بوابة الحركات الاسلامية : الشيخ عطية صقر.. موسوعة الفتاوى (طباعة)
الشيخ عطية صقر.. موسوعة الفتاوى
آخر تحديث: الخميس 09/12/2021 08:09 ص
في مثل هذا اليوم 9 ديسمبر 2006، توفي الشيخ "عطية صقر"،عن عمر يناهز الـ 92 عامًا في قريته بهنباي بالشرقية في دلتا مصر.
نال شهرة واسعة من خلال برامجه التلفزيونية و الإذاعية الدينية، خاصة في مجالات الفتاوى،  
وتعرض للكثير من الانتقادات، بسبب فتاواه المتشددة أحيانا،  والتي تسببت في وقف برنامجه الشهير "فتاوي وأحكام".
بدأ صقر بفتاواه الحكم بريوية الفوائد البنكية، ودفاعه عن ختان الإناث بأنه بين الوجوب والاستحباب، ولقي بسبب بعض فتاواه الكثير من المشاكل حتي جاءت فتواه الشهيرة بتحريم مصافحة المرأة الأجنبية أثناء برنامجه التلفزيوني "فتاوى وأحكام" مما تسبب حالة من الجدل والخلاف أدت إلى ايقاف البرنامج لفترة وأيضا في تنحيته عن منصب رئيس لجنة الفتوي بالأزهر الشريف عام 2002.

نشأته:

ولد الشيخ عطية صقر 22 من نوفمبر 1914، في قرية بهنباي مركز الزقازيق بمحافظة الشرقية.
بدأ في حفظ القرآن الكريم وعمره 9 سنوات، ثم التحق بالمدرسة الأولية، والتحق بعدها بمعهد الزقازيق الديني عام 1928، ثم التحق بكلية أصول الدين، وحصل منها على شهادة العالمية سنة 1941، وحصل على العالمية، مع إجازة الدعوة والإرشاد سنة 1943، وكان ترتيبه الأول.

حياته العملية:

في 16 أغسطس 1943، بدأ حياته خطيبًا في مسجد عبد الكريم الأحمدي بباب الشعرية، ثم عُين واعظًا بالأزهر بعد ذلك بعامين سنة 1945، في طهطا جرجاوية، ثم في السويس، ثم في رأس غارب بالبحر الأحمر، ثم في القاهرة، ورقي إلى مفتش، ثم مراقب عام بالوعظ، حتى أحيل إلى التقاعد في نوفمبر سنة 1979م.
في أعقاب ذلك، عُين سفيرًا للأزهر في اللجنة العليا للعلاقات الخارجية بوزارة الخارجية، واللجنة الوزارية للتثقيف الصحي، ومترجمًا بمراقبة البحوث والثقافة، ووكيلاً لإدارة البعوث، ومدرسًا بالقسم العالي للأزهر.
وعمل في أثناء ذلك مترجمًا للغة الفرنسية بمراقبة البحوث والثقافة بالأزهر سنة 1955، ووكيلاً لإدارة البعوث سنة 1969، ومدرسًا بالقسم العالي للدراسات الإسلامية والعربية بالأزهر، ومديرًا لمكتب شيخ الأزهر سنة 1970، وأمينًا مساعدًا لمجمع البحوث الإسلامية.
وبعد التقاعد عمل مستشارًا لوزير الأوقاف، وعضوًا بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وعضوًا بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، ورئيسًا للجنة الفتوى، وانتخب عضوًا بمجلس الشعب سنة 1984، وعين عضوًا بمجلس الشورى سنة 1989، ومديرًا للمركز الدولي للسُّنَّة والسيرة بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالأوقاف سنة 1991.

رحلاته لنشر الدعوة:

كان الشيخ عطية صقر، كثير الرحلات لمختلف البلدان لنشر الدعوة الإسلامية، فسافر إلى إيران والكويت، والإمارات وغيرهم من الدول التي نشر فيها علمه.
تعاقد مع وزارة الأوقاف بالكويت سنة 1972 لمدة سبع سنوات، وسافر في رحلات إلى إيران، ثم إندونيسيا سنة 1971م، وليبيا سنة 1972، والبحرين سنة 1976، والجزائر سنة 1977، كما سافر في مهام رسمية بعد التقاعد إلى نيجيريا والسنغال وبنين والولايات المتحدة الأمريكية وباكستان وبنجلاديش والعراق، وزار باريس ولندن وماليزيا وبروناي وسنغافورة والاتحاد السوفيتي.

