بوابة الحركات الاسلامية : (الشيخ الثامن والأربعون للجامع الأزهر).. جاد الحق علي جاد الحق (طباعة)
(الشيخ الثامن والأربعون للجامع الأزهر).. جاد الحق علي جاد الحق
آخر تحديث: الأربعاء 17/03/2021 11:30 ص
الشيخ الثامن والأربعون للجامع الأزهر
المشيخة: الثامنة والأربعون 
مدة ولايته : 14 عامًا 
من (13 جمادى الأولى 1402 هـ - 17 مارس 1982) إلى (16 مارس 1996) 
المذهب: غير معروف 
الوفاة: 16 مارس 1996
تتناول هذه النافذة، تاريخ مشيخة الأزهر، وتاريخ بطاركة الكنيسة المصرية من خلال التسلسل الزمني.. بغرض التعرف عن قرب على تاريخ الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، والأدوار الدينية والاجتماعية والسياسية والفكرية لهؤلاء الأعلام (المشايخ والبطاركة).. باعتبار ذلك جزءًا أصيلًا وفاعلًا من تاريخ مصر
ولد جاد الحق علي جاد الحق بقرية بطرة التابعة لمركز طلخا بمحافظة الدقهلية يوم الخميس 13 جمادى الآخرة سنة 1335 هـ الموافق 5 أبريل 1917 وتوفي يوم 16 مارس 1996م، وأجريت له المراسم الرسمية، ودفن بجوار مسجده في قريته بطرة ليكون بذلك الشيخ الثامنة والأربعون للجامع الأزهر على عقيدة أهل السنة. 
 نشأته وتعليمه 
نشأ في قريته بطرة وتربَّى فيها، وحفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم الْتحق بالمعهد الأحمدي بمدينة طنطا، وأنهى المرحلة الابتدائية به، ثم انتقل إلى القاهرة لاستكمال المرحلة الثانوية بها في معهد الدَرَّاسَة الأزهري وبعد اجتيازه للمرحلة الثانوية التحق بكلية الشريعة، وتخرَّج ميها عام 1363 الموافق 1944 م، وحصل على الشهادة العالمية، ثم تخصص في دراسة القضاء لمدة عامين من الدراسة، ليحصل على شهادة العالمية مع إجازة القضاء، ثم عمل في المحاكم الشرعية في عام 1366 هـ الموافق 1946، ثم عُيِّن أمينًا للفتوى بدار الإفتاء المصرية في عام 1373 هـ الموافق 1953، ثم عاد إلى المحاكم الشرعية قاضيًا في عام 1374 هـ الموافق 1954)، ثم انتقل إلى المحاكم المدنية في عام 1376 هـ الموافق 1956) بعد إلغاء القضاء الشرعي، وظلَّ يعمل بالقضاء، ويترقى في مناصبه حتى عُين مستشارًا بمحاكم الاستئناف في عام 1396 هـ الموافق 1976م ثم عين مفتيًا للديار المصرية في رمضان 1398 هـ الموافق أغسطس 1978) ثم عُيّن وزيرًا للأوقاف في ربيع الأول 1402 هـ الموافق يناير 1982. 
فترة ولايته 
 تولى مشيخة الأزهر في 13 جمادى الأولى 1402 هـ الموافق 17 مارس 1982م وقد عمل على تطوير الأزهر من خلال:
1- أنشأ العديد من المعاهد والجامعات الأزهرية في جميع أنحاء مصر؛ حيث كان عدد المعاهد الأزهرية لا يزيد عن 600 معهد وبلغت في عهده 6000 معهد. 
2- أنشأ معاهد أزهرية تخضع لإشراف الأزهر في تنزانيا وكينيا والصومال وجنوب إفريقيا وتشاد ونيجيريا والمالاديف وجزر القمر.. وغيرها من البلدان الإسلامية.
3- فتح باب الأزهر أمام الطلاب الوافدين من الوطن الإسلامي وخارجه وزاد من المنح الدراسية لهم حتى يعودوا لأوطانهم دعاة للإسلام.
4- فتح فروع لجامعة الأزهر في جميع أنحاء مصر وعقدت الجامعة في عهده لأول مرة مؤتمرات دولية في قضايا طبية وزراعية وثقافية مهمة تحدد رأي الأزهر والإسلام فيها.
