بوابة الحركات الاسلامية : من الفرات إلى حدود لبنان.. كيف تعيد إيران هندسة الديمغرافيا السورية ؟ (طباعة)
من الفرات إلى حدود لبنان.. كيف تعيد إيران هندسة الديمغرافيا السورية ؟
آخر تحديث: الخميس 30/12/2021 01:24 م علي رجب

رصد تقرير سوري انتهاكات إيران اذرعها في سوريا، وعمليات التغيير الديمغرافي والتشيع داخل أبناء الشعب السوري، في محاولة لتأمين مخططاتها في مناطق الجغرافيا السورية من الحدود العراقية إلى الساحل السوري والعاصمة اللبنانية بيروت.

وأوضح المرصد السوري، أن إيران وميليشياتها تمارس عمليات مصادرة أملاك المدنيين من منازل ومحال تجارية وأراضٍ زراعية، فضلاً عن تحويل الكثير من الممتلكات إلى مستودعات لتخزين السلاح ومواقع ونقاط عسكرية، بالإضافة لتغيير أسماء كثير من المنشآت إلى أخرى تتناسب مع الفكر الشيعي، وهو ما يشعل استياء شعبي كبير.

تغيير الديمغرافي في دمشق

وأوضح المرصد السوري أن أبرز الانتهاكات التي اقدمت عليها إيرانوميليشيتها في سوريا خلال 2021، استمرار مخطط النظام الإيراني للتغير ديموغرافية المناطق السورية، ولعل ما يحدث في دمشق وريفها خير دليل على ذلك، ففي الغوطة الشرقية يواصل تجار ينحدرون من مدينة الميادين في دير الزور، وهم يتبعون بشكل مباشر إلى ميليشيا “لواء العباس” المحلية الموالية للقوات الإيرانية والتي تعمل تحت إمرتها، شراء العقارات من الأهالي في عموم مناطق الغوطة الشرقية، عبر (أبو ياسر البكاري) الذي سبق له واشترى الكثير من العقارات في مناطق متفرقة من الغوطة الشرقية بأوامر من “ع. ا” قائد ميليشيا موالية لإيران.

وبحسب مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن عملية الشراء تركزت خلال العام 2021، في مناطق “ سقبا – جسرين – كفربطنا – بيت سوا – حمورية – زبدين – دير العصافير – حتيتة التركمان – المليحة” حيث اشتروا مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية والمنازل والمطاعم والمنتزهات والتي تضررت بفعل العمليات العسكرية في وقت سابق، كما اشتروا نحو 100 منزل في مدينة المليحة، بعض منها مدمرة بشكل شبه كامل.

كما اشتروا نحو 500 شقة ومحال تجاريه في مدينة عين ترما وتعود ملكية تلك المنازل والمحال في غالبها لأشخاص متواجدين خارج سوريا، جرى بيعها عبر وكلاء لهم في الغوطة الشرقية.

ولم تكتفي الميليشيات بشراء العقارات -منازل ومحال تجارية-، لتنتقل خلال الثلث الأخير من العام إلى شراء الأراضي الزراعية بشكل كبير، وبحسب مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الأشخاص المحسوبين على (أبو ياسر البكاري) المنحدر من مدينة البوكمال والذي يعمل لصالح ميليشيات إيران، بدأوا بشراء الأراضي الزراعية الواقعة على وجه الخصوص في المنطقة الجنوبية للغوطة الشرقية، المتاخمة لطريق دمشق الدولي، والممتدة من المليحة مرورًا بشبعا ودير العصافير و وصولًا إلى حتيتة التركمان.

إلا أن اللافت في الأمر أن ميليشيات إيران تسعى من خلال هذه العملية وعلى المدى البعيد إلى إحاطة مطار دمشق الدولي بطوق أمني من جهة الغوطة الشرقية، قد تظهر نتائجه خلال السنوات القادمة، على اعتبار أن الغوطة الشرقية تعد من أبرز وأهم المناطق السورية المعارضة للنظام والتي خرجت مع انطلاقة الثورة السورية وكان لها دور بارز في الاحتجاجات السلمية في سورية.

