القدس تنتظر الرجال.. يا عزيزي كلهم كاذبون

السبت 09/ديسمبر/2017 - 05:25 م
طباعة
 
قنبلة كانت جاهزة منذ عقود وجميع العواصم في إقليم الشرق الأوسط ، تعرف جيدا أن الأمر علي الأرض قد تغير، وجاء قرار الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" ليسدل الستار علي سيطرة دولة الاحتلال الإسرائيلي على القدس، فيما فضح القرار الكاذبين والمتاجرين بالقضية الفلسطينية منذ عقود طويلة.
لا توجد سياسية بلا كذب، لكنها تأخذ أشكالا متعددة وصور مختلفة، حتي صار الكذب ركيزة أساسية في لعبة السياسة، ومنذ ابصرت عيوننا الحياة نجد القضية الفلسطينية، "قميص عثمان" وورقة متاجرة للحكام والأنظمة وجماعات الإسلام السياسي، دون أن يكون هناك تحرك حقيقي لتحرير الأرض، بل هي ورقة تستخدم للوصول إلى السلطة بالنسبة لجماعات الإسلام السياسي، والاستمرار في السلطة بالنسبة لحكومات الإسلام السياسي "إيران- تركيا- قطر".
تصريح المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي يشير إلى أن القدس لم تعد تعنيه بشيء، فالتجارة بالقضية قد أتت ثمارها وسيطر الحرس الثوري على 4 عواصم عربية، أما القدس مسؤولية أبناء الفلسطينيين، وقد جاء رد المرشد الإيراني، علي خامنئي، على نية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعلان القدس عاصمة لإسرائيل بالقول، إن ذلك ناجم عن ما وصفه بـ"عجز الأعداء" مضيفا أن الشعب الفلسطيني "سيحقق الانتصار ويحرر فلسطين" وفق قوله.
خامنئي، الذي كان يتحدث بمناسبتي "عيد المولد وولادة الإمام الصادق"، تحدث عن إعلان دونالد ترامب، الرامي إلى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فقال إن من وصفهم بـ"الأعداء" يتخذون هذه الخطوة بسبب "عجزهم وضعفهم" مضيفا: "أيديهم مكبّلة فيما يخصّ القضيّة الفلسطينيّة وليس بإمكانهم التقدّم باتجاه أهدافهم"، يا لها من سخرية الأعداء العاجزون يسيطرون على القدس فما بال هؤلاء الأعداء لو كانوا أقوياء هل كانوا سيطيرون  على عواصم الإقليم من طهران للرباط.
خلال العقود الماضية كان النظام الإيراني يهدد ليل نهار بمحو إسرائيل من الخريطة، ولكن يوم 6 ديسمبر 2017 كشف زيف هذه الأكاذيب، فنظام خامنئي الذي يحارب لمدة ست سنوات متواصلة في سوريا والعراق ولديه نحو 100 ألف مقاتل من الميليشيات الشيعية التي جندها من كل الدول "العراق – باكستان - أفغانستان- اليمن- سوريا- لبنان ممثلاً في حزب الله" وغيرها من الجنسيات التي تحارب في سوريا تحت شعار حماية المراقد المقدسة فيما المقدس الأهم "القدس" لم يحرك جفن خامنئي حول قرار ترامب، إلا بتصريحات يحمل فيه حكومات المنطقة ما وصلت له القدس وكأن قواته التي علي بعد بضعة أمتار قليلة من القدس ليست معنية بهذا الأمر، فإيران وحزب الله لديهم نحو 100ألف مقاتل يقاتلون في سوريا لأكثر من ست سنوات. والجنرال قاسم سليماني يقود كل معارك التحرير ضد التكفيريين والإرهابيين إلا معركة القدس.. فهو اليوم عاجز تماما عن التحرك بقواته إلى القدس، فقط يكتفون بنصرتها عبر مسيرات شعبية في طهران. تصريحات قائد محور المقاومة أو الممانعة كما يحلو لهم تسميته جاءت أضعف من تصريحات دول "الاعتدال"، لأن رد فعل دول الاعتدال كان أكثر وضوحا من المتاجرين بالقضية الفلسطينية من محور المقاومة.
