بوابة الحركات الاسلامية : " المجلة " ترصد اثر وجود الملالي في أمريكا اللاتينية (طباعة)
" المجلة " ترصد اثر وجود الملالي في أمريكا اللاتينية
آخر تحديث: الخميس 08/10/2020 09:39 ص روبير الفارس
رصدت مجلة المجلة في عددها الأخير اثر وجود وإرهاب الملالي في أمريكا اللاتينية .من خلال دراسة للدكتوراه صدفه محمد محمود الباحثة المتخصصة في شؤون امريكا اللاتينية .وحول 
مستقبل الحضور الإيراني في القارة اللاتينية كتبت الدكتورة صدفة تقول 
في ضوء العقوبات الأميركية المفروضة على إيران والرئيس الفنزويلي، يمكن القول إن مستقبل التواجد الإيراني في أميركا اللاتينية سوف يتحدد بناءً على عدة عوامل ومتغيرات، من أهمها:

1- استمرار نظام مادورو: من المرجح أن تجد إيران صعوبة كبيرة في إنجاح خططها إذا انهار النظام الحاكم في فنزويلا، سواء بسبب الضغوط الخارجية أو الداخلية. وإذا انهار نظام مادورو، يمكن أن تكون كوبا ونيكاراغوا هي التالية، وبذلك ينهار شركاء إيران الباقون في نصف الكرة الغربي.

لذا، يأتي التركيز الإيراني على مساعدة صناعة النفط الفنزويلية، التي توفر 90 في المائة من دخل البلاد. وتُظهر الشحنات الأخيرة من النفط الإيراني إلى فنزويلا، ونقل الذهب الفنزويلي إلى طهران عبر الطائرات الإيرانية التزام طهران الشديد تجاه شريكتها على الرغم من العقوبات الأميركية والمسافة الجغرافية البعيدة.

وبالتزامن مع الأزمة الاقتصادية الحادة التي تواجهها فنزويلا، فإنها تعاني من أزمة إنسانية طاحنة مع تعطل شبكة الكهرباء، وتعثر توزيع الغذاء، وانتشار الفقر والجوع، وتردي النظام الصحي. ومع تراجع الإيرادات الحكومية، في ظل ضعف قدرتها على استخراج وتصدير النفط، فقد لا تتمكن في المستقبل من شراء المواد الغذائية والأدوية، التي تستورد معظمها في الوقت الحالي. وقد تكون روسيا والصين على استعداد لتقاسم بعض العبء مع إيران لحماية بصمتهما الجيوسياسية في أميركا اللاتينية.

2- القدرة على مواجهة الضغوط الأميركية: يتحدد جانب أساسي من قدرة إيران على الاستمرار في الانخراط في أميركا اللاتينية على مدى نجاحها في الاستجابة المرنة للضغوط الأميركية، ومدى وجود دعم ومساندة دولية للعقوبات الأخيرة المفروضة على إيران والرئيس الفنزويلي.

وبالفعل، تسببت العقوبات الأميركية على فنزويلا وإيران في خفض عائداتهما من صادرات النفط، مما أدى إلى خسارة أكثر من ثلثي قيمة الريال الإيراني وارتفاع حجم العجز المالي في طهران، كما فقدت 150 مليار دولار من إيراداتها بسبب العقوبات الأميركية وفقًا لتصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني. وفي الوقت نفسه، أدت العقوبات الأميركية إلى خفض صادرات فنزويلا من النفط إلى أقل من 400 ألف برميل يوميًا، وهو الأدنى منذ حوالي 80 عامًا. مما أدى إلى معاناة فنزويلا من أكبر انكماش اقتصادي في تاريخها الحديث، وارتفاع معدل التضخم إلى مستويات غير مسبوقة.