غوطة دمشق

ولا يختلف الوضع كثيراً في غوطة دمشق الغربية، فالأشخاص ذاتها وبأوامر من ذات الجهات، يقوم بتقديم سخاء مالي للمكاتب العقارية المعنية بأمور شراء وبيع العقارات في معضمية الشام وداريا ومناطق أخرى هناك مقابل شراء المنازل بعد أن هُجر أهلها قبل سنوات بفعل العمليات العسكرية للإيرانيين وقوات النظام، كما قامت مجموعات تابعة لـ “حركة النجباء” العراقية وأخرى تابعة لـ “حزب الله” اللبناني بالاستيلاء على بعض المنازل المهجر أهلها في مدينة داريا، وحولتها إلى مقرات عسكرية.

المنازل التي جرى الاستيلاء عليها تقع قرب مقرات ومواقع تمركز بها الحزب وحركة النجباء سابقًا، على طريق الفصول الأربعة، وقرب طريق المعامل المؤدية إلى المدينة من جهة أوتستراد درعا – دمشق، وفي محيط مقام السيدة سكينة على وجه الخصوص.

وبحسب نشطاء المرصد السوري، فإن المنازل الجديدة التي تمركز بها”حزب الله” و”حركة النجباء” تقع ضمن مناطق وأحياء فارغة من السكان، ويقتصر تواجدهم ضمن المقرات فقط ولا يتجولون بشكل علني في المدينة.

ريف دمشق الجنوبي

كذلك، بدأت مؤخراً عمليات بناء ضمن منطقة “البحدلية”التابعة لناحية ببيلا في ريف دمشق الجنوبي، والملاصقة لمنطقة السيدة زينب التي تعد من أبرز المعاقل للميليشيات الإيرانية من جنسيات سورية وغير سورية وأبرزها حزب الله اللبناني في ضواحي العاصمة دمشق، وأفادت مصادر المرصد السوري، بأن مسمى مشروع “ضاحية السيدة زينب” أطلق على عمليات البناء تلك من قبل الأهالي، كما أن الميليشيات الموالية لإيران انتقلوا في الآونة الأخيرة للسكن في “مخيم قبر الست” الملاصق أيضًا لمنطقة السيدة زينب جنوبي العاصمة دمشق، والذي جرى تغيير أسمه من قِبل محافظة ريف دمشق في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2020 إلى “مدينة السيدة زينب” بالإضافة إلى إنشاء معسكرات تدريب خاصة بتلك الميليشيات والمنضمين المحليين إليها في المزارع والبساتين المحيطة بمنطقة “السيدة زينب” و”مخيم قبر” الست وبلدة “البحدلية” بريف العاصمة الجنوبي.

ويستنتج المرصد السوري لحقوق الإنسان مما سبق، بأن إيران تسعى إلى جعل المنطقة الجنوبية من العاصمة دمشق وصولًا إلى محيط مطار دمشق الدولي، منطقة خاضعة لهيمنة ميليشياتها المحلية والغير محلية من جنسيات عراقية وأفغانية ولبنانية وغيرها، بالإضافة إلى عملها على المدى البعيد لزنار أمني ومدني من عوائل العناصر والقيادات التابعة لميليشياتها، يحيط بمنطقة السيدة زينب.

 

الحدود السورية اللبنانية

في حين، تتواصل سطوة الميليشيات التابعة لإيران على المناطق السورية الواقعة قرب وعند الحدود السورية – اللبنانية في ريف العاصمة دمشق، ولاسيما من قبل ميليشيا “حزب الله اللبناني” الذي يتزعم المنطقة ويتسيدها بالطول والعرض، وتتمثل هذه السطوة بعمليات شراء الأراضي الواقعة على الشريط الحدودي بين البلدين، من قبل الميليشيات الأجنبية التابعة لإيران على الرغم من القانون السوري الذي يمنع ذلك، وقد تمكن المرصد السوري لحقوق الإنسان، من رصد شراء تلك الميليشيات لأكثر من 540 قطعة أرض في منطقة الزبداني ومحيطها منذ مطلع العام 2021، بالإضافة لشراء أكثر من 650 أرض في منطقة الطفيل الحدودية التي باتت توصف بـ “قرية الهيبة” الاسطورية في إحدى المسلسلات السورية، ويتزعمها شخص سوري مقرب من قيادات حزب الله اللبناني يدعى (ح.د).

