الخلايا الشيعية في البحرين.. إيران تلعب بورقة المذهبية

الأربعاء 11/نوفمبر/2015 - 01:49 م
طباعة
 
مع استمرار التهديدات الأمنية التي تواجه البحرين، بات الوضع مُلبد بالتوتر والتخبط، في ظل انتشار بعض الشبكات الإرهابية على أراضيها، وقال مسئول بالنيابة البحرينية: إن ثمانية مواطنين عوقبوا بالسجن لفترات تراوحت بين ثلاث وعشر سنوات بتهم تتصل بالإرهاب.
ونقلت وكالة أنباء البحرين عن المحامي العام أحمد الحمادي رئيس نيابة الجرائم الإرهابية أن المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة في البلاد أصدرت حكمًا على المتهمين الثمانية في قضية إشعال حريق في إطارات، ووضع جسم محاكٍ لأشكال المتفجرات بمكان عام والتجمهر والشغب وحيازة زجاجات حارقة.

تدريب الإرهابيين في البحرين

وكانت المحكمة المذكورة قد أصدرت يوم الاثنين أيضًا عقوبتين بالسجن عشر سنوات على رجلين بتهمة تلقي تدريب عسكري في العراق.
وفي محاولات للتلاعب بأمن واستقرار البحرين، بدأت الجماعات الإرهابية تتوغل إلى أراضيها؛ حيث كشفت وزارة الداخلية البحرينية بداية نوفمبر الجاري، عن تحديد هوية أحد التنظيمات الإرهابية والقبض على 47 من عناصره وإحباط مخططاته لتنفيذ أعمال إرهابية، تستهدف زعزعة الأمن في البحرين، كما تم ضبط كمية من المواد الشديدة الانفجار وأسلحة في مخابئ سرية في عدد من القرى وسط مناطق مأهولة بالسكان، ومنها ورشة لصناعة المتفجرات ومعمل لتحضير المواد المتفجرة ومواقع للتخزين.
وتعتبر الخلايا الشيعية في البحرين، ورقة إيران للعب داخل أراضيها، والوصول إلى أغراضها.
وخلال السنوات الماضية، أعلنت السلطات المسئولية في البحرين اكتشاف عدد كبير من الخلايا الإرهابية النشطة التي شكلتها إيران، ومولتها ودربت أعضاءها وخططت لهم العمليات الإرهابية التي ينفذونها.
وأعلنت السلطات المسئولة في البحرين مرارًا بالأدلة القاطعة واعترافات المدانين كيف تحولت معسكرات الحرس الثوري في إيران، ومعسكرات عملائها في العراق وفي لبنان، إلى ساحات تدريب للعناصر الإرهابية في البحرين، كما أحبطت السلطات أكثر من مرة محاولات إيرانية لتهريب كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات من إيران إلى الإرهابيين.
وجاء اكتشاف مخبأ الأسلحة والمتفجرات قبل أيام ومصنع صناعة القنابل بالكم الرهيب من المتفجرات الذي احتوى عليه، ليمثل ناقوس خطر ينبه إلى أي حد وصل المخطط الإرهابي المدعوم من إيران تجاه البحرين.
كما أعلنت الداخلية البحرينية في 13 أغسطس الماضي القبض على 5 إرهابيين متورطين بارتكاب تفجير سترة، مشيرة إلى أن هناك عدد آخر من المخططين الرئيسيين والممولين لهذه العملية الإرهابية، مرتبطون تنظيميًّا وتمويليًّا بالحرس الثوري الإيراني.

التدخل الإيراني في البحرين

يقول محللون إنه على مدار السنوات الطويلة الماضية، لم يتوقف النظام الإيراني يومًا واحدًا عن التدخل السافر في الشئون الداخلية للبحرين بكل صور التدخل التي يجرمها القانون الدولي والمواثيق الدولية وأعراف العلاقات بين الدول.
كانت طالبت البحرين، وكل دول مجلس التعاون، إيران بالكف عن تدخلاتها هذه واحترام علاقات الجوار واحترام سيادة واستقلال مملكة البحرين وكل دول المجلس، ولكن من دون جدوى.
يرى مراقبون أن تدخلات النظام الإيراني اتخذت صورًا وأبعادًا إجرامية تمثل تهديدًا مباشرًا خطيرًا للبحرين وشعبها وأمنها واستقرارها، وتمثل تآمرًا مباشرًا على الدولة والمجتمع.
ولم يتوقف قادة إيران عن تحريض عملائهم والقوى والجماعات العميلة لهم على التمرد والانقلاب على نظام الحكم الوطني في البحرين، وعلى إغراق البلاد في الطائفية.
ووفق متابعين فإن خلال هذه السنوات، جندت إيران كل أجهزة إعلامها بلا استثناء من أجل الهجوم على البحرين، والتحريض على الفتنة الطائفية، وعلى العنف والإرهاب، وعلى احتضان قوى الانقلاب الطائفي في البحرين والترويج لهم.
وكما يرى متابعون أن النظام الإيراني كان على امتداد السنوات الماضية هو الراعي الأول للإرهاب في البحرين؛ حيث أصبح في الحقيقة هو المحرض والمخطط والمنفذ للعمليات الإرهابية الإجرامية التي شهدتها البلاد.

بداية العلاقات

وقد مرت العلاقة بين الطرفين بالعديد من المحطات المهمة منذ حصول البحرين على استقلالها في العام 1971، فقد عارضت إيران استقلال البحرين بعد رحيل الاستعمار البريطاني وأصرت على تبعيتها لها، وانتهت هذه المشكلة بإجراء استفتاء شهير على استقلال البلاد صوتت لصالحه الأغلبية الكاسحة من الشعب البحريني، بما فيه الشيعة الذي أخذوا ضمانات من قبل آل خليفة بتأسيس نظام سياسي عصري يتيح الفرصة لمشاركة كافة فئات الشعب، ولعل ذلك كان أحد الأسباب الرئيسية في هذه التجربة الديمقراطية الرائدة التي عرفتها البحرين بعد الاستقلال، والتي سرعان ما انهارت بعد قرار الأمير الشيخ عيسى بحل المجلس الوطني المنتخب عام 1975 قبل أن يعقد دورته السنوية الثانية.
وكانت المرحلة الأهم في تاريخ العلاقة بين البلدين قد بدأت بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، حيث كان للثورة- وبحكم علاقات الطرفين- تأثيرات كبيرة على الوضع في البحرين، وخاصة بالنظر إلى شعار تصدير الثورة الذي رفعته الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال العقد الأول من الثورة، والتي كانت البحرين أول هدف له، ومنذ هذا الحدث الضخم مرت العلاقات البحرينية الإيرانية بالكثير من العواصف. 
وانقسم الشيعة في البحرين إلى تيارين: تيار صغير محافظ لم يطالب سوى ببعض الإصلاحات لتحسين وضعه الطائفي، أما التيار الثاني، وهو الأكبر فقد اتخذ من الثورة نموذجًا يمكن تطبيقه في البحرين، وذلك من خلال الإطاحة بالنظام الحاكم وإقامة نظام جمهوري إسلامي بدلًا منه.
 وقد نظم هذا التيار في 23 من فبراير 1979 مظاهرات ضمت عدة آلاف لتأييد الثورة الإسلامية رفعت شعارات التنديد بالولايات المتحدة والنظم الموالية لها، وكنتيجة مباشرة للثورة الإسلامية الإيرانية، تقدم عدة شخصيات شيعية كبيرة بعريضة إلى الحكومة، كان من أهم مطالبها إقامة نظام إسلامي في البحرين على غرار النظام في إيران.
وقد كان أهم ما طرحته الثورة الإسلامية الإيرانية من تأثيرات على الوضع السياسي في البحرين قد تمثل في قيام العديد من المنظمات السياسية مثل الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين وحركة أحرار البحرين الإسلامية. ومع اندلاع أحداث العنف المعارض للحكم في البحرين في منتصف التسعينيات من القرن الماضي بلغ تدهور العلاقات بين البحرين وإيران مداه؛ حيث تم اتهام إيران بمساعدة القوى الشيعية، وفي الواقع، فإن هذه الاتهامات لم تكن مجانية؛ حيث كانت هناك عدة وقائع تؤكد هذا التورط الإيراني في التدخل بالشئون الداخلية للبحرين.
ويرى متابعون أن البحرين تواجه مخططًا إرهابيًّا إيرانيًّا يهدف إلى تقويض الدولة وإلى نشر الفوضى الطائفية في البلاد وتدمير المجتمع.

شارك