5- ترميم أكثر من 1500 معهد أصيبت بزلزال أكتوبر عام 1992م بعد أن حث رجال الخير والمحسنين على التبرع بالمال لترميم تلك المعاهد وبناء معاهد جديدة.
6- الدعوة إلى قيام علماء الأزهر الشريف بمحاورة الشباب المتطرف الذي يفهم الإسلام فهمًا خاطئًا.
1- تحويل الأزهر الشريف إلى مدرسة مسائية للرجال والنساء ولنشر الثقافة الإسلامية الرفيعة، ولتوضيح حقائق الدين السمحة البعيدة عن التعصب والتشرذم والداعية للحب والسلام على شكل مركز مفتوح للدراسات الإسلامية ويتم فيها تدريس جميع فروع العلوم الإسلامية.
2- أنشأ 25 فرعًا بالمحافظات للجنة الفتوى التابعة للجامع الأزهر لخدمة المواطنين الذين يلجأون إليها للاستفسار عن أمور دينهم، واختار لها أعضاء من خيرة العلماء ممن لهم القدرة على الإفتاء.
مواقفه وفتاواه 
 له العديد من المواقف والفتاوى، منها: 
 الإمام والبهائية 
كان له موقف محدد من البهائية؛ حيث أصدر مجمع البحوث الإسلامية برئاسته بيانا أكد فيه على أن البهائية وباء فكــرى وحرب على الإسلام ويجب مكافحتها والقضاء عليها، وأن البهائيين أجرموا في حق الإسلام والوطن ويجب أن يختفوا من الحياة لا أن يجاهروا بالخروج عن الإسلام. وناشد البيان المسئولين ضرورة التصدي والوقوف بكل حزم ضد هذه الفئة وأمثالها، الباغية على دين الله وأن ينفذوا حكم الله فيهم كما بيّن بعض عقائدهم الفاسدة وأنهم أهل كفر وردة. 
الإمام ومؤتمر السكان 
عندما عقد مؤتمر السكان الدولي في القاهرة في شهر سبتمبر عام 1994م أعلن رفضه لبنود المؤتمر لأنها تناهض مبادئ الدين الإسلامي وتعد اعتداءً سافرًا على كرامة الإنسان الذي خلقه الله وفضله على العالمين؛ حيث أوصى المؤتمر إباحة العلاقات الجنسية الشاذة بين الرجل والرجل، وبين المرأة والمرأة، وإباحة حمل العذارى الصغيرات والحفاظ على حملهن، وإباحة إجهاض الزوجات الشرعيات الحرائر، واستنكر أن تناقش هذه البنود في بلد إسلامي كبير مثل مصر بدعوى الحرية وأصدر عدة بيانات شاملة عن مجمع البحوث الإسلامية، ترد على بنود المؤتمر بطريقة عقلية ودراسة عميقة باللغتين العربية والإنجليزية، واتصل بالرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك وأوضح له ما تحويه بنود المؤتمر أعلن الرئيس أنه لن يوافق إلا على ما يوافق عليه شيخ الأزهر.
الإمام ونصرة الأقليات المسلمة
كان نصيرًا للأقليات المسلمة المستضعفة في العالم وكان في حواراته الصحفية وبياناته المتكررة في كل المناسبات الدينية ينبه إلى خطورة التحديات التي تواجه الأقليات المسلمة في العالم ومما قال عن ذلك: إن الأقليات الإسلامية تتعرض لمحن قاتلة فهي مستضعفة في أوطانها مطرودة من ديارها ومساجدها ومدارسها مهددة بالتدمير، كما يحدث في الهند وكشمير وبورما، وبعض دول أوروبا دون ردع أو حماية من حكومات تلك البلاد، وكأن هؤلاء (الأقليات المسلمة) ليسوا من المواطنين لهم حقوق على تلك الحكومات وأن الأخوة الإسلامية تقتضي مؤازرة هؤلاء المستضعفين، والسعي لحماية حقوقهم، والحفاظ على حياتهم وأموالهم في وقت تتنادي فيه الدول والشعوب بالمساواة، وتتواصى بحقوق الإنسان وبحرمة العقائد والأديان. 
