الأصفهاني من كبار المدرسة المعارفية التي تدعو إلى فهم الدين خالصًا وبعيدًا عن شوائب الشرق والغرب، وترتكز على ضرورة فصل مدرسة الوحي، (المتمثل بالقرآن وسنة النبي وأهل البيت) بلا مزج وخلط مع المدارس البشرية وعلى رأسها الفلسفة- بمختلف صورها-، والتصوف –بأنواعه.
وبالرغم من دراسته الفلسفة والعرفان، إلا أنه يجد أن هناك تمايزًا وتفاصلًا بينهما وبين المعارف القرآنية، وفي مشهد تبلور لديه مشروع نظري، سمي فيما بعد بالمدرسة التفكيكية. والمقصود من ذلك الفصل فيما بين معارف الفلسفة والعرفان والقرآن، وعدم الاعتماد إلا على القرآن وأحاديث الأئمة المعصومين، إلا أن تيار مدرسة التفكيك لم يتبلور كمدرسة فكرية ذات أسس منهجية واضحة إلا في بداية القرن الرابع عشر للهجرة.
وهناك أربع أصول للمدرسة التفكيكية
1- فصل الفلسفة والعرفان عن الوحي والقرآن.
2- تفوق المعرفة الدينية على المعارف البشرية والعقلية.
3- لزوم الاستناد إلى القرآن والحديث.
4- الابتعاد عن التأويل، والعمل بظاهر الآيات والروايات.
وتمثل هذه المرتكزات الأربعة المدرسة التفكيكية التي اتخذت من مدينة مشهد الإيرانية مبعثًا لها، ومن مدينتي قم وأصفهان فروعًا لأفكارها.
وكان منهج الأصفهاني- وصف الوسطية بين الأصوليين والإخباريين، فهو لا يرفض القواعد العقلية كليةً، كما أنه لا يستغرق في تحصيل العقليات بحجة الوصول إلى فهم النص الديني.
وذلك لأن الاصفهاني، قد خرج من تجربة معرفية لم يطمئن بها فعكف على النص الإسلامي من خلال القرآن الكريم والحديث؛ من أجل انارة العقل والفطرة الصافية.
وعمد إلى تخليص قضايا العقل من شوائب الأوهام مستعيناً على ذلك بتزكية النفس وتقواها مقتفياً إلى هدفه خطى المعصومين، ذلك أنه كان يرى في القرآن والحديث النبع الصافي الذي تستلم منه المعرفة الأصيلة ويلتمس فيه الهدى والنجاة.
وخلال إقامته التي امتدت لربع قرن في مشهد، عقد الميرزا الأصفهاني حلقات درسه وألف ما ألف من كتبه جاداً في طريقته شديداً في نقده للنظريات الفلسفية المتباينة مع المعرفة الإسلامية، معنياً بإيصال ما يهمه إلى تلاميذه.
وكان الأصفهاني مع ذلك من أعلام الفقه وفحول الأصول وألقى دروساً فيهما مدة من الزمن، وحيث كان يرى أن سد الفراغ في أصول الدين أهم وألزم أضاف إلى جلسات درسه في الفقه والأصول دروساً في معرفة المبدأ.
وقد برز من تلاميذه علماء إعلام، وقد حاول بعضهم أن ينظم هذا الاتجاه المعرفي، واختار له اسم "مدرسة التفكيك" ويقصد منها- التفكيك بين النص الإسلامي الأصيل وبين المزج الفلسفي الذي يحاول التأويل في النص حفاظاً على النظرية الفلسفية.
ويرى الميرزا الأصفهاني ضرورة التفريق بين العقل الذي أرشد إليه القرآن الأنبياء والحجج المعصومون، وبين ما سُمي بالعقل في المصطلح الفلسفي الذي هو عبارة عن البراهين- الاصطلاحية- المؤسسة من الأشكال الأربعة المنطقية، وكذا يرى لزوم فهم المفردات الدينية بعيدًا عن المصطلحات الفلسفية والمنطقية في مثل: (العلم) و(النور) و(الوجود) و(الروح) و(الحياة) وغيرها من المفردات المفتاحية المهمة..
وتعد قوة هذه المدرسة في مدينة مشهد الإيرانية حيث أقام الميرزا مهدي الأصفهاني، وحيث نلاحظ أن تيار الفلسفة والعرفان متراجع فيها بالقياس إلى سائر المناطق، ولا سيما في الحوزة العلمية. بل شكلوا ضغطًا على بعض قنوات التلفزيون لكيلا تبالغ في بث المحاضرات ذات الطابع العرفاني.
ومن أعلام هذه المدرسة، شيخ مجتبى قزويني، محمود حلبي، ميرزا جواد تهراني، سيد جعفر سيدان ومحمد رضا حكيمي، سيد موسي زرآبادي.
أساتذته
من أساتذة الميرزا الأصفهاني، والده الميرزا إسماعيل، والسيد محمد كاظم اليزدي، صاحب العروة الوثقى، والشيخ محمد كاظم الخراساني، المعروف بالآخوند، والشيخ محمد حسين النائيني، والسيد أحمد، المعروف بالكربلائي