أما علي الجانب الآخر جاء موقف الخليفة العثماني وقائد الأحرار لجماعات الإسلام السياسي في الوطن العربي، رجب طيب أردوغان أشبه بالمضحكة، فقد هدد وتوعد ولكن لم يفعل شيء، فأردوغان الذي يقود التنظيم الدولي للإخوان  ومعه "أمير قطر تميم ووالده حمد بن خليفة - وقادة حماس إسماعيل هنية وخالد مشعل- الإخوان في مصر وفرعها بالدول العربية" أصحاب اللافتة الشهيرة (القدس تنتظر الرجال).. لا صوت يظهر حتي الآن، بل إنهم سخروا آلاتهم الإلكترونية للهجوم علي دول المقاطعة الرباعي "مصر- السعودية- الإمارات- البحرين" واتهامهم ببيع القدس، وكأن العلاقات الإسرائيلية القطرية التركية الدافئة لم ترعى انتباههم.
لا ننسي استعراض "كتائب القسام" العسكري وتهديد مصر بالاحتلال عقب عزل محمد مرسي في 2013، وقفت هذه الكتائب  طوال سنوات عديدة عاجزة عن تحرير شبر واحد من الأراضي الفلسطينية.
أما أردوغان فلم يحرك قواته لإنقاذ القدس، بل حركها لاحتلال سوريا والحصول علي جزء من الكعكة السورية تحت شعار حماية السوريين من الإرهاب الذي صنعه، ومن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد والذي كان يوما حليفا له، فأردوغان هو أيضًا حليف إيران الحليف القوي للرئيس الأسد، وكان بإمكان الحلفاء "أردوغان- خامنئي" باعتبارهم محور المقاومة أن يحركوا قواتهم من سوريا إلى القدس لتحريرها، ولكن هم أجبن من ذلك، فقط تتحرك قواتهم للسيطرة على المدن العربية لكن لن يوجهوا طلقة باتجاه دولة الكيان الصهيوني.
الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر، خرج بتصريحات قوية يدعو ويطالب ويأمر التحالف الإسلامي بقيادة السعودية التحرك للحرب ضد إسرائيل.. السيد مقتدي أنا أؤيد هذه الدعوة.. ولكن أيضا وجه دعوة مشابهة لمليشيات الحشد الشعبي والفصائل الشيعية التي تحارب في سوريا والعراق وإلى صديقك الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بالتوجه بقواته إلى إسرائيل والطريق مفتوح من بغداد حتى دمشق والجولان.. فماذا تنتظر الفصائل الشيعية لإعلان الحرب؟
مصر وسوريا والعراق واليمن وليبيا .. دول أنكهت على مدار 7 سنوات من الصراع والدماء لكن الجميع يتطلع لتحرير القدس حتي آخر جندي مصري.
مصر الدولة التي تحاصر اقتصاديا وتضرب أمنيا من تحت الحزام من دول وجماعات تريد إسقاط مصر واستنزافها، بينما هي تقسم المدن والدول العربية فيما بينها، هما يحملون القاهرة مصير القدس والقضية الفلسطينية ولا يريدون ولو مر واحدة أن يخوضوا حربا ضد الكيان الصهيوني دون أخر جندي مصري.
يوم 6 ديسمبر هو يوم فضح وتعرية الجميع وخاصة أصحاب أصوات " خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود" الذي ظهر ويعود دائما ليفتت الدول العربية وإغراقها في صراع دموي، فيما  دولة الكيان الصهيوني تنعم بعقد مثالي من الأمن والأمان.. فما يدور علي صفحات التواصل الاجتماعي من حرب بين "الاخوة الاعداء" يشير إلى أن العرب والفرس والاتراك لن يحرروا شبرًا من أي أرض، فقط ينتظرون الأمة المصرية للتحرك  لإعلان الحرب ... جميعهم مدانون للرئيس الراحل الشهيد محمد أنور السادات بالاعتذار.
 ما قدمته مصر والسادات للقضية وللفلسطينيين  قوبل بجفاء وغدر من قبل الأنظمة العربية ودول الإقليم وصلت إلى الاتهام بالخيانة، ولكن  اليوم الجميع مدان له بالاعتذار، كما هم مدانون بمحاكمة أنفسهم بتهمة الغباء السياسي.
ترامب ونتنياهو اختاروا اللحظة الأهم والفرصة السانحة لإعلان ما هو موجود على الأرض فعليا، وكأن القدس ليست تحت سيطرة دولة الاحتلال الاسرائيلي منذ النكبة والنكسة، وفي النهاية لابد من إيجاد طريقة أخرى للتحرك بعيدًا عن هذه الحناجر والشعارات البالية في التعامل مع المستقبل، لأنكم إذا لم تكونوا مبدعين في السياسية والتعامل مع مخترعي الخبث السياسي فلن تنجحوا وستبقوا وراء إسرائيل بسنوات ضوئية.. يا عزيزي كلهم كاذبون

شارك