بوابة الحركات الاسلامية : أبو مصعب السوري .. الجنرال الفيلسوف (طباعة)
أبو مصعب السوري .. الجنرال الفيلسوف
آخر تحديث: الثلاثاء 26/10/2021 10:41 ص حسام الحداد
أبو مصعب السوري.. "مصطفى الست مريم".. هو مصطفى بن عبد القادر بن مصطفى بن حسين بن أحمد المُزَيِّكْ الجاكيري الرفاعي. وتعرف عائلته اليوم "بست مريم" نسبة إلى جدة الأسرة "مريم". ولد في مدينة حلب عام 1958 ودرس في كلية الهندسة الميكانيكية في جامعة حلب. 
وتعتقد السلطات القضائية الإسبانية أن "أبو مصعب السوري" هو الذي أسس خلية تنظيم القاعدة في إسبانيا، قبل أن يسلم زعامتها إلى السوري عماد الدين بركات جركس الذي حكم عليه القضاء الإسباني مؤخرا بالسجن لمدة 27 عاما، إلى جانب متهمين آخرين، من بينهم مراسل تلفزيون قناة «الجزيرة» الفضائية القطرية تيسير علوني.

سوريا

التحق أبو مصعب السوري بتنظيم "الطليعة المقاتلة" الذي عمل ضد النظام السوري في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي – والذي أسسه مروان حديد في سورية. وتلقى عدداً من الدورات العسكرية بإشراف ضباط فارين من الجيش السوري في الأردن وضباط من الجيش العراقي والمصري في بغداد والقاهرة، وكانت هذه الدورات ضمن دعم النظامين العراقي والمصري لتنظيم الإخوان المسلمين ضد نظام البعث في سوريا لخلافات وجدت بين تلك الأنظمة في حينها. تخصص في علم هندسة المتفجرات وحرب عصابات المدن والعمليات الخاصة وعمل مدرباً في قواعد الجهاز العسكري لتنظيم الإخوان المسلمين في الأردن وفي معسكراته ببغداد. أثناء معارك حماة عينت قيادة تنظيم الإخوان المسلمين المقيمة في بغداد الشيخ أبا مصعب عضواً في القيادة العسكرية العليا بإمارة الشيخ سعيد حوى ونائباً للمسئول عن منطقة شمال غرب سوريا.
إثر دمار مدينة حماة وانهيار برنامج المواجهة مع النظام أعلن أبو مصعب انفصاله عن تنظيم الإخوان المسلمين احتجاجاً على إبرامهم "التحالف الوطني" مع الأحزاب العلمانية والشيوعية والفرع العراقي لحزب البعث وذلك لأسباب عقدية منهجية واحتجاجاً على الفساد وسوء الإدارة لدى الإخوان واعتبرهم مسؤولين عن دمار حماة وفشل وإجهاض الثورة الجهادية. وسجل فيما بعد تفاصيل ذلك في كتابه المشهور والذي أرَّخ فيه لتاريخ تلك التجربة ودروسها. شارك مرة أخرى مع عدنان عقلة في محاولة إعادة بناء "الطليعة المقاتلة" في سوريا لكن تلك المحاولة باءت بالفشل واعتقل عدنان عقلة ومعظم من تبقى من "الطليعة".