وفي السياق ذاته، تتواصل أيضاً، عمليات مصادرة الشقق الفارهة والفيلل في منطقة بلودان ومناطق قربها، وذلك وفقاً لما أفادت به مصادر المرصد السوري، خيث بلغ تعداد الشقق التي استوطنت فيها تلك الميليشيات أكثر من 500، بدعم مطلق من قبل حزب الله اللبناني الذي يعمل على تسهيل أمور الميليشيات باعتباره القوة الأكبر هناك.

منطقة الفرات

وأبلغت ميليشيا “فاطميون” الأفغانية الموالية لإيران و عبر الرابطة الفلاحية التابعة للنظام، أصحاب الأراضي الزراعية في القرى والبلدات الممتدة من مدينة الميادين إلى بلدة صبيخان بريف ديرالزور الشرقي ضمن مناطق سيطرة النظام والميليشيات الإيرانية باحتساب 10 %من مجمل قيمة محاصيل القمح والشعير ومنحها للميليشيات، بحجة “حماية أراضيهم وتسهيل عملهم” وهددت قيادة ميليشيا “فاطميون” أصحاب الأراضي بمصادرة إنتاجهم من القمح والشعير في حال رفضهم تقديم النسبة المفروضة وهي نسبة 10 % من محاصيلهم، كما وضعت الميليشيا مراقبين على المحاصيل الزراعية للتأكد من كمية المحاصيل.

وقامت دوريات تابعة لـ “الأمن العسكري” بإنذار قاطني نحو “50” منزلًا في مدينة البوكمال، بضرورة إخلائها خلال مدة زمنية قصيرة وتعود ملكية المنازل لأشخاص معارضين للنظام السوري ممن شاركوا في الحراك الثوري ضده في بدايات الثورة السورية في آذار 2011، وهُجروا من مدينة البوكمال بعد سيطرة التنظيم عليها ومن ثم الإيرانيين، ووفقًا لمصادر المرصد السوري، فإن إنذار قاطني المنازل جاء بطلب من مايسمى “مكتب الأصدقاء” التابع بشكل مباشر لـ”الحرس الثوري الإيراني.

ومصادرة عشرات الأراضي الزراعية شرقي دير الزور، ، حيث بدأ الأمر بقيام إدارة الميليشيا بإبلاغ أصحاب الأراضي الزراعية في منطقتي حاوي والمجري بأطراف الميادين شرقي دير الزور، بمراجعة مقر الميليشيا في المربع الأمني ضمن حي التمو وإبراز إثبات ملكية الأراضي، لتقوم الميليشيا بعد ذلك بمصادرة جميع الأراضي التي لم يحضر أصحابها وغالبيتهم العظمى متواجدين خارج دير الزور، وأضافت مصادر المرصد السوري، بأن الميليشيا قامت بتأجير الأراضي المصادر إلى أقارب وذوي عناصر محليين منتسبين لها وإلى أشخاص مقربين من الميليشيا لاستثمارها وزراعتها.

ورفض كامل من قبل الميليشيات الإيرانية لعودة أهالي حي التمو في مدينة الميادين إلى منازلهم في الحين بسبب استيلاء قوات “الحرس الثوري” الإيراني والميليشيات الموالية لإيران على كامل منازل الحي منذ تشرين الثاني من العام 2017، ومنذ ذلك الحين، عمدت الميليشيات إلى اتخاذ قسم من منازل الأهالي كمقرات عسكرية رئيسية والقسم الآخر للإقامة فيها مع عوائلهم، حيث تمنع الميليشيات الموالية لإيران، المدنيين والعسكريين من عناصر الميليشيات الأخرى، من العبور أو دخول الحي، كما قامت بتحويل مسجد الحي إلى مسجد خاص بها، ويرفع به الأذان الشيعي بالإضافة إلى إقامة شعائر وطقوس شيعية.