وكان دائمًا ما يطالب بوقف عمليات الاضطهاد التي يتعرضون لها، وكان له مواقف عظيمة وجريئة وشجاعة في عدد من الحالات التي تعرض فيها المسلمون للعدوان على أرضهم وأرواحهم وعقائدهم، وأشهر هذه المواقف موقفه من العدوان الصربي على المسلمين في البوسنة والهرسك فعندما نشبت حرب إبادة المسلمين في البوسنة أول من أعلن أن حرب الإبادة صليبية في المقام الأول وهدفها إبادة المسلمين في البوسنة.
وكان أول من دعا لعقد مؤتمر إسلامي في الجامع الأزهر عقب صلاة الجمعة لمناصرة شعب البوسنة والهرسك، وحضره عشرات الآلاف من المصلين، ودعا فيه إلى إقامة صلاة الغائب على شهداء المسلمين في البوسنة، وأعلن أن مسلمي البوسنة والهرسك لا يحتاجون إلى مجاهدين بقدر حاجتهم إلى المال والسلاح، ودعا المصلين والمسلمين في شتي بقاع العالم للتبرع بالمال في سبيل الله ومناصرة شعب البوسنة.
ونجح الإمام الراحل من خلال منصبه كرئيس للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة وتأييده التام لحملة لجنة الإغاثة الإنسانية بنقابة الأطباء بمصر في أن يجمع ملايين الدولارات تم إرسالها للمجاهدين في البوسنة، كما أوفد وفدًا من علماء الأزهر الشريف برئاسة الشيخ جمال قطب- عضو البرلمان المصري وقتئذ- إلى البوسنة ليستقصي أحوال المسلمين هناك، ويحث المجاهدين من شعب البوسنة على مواصلة الجهاد وعدم التنازل عن شبر واحد من أراضيهم.
كما أجري العديد من الاتصالات مع المنظمات الدولية, ووجه سلسلة من النداءات الدولية لإنقاذ مسلمي البوسنة, وكان له موقف شجاع في مناصرة المجاهدين في الشيشان, وقدم لهم كل الدعم المالي والمعنوي, وعندما نشبت حرب الشيشان بين الروس والشعب الشيشاني أصدر بيانا حول تلك الحرب أكد فيه على أنه لولا تمسك شعب الشيشان بإسلامهم ما حاربهم الدب الروسي كما قدم 
العديد من المنح الدراسية المجانية لأبناء البلدان الإسلامية المستضعفة حتى يعودا لأوطانهم دعاة للإسلام, وذلك من خلال الدراسة في الأزهر الشريف.
الإمام ونصرة القدس
كان دائم التأكيد على أن القدس ستظل عربية إسلامية إلى قيام الساعة رغم أنف الإسرائيليين وعندما قرر الكونجرس الأمريكي نقل السفارة الأمريكية إلى القدس أصدر بيانًا صريحًا وواضحًا أدان فيه العدوان الصهيوني المستمر على القدس، وأدان فيه القرار الأمريكي، وقال: "إن أمريكا تزعم أنها صديقة كل العرب، وهي أصدق في صداقتها بإسرائيل تؤيدها وتدفعها لمزيد من العدوان على العرب وحقوقهم، وتساعدها في وضع العراقيل نحو إتمام عملية السلام التي تتظاهر بدعمها، لكنه دعم غير عادل فهو دعم للمعتدين الظالمين واستهانة وهدم لقرارات منظمة الأمم المتحدة وإن الأزهر الشريف يرفض هذا القرار الظالم من أمريكا، التي تسعي في إتمام عملية السلام، ولكن هذا القرار أكد أن دعاة السلام صاروا دعاة للغدر والاغتيال للأرض والعرض والمقدسات لا يرعون حقا للغير، ولا يدعون إلى خير، وإنما يسعون في الأرض فسادًا .
ورفض الإمام الراحل سياسة التطبيع مع إسرائيل ما استمرت في اغتصابها للأرض العربية وكان مما قاله: "لا سلام مع المغتصبين اليهود، ولا سلام إلا بتحرير الأرض العربية، ورفض زيارة المسلمين للقدس بعدما أفتي بعض العلماء بجواز ذلك بعد عقد اتفاقية أوسلو عام 1993م بين السلطة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات والحكومة الإسرائيلية بقيادة إسحاق رابين وأعلنها الإمام.. إن من يذهب إلى القدس من المسلمين آثم آثم.. والأولى بالمسلمين أن ينأوا عن التوجه إلى القدس حتى تتطهر من دنس المغتصبين اليهود، وتعود إلى أهلها مطمئنة يرتفع فيها ذكر الله والنداء إلى الصلوات، وعلى كل مسلم أن يعمل بكل جهده من أجل تحرير القدس ومسجدها الأسير". 