أفغانستان

تفرغ بعد ذلك لإحياء العمل الجهادي في بلاد الشام، وقد قادته تلك المحاولات إلى أفغانستان حيث تعرف في بيشاور على عبد الله عزام الذي أقنعه بالانضمام إلى تجمع المجاهدين العرب؛ ليضع خبراته العسكرية في تدريب الوافدين الجدد إلى أفغانستان. التحق بتنظيم القاعدة في بداية تأسيسه وقد كان قبل ذلك من المقربين من أسامة بن لادن خلال مرحلة الجهاد الأفغاني.
تعرف أبو مصعب خلال الجهاد الأفغاني على عبد القادر بن عبد العزيز صاحب كتابي "العمدة" و"الجامع"، واستفاد منه في تحصيله الشرعي وكان يتردد عليه دائماً ويعرض عليه كتاباته، وذكر مرة أنه لم ينشر كتابه "التجربة السورية" إلا بعد عرضه على عبد الله عزام ثم مراجعته وقراءته من قبل الشيخ عبد القادر بن عبد العزيز وإجازته له بنشره، كما عرض عليه البيان الأول لدعوة المقاومة الإسلامية العالمية قبل نشره وأجاز ما فيه من فتاوى.
انكب أبو مصعب السوري خلال فترة الجهاد الأفغاني على دراسة الكتب الشرعية وخاصة كتب ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، واهتم بتراث علماء السلف وكتب أئمة الدعوة النجدية، واهتم بمطالعة كتابات سيد قطب وعبد الله عزام، وتأثر بهما تأثراً بالغاً في منهجه وكتاباته. 
درس أبو مصعب أثناء وجوده في باكستان وأفغانستان في جامعة بيروت العربية في قسم التاريخ - بالمراسلة - وحصل على شهادة "ليسانس" في التاريخ من فرع الجامعة في عمان.
واقترب أبو مصعب السوري من قيادات تنظيم القاعدة ،التي استغلت خبراته العسكرية في تدريب "الأفغان العرب"، وعرف عنه ثقافته الواسعة وإجادته لأكثر من لغة أجنبية، وله مؤلفات كثيرة، أبرزها الموسوعة الضخمة "موسوعة المقاومة الإسلامية" في ستة أجزاء، وكان عقب خروجه من سوريا مقيما في لندن، ومدريد.. كان رافضا لفكرة تنفيذ عمليات عسكرية "إرهابية" ضد دول الغرب، خاصة هجمات 11 سبتمبر، وقد سبق له الاعتراض علانية على الهجمات الإرهابية التي نفذتها القاعدة في مدريد وفي باريس، وتوقع أن رد الفعل على تلك الهجمات سيكون وبالا على مستقبل التنظيم، بل ومستقبل الفكرة.

بريطانيا

سافر إلى بريطانيا بناء على دعوة قاري سعيد الجزائري الذي عاد من أفغانستان إلى الجزائر ليشارك في تأسيس "الجماعة الإسلامية المسلحة"، فمكث في لندن وعمل مع الخلية الإعلامية الداعمة للجهاد الجزائري، وكتب في نشرة الأنصار الجزائرية وغيرها من نشرات الجماعات الجهادية التي كانت تصدر من أوروبا خلال تلك الفترة وخاصة "الفجر" الليبية و"المجاهدون" المصرية، إلى أن انفصل عن الجماعة في بداياتها؛ بسبب الانحرافات التكفيرية التي حدثت فيها بفعل اختراق الجماعة الإسلامية من المخابرات الفرنسية والجزائرية، أسس في لندن "مكتب دراسات صراعات العالم الإسلامي" وقام المكتب بتنفيذ مشروع مقابلتين صحفيتين مع أسامة بن لادن؛ الأولى لصالح القناة التليفزيونية الرابعة في "bbc" والثانية مع شبكة "cnn".

أفغانستان مرة أخرى

على إثر نجاح حركة طالبان في إقامة الإمارة الإسلامية هاجر إلى أفغانستان وبايع الملا محمد عمر في قندهار وشكل مجموعة مجاهدة عملت ميدانياً مع الطالبان، كما عمل أبو مصعب مع وزارة الإعلام وكتب في جريدة "الشريعة" الناطقة الرسمية باسم الإمارة، وشارك في إعداد برامج إذاعة كابل العربية. 
أسس في أفغانستان "معسكر الغرباء" في قاعدة "قرغة" العسكرية الشهيرة في كابل بتعاون مع وزارة دفاع طالبان.. أسس في أفغانستان "مركز الغرباء للدراسات الإسلامية والإعلام" وأصدر مجلة "قضايا الظاهرين على الحق". وإثر سقوط "الإمارة الإسلامية" في أفغانستان اعتزل أبو مصعب وتفرغ للبحث والتأليف، ثم أعلن إنهاء عزلته ليستأنف نشاطه الميداني إثر نشر وزارة الخارجية الأمريكية مذكرة بحث واعتقال بحقه وتخصيصها مكافأة مالية للقبض عليه.