مشاركته في البرامج الدينية:

شارك في البرامج الدينية بالإذاعة والتليفزيون، حيث كان يقوم بالخطابة والوعظ، كما كانت تنشر له الصحف والمجلات، وكان يعقد الندوات في دور التعليم والمؤسسات المختلفة، مع نشاطه في لجنة الفتوى، ومجمع البحوث الإسلامية، والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والرد على الاستفسارات الدينية تحريريًّا وشفويًّا، إلي أن تم وقف أشهر برامجه الدينية "فتاوي وأحكام"، بسبب إحدي الفتاوي التي تحرم مصافحة المرأة الأجنبية، وهو الأمر الذي أثار ضده الرأى العام آنذاك، أدي إلي منع ظهوره مرة اخري بالتلفزيون المصري، خشية حدوث فتنة.

كلمات في مدح الشيخ صقر:

يقول المستشار عبدالله العقيل:لقد عرفته بالكويت فترة طويلة حيث عمل بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وكنت مديرًا للشؤون الإسلامية، وكانت له إسهامته الكثيرة في المحاضرات والندوات والدروس والخطب المنبرية والإذاعية والفتاوي والبحوث والدراسات وعلى قدر كبير من الخلق الفاضل والعلم الغزير والتواضع لطلبة العلم وعموم الناس، ولقد تخرج على يديه الكثير من الشباب الذين يواظبون على حضور دروسه ومحاضرات وخطبه وندواته، فضلاً عن الإسهامات العلمية داخل الوزارة وخارجها، وكان مسالمًا متسامحًا مع مخالفيه يأخذهم بالرفق، ويؤثر مناصحة الحكام على مصادقتهم، ويرضى بالقليل منهم، ويرى التدرج في الخطوات لتحقيق الأهداف ويعتبر أن ميدانه هو الوعظ والإرشاد والنصح والتوجيه.
أما الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر، قال: إن الذي يعزينا في فقدان الشيخ صقر هو ما قدمه للإسلام والمسلمين من علم أضاء للناس جميعًا أمور دينهم ودنياهم، فكل فتاواه مهمة.
وأوضح الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية: الشيخ صقر كان أحد أهرامات مصر العلمية، فقد كان يجمع بين العلم وحُسن العرض، وانتفاء الكلمة الأنيقة، وطلاقة الحديث، والإحاطة العلمية، ووصفه كذلك بأنه صاحب فكر وسطي لا يخشى في الله لومة لائم.
أما الشيخ عبد الله مجاور، أمين عام اللجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر - فقد ذهب إلى تأكيد أن الشيخ: كان معطاء لآخر لحظات حياته، فكان حريصًا على أداء المحاضرات للطلاب الوافدين من مختلف العالم الإسلامي، وأكبر دليل على ذلك أنه ألقى محاضرة الأسبوع الماضي قبل وفاته للطلاب الوافدين، حيث كان مقررًا أن يلقي تلك المحاضرات كل أسبوع.
الشيخ أبو عبد الرحمن غنيم المصري، قال: كان صقر موسوعة فقهية، إلا أنه سلك مذهب الأشاعرة في الصفات، وأخذ من المتصوفة مسألة التوسل، وتجويز اتخاذ القبور المساجد.

مؤلفاته :

للشيخ صقر مؤلفات علمية مكتوبة تزيد على 31 مؤلفًا علميًا:
1- الدعوة الإسلامية دعوة علمية، وهو الكتاب الفائز بجائزة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
2-  الأسرة تحت رعاية الإسلام، يقع في ستة مجلدات.
3-   دراسات إسلامية لأهم القضايا المعاصرة.
4-    الدين العالمي ومنهج الدعوة إليه.
5- العمل والعمال في نظر الإسلام.
6-    الإسلام ومشاكل الحياة.
7-  الحجاب وعمل المرأة.
8-   البابية والبهائية.. تاريخًا ومذهبًا.
9-  فن إلقاء الموعظة.
10- بيان للناس عن موقف الإسلام من التيارات الحديثة.
11- أوضح الكلام في الفتاوى والأحكام، وهو في عدة أجزاء.

