بوابة الحركات الاسلامية : في تفسير استمرارية التنظيمات الجهادية الإرهابية: “داعش” نموذجاً (طباعة)
في تفسير استمرارية التنظيمات الجهادية الإرهابية: “داعش” نموذجاً
آخر تحديث: الثلاثاء 26/10/2021 03:06 م حسام الحداد
يعمل الدكتور حسنين توفيق إبراهيم في ورقة بحثية جديدة صادرة عن مركز تريندز بعنوان "في تفسير استمرارية التنظيمات الجهادية الإرهابية: “داعش” نموذجاً"، على رصد وتحليل أهم العوامل التي تفسر استمرارية تنظيم “داعش”، وتغذي هذه الاستمرارية، رغم الهزيمة العسكرية الثقيلة التي مُني بها التنظيم، والضربات الأمنية الموجعة التي تلقاها. كما تسلط الورقة الضوء على ملامح مستقبل “داعش” في ضوء التحولات الراهنة على مستوى استراتيجيته الحركية وانتشاره الجغرافي من ناحية، والمستجدات الأمنية والسياسية على الصعيدين الإقليمي والدولي من ناحية أخرى. وسوف تتم مقاربة حالة “داعش” في سياق مقارن مع بعض التنظيمات الجهادية الإرهابية التي مارست العنف والإرهاب لفترات من الزمن ثم اندثرت بفعل عوامل وأسباب متعددة.
ويقول في المقدمة: لم تنقطع ظاهرة التنظيمات الجهادية الإرهابية في العالم العربي منذ سبعينيات القرن العشرين. وقد سار تطور هذه الظاهرة وفق نمط شبه عام مفاده أن هناك تنظيمات تظهر إلى حيز الوجود، وتستمر لفترة من الزمن، ثم تندثر لأسباب مختلفة. ويعقب ذلك أو يتزامن معه ظهور تنظيمات جديدة؛ الأمر الذي أدى إلى استمرارية هذه الظاهرة. فعلى سبيل المثال، اندثرت تنظيمات لعبت أدواراً بارزة على صعيد ممارسة العنف والإرهاب في فترات تاريخية مختلفة مثل “الجماعة الإسلامية” و”تنظيم الجهاد” في مصر، و”الجيش الإسلامي للإنقاذ”، والذي كان بمثابة الجناح العسكري لـ “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” في الجزائر، و”الجماعة الإسلامية المقاتلة” في ليبيا. ولكن بالمقابل هناك تنظيمات جهادية إرهابية حافظت على استمراريتها، مثل “تنظيم القاعدة” الذي ترجع بدايات نشأته إلى ثمانينيات القرن العشرين، و”تنظيم داعش” الذي ترجع بدايات تأسيسه إلى عام 2004، باعتباره فرعاً تابعاً لـتنظيم “القاعدة”، وبعد نحو عشر سنوات خرج من عباءة “القاعدة”، وأصبح منافساً شرساً له. وهذا التباين في قدرة التنظيمات الجهادية الإرهابية على الاستمرار يطرح سؤالاً حول أهم العوامل التي تؤدي إلى اندثار مثل هذه التنظيمات أو تعزز من قدرتها على الاستمرار.
في أعقاب إعلان الهزيمة العسكرية لتنظيم “داعش” في العراق (ديسمبر 2017) وسوريا (مارس 2019)، توقع البعض قرب نهاية التنظيم واندثاره. وقد استندوا في ذلك إلى عدة مؤشرات؛ منها: تدمير قدراته العسكرية الثقيلة، ومقتل الآلاف من مقاتليه، وفقدانه للأراضي التي كانت تحت سيطرته في كل من سوريا والعراق، والتي وفرت له مصادر تمويل سخية جعلته، لفترة من الزمن، أغنى تنظيم جهادي إرهابي على مستوى العالم. كما جاء مقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في أكتوبر 2019 ليعزز من فرضية اندثاره ولكن رغم كل ذلك، استطاع التنظيم أن يحافظ على استمراريته، حيث إنه بعد فترة وجيزة من الكمون، عاد ليستأنف أنشطته الإرهابية في معاقله التقليدية في كل من العراق وسوريا. كما أنه عزز من فروعه وأنشطته في عديد من الدول الأخرى، وبخاصة في أفريقيا وآسيا. وجاءت جائحة كورونا، بكل ما ترتب عليها من تداعيات كارثية سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو الأمني، لتخلق ظروفاً مواتية للتنظيم، مكنته من تصعيد أنشطته الإرهابية؛ الأمر الذي جعله يحتل مجدداً صدارة المشهد الجهادي الإرهابي العالمي.