وفي هذا الإطار، يمكن أن تؤدي حملات الضغط القصوى الأميركية المشددة ضد كلا البلدين إلى تقليص التعاون العسكري بينهما ومنع وصول الصواريخ الإيرانية إلى نصف الكرة الغربي. ومع ذلك، فإن انتهاء حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران في أكتوبر قد يؤدي إلى إزالة عقبة رئيسية أمام خطط البلاد لتصدير صواريخ إلى فنزويلا.

3- فوز ترامب في الانتخابات الأميركية: إذا كان ترامب سيحصل على فترة ولاية ثانية في نوفمبر  المقبل، فمن المحتمل أن تواصل إدارته جهودها للإطاحة بحكومة مادورو مما قد يؤدي إلى طلب كاراكاس المساعدة العسكرية من الجمهورية  الإيرانية، حيث يمكن نقل تكنولوجيا الصواريخ الإيرانية إلى فنزويلا من أجل تعزيز دفاعات الدولة الأميركية الجنوبية في المستقبل. ومن خلال إقامة علاقات أقوى مع حكومة مادورو، من المرجح أن يتمكن الإيرانيون من تعزيز قدرتهم على إجبار الولايات المتحدة على التعامل مع رد فعل غير متوقع في نصف الكرة الغربي في حالة استمرار «الضغط الأقصى» على طهران في منطقة الشرق الأوسط.

4- التحول نحو اليسار: بالرغم من الضغوط التي تمارس على إيران وفنزويلا وغيرهما من الدول المتحالفة مع طهران، والتي يمكن أن تتسبب في إضعاف العلاقات بينها، إلا أن العلاقات العسكرية والمالية والصناعية المشتركة، ستظل كافية لزيادة الضغط على الولايات المتحدة وحلفائها في القارة اللاتينية، خاصة إذا تحولت دول القارة مرة أخرى إلى اليسار الراديكالي، وذلك في ظل استعداد بعضها لإجراء انتخابات رئاسية خلال العامين المقبلين، ومنها: بوليفيا، وشيلي، والإكوادور، وهندوراس، ونيكاراغوا، وبيرو، والبرازيل، وكولومبيا.

ويرتبط تحول دول أميركا اللاتينية من اليمين إلى اليسار، بقدرة الحكومات اليمينية الموجودة حاليًا في السلطة على مواجهة الأزمات المتلاحقة التي تواجهها بلدانهم، والتي تفاقمت بفعل التأثيرات السلبية لأزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).

ومن جملة ما سبق يمكن القول إن الوجود الإيراني في أميركا اللاتينية يواجه في الوقت الراهن تحديات مهمة، مع استمرار حملة الضغط القصوى التي تشنها واشنطن ضد إيران وحليفتها فنزويلا، وتتأكد هذه التحديات مع استعداد الإدارة الأميركية خلال الفترة المقبلة لفرض المزيد من العقوبات ضد النظامين الإيراني والفنزويلي مع قرب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في شهر نوفمبر المقبل. وجاء في الدراسة
ان الإدارة الأميركية والعديد من حكومات أميركا اللاتينية تنظر  إلى المحاولات الإيرانية المتواصلة لتعزيز حضورها هناك باعتباره يُمثل تهديدًا لأمنها ومصالحها القومية، وقد كان لزيادة الوجود الإيراني في القارة اللاتينية تداعيات عدة، وإن كانت هناك العديد من القيود التي تحول دون ترجمة هذا الحضور إلى نفوذ حقيقي، وذلك كما يتضح فيما ما يلي:

1- استهداف المصالح الأميركية: تسعى طهران من خلال تعزيز حضورها العسكري في أميركا اللاتينية إلى تهديد الأمن القومي الأميركي واستهداف مصالح واشنطن في المنطقة. كما أنها تعمل على تدشين منصة لتنفيذ هجمات غير متكافئة ضد الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية. وفي هذا الإطار، كشف مسؤولون أميركيون النقاب عن أن عملاء إيرانيين حاولوا تجنيد أعضاء في عصابة الاتجار بالمخدرات المكسيكية «زيتاس» لاغتيال السفير السعودي في واشنطن في أكتوبر  2011.

