حسن الجمل.. البرلماني الإخواني

الثلاثاء 30/سبتمبر/2014 - 01:19 م
طباعة
 
وُلِدَ حسن الجمل في عام 1930م بحي منيل الروضة أحد أحياء القاهرة الجميلة، والذي يطل على نهر النيل. تعرَّف الصبي حسن الجمل إلى دعوة الإخوان المسلمين والتقى مؤسسها ومرشدها الإمام حسن البنا في عام 1942م؛ ليصبح بعد ذلك أحد أعضاء شعبة المنيل، فيقضي فيها معظم وقته. 

حرب 1948

تذكر مصادر إخوانية أن حسن الجمل قد شارك في حرب 1948 "حرب فلسطين" ضمن كتيبة المتطوعين من الإخوان والتي أرسلها المرشد العام حسن البنا، وقد اختلف المؤرخون في مشاركة الإخوان في هذه الحرب من حيث العدد وطبيعة المشاركة، فتذكر المصادر الإخوانية أن أعداد الإخوان المشاركين في هذه الحرب 10000 إخواني، بينما تؤكد وزارة الحربية المصرية وقتها ومصادر إنجليزية أن قوام الجيش المصري بالمتطوعين كان ما بين 12000 إلى 20000، وهناك بعض الحقائق حول هذا الإطار نذكر منها: 
1- يقول عبد المجيد أحمد حسن قاتل النقراشي باشا في اعترافاته: إن الأزمة حين تفجرت في فلسطين تصور أعضاء التنظيم الخاص أن مهمة التنظيم الحقيقية قد حلت، على اعتبار أن ميدان الجهاد قد تم افتتاحه بإعلان الحكومة فتح باب التطوع في فلسطين، لكن حسن البنا تحرج من المشاركة الفورية، وأشار إلى أن ميدان الجهاد ليس في فلسطين فقط لكن في الداخل أيضا، عبر ضرب المؤسسات الاقتصادية المملوكة لليهود، وفعلاً بدأت عناصر التنظيم الخاص في ضرب مصالح مصرية مملوكة لمواطنين مصريين يهود، وعلى رأسها شركة الإعلانات الشرقية.. هنا ينتهي كلام أو اعتراف قاتل النقراشي وفيه توضيح لتأخير إرسال قوات الإخوان.
2- مصر الفتاة شكلت أول كتيبة للمتطوعين و أرسلتها إلى فلسطين و كانت تسمى كتيبة (مصطفى الوكيل) و سافر أحمد حسين بنفسه مع الكتيبة بصفته زعيم حزب مصر الفتاة في وقت لم يكن فيه الإخوان أرسلوا متطوع واحد للقتال و منشغلين بضرب مؤسسات المصريين اليهود في الداخل.
3- جمعية شباب محمد المنشقة عن الإخوان نشرت لاحقاً مقال بعنوان (مصر الفتاة تتقدم الصفوف) و فيه سخروا من عدم إرسال إخواني واحد إلى فلسطين وقيام الإخوان بضرب مصالح مصرية، بينما مصر الفتاة أول المتطوعين بكتيبتها مصطفى الوكيل متسائلين عن فائدة التنظيم الخاص الذي صدعوا به الرءوس، وكان هذا قبل الحرب مباشرة في وثيقة مهمة تشير لتزوير الإخوان لنقطة أولوية القتال، فهم بعدها مباشرةً سمحوا بالتطوع وقبلها لم يسمحوا، كذلك أضيف مقالة أحمد حسين زعيم مصر الفتاة بعنوان: "أيها اليهود انتظروا قليلاً فإن كتائب حسن البنا ستتأخر".