اعتقاله وإطلاق سراحه

اعتقلته السلطات الأمريكية مصادفةً في باكستان في عام 2005م ورحلته إلى سوريا ضمن برنامج الترحيل السري لوكالة المخابرات الأمريكية وفي مطلع عام 2012م، ويقال: إن السلطات السورية أطلقت سراحه انتقاماً بعد تأييد الخارجية الأمريكية للثورة السورية في بداياتها. يذكر أن "أبو مصعب السوري" كان قد أصدر على الإنترنت قبل اعتقاله عام 2005 بيانا تحدث فيه عن هجمات لندن 2005، وقال إنه لم يعلم عنها إلا من وسائل الإعلام، وتحدث أيضا عن مداهمة منازل الأصوليين في بريطانيا منذ عملية التحدي عام 1998، وحتى قبل أيام من تلك التفجيرات، وتطرق أيضا إلى تفجيرات مدريد وفرنسا.

أهم سلبيات طالبان

ونعرض هنا لأهم سلبيات طالبان كما جاء في كتاب "أفغانستان وطالبان ومعركة الإسلام" لأبو مصعب السوري حيث يقول:
  "فالطالبان خليط من المولوية وطلبة العلوم الدينية القدماء بالإضافة إلى من لحق بهم من الأحزاب وانضم إليهم من المجاهدين والكوماندات السابقين، بالإضافة للطلاب الجدد خريجي المدارس الدينية في باكستان أو التي افتتحت داخل أفغانستان بعد سيطرة الطالبان، وهم بحكم هذا الخليط كما كان حال الأحزاب الجهادية سابقاً والشعب الأفغاني عموماً كما عهدناه على مر السنوات الطويلة الماضية التي تعاملنا فيها، فباستثناء نخبة من كبار الطالبان وبعض علمائهم ولا سيما الذين تسنى لهم السفر للخارج والتعرف على المذاهب والدعوات الإسلامية، تنتشر في عامتهم السلبيات التالية :
أولاً: انتشار الصوفية بمختلف مراتبها من التربوية السلوكية المقبولة نسبياً إلى الصوفية البدعية المنحرفة.
ثانياً: التعصب للمذهب الحنفي
الأفغان السنة كلهم أحناف، وعلماؤهم كذلك والطالبان كذلك، وغالبهم متعصبون للمذهب، وتعصبهم على مراتب، فالعلماء منهم يعرفون أن هناك مذاهب أربعة يعترفون بها ولديهم كلام يعتبر مثالاً سائداً يقولون: (شار مذهب حق) يعني المذاهب الأربعة حق. 
ثالثاً: الجهل العام بأمور الدنيا ومن ذلك السياسة الدولية والاقليمية وأحوال حكام بلاد المسلمين من المرتدين الظالمين العملاء، والجهل العام بألاعيب السياسة الدولية عموماً ودور الدول الخائنة مثل السعودية والباكستان خصوصاً- على حد قول أبي مصعب- هذا الجهل ينعكس على المواقف السياسية بل على الأحكام الشرعية عندهم على هذه الحكومات والمواقف منها ولا سيما السعودية والباكستان والإمارات وبعض من وقف معهم واعترف بهم .
رابعاً: موقفهم من المحافل الدولية والأمم المتحدة
  صرح الطالبان أكثر من مرة وطالبوا بحقهم بعضوية الأمم المتحدة وبكرسي أفغانستان فيها إثر مشاكل متعددة، ومنها مشكلتهم مع إيران؛ طالبوا هذه المحافل بالتحقيق في الأمر، وبما يفهم منه الاحتكام إلى المحافل الدولية في فصل هذه المشاكل.. وهذا لا شك مشكلة كبيرة تعتبر من أكبر سلبيات طالبان، وعندي ربما كانت تعدل أو تزيد على مشكلة القبور والأضرحة، وقد أثار هذا شبهات كثيرة حول موقفنا من القتال معهم وسأفصل خلاصة جهدي في الاتصال ببعض كبار الطالبان من أجل إبلاغ الحق ونصحهم في هذا الأمر وتنبيههم وقد قام بهذا إخوة آخرون عديدون.