وفي الوقت الذي كانت فيها فيه الميليشيات الموالية الإيرانية متثملة بميليشيا لواء فاطميون الأفغانية تصعد من عمليات التجنيد في كل من مدينتي الحسكة والقامشلي، وتمكنت في الثلث الأول من العام 2021 من تجنيد 710 شخص في القامشلي والحسكة، 315 منهم من عناصر وقيادات في الدفاع الوطني، بينما 395 من المدنيين وأبناء العشائر كعشائر “العبيد ويسار وحريث وبني سبعة والشرايين”، تعرضت الميليشيات لضربة كبيرة في نهاية شهر نيسان، تمثلت بإنهاء تواجد قوات الدفاع الوطني في القامشلي وطردهم منها على يد قوى الأمن الداخلي “الأسايش”، إلا أن الميليشيات سرعان ما تجاوزت الضربة وعادت إلى التحرك بسرعة، وقامت بشراء عشرات العقارات ضمن مناطق نفوذ النظام السوري في مدينة الحسكة، والذي ينحصر ضمن مساحة لا تتعدى مئات الأمتار، تعرف باسم منطقة “المربع الأمني” وتضم مقر المحافظة والقصر العدلي ومقر الهجرة والجوازات ودوائر خدمية ومدنية فضلاً عن مقرات عسكرية وفروع أمنية وشارع فلسطين.

ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فإن عملية شراء العقارات تتزامن مع محاولات مستمرة لاستقطاب مزيد من الشبان والرجال في المدينة لاسيما من قوات الدفاع الوطني، عبر إغراءات مادية يتم تقديمها، وتم نقل جميع المجندين إلى منطقة غرب الفرات، بينما يتواجد الإيرانيون و”حزب الله” الآن في نقطتين بالقامشلي إحداها بمطار القامشلي والأخرى بجانب سكة القطار جنوب المطار، ويبلغ عددهم نحو 10 أشخاص، مهمتهم استشارية وتنظيمية، يفرضون سلطتهم على تشكيلات الأمن العسكري والدفاع الوطني وأنصار أمن الدولة وأنصار الأمن العسكري.

 

وبالانتقال إلى الرقة، يتواصل التغلغل الإيراني على الأراضي السورية بأساليب وأشكال متنوعة، تقوم بتنفيذها الميليشيات المؤتمرة من قبل إيران من مختلف الجنسيات، ويشاركها أذرع وشخصيات سورية تساهم بتسهيل التغلغل، ففي مناطق سيطرة النظام ضمن الريف الرقاوي، أفادت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، باستمرار عمليات استملاك العقارات من منازل وأراضي ومحال تجارية من قبل الميليشيات الموالية لإيران عبر أذرع سورية، وجرى شراء أكثر من 135 عقار على الأقل خلال العام 2021، وذلك في معدان ومحيطها وبلدات وقرى

كما قامت ميليشيا “حركة النجباء” التابعة لـ “الحرس الثوري” الإيراني، منتصف تشرين الأول، بتجهير معمل لصناعة قذائف الهاون وقواعد ومنصات إطلاق صواريخ أرض – أرض ورصاص بكافة العيارات، وذلك ضمن مزارع تعود ملكيتها لأشخاص متواجدين خارج سوريا، استولت عليها ميليشيات إيران في وقت سابق على أطراف مدينة معدان بالريف الشرقي لمحافظة الرقة.

