هل تكتفي موسكو بالعقوبات الاقتصادية على انقره....؟ (2من 2)

الخميس 24/ديسمبر/2015 - 11:38 م
طباعة
 
تاكيدا لما ذكرناه في المقال السابق عن حجم التعاملات الاقتصاديه وحجم الاستثمارات والتبادل التجاري بين موسكو وانقره سيعتبر القطاع المصرفي خير دليل على ذلك. حيث تعد تركيا سوقا مهما للمصارف الروسيه اذ استحوذ مصرف روسي (اسبير بانك ) عام 2012 على 90% من مصرف (دنييس بانك ) التركي بصفقه قدرت بنحو 3.5 بليون دولار ويندرج المصرف التركي ضمن اكبر عشره مصارف في تركيا ويخدم 5.4 مليون عميل ويمتلك نحو 500 فرع في تركيا و 75 فرع خارجها ومع سريان العقوبات الغربيه على روسيا يعد التبادل الاستثماري مهما جدا بالنسبه للاقتصاد الروسي. فعلى سبيل المثال في مجال الاتصالات تعمل مجموعه (الفا جروب ) الروسيه كما أن البليونير الروسي ( اوليج  دير باسكا ) دخل السوق التركيه وقام بأنشاء مصانع للشاحنات الروسية ( جازيل ) بطاقه تسعه الالف شاحنه سنويه. كما تنشط مجموعه (ماجنيتا مورسك ) الروسيه للتعدين في تركيا وفي المقابل تعمل حوالي 140 شركه تركيه في قطاعات البناء والاستيراد والمواد الغذائيه. كما ان الطاقه تهيمن على مستوى العلاقه الاقتصاديه بين البلدين. فتركيا تعد في المرتبه الثانيه بعد ألمانيا في استيراد الغاز الروسي. حيث تغطي الصادرات الروسيه من الغاز لتركيا حوالي 60% من احتياجات تركيا الذي يأتي عبر خط اسبل الازرق في قاع البحر الاسود وعن طريق اوكرانيا. وعموما فقد اعلنت وزاره الطاقه الروسيه ان صادرات الغاز الى تركيا لن تتوقف نتيجه حادث اسقاط الطائره الحربيه الروسيه . كما أن الشركه الروسيه (لوك اوبل ) الروسيه تستحوذ على 7% من محطات الوقود في تركيا. ولا يقتصر التعاون بين البلدين في مجالي الغاز والنفط بل يمتد الى الطاقه النووية حيث وقعت شركه (اتوم ستروي اسكبروت ) عقدا منذ عام 2012 لبناء محطه نووية لتوليد الكهرباء في تركيا بقيمة 20 بليون دولار تتكون من 4 مفاعلات بطاقه تصل الى 1200 ميجا وات وقد اتفق الجانبان على بدء العمل في الوحده الاولى عام 2022 . اما في مجال السياحه ففي العام الماضي زار تركيا 4.5 مليون سائح روسي ونظرا لتشابك العلاقات الاقتصاديه وعمقها بين البلدين فأن الاجراءات الروسية عقب اسقاط الطائرة لم تتجاوز سوى تهديد قطاع المنتجات الزراعية الواردة من تركيا والزامها بالخضوع تحت ما يسمى باسس المقاييس والصلاحية  المتبعة في روسيا وفي مجال السياحة اصدرت روسيا توجيهات لمواطنيها بعدم الذهاب الى تركيا بحجة الاوضاع الامنية على غرار ماتم اتباعه للسياح الوافدين الى مصر بعد حاث الطائره الروسية بشرم الشيخ وقد تفهمت الشركات السياحية العاملة في تركيا لهذا المطلب ,كما اعلنت شركة ( أنتاليا تورز ) السياحية الروسية وقف بيع تذاكر الرحلات السياحية الى تركيا وهذا الاجراء سيؤثر تأثيرا مباشرا على السياحة في تركيا . اذا ستكون العقوبات الاقتصاديه الروسية على تركيا امرا محتوما ولكن في حدود ضيقة بحيث لاتتجاوز تدمير العلاقات التاريخية الاقتصادية بين البلدين خاصة المشاريع المستقبلية والطموح الى الوصول لاعلى معدل للتبادل التجاري بين البلدين. وبسبب ان تركيا حتى الان غير قادرة على الدخول في المنظومة الاقتصادية في دول الاتحاد الاوروبي وأن روسيا تعاني من العقوبات الغربية على خلفيه الازمة الاوكرانية . ومن هنا ستكون المواجهات على مستوى اخر منها احتمال الرد العسكري المباشر او الغير مباشر من جانب روسيا ولان الرد العسكري المباشر سيكون له تكلفته العسكرية والمادية الباهظة وسيكون في مواجهه ضد حلف الناتو الذي تنتمي اليه تركيا والذي أعلن بصراحة تأييده اسقاط الطائرة الروسية كما أيدتها الولايات المتحده خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد الرئيس الامريكي ( باراك أوباما ) مع نظيره الفرنسي ( فرانسوا اولاند ) في البيت الابيض يوم 24 نوفمبر 2015 مؤكدا ( ان من حق تركيا ان تدافع عن سيادتها ) .
اما المواجهه الغير المباشرة هو ان تعتمد روسيا على اللعب بأوراق المنطقة. وروسيا مبدأيا تعتبر تواجدها في المنطقة شرعيا بناءا على طلب الحكومة الشرعية في سوريا وهي حكومة بشار الاسد , ولذلك قد تستغل جهدها العسكري المكثف وتعمل على توجيه ضربات عسكرية قد تصل الى سحق المعارضة العسكرية السورية المدعومة من قبل تركيا وقطر حيث أن روسيا تعتبر جميع التنظيمات العسكرية التي تقاتل بسوريا تنظيمات ارهابية تتساوى فيها ( جبهة النصرة ) مع ( داعش ) مع (احرار الشام ).... الخ وأن هذه التنظيمات تقويض مؤسسات الدولة الشرعية وتصدير الارهاب الى دول العالم بأسره  وأنه يستحيل اعادة الامن والاستقرار في المنطقه عن طريق الحل السياسي الا بعد سحق هذه التنظيمات العسكرية وهناك ورقة ضغط ظهرت مؤخرا حول قوات تركية في شمال العراق بدون اذن من السلطة العراقية وقد تقدم العراق بدعم روسي الى مجلس الامن لتطبيق المادة السابعه من قرار مجلس الامن الذي يتيح استخدام القوة ضد القوات المحتلة لسيادة دولة ما وعلى الرغم من ان تركيا اصرت على موقفها ببقاء قواتها على الحدود العراقية بحجة التخوف من تسلل عناصر ارهابية الى بلدها الا ان المظاهرات التي خرجت في شوارع بغداد شكلت ضغطا على حكومه أردوغان  هذا الى جانب أن روسيا وضعت البارجة البحرية (روسيا ) التي تحمل أهم انواع الصواريخ بالعالم ضد الطائرات قبالة شاطئ اللاذقية  وهي تهدد بأسقاط اي تركية في حالة اقترابها من الحدود التركية السورية . اما على المحور الاقليمي فروسيا تستمد دعمها من ايران والعراق والى حد ما الموقف المصري الذي يعتبر ان جميع التنظيمات العسكرية تقبع في خندق واحد مع داعش , بينما تعتمد تركيا على الدعم القطري والاميركي مع الاحتماء بمظلة حلف الناتو وستكشف لنا الايام القادمة عن مدى قدرة موسكو على معاقبة أنقره وهل سيعود الدب الروسي الى المنطقة مستعيدا أمجاده السابقة..... ؟ 

شارك