من 1951 إلى أيام السادات

تم اعتقال حسن الجمل بعد حرب فلسطين مباشرة ولم تذكر المصادر الإخوانية تاريخا محددا لهذا الاعتقال، أو مدته، وتؤكد تلك المصادر على أنه شارك في الأعمال الفدائية في عام 1951، وتم اعتقاله مرة أخرى عام 1954 ومرة ثالثة عام 1956 ضمن الضربات الأمنية التي كان يقوم بها النظام الناصري لجماعة الإخوان في ذلك الوقت، وبعد خروجه من السجن مارس النشاط الخيري فقد أسس هو وإخوانه أكثر من جمعية خيرية لتحفيظ القرآن ورعاية الأسر الفقيرة والأيتام في القاهرة الكبرى، دون ممارسة أي نشاط سياسي. وفي سنة 1979م، انتخبه أهل دائرته ليمثلهم في مجلس الشعب، ليكون جنبا إلى جنب مع صلاح أبو إسماعيل النائب الإخواني وقتها، بمباركة من النظام الساداتي الذي عقد الاتفاقية الشهيرة مع مرشد الإخوان وقتها عمر التلمساني بإطلاق يد الإخوان في الجامعة لضرب التيار اليساري في الشارع السياسي المصري بكل فصائله.

بين البرلمان والاعتقال

لم تنعم الجماعة بالعيش كثيرا أيام مبارك فقد كان يستخدمها لمصلحة نظامه إلى حد كبير وكان هناك توافق بينهم على ذلك، والحال ينطبق على حسن الجمل فقد دخل البرلمان مرة أخرى في 1984، في تحالف الإخوان مع حزب الوفد ولكن هذا المجلس لم يكتمل وتم حله عام 1987، وكان يضم مجموعة من أبرز قيادات الإخوان، وهم حسني عبد الباقي، عبد الغفار عزيز، حسن الجمل، محمد المراغي ومحفوظ حلمي، وكان من نصيب حسن الجمل أن يكون تحت قبة البرلمان المصري لدورة ثالثة في عام 1987 حيث دخل الإخوان البرلمان ضمن ما كان يسمى التحالف الإسلامي (الإخوان، حزب العمل المصري، حزب الأحرار) الذي خاض الانتخابات فيها تحت شعار "الإسلام هو الحل"، وأسفرت الانتخابات عن فوز هذا التحالف بـ56 مقعدًا، وفاز للإخوان 37 نائبًا- وذلك لأول مرة في مصر، واحتل الإخوان الترتيب الثاني بعد الحزب الحاكم، وفي هذه الانتخابات فاز مجموعة كبيرة تولت المناصب القيادية في جماعة الإخوان فيما بعد ومن أبرزهم المستشار محمد المأمون الهضيبي- الذي أصبح فيما بعد المرشد العام السادس للجماعة، محمد مهدي عاكف- الذي أصبح فيما بعد المرشد العام السابع للجماعة، والدكتور محمد السيد حبيب- الذي أصبح فيما بعد النائب الأول لمرشد الإخوان، أحمد سيف الإسلام- ابن مؤسس الجماعة حسن البنا. والدكتور عصام العريان والذي كان أصغر نواب برلمان 1987، والذي أصبح نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، الشيخ صلاح أبو إسماعيل، وشهدت هذه الانتخابات دخول أول قبطي البرلمان بالانتخابات وهو النائب القبطي جمال أسعد عبد الملاك الذي فاز على قائمة التحالف الإسلامي ضمن مرشحي حزب العمل. 
ألقي القبض على حسن الجمل وقيادات نقابية وعمالية في أكتوبر 1990، بعد سلسلة من التظاهرات بسبب مذبحة الأقصى والموقف المصري من احتلال العراق لدولة الكويت، وتم اعتقاله مرة أخرى في 1995 مع العديد من القيادات الشعبية والسياسية قبيل الانتخابات البرلمانية.

وفاته

توفي حسن الجمل فجر الأربعاء 30-9-1998م، وقد شارك في تشييعه عدة آلاف، وعلى رأسهم مصطفى مشهور، وصُلي عليه في مسجد الباشا بحي المنيل بالقاهرة، عقب صلاة الظهر، ودفن إلى جوار مرشدي الإخوان المسلمين: عمر التلمساني، محمد حامد أبو النصر، وكان عمره يناهز الثامنة والستين.

شارك