 

حلب الشهباء

على غرار باقي المناطق السورية، تقوم الميليشيات الموالية لإيران سواء المحلية منها أو الأجنبية من جنسيات عربية وآسيوية، بشراء العقارات في أحياء متفرقة من مدينة حلب، مستغلة الواقع المزري والأوضاع المعيشية الكارثية، ولاتزال الأحياء الشرقية لمدينة حلب التي هُجر الكثير من أهلها قبل سنوات، تتصدر المشهد من حيث استملاك الميليشيات الموالية لإيران للعقارات فيها من منازل ومحال تجارية، خلال العام 2021، وذلك في إطار عمليات التغيير الديمغرافي الممنهجة، ونذكر من هذه الأحياء المرجة وباب الحديد والميسر وأحياء حلب القديمة.

كما تعمل الميليشيات الإيرانية في الوقت نفسه على توسيع حاضنتها الشعبية في حلب عبر استقطاب شيوخ ووجهاء العشائر، وذلك لأن أبناء الكثير من العشائر لا يخرجون عن كلام “الشيخ” -أي أن استقطاب الوجهاء والشيوخ يعني استقطاب العشيرة في الغالب-، يأتي هذا جميعه وسط استياء شعبي كبير في الأوساط الحلبية، فإن كان هناك قلة أو أشخاص يميلون للجناح الإيراني تحت أي ذريعة كان، إلا أن في الوقت نفسه هناك رفض كبير لهم في المنطقة.

في حين باتت تجارة المخدرات وبيع “الحشيشة” ظاهرة علنية في أحياء مدينة حلب، حيث تصاعدت عملية إدخالها بشكل كبير خلال العام 2021، وبيعها للشبان والفتية عبر وسطاء سوريون تقوم قادة الميليشيات الموالية لإيران بحمايتهم وتسهيل عمليات الترويج في الأحياء، ووفقًا لنشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن شخص يدعى “ر.و” يعتبر الموزع الرئيسي لـ “الحشيشة” في مدينة حلب، ويقوم ببيعها عبر شبكات مروجين في الأحياء، أمام أعين الأفراع الأمنية التابعة للنظام السوري.

 

وبالانتقال إلى الريف الحلبي، لاتزال الميليشيات الموالية لإيران تعزف على وتر “الحاجة” وشح فرص العمل مقابل الأجور المنخفضة علاوة على الارتفاع التصاعدي بالأسعار وصعوبة تأمين لقمة العيش، محاولة استقطاب مزيد من الشبان والرجال، ففي ريف حلب الشرقي، تم تجنيد أكثر من 2400 رجل وشاب لصالح الميليشيات الإيرانية بقيادة لواء فاطميون الأفغاني منذ مطلع العام 2021، وتتركز عمليات التجنيد في مناطق مسكنة والسفيرة ودير حافر وبلدات وقرى أخرى شرقي حلب، والتي تتم عبر عرابين ومكاتب تقدم سخاء مادي.

وفي مطلع شهر أيار، عمدت الميليشيات الإيرانية إلى إنشاء قاعدة عسكرية لها على تلة قرب ضفة نهر الفرات شرقي حلب، تقع مقابل مناطق نفوذ “قسد”، حيث تم تشييدها في قرية حبوبة ما بين بلدة الخفسة ومدينة مسكنة شرقي حلب، لتقوم بعدها وعلى فترات متراوحة باستقدام تعزيزات عسكرية ولوجستية إليها تضم صواريخ متوسطة المدى وذخائر وأسلحة ثقيلة.

 

حمص.. تتغيير ممنهج

بدأت جمعية “خيرية” في الثلث الأول من العام 2021، بالعمل على استقطاب الشبان من أبناء مدينة حمص والمقيمين فيها من مختلف المحافظات، وإغرائهم برواتب شهرية لتجنيدهم عسكرياً لصالح الميليشيات الموالية لإيران، حيث تكمن مهمة المجندين بحماية وحراسة خط “النفط” التابع للإيرانيين والممتد من العراق إلى حمص، ويقومون بحماية الخط من الحدود السورية – العراقية وصولاً إلى محافظة حمص، ووفقاً لمصادر المرصد السوري فقد جرى تجنيد نحو 500 شاب خلال العام 2021.

