يمتلك (٨٠٠) شركة... مؤامرة "الحرس الثوري " علي العراق

الإثنين 22/نوفمبر/2021 - 01:23 م
طباعة روبير الفارس
 
حذر   إياد العنَّاز  الباحث في مركز الأمّة للدراسات والتطوير من سعي الملالي الدائم للتدخل في الشأن العراقي وقال في دراسة له ان  بعض الدول تستغل الظروف والأزمات التي تمر بها أقطار مجاورة لها مستخدمة جميع إمكانياتها في تنفيذ مشاريعها السياسية عبر الوسائل المتاحة لها لتشكل أداة تخدم مصالحها في تلك الدول عبر تشكيلات عسكرية وأحزاب سياسية وبرامج استخبارية تعمل على زعزعة الأمن واستهداف حالة الاستقرار فيها وتنفيذ إرادتها بما يناسب أهدافها السياسية والأمنية، وهذا ما تحقق بعد الإطاحة بنظام الشاه  في فبراير ١٩٧٩ ومجيء الخميني والاعلان عن جمهوريته التي أكدت في دستورها سعيها لتصدير برنامجها السياسي إلى باقي الدول المجاورة ومنها العراق ليكون الممر الرئيسي للانطلاق نحو أقطار عربية أخرى وفق منهج عملي معد وبرنامج عسكري ومخابراتي بإشراف الأجهزة الأمنية والاستخبارية التابعة للنظام الإيراني. بدأت أولى محاولتها بتشكيل فصائل وكتائب مسلحة تحت مسمى (الحرس الثوري الإيراني ) لكي يكون رديفا للقوات المسلحة الإيرانية بعد أن تم تصفية العديد من رموزها وقادتها من قبل النظام الجديد الذي أزاح الشاه وزمرته وتهيئة مجاميع من الشباب المؤيد لنهج الخميني تحت مسمى ( تجميع اللجان الناشطة  )  وهي لجان عقائدية شبابية تؤمن بمبدأ تصدير المشروع الإيراني عبر الحدود  عبر قوات تمثل التعبئة الشعبية وتلتزم بتنفيذ توجهات النظام السياسي المدعوم من الخميني الذي يتمتع بكافة الصلاحيات التي تخوله رسم السياسات الخارجية والداخلية لإيران بالهيمنة والنفوذ على مرافق الحياة العامة فيها وتقديم كافة أوجه الدعم والالتزام لقيادات الحرس الثوري الأداة السياسية والعسكرية لتنفيذ توجهات (الثورة الجديدة ) وأصبحت لهذه الكتائب المسلحة  أهميتها الميدانية بعد الحرب العراقية الإيرانية والدور الذي ساهمت فيه قيادات الحرس في السيطرة على القيادات العسكرية العاملة ضمن تشكيلات الجيش الإيراني وسعت للهيمنة على المفاصل الرئيسية للمؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية والاستمرارية بحجة أن العديد من القادة العسكريين لا يؤيدون توجهات النظام الإيراني الجديد،  والاحتواء الذي قدمه الخميني أصبح الحرس الثوري مؤسسة ووزارة مستقلة عام ١٩٨٢ بمسؤولية (محسن رفيق دوست) وأشرف على  وتنفيذ خططها ليعلن عن انتهاء واجباتها في سبتمبر ١٩٨٨ العام الذي شهد نهاية الحرب على العراق. وقال إياد العنَّاز في دراسته   اخذ الحرس الثوري  يلعب دور جديد في الأوساط السياسية الإيرانية وبدأ بإعداد الخطط الميدانية للسيطرة على المرافق الحيوية والمواقع الإدارية والتجارية والاقتصادية والصناعية والتربوية  المهمة في البلاد بحيث شكل امبراطورية مالية واقتصادية كبيرة ساهمت بتشكيل عدة مفاصل وهيئات اقتصادية وشركات مصرفية استحوذت على معظم المشاريع المهمة والاستراتيجية في إيران وكان من أهم هذه التشكيلات التابعة للحرس الثوري (مقر خاتم الأنبياء الإعمار والبناء ) وهي من أكبر  الشركات الكبيرة للمقاولات الهندسية في منطقة الشرق