خامساً: انتشار المنظمات الصليبية في أفغانستان وعملها بحرية 
فإنه رغم التضييق في إيجابيات الطالبان على المنظمات الصليبية ونشاطاتها إلا أني أعتقد كما كثير من الإخوة أنه جهد غير كاف، ويبقى نشاط المنظمات وحرية حركتها وسياراتها التي ارتسمت عليها الصلبان الحمر، وشعارات الكفر من كل جانب، ورفرفت أعلامها فوق مكاتبها بكل حرية في الدولة الوحيدة التي يحكم فيها بشرع الله- سلبية كبيرة. 
سادساً: من السلبيات التي تذكر على الطالبان تعسفهم في بعض الحالات في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ نتيجة الجهل أو الفظاظة والبداوة ولا سيما بشتون وسط وجنوب أفغانستان الذين يشكلون القاعدة الأساسية للطالبان، فبعض جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمارسون هذه الشعيرة العظيمة بفظاظة منفرة. فأنا بنفسي ضُربت مرة بعصا على كتفي وإن كان بلطف واستخفاف من أجل أن أدخل لصلاة الجماعة في جلال آباد، وكنت قد صليت لأن الوقت دخل وكنت أريد السفر. 
سابعاً: سلبية ذكرت وهي قضية جمع السلاح الثقيل والمتوسط وربما الخفيف من الناس، وكثير من هذا السلاح كان ملكية لأصحابه أو غنائم أخذوها بجهادهم، وقد سبب هذا تمرد بعض القادة الذين كان بالإمكان أن يستوعبهم الطالبان. ولم يذكر الطالبان سبباً لهذا إلا قضية أن هذا هو السبيل الوحيد لضمان الأمن. 
ثامناً: يقول الكثير من شيوخ الطالبان في أفغانستان والباكستان والهند بتفسيق وتبديع المودودي، وكذلك سيد قطب وحسن البنا ومعظم رؤوس الإخوان المسلمين، ويصل أحياناً لتكفيرهم عند بعضهم وقد منعت كثير من كتبهم من الانتشار وصودرت ومنع بيعها، ويأتي هذا نتيجة إلى فتاوى قديمة لعلماء بلاد الهند والسند والباكستان وهم محترمون لدى الطالبان؛ وذلك نتيجة لبعض أفكار المودودي والإخوان في أمور يرونهم قد شطحوا بها كموضوع الحديث الصحابة والفتنة الكبرى وغير ذلك، وقد سبب هذا وأكده موقف الجماعة الإسلامية في باكستان وجماعات الإخوان وأعلامهم ضد الطالبان لصالح الأحزاب منذ انطلاقهم وإلى الآن تقريباً، مما رسخ بُغض كثير من الطالبان للإخوان ورموزهم القديمة والحديثة .
تاسعاً: ذكر بعض الإخوة في سلبيات الطالبان انتشار بعض الفساد الإداري وظهور شيء من الرشاوى ولم أر بنفسي شيئاً من هذا، ولكن سمعت بعض الأقاصيص وهي إن صحت مردها إلى الفقر والرواتب شبه الرمزية للموظفين حيث يتراوح الراتب الشهري ما بين 5-10 دولارات فقط حتى للأطباء والمهندسين.

كتبه

أفغانستان والطالبان ومعركة الإسلام اليوم.
ملاحظات حول التجربة الجهادية في سوريا.
مسئولية أهل اليمن تجاه مقدسات المسلمين وثرواتهم.
أهل السنة في الشام في مواجهة النصيرية والصليبية واليهود.
المسلمون في وسط آسيا ومعركة الإسلام
شهادة قادة المجاهدين والإصلاح على علماء السلطان في بلاد الحرمين.
باكستان "مشرف"؛ المشكلة والحل والفريضة المتعينة.
موسوعة "دعوة المقاومة الإسلامية العالمية."...ستة أجزاء.
مختصر شهادتي على الجهاد في الجزائر.