وبالحديث عن الثروات الباطنية، ومع عجز النظام السوري عن تلبية احتياجات المواطنين ما يدفعهم إلى التوجه نحو السوق السوداء، يقوم حزب الله اللبناني باستغلال هذا الملف خير استغلال، حيث يقوم بجلب المحروقات وعلى رأسها البنزين والمازوت من لبنان إلى سورية، عبر معابر غير شرعية يستحوذ عليها في الريف الحمصي، لتتحول المنطقة هناك إلى إحدى كبرى منابع المحروقات في السوق السوداء ومنها إلى باقي المحافظات، ويجني حزب الله أموال طائلة من المتاجرة بمعاناة الشعبين السوري واللبناني أيضاً.

ولا يختلف حال حمص عن باقي المناطق السورية من حيث ملف “التغيير الديمغرافي” الممنهج من قبل إيران، فتقوم الميليشيات باستملاك المنازل والمحال التجارية في أحياء عدة من مدينة حمص على أنقاض الدمار الذي خلفته آلة النظام والإيرانيين العسكرية، وفي تدمر بريف حمص الشرقي، يقوم أشخاص من أبناء المدنية يعملون لصالح الميليشيات الإيرانية، بالتواصل مع المهجرين والنازحين من أبناء تدمر والمتواجدين في “مخيم الركبان”، ويقومون بتقديم الإغراءات المادية لهم مقابل شراء ممتلكاتهم، مستغلين َأوضاع القابعين في “الركبان” وكون غالبيتهم غير قادرين على العودة إلى منازلهم وأراضيهم على اعتبار أنهم مطلوبين للأجهزة الأمنية، وبحسب مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الكثير من أهالي تدمر ممن يتواجدون في “مخيم الركبان” بدأوا ببيع عقاراتهم لصالح أذرع إيران في تدمر، بسبب الحاجة.

كذلك تعيث الميليشيات التابعة لإيران فساداً في مدينة تدمر الآثرية الواقعة بريف حمص الشرقي، من خلال التضييق الكبير على من تبقى من أهالي وسكان المنطقة وممارسة انتهاكات يومية بحقهم، الأمر الذي ينعكس سلباً على تواجدهم فيها، فما أن تخلصوا الأهالي من استبداد تنظيم “الدولة الإسلامية” وبطشه، حتى جاءت قوات النظام والميليشيات التابعة لإيران لتكمل نهج التنظيم بطرق وأساليب أخرى منذ السيطرة على المدينة في آذار العام 2017، ووفقاً لمصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن لدى أولئك القلة رغبة كبيرة بالخروج منها بسبب الانتهاكات المستمرة من قبل الميليشيات الموالية لإيران ولاسيما الميليشيات الأفغانية المتمثلة بلواء فاطميون، إلا أن العائق المادي يقف عاتق أمام خروجهم بينما تمكن قسم منهم من الخروج والتوجه نحو مناطق نفوذ الفصائل الموالية لأنقرة في ريف حلب الشرقي.

وفي شهادتهم للمرصد السوري لحقوق الإنسان، تحدث بعض الواصلين إلى مناطق “درع الفرات” عن بعض الانتهاكات المرتكبة بحق أهالي وسكان مدينة تدمر من قبل الميليشيات التابعة لإيران، ومنها “عند ذهاب الرجال إلى أعمالهم يقوم عناصر ميليشيا فاطميون بتفتيش دوري للمنازل والتحرش لفظياً” وأبلغ الأهالي سلطات النظام بذلك إلا أنهم لم يحركوا ساكنين”، كما تقوم الميليشيات بإجبار الشباب الذين يعملون في “الملاحة” ضمن سبخة الموح في تدمر إلى حراسة مقار الميليشيات ليلاً وإلا لن يتم السماح لهم بالعمل بالملاحة، والملاحة هي استخراج الملح من سبخة الموح وتشتهر فيها المنطقة منذ قديم الزمن، فضلاً عن فرض إتاوات والتضييق المستمر على النقاط، وهذه تبقى أمثلة من سلسلة انتهاكات كبيرة تقوم بها هذه الميليشيات دون أن يقوم بردعها أحد.