الأوسط يبلغ رأسمالها(٢٥٠) مليار دولار  وتم إنشاؤها عام ١٩٨٨ للمساهمة في بناء وإعمار آثار الحرب مع العراق وتفرغ عنها عدة شركات في مجال الهندسة الميكانيكية وشؤون الطاقة والدفاع والتنقل، وحظيت باهتمام علي خامنئي وهي الآن تشكل كيان اقتصادي مهم لديه القدرة على التحكم والسيطرة على جميع الشؤون المالية والاقتصادية في إيران بعد امتلاكها(٨٠٠) شركة للبناء والأعمار والاستثمار في مجال الغاز والنفط والصناعات البحرية والنقل البري والزراعة والبرامج الثقافية والتعليمية ويتبع لها مركز عملي بحثي للدراسات والابحاث. أدت هذه الإمكانية المالية والاقتصادية إلى تفكير قيادات الحرس الثوري بالعمل السياسي ودخول الهيئات والمواقع الرئاسية والمشاركة  في انتخابات الرئاسة الإيرانية وتقديم الدعم لأي تيار سياسي يحظى باهتمام علي خامنئي لكي تستمر عملية الاحتواء والقرب من القيادة المشرفة على جميع الأوضاع القائمة في إيران، وهذا ما حصل للحرس الثوري الإيراني بتدخله وقمعه لحركة الاحتجاجات الشعبية ضد الرئيس السابق أحمد نجاتي فيما عرف بـ ( الثورة الخضراء ) عام ٢٠٠٩  التي اتهمت السلطات الإيرانية بتزوير الانتخابات لصالح نجاتي وهو ما وقع أيضا في فترة تولي الرئيس حسن روحاني للرئاسة عام ٢٠١٩ وقمع التظاهرات الخاصة بأزمة ارتفاع أسعار الوقود وذهب ضحيتها(٣٥٠) قتيل من أبناء الشعوب الإيرانية حسب اعتراف وزير الداخلية آنذاك.
وحذر اياد من  السياسة الخارجية للحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس التى اخذت  في التوسع والتمدد لتنفيذ المشروع السياسي الإيراني في عواصم عدد من الاقطار العربية مستغلة الأوضاع التي خلفها الاحتلال الامريكي للعراق في التاسع من ابريل  عام ٢٠٠٣ وأصبح الدور الرئيسي لقيادات الحرس هي تحديد مسارات سياسة النظام الإيراني  الخارجية وهذا ما أكده  محمد جواد ظريف الوزير السابق لخارجية النظام في تسجيله الصوتي الذي نشر بتاريخ ٢٥ ابريل  ٢٠٢١ في الصراع القائم بين الدبلوماسية الإيرانية والميدان المخابراتي لقيادة فيلق القدس والحرس الثوري. أصبحت لهذه القيادات أذرع وجماعات حليفة لها في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي وتحديدا في العواصم العربية (بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء) لفرض قوتها الصلبة وتوسيع نفوذها العسكري كما يحصل في   الدعم الموجه للحوثين في اليمن والمشاركة الميدانية في النزاعات والصراعات القائمة على الأرض السورية والتدخل في الشؤون السياسية في لبنان والهيمنة والنفوذ في العراق عبر العديد من المليشيات الولائية المسلحة.
وقال اياد هذه هي الأدوات الرئيسية التي استطاع النظام الإيراني من إنشائها ودعمها وجعلها أكثر حظوة وحضورا في المشهد السياسي وأكثر تأثيرا في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية الإيرانية مستمدة قوتها وهيمنتها من الدعم المباشر لعلي خامنئي بفسح المجال لها بالتوسع والتدخل في الشؤون الداخلية للعراق وتحديد مسارات الحياة السياسية فيه والمشاركة في اختيار الرئاسات الثلاث بحكم التواجد والنفوذ والعلاقة مع معظم أحزاب السلطة والتيارات السياسية في المشهد السياسي العراقي.

شارك