كما رفض أن يستقبل الرئيس الإسرائيلي عيزرا وايزمان إبان زيارته للقاهرة وبعد عقد اتفاقية أوسلو عام 1993؛ مما سبب حرجًا شديدًا للحكومة المصرية وللرئيس الصهيوني.
كما أدان قيام يهودي متطرف بقتل عشرات المصلين الفلسطينيين في شهر رمضان داخل الحرم الإبراهيمي عام 1994م وأيد الانتفاضة الفلسطينية والعمليات الاستشهادية للمجاهدين الفلسطينيين، مؤكدًا على أن تحرير القدس لن يتم إلا بالجهاد والاستشهاد في سبيل الله ورفض الإمام الراحل ما تردد عن حصول إسرائيل على مياه النيل من خلال مشروع ترعة السلام، وقال مقولته الشهيرة: إن حصول إسرائيل على مياه النيل أصعب من امتلاكها سطح القمر. 
الإمام وختان الإناث
اعتبرها من شعائر الإسلام ولا يجوز لأحد أن يمنعها وتمسك الإمام الراحل بموقفه، بالرغم من الدعوي القضائية التي رفعتها ضده المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بمصر لإصداره فتوى تبيح ختان الإناث.
الإمام وفتوى الحجاب
تصدى الإمام لقرار وزير التعليم المصري بمنع الحجاب في المدارس المصرية والابتدائية وضرورة موافقة ولي أمر الطالبة في المرحلة الإعدادية والثانوية على ارتداء ابنته الحجاب؛ حيث أصدرت لجنة الفتوى بالأزهر برئاسته بيانًا أعلنت فيه أن القرار الوزاري يخالف الشريعة الإسلامية ونصوص الدستور واستند المحامين المصريين لهذه الفتوى عند التقاضي أمام المحاكم ضد وزير التعليم المصري حتى تم إلغاء هذا القرار.
مؤلفاته 
 له العديد من المؤلفات والأعمال، منها: 
1- عمل على اختيار الفتاوى ذات المبادئ الفقهية وجمعها من سجلات دار الإفتاء المصرية، ونشرها في مجلدات بلغت عشرين مجلدًا وتستند إلى المصادر والأصول التي تستمد منها الأحكام الشرعية وتشمل اختيارات الفتاوى ما صدر عن دار الإفتاء في الفترة من عام 1313 هـ الموافق 1895م حتى عام 1403 هـ الموافق 1982م. وضمت المجلدات الثامن والتاسع والعاشر من سلسلة الفتاوى اختيارات من أحكامه وفتاواه، وتبلغ نحو 1328 فتوى في الفترة التي قضاها مفتيًا للديار المصرية.
2- كتاب الفقه الإسلامي مرونته وتطوره.
3- بحوث فتاوى إسلامية في قضايا معاصرة.
4- رسالة في الاجتهاد وشروطه.
5- رسالة في القضاء في الإسلام.
6- مختارات من الفتاوى والبحوث.
7- أحكام الشريعة الإسلامية في مسائل طبية عن الأمراض النسائية مع القرآن الكريم.
8- النبي في القرآن الكريم.
9- هذا بيان للناس كتاب في جزءين، صدر عن الأزهر الشريف.
10- عشرات الأبحاث الفقهية التي اشترك بها في مؤتمرات علمية داخل مصر وخارجها.
 تكريمه 
 حصل على العديد من الأوسمة، منها: 
1- وشاح النيل وهو أعلى وشاح تمنحه الدولة في عام 1403 هـ الموافق 1983م بمناسبة العيد الألفي للأزهر.
2- وسام "الكفاءة الفكرية والعلوم" من الدرجة الممتازة من المغرب.
3- جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام في عام 1416هـ الموافق 1995م. 
وفاته 
توفي يوم الجمعة 25 من شوال 1416هـ الموافق 25 مارس 1996م عن عمر يناهز التاسعة والسبعين متأثرًا بأزمة قلبية.