كذلك له، إنتاج علمي مسموع يزيد كثيرًا في الكم على ذلك التراث المقروء، فلقد قدم الشيخ عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية الكثير من الإنتاج العلمي في كافة فروع الشريعة، وبخاصة سلسلة فتاوى وأحكام في فقه العبادات، وسلسلة فقه الأسرة، فضلا عن برامج الفتاوى عبر شبكة القرآن الكريم.

رأيه في السلفية:

وفي سؤال للشيخ عطية صقر، حول وجود جماعة تطلق على نفسها اسم السلفيةويقصدون بهذه التسمية الرجوع إلى الأيام الأولى للإسلام، ويقاطعون كل شيء جديد بتهمة أنه بدعة، لم تكن أيام السلف، فما حكم الدين في ذلك؟، قال، في كتابه "أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام"،: كثرت الفرق والجماعات في التاريخ الإسلامي كما كثرت في الأديان السابقة ،وإلى جانب الواقع الذي يشهد لذلك ورد حديث النبي صلى الله عليه وسلم يقول"افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وستين فرقة ،وستفترق أمتي على ثلاث وستين فرقة، كلها في النار إلا واحدة"قيل"وما هي يا رسول الله؟"، قال: "هي التي على ما أنا عليه وأصحابي"رواه أحمد وأبو داود ،وجاء في بعض الروايات"سبعين"بدل "ستين".
وأضاف في كتابه: لقد وجدت فرق كثيرة بقدر العدد المذكور في الحديث وحاول بعض المؤلفين في الفرق كالبغدادي وغيره أن يحصرها في هذا العدد، وإن كان البعض يرى أن العدد لا مفهوم له،وأن المراد هو بيان كثرة الفرق ، على غرار ما قالوا في تفسير قوله تعالى"استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم".
وتابع: الملاحظ أن كل فرقة في العقائد أو الفروع تحاول أن تجعل نفسها الفرقة الناجية وذلك من آثار التعصب، الذي تخلقه أو تساعد عليه عوامل كثيرة،وأهل السنة قالوا :نحن الفرقة الناجية ، وهم أعدل الفرق ، وإن كانوا هم أيضاً قد تفرقوا فرقاً صغيرة ،كالأشعرية والماتريدية.
وقال: مميز وظهر أخيراً من يطلقون على أنفسهم "السلفية" نسبة إلى السلف أي القدامى وحددهم ابن حجر حين سئل عن عمل المولد النبوي بأنهم أهل القرون الثلاثة ، وشاعت هذه التسمية عند الوهابيين الذين يأخذون بمذهب محمد بن عبد الوهاب ، الذي انتشر في السعودية وصار مذهباً لهم، و ذلك لتبرمهم بأن منبعهم هو هذا المذهب الجديد ، الذي اهتموا فيه بآراء ابن تيمية، وعملوا على نشرها في العالم الإسلامي كله.
وأضاف صقر في كتاب: أن السلف الصالح ينبغي أن نحترمهم ، لأنهم خير القرون التي تلت قرن الصحابة واحترامهم يكون بالاقتداء بهم في سلوكهم،أما منهجهم الفكري فلا يجب التزامه في كل شيء، ونحن نعلم أن السلف والخلف مختلفان في موقفهم من الآيات المشتبهات التي فيها إثبات اليد والعين لله، فالسلف يؤمنون بها على ظاهرها مع اعتقاد أنه سبحانه ليس كمثله شيء ، والخلف يؤولونها على معنى القدرة والعناية ، أي بما يلزم هذه الأشياء وجاءت المقولة في ذلك عند علماء الكلام:مذهب السلف أسلم ، ومذهب الخلف أحكم.