وبالرغم من محاولات إيران تهديد الأمن القومي الأميركي في نصف الكرة الغربي، فإن حسابات طهران لاستخدام القوة العسكرية على بعد 450 كيلومترًا من الحدود الأميركية تختلف بشكل صارخ عن تلك التي تدفعها إلى استفزاز واشنطن في الخليج العربي. لذا فإنه من المحتمل أن لا تستهدف طهران الأراضي الأميركية بشكل مباشر، انطلاقًا من أميركا اللاتينية. وبدلاً من ذلك، فإن إيران تستفيد من علاقتها مع فنزويلا في إضفاء الشرعية على محور المقاومة المناهض للولايات المتحدة. كما يُسهم دعم طهران المتزايد لكاراكاس في تذكير واشنطن بأنها لا تتحدى المصالح الأميركية في الشرق الأوسط فحسب، بل تتحداها أيضًا في «فنائها الخلفي».

2- تهديد الأمن الإقليمي اللاتيني: تستغل إيران دول أميركا اللاتينية في إرسال مقاتلين (على وجه التحديد من حزب الله) وإنشاء خلايا إرهابية وتدريب الميليشيات المسلحة في القارة اللاتينية، وهو ما مكنها من تهديد أمن واستقرار بعض دولها، وكان في مقدمتها الأرجنتين التي شهدت أكبر عمليتين إرهابيتين في تاريخها المعاصر خلال تسعينات القرن العشرين، وذلك عندما استهدف تفجير إرهابي، السفارة الإسرائيلية في بوينس آيرس، مما أسفر عن مقتل 29 شخصًا وإصابة 242 آخرين وذلك في 17 مارس  1992.

بالإضافة إلى وقوع تفجير إرهابي ثان في 18 يوليو  1994، استهدف مبنى جمعية الصداقة اليهودية- الأرجنتينية في بوينس آيرس. وعقب سنوات من التحقيقات، تمَّ توجيه الاتهام للحكومة الإيرانية وحزب الله بالمسؤولية عن تنفيذ التفجيرين.

3- دعم النظم التسلطية: تقوم إيران من خلال تقديمها المساعدات لبعض النظم الاشتراكية في أميركا اللاتينية وفي مقدمتها فنزويلا، بتوفير شريان حياة لتلك النظم التي تعاني من الضغوط والعقوبات الأميركية. وتُمثِّل شحنات البنزين الإيرانية الأخيرة إلى فنزويلا التزامًا متجددًا بين البلدين، وكلاهما يُعاني من عزلة مالية ودبلوماسية متزايدة. ومع ذلك، فإن هذه العلاقة ليست جديدة، وقد أصبحت تكتيكية أكثر منها استراتيجية.

لذلك لا ينبغي أن يُنظر إلى المساعدات الإيرانية لفنزويلا على أنه تُمثِّل تهديدًا لحملة الولايات المتحدة ضد مادورو. ولا تزال إيران وفنزويلا يتعاونان أقل بكثير مما كانا عليه خلال سنوات حكم الرئيس الفنزويلي السابق هوغو شافيز. علاوة على ذلك، فإن شحنات البنزين الإيرانية محدودة للغاية لتلبية طلب فنزويلا المتزايد، كما أن إيران غير قادرة مؤسسياً وتجارياً على أن تحل محل شركة روسنفت الروسية بصفتها شريان الحياة لنظام مادورو، وذلك عقب فرض واشنطن عقوبات على الشركة الروسية بسبب علاقاتها مع شركة النفط الفنزويلية الحكومية، الأمر الذي دفع روسنفت إلى إنهاء عملياتها في فنزويلا، وبيع الأصول المرتبطة بأنشطتها إلى شركة مملوكة للحكومة الروسية.