزات اجابهم بان دليله هو نفس دليل رسول الإسلام (أي كتابه)، وتعرض الباب للتهجم والتوبيخ والكلمات القاسية خلال التحقيق والمحاكمة و طلبوا منه أيضا انكار دعوته والتراجع عنها من دون أن ينجحوا في ذلك.
و بعدها جلب مرة ثانية للتحقيق وكانت هذه المرة في بيت وكان شيخ الإسلام في تبريز الميرزا علي اصغر وقام شيخ الإسلام بنفسه يومها بضرب الباب بالعصا على رجله (عقاب الفلقة) 11 مرة وقعت إحداها على وجهه ربما بقصد أو دون قصد واحدثت كدما كبيرا استدعى العلاج وطلب من أحد الأطباء الإنجليز وهو الدكتور وليام كورمك الذي استقطن تبريز عدة سنوات أن يقوم بمعالجته وترك الطبيب انطباعاته عن الباب في رسالة منه إلى القس بنيامين لاباري من الارسالية الأمريكية في اورومية ترك فيها وصفا نادرا للباب من شخص أجنبي .

إعدام الباب:

وفي النهاية قامت الحكومة و بإصرار الامير نظام رئيس الوزراء بإعدام الباب بعد أن افتى ثلاثة من كبار علماء ومجتهدي تبريز بقتله
وفي 8 من يوليو عام ١٨٥٠ (27 من شعبان ١٢٦٦ هجرية) في ميدان يتوسط الثُّكنات العسكرية بمدينة تبريز، جاء موعد تنفيذ الحكم بالإعدام علي الباب محمد علي الشيرازي.
واحتشد جمع غفير من الناس قُدّر عددهم بعشرة آلاف شخص، غصّت بهم سطوح الثكنات العسكرية والمنازل المشرفة على الميدان. وعُلّق حضرة الباب وشابٌ من أتباعه بحبلين ودُلِّيا أمام جدار في الميدان. واصطفّت الفرقة العسكرية وكان قوامها ٧٥٠ جندياً أرمنياً بقيادة سام خان ثم انتظمت في صفوف ثلاثة في كل صف ٢٥٠ جندياً، وأطلق كل صف الرصاص بعد الآخر، وتكاثف الدخان المتصاعد من البنادق السبعمائة والخمسين حتى أظلم الميدان وتعسرت الرؤية فيه، فلم تنجح  محاولة اعدامه اليوم بدون نجاح.
وسجّل تلك الأحداث السير جستين شييل، السفير فوق العادة ومبعوث الملكة فكتوريا الخاص لدى بلاط الشاه، في تقرير رفعه إلى وزير الخارجية البريطاني اللورد بالمرستون بتاريخ الثاني والعشرين من يوليه عام ١٨٥٠، وقد جاء في تقريره ما يلي: "عندما انقشع الغبار الكثيف بعد إطلاق الرصاص، توارى حضرة الباب عن الأنظار وهتف الجمهور بأنّه قد صعد إلى السماء. فقد مزّق الرصاص الحبلين اللذين رُبط بهما حضرة الباب ورفيقه، إلاّ أنّه أحضر فيما بعد من الغرفة التي اكتُشِفَ وجوده فيها وتّم إطلاق الرصاص عليه من جديد".
بعد هذه المحاولة الأولى لتنفيذ حكم الإِعدام في حضرة الباب واختفائه عُثِرَ عليه يجلس في زنزانته وهو يُملي الإرشادات على أحد أتباعه. 
وعندما حضر الحراس لاقتياده إلى الساحة للمرة الثانية تحدث اليهم قائلاً بكل هدوء: "أما وقد انتهيت من حديثي مع السيد حسين فبإمكانكم أنْ تفعلوا ما بدا لكم."
وفي 9 يوليو 1850، اعدم الباب رميا بالرصاص مع أحد اتباعه (محمد علي الزنوزي) الذي اصر ان يعدم معه. وقام بتنفيذ الإعدام فرقة الضابط "اقا جان" بعد أن انسحبت الفرقة الاولى من الحرس الارمني بقيادة سام خان .

نقل جثمانه الي فسلطين:

وبعد إعدام الباب، نقلت رفاته ورفات رفيقه محمد علي إلى حافّة الخندق خارج المدينة، وفي اللّيلة التّإليه خلًّص بعض البابيّين جسديهما في منتصف اللّيل. وبعد نقلهما و إخفاء الجسدين مايزيد عن 60 سنة في أماكن سريّة عديدة في إيران، جيء بهما بصعوبة وتحت الخطر إلى فلسطين، ودفنا يوم 21 مارس في سنة 1909 على سفح جبل الكرمل في مدينة حيفا في مقام يسمى الآن بضريح الباب على مقربة من كهف إيليّا النّبي.

علاقه الباب بالدين البهائي:

كان الميرزا حسين علي النوري الملقب بـ بهاء الله مؤسس الديانة البهائية من أتباع الباب ومن قادة البابيين بعد وفاته. أما عن مكانة الباب عند البهائيين فهو يعتبر "المبشر" بديانتهم وهو في نفس الوقت أحد المؤسسين الاثنين لها حسب كتابات وتوضيح بهاء الله الذي منح الباب مقام نفسه وفي بعض الاحيان تسمى البهائية بديانة المظهرين التوأمين.