موقفه من الإخوان:

اعتبر الشيخ عطية صقر، أن جماعة الإخوان المسلمين، هي حركة اتخذت الدين ستاراً لمصالحها، وجاء رأيه خلال رده علي كتاب "الفريضة الغائبة"، لعبدالسلام فرج ورد على بعض أفكار الإخوان، وقال صقر ردا علي فرج: ظهرت بعض حركات أشبه بالفقاقيع على سطح الماء، اتخذ فيها الدين ستاراً يختبئ وراءه المغرضون، واستغلتها بعض التجمعات لتحقيق مصالحهم الشخصية، في إشارة لجماعة الإخوان.
 وحمل الغير على حكم غير مقطوع به أو الفتوى بغير علم قد تؤدى إلى الهلاك أو الفساد بوجه عام، والتكبر على الرجوع إلى أهل الاختصاص فى كل شىء غرور لا ينتج إلا الفوضى، وأن العلماء المتخصصين موجودون بكثرة والحمد لله. 
وأضاف: أما عن التمكين للمسلمين فقد حدث والحمد لله، وأورث الله المسلمين أرض المشركين فى جزيرة العرب، وأمنهم على دينهم وذلك بفتح مكة التى كانت معقل الشرك، فصارت بلداً إسلامياً، وأما التهديد بالميتة الجاهلية لمن ليس فى عنقه بيعة هو لمن تخلف عن الجماعة المبايعة لإمامها وشذ عنها، وشق عصا الطاعة عليها، ولكن من هى الجماعة؟ هى عامة المسلمين أوعلماؤهم الذين يسير الناس على هدايتهم، وليست الجماعة المزعومة التى تدعى أنها هى وحدها على الحق، وغيرها من عامة المسلمين ليسوا منها.

الجوائز التى حصل عليها :

حصل الشيخ صقر علي العديد من الجوائز، كان أبرزها: جائزة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى سنة 1983م، كمل حصل على نوط الامتياز من الطبقة الأولى سنة 1989م.

أبرز الفتاوي:

1- فتوى الفوائد البنكية، حيث أصدرت دار الإفتاء المصرية في شهر سبتمبر عام 1989م فتوى تتعلق بالفوائد الممنوحة على ودائع الأفراد والشركات لدى البنوك، واتجه الرأي بموجب تلك الفتوى إلى إباحة تلك الفوائد، إلا أن لجنة الفتوى بالأزهر الشريف برئاسة الشيخ صقر كان من رأيها عدم إباحة تلك الفوائد، وخلال فترة رئاسة الشيخ لتلك اللجنة ظل هذا هو رأي لجنة الفتوى.
2- وفي فتوى: تحريم مخالفة الوالدين في اختيار الزوج أو الزوجة "حرام"، إذا كان لهما رأي ديني في الزوج والزوجة يحذران منه، أما إذا كان رأي الوالدين ليس دينيًا، بل لمصلحة شخصية، أو غرض آخر، والزواج فيه تكافؤ وصلاح، فلا حرمة في مخالفة الوالدين، ومطلوب أن يكون هناك تفاهم بالحسنى بين الطرفين، رجاء تحقيق الاستقرار في الأسرة الجديدة، وحتى يتحقق الغرض الاجتماعي من الزواج الذي ليس هو علاقة خاصة بين الزوج والزوجة، وإنما هو علاقة أيضًا بين أسرتين، وفيه دعم للروابط الاجتماعية.
3-    وفي فتوى أخرى عن: تعلُّم اللغات من فروض الكفايات؟، قال صقر: لابد أن يكون في المسلمين من يعرف اللغات الأجنبية، لحاجة الدعوة إليها بوجه خاص، وإلى إمكان التعايش مع العالم، الذي لا غنى للتعايش معه، ولا يوجد نص يمنع ذلك، بل يوجد ما يدعو إليه ويؤكده.
4- كذلك كان لصقر فتاوي عديدة أخري، أبرزها، دفاعه عن ختان الإناث بأنه بين الوجوب والاستحباب، وتحريم الاحتفال بيوم "شم النسيم" ووصفه له بـ"البدعة"، وتحريم الذهاب إلي الأفرح التي بها غناء ورقص، وتحريم مصافحة المرأة الأجنبية ووصفها بأنها تعتبر "زنا"، الذي تسببت في وقف برنامجه.

وفاته:

توفي الشيخ صقر في يوم 9 ديسمبر عام 2006، عن عمر يناهز الـ92 عامًا في مركز الطب العالمي بالهايكستب بالقاهرة، ودفن في مسقط رأسه قريته بهنباي بمحافظة الشرقية.