تعتبر إيران شيعة البحرين من رعاياها، ودائما ما تحضر البحرين في خطابات القادة السياسيين ورجال الدين والعسكريين في طهران، وعلي رأسهم المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي.
وهناك اتصالات قوية بين جمعية الوفاق وإيران، وهي ما يتضح من تحقيقات النيابة البحرينية في الخلايا التي يتم توقيفها والتابعة لإيران.
وأشار مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية إلى إجراء إحصاء إجمالي للتصريحات والمواقف المعادية للبحرين والتدخل في شئونها فيما يتعلق بالمستويات الرسمية وغير الرسمية، حيث بلغ عددها أكثر من 160تصريحاً في أبريل 2014.
فقد أعرب خطيب جمعة طهران الموقت، أحمد خاتمي، 10 يناير 2015، عن استغرابه ممّا سمّاه "شدة القمع والبطش الذي تستخدمه السلطات البحرينية ضد المحتجين رغم سلمية احتجاجاتهم".
وتساءل خاتمي: "هل سمعتم من خلال هذه السنوات أن الشعب البحريني استخدم مسدسا، أو حطم زجاج بنك ما؟ إطلاقا، فإن الاحتجاجات سلمية بالكامل", على حد زعمه.
وحذر آية الله خاتمي من تداعيات استمرار السلطات في البحرين في اعتقال امين عام جمعية الوفاق المعارضة الشيخ علي سلمان، مشيرا إلى ان نظام الشاه في إيران كان يقوم بهكذا أعمال ضد معارضيه لكنه سقط أخيرا "وهذا ما سيحصل في البحرين حيث سينتصر الشعب البحريني وسيزول هذا النظام".
وسجل أول تدهور للعلاقات البحرينية الإيرانية مع اندلاع الاحتجاجات الشيعية في المملكة الخليجية مطلع عام 2011، في تحركات اتهمت الحكومة جمعية الوفاق الشيعية المعارضة ومن ورائها إيران بالوقوف خلفها، واستطاعت إخمادها بمساندة من قوات درع الجزيرة التي تقودها السعودية.
ومنذ ذلك الحين تصدر عن المسئولين الإيرانيين تصريحات تتعلق بالشأن البحريني الداخلي، وهو ما يثير غضب المنامة وجميع الدول الخليجية.
وتصاعدت التصريحات الإيرانية بحق البحرين مع اعتقال السلطات البحرينية علي سلمان، أمين عام جمعية الوفاق الشيعية المعارضة، نهاية العام الماضي، وهو ما أدانته إيران وطالبت بالإفراج عن سلمان محذرة من "خطر اعتقاله على أمن البحرين"، في تصريحات تفسرها المنامة على أنها تهديدات مرفوضة وتدخلاً مداناً بالشئون الداخلية.
أجرى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اتصالات مع عدد من نظرائه في دول المنطقة حول قضية اعتقال الأمين العام لجمعية "الوفاق" علي سلمان، طالباً منهم بذل الجهود لإطلاق سراحه، وأفادت وكالة مهر للأنباء أن "ظريف" طلب من نظرائه في دول المنطقة أن "يبذلوا مساعيهم في هذه الأوضاع الحساسة في المنطقة لدعم الاعتدال والنشاطات السياسية السلمية".
وأشار ظريف إلى أن استمرار اعتقال الأمين العام لجمعية "الوفاق" الشيخ علي سلمان أثار استغراب وقلق الشخصيات الدينية والسياسية في المنطقة، مطالباً وزراء خارجية دول المنطقة ببذل الجهود "لإطلاق سراح هذه الشخصية الوطنية في البحرين، والتي كانت دوما من دعاة الحوار ونهج الاعتدال، على وجه السرعة".
ولم يتوقف الأمر عن التحرك الدبلوماسي، فقد بدأ رجال ومراجع الدين الشيعة في العراق وإيران إصدار البيانات الاستنكاريه، فيما يعتبر دعوة لشيعة العالم بالوقوف إلى جانب المعارض المعتقل- فقد أصدر المرجع الديني آية الله ناصر مكارم شيرازي بياناً دان فيه بشدة اعتقال الأمين العام لجميعة "الوفاق"، معرباً عن أسفه حيال اعتقال القوات الأمنية للشيخ سلمان، مضيفا: "على السلطات البحرينية أن لا تقوم بخطوة تؤدي إلى تعقيد الأوضاع أكثر مما هي عليه وتزيد من كراهية أتباع أهل البيت وأحرار العالم لها".
وشدد شيرازي على ضرورة إطلاق سراح سلمان فورا، واستعادة حقوق الشعب البحريني بشكل عادل.
وطالب المرجع الديني آیة الله نوري همداني بالإفراج عن الأمين العام لجمعية الوفاق البحرينية وسائر المعتقلين الأبرياء في السجون البحرينية.
وأشار آية الله همداني إلى القمع الوحشي لشعب البحرين، معتبراً هدم المساجد والحسينيات وحرق المصاحف وانتهاك حرمة آية الله عيسى قاسم من قبل النظام البحريني، وكذلك اعتقال سلمان- أنها كلها انتهاكات جسيمة لحقوق الشعب البحريني الذي يطالب بحرية الرأي والتعبير، مطالباً بالإفراج عن سلمان وجميع الأبرياء في سجون آل خليفة.
وفي ديسمبر 2014، دعا جواد ظريف، السلطات البحرينية للإفراج الفوري عن الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية.
وقال ظريف في تصريحات صحفية "إن التعاطي بعنف مع زعماء يحظون باحترام الشعب، سيزيد من المخاطر والتهديدات." مشيرا إلى أنهم لم يتخلوا عن الأساليب السلمية لمتابعة مطالب الشعب رغم الظروف السياسية والأمنية الصعبة. وأضاف أن ردود الأفعال الدولية والأوساط والمراجع الدينية تجاه اعتقال اشيخ علي سلمان تشير إلى أنه يحظى باحترام كبير، وأن نهجه المعتدل، وجمعية الوفاق يتمتع بقبول شعبي ودولي.
كما اعربت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم أعربت عن القلق الشديد بشان اعتقال الشيخ علي سلمان وقالت "إن النهج الأمني لحكومة البحرين لحل القضايا الداخلية نهج خاطئ وينبغي عليها التخلي عن هذا النهج وأن تحترم الأطر القانونية والحقوقية". وأعربت عن أملها في أن "تبادر حكومة البحرين إلى إصلاح نهجها وأن تتخذ نهجا واقعيا وتتحرك في مسار تلبية مطالب الشعب."
وفي 20يناير، قال إمام الجمعة المؤقت في طهران إن ما سماه "عدم اكتراث" الحكومة البحرينية لدعوات كبار الشخصيات الإسلامية لإطلاق سراح الشيخ علي سلمان أمين عام جمعية الوفاق الإسلامية "سيسرع وتيرة زوالها". بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.
وقال كاظم صديقي في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة "منذ فترة والحكومة البحرينية لا تبالي للمطالب القانونية والشرعية لشعبها، الذي يريد أن يكون هو صاحب القرار." وأضاف بأن الشعب البحريني حاول خلال السنوات الأربع الماضية "وفي مسيرات سلمية بعيدة عن العنف" أن يوصل مطالبه المشروعة للنظام الحاكم "الذي يفتقد لأبسط أركان الشرعية." واتهم دعاة حقوق الإنسان بأنهم دافعوا عن "الاستبداد السائد في البحرين."
وأشار صديقي إلى إن الشعب البحريني "لا زال متواجدا في الساحة مطالبا بأبسط حقوقه ولكن النظام البحريني غير الشرعي يبدو اليوم كمن ضاق ذرعا ويرى في اعتقال الشيخ علي سلمان متنفسا له وهو ما يعد بحد ذاته انهاكا صارخا للقانون ولحقوق الإنسان." بحسب ما نقلت عنه الوكالة.
فيما أكد وزير الداخلية في مملكة البحرين، الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، أن التدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي لمملكة البحرين مرفوضة شكلاً ومضموناً.
وقال وزير الداخلية، في تصريح له اليوم إن "البحرين لم ولن تتردد يوماً في حماية شعبها، وفي المقابل تسعى إلى تعزيز العلاقة مع إيران، وكانت كل تحركاتنا على الدوام إيجابية مراعاة لحسن الجوار، لذا نقول لهم إنكم متورطون في الإخلال بأمن البحرين، وإنكم دربتم على استخدام الأسلحة والمتفجرات، وإنكم تصدرون إلينا ثقافة الإرهاب".
وذكر أن هذه التدخلات أخذت أبعاداً متعددة خارج نطاق العلاقات الدولية التي تحترم حسن الجوار ومن بينها التصريحات السياسية المعادية مروراً بتهريب مواد متفجرة وأسلحة وذخائر إلى مملكة البحرين وإيواء الهاربين من العدالة وفتح المعسكرات الإيرانية لتدريب المجموعات الإرهابية، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية .
وأوضح الشيخ راشد آل خليفة أن دول مجلس التعاون الخليجي تعمل كمنظومة أمنية متكاملة تجاه هذا التهديد، وأن عليها في سبيل تحقيق الأهداف الأمنية لشعوب المنطقة أن تعزز تعاونها المستمر مع العمل على تطوير تحالفاتها الدولية التي تساعد